الكلام عن مسألة تقبيل يد العالم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام عن مسألة تقبيل يد العالم .
A-
A=
A+
الشيخ : وهذا يُوصلنا إلى التساؤل عن تقبيل يد العالم ، هذا تقبيل ، فهذا جوابه أشبَه ما يكون من حيث التَّخصيص بالمعانقة في السفر ، فكما أن المعانقة في السفر ثبتَتْ عن الصحابة ؛ كذلك تقبيل بعض الصحابة للرجل العالم منهم أحيانًا وبصورة نادرة ؛ فهذا - أيضًا - ثابت ، وهذا تقبيل إجلال ، مثل ما كان من الأدب أن لا يتكلَّم الصغير بين يدي الكبير إلا إذا سكَتَ الكبير ، كذلك من إجلال العالم تقبيل يده ، ولكن نادرًا وليس دائمًا ؛ لماذا ؟ لأن أجلَّ البشر جميعًا إنما هو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأجلَّ أصحابه جميعًا أبو بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، ثم سائر العشرة المبشرين بالجنة ، وهكذا أهل بدر وغيرهم ؛ ما نُقِل أبدًا عن أحد من هؤلاء الأجلَّة أنه قبَّلَ يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو مرة واحدة ، وإنما جاء التقبيل من بعض الأصحاب الذين لم تكُنْ صحبتهم كثيرة للرسول - عليه السلام - هذه الصحبة التي تمكِّن المُصاحِب له - عليه السلام - من التعرُّف على أطباعه وعلى أخلاقه ، وهو يكون محبًّا للرسول - عليه السلام - ، فيُظهر هذا الحب بأن يهجم ويقبِّل يد الرسول - عليه السلام - .

والرسول من أدبه - أيضًا - ولرفقِه بأمَّته ما يصدُّهم ، وما يزجرهم ويردعهم إلا عن شيء منكر ، أما إذا كان أمرًا جائزًا ولو جوازًا مرجوحًا ؛ يعني هو يريد أن لا يقع هذا ؛ ولذلك الصحابة الكبار - كما قلنا - ما فعلوا شيئًا من ذلك ، لكنه أقرَّ التقبيل ليده من أولئك الصحابة القليلي الصحبة له - عليه السلام - ، فدلَّ إقراره على جواز ذلك ، لكن ليس مستحبًّا ؛ فلو أن مسلمًا طالبًا للعلم لم يقبِّل يد العالم في حياته كلها ولو مرة واحدة ما نقص ذلك في دينه شيئًا ، لكن من باب تفشيش الخلق مثل ما بيقولوا اليوم ، ومراعاة عواطف الناس لا سيَّما إذا كانت جامحة ؛ المهم الشارع الحكيم سمحَ بأن يقبِّل الرجل يد العالم أحيانًا كما قلنا ، أما اتخاذ هذا التقبيل تقبيل اليد سنة مستمرَّة بحيث أن التلميذ لا يلقى شيخَه إلا ... عليه مقرونًا بتقبيل يده ؛ فهذه بدعة أعجمية دخيلة لا أصل لها في السنة المحمدية .

فهذا التقبيل ليد العالم وعلى الصورة السابقة من النُّدرة أمر مستثنى من التقبيل المنهي عنه ؛ فلا سبيل للنساء أن يتَّخذ بعضهنَّ عذرًا لبعض في هذا التقبيل الساري بينهنَّ ؛ لأنه لم يكن أوَّلًا من بين الصحابة كلهم يعني النساء منهنَّ إطلاقًا ، ثم هو مخالف لعمومه لحديث : أَيُقبِّل بعضنا بعضًا ؟ قال : ( لا ) .

وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة