ما هي أنواع الهجر في شرع الله ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هي أنواع الهجر في شرع الله ؟
A-
A=
A+
السائل : في إخوان بارين بأبيهم توفي والدهم منذ اثني عشرة سنة أو عشر سنين اختلفوا الثلاثة وفي واحد جالس بيننا منهم وإلى الآن ما يتكلموا مع بعضهم على أمور دنيوية .

الشيخ : أولا هل بينهم ظالم ومظلوم ، أم ليس هناك ظالم ومظلوم .

سائل آخر : والله ما اعلم بالظبط.

السائل: خليني أوضح للشيخ هو حفظك الله لما توفي والدهم كان في خلاف بسيط بينهم ، الثلاثة ما هم محتاجين من أمور الدنيا بشيء ، والخلاف قال الشيخ خالد أنه دنيوي ، هو ليس دنيوي مادي دنيوي اعتباري .

الشيخ : كيف يعني؟ .

السائل : يعني حزازات مثلا أنت ما تحترمني وهذا ما يحترم هذا ، وحاجةزي كذا يعني ما فيه أمور مادية، الآن هو مستوى تفكيرهم ووضعهم أعلى من الخلافات المادية ، ما نظروا للخلافات المادية إنما حصل بينهم ، انشقاق يعني الواحد فيهم مركزه الوظيفي كبير جدا ، فيرى أن الذي أكبر منه لازم يكون تحت أمره ، والذي أصغر منه لازم يكون تحت أمره ، ولا غير هذا ؟

سائل آخر : صحيح يعني أمور دنيوية .

الشيخ : آه، بس مثل ما قال ليس مالية مادية .

سائل آخر : لا ليست مادية ما في فلوس بينهم ؟

السائل : فهي اعتباريات وحزازيات نفسية لا أكثر ولا أقل ، فالمتوسط هذا أكثرهم غنى واكثرهم جاه يحط الجميع تحت ابطه ، يدوروا في فلكه ويسبحوا بحمده لا أكثر ولا أقل ، حتى يوم من الأيام أنا أذكر حضرت بينهم ، الأوسط هذا قاعد يشرب خمر

الشيخ : ما شاء الله !!

السائل : فالصغير قال له هذه الخمرة حرام قال له هات الدليل

الشيخ : ما شاء الله !

السائل : قال له الدليل الله قال: ( فاجتنبوه )) (( ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ؟ )) ما شايفني أفقه ... .

الشيخ : ما شاء الله .

السائل : وكان يشرب الخمر في حفلات يعزم ناسا بالخمسين نفر بالمائة نفر، في جدة ويشرب خمر ، ويسقي أولاده خمر ، فالشقيق الأصغر تركه وقاطعه لعدة أشياء منها هذه .

الشيخ : توافق على هذا العرض ؟

السائل : أوافق عليه ، لكن الظاهر للعيان والذي رأيته أنا، أن هذا الرجل الأوسط ، يمكن من سنتين ثلاثة ما قد شفت أنه شرب خمرا أبدا ؟

الشيخ : يعني تقول إنه تاب .

السائل : إن شاء الله ، الذي شفته حتى رحت إلى بيته .

سائل آخر : البارحة تعشوا عند ... .

السائل : الحمد لله ما رأيت عليه هذا الشيء مع أني كنت أسمع من أول ولم أر أسمع أنه فيه خمر في بيته ، الآن ما في يمكن رحت له عشر مرات في البيت .

الشيخ : نعم بعد هذا التوضيح والبيان أقول بعض الكلمات متوكلا على المولى الرحمن ، سبحانه وتعالى ، الهجر في الإسلام هجران الهجر ، هجر المسلم لأخيه المسلم ، في شرع الله على نوعين ، الأول أن يهجره لأمر دنيوي محض وليس من المهم أن يكون هذا الأمر الدنيوي مادي أو ذوقي معنوي ، كما جاء في التفصيل آنفا ، إنما هو دنيوي محض فهذا الهجر محرم في الإسلام يرخص في مثله ثلاثة أيام فقط ، فإذا استمر وزاد على الثلاثة أيام يكون حراما وذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا يحل لرجل مسلم ، أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيدبر هذا عن هذا وهذا عن هذا وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام ) ، ( لا يحل لرجل مسلم ، أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) ، محرم في الإسلام ، يرخص في مثله ثلاثة أيام فقط فإذا استمر وزاد على الثلاثة أيام يكون حراما ، وذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا يحل لرجل مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيدبر هذا عن هذا ، وهذا عن هذا ، وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام )، لا يحل لرجل مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ، معناه يجوز ثلاثة أيام ، هذه رخصة من الله تبارك وتعالى ، لعباده المؤمنين من باب تفشيش الخلق ، لأن الإنسان ضيق الخلق ، فيروي غليله في مقاطعة أخوه المسلم ، يوم يومين ثلاثة أيام ، ما زاد على ذلك فهو حرام لا يحل ، لذلك وصف الرسول عليه السلام هذه المقاطعة بقوله: ( لا يحل لرجل مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال أو ثلاثة أيام ، يلتقيان ) يعني واحد رايح واحد جآي ، يلتقيان فبدل أن يلقي أحدهما السلام على الآخر ، ويرده هذا الآخر بقول عليه السلام: ( يلتقيان فيعرض هذا عن هذا ، وهذا عن هذا ) ، يعني يتجاهل أخاه الذي مر به ، لا يحل هذا العمل بعد ثلاثة أيام وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام ، هذه الجملة الأخيرة من الحديث تعطينا شيئين اثنين ، الشيء الأول أن هذا الهجر المحرم ، يزول بمجرد أن يسلم عليه ، وهذه سياسة شرعية حميدة جدا لأنه من الصعب تأليف القلوب المتهاجرة المتباغضة فجأة ، لكن الشارع الحكيم قدم المفتاح السحري وهو أنت خاصمت أخاك في أمر دنيوي ومضي على ذلك فوق ثلاثة أيام فهذا حرام عليك، وعليك أن تقطع المقاطعة وأن تقطع المهاجرة ، وذلك مش ضروري تذهب إلى بيته وهذا حسن وهذا جميل وأن تعتذر إليه ، لكن هذا يحتاج إلى إيمان قوي جدا ،وهذا قلما يوجد في الناس ، فسهل الشارع الحكيم سبيل الخلاص من هذه المهاجرة والمقاطعة ، بأنك إذا لقيته في الطريق بإرادته بالسلام ، السلام عليكم ، فقد ارتفع الإثم ، هذا يؤخذ من قوله: ( وخيرهما الذي يبدأ السلام ) ، لاشك أن أفضلهما هذا الذي يبدأ بالسلام فهذا الذي ابتدأ بالسلام انتقل من مرحلة ارتكابه الحرام إلى مرحلة دخوله في طريق الإسلام ، في مؤاخاته لأخيه المسلم ، الآخر بلا شك هو أيضا مدابر ومهاجر لأخيه الآخر الذي ألقي عليه السلام من الأول ... والثاني إذا لم يرد السلام أثم هذا ونجا ذلك من الإثم، و خيرهما الذي يبدأ بالسلام فإذا زال إثم المهاجرة والمقاطعة بإلقاء السلام ، فتكون هذه عادة الخطوة الأولى في التلاقي مرة ثانية ولو بالسلام ، ثم ربما بالمصافحة التي تعتبر من أقوى الأسباب في نيل المغفرة من الله تبارك وتعالى ، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصفحان إلا تحاتت عنهما ذنوبهما ، كما يتحات الورق عن الشجر في الخريف )، تعرفون الشجر في الخريف الورق يصفر ويتساقط وتسمع صوتا له حينما يتساقط كذلك تتساقط ذنوب المسلمين ، حين يلتقيان ويتصافحان تتساقط عنهما ذنوبهما ، كما يتساقط الورق عن الشجر في الخريف ، هذا إذا كانت المهاجرة في سبيل الدنيا ، سواء كان مادة أو معنى .

النوع الثاني من المهاجرة والمقاطعة ، أن يقاطع المسلم أخاه المسلم تأديبا له وتأنيبا وتربية ، فهذا يجوز في الإسلام بهذه النية الحسنة ،وليس من باب المدابرة والمقاطعة التي سبق ذكرها آنفا وإنما تأديبا وما يكون ذلك إلا حينما يكون المقاطع مرتكبا معلنا ، لمعصية لله عز وجل ، لا يبالي بالناس لا يخشى الله ، ولا يستحي من عباد الله وله أخ مؤاخ له مصادق له فيقاطعه حينما يراه قد خرج عن الجادة ولم يستقم على الصراط المستقيم ، وهذا دليله ، قصة الثلاثة الذين خلفوا في قصة غزوة الرسول عليه السلام في تبوك ، وتخلف بعض الصحابة ومنهم كعب بن مالك، لم يخرج في الغزو مع الرسول عليه السلام، وإنما تخلف عنه وبعض الصحابة فلما رجع الرسول عليه السلام من غزوة تبوك جاء هؤلاء وجاء غيرهم من المتخلفين من المنافقين فكان المنافقون يعتذرون بشتى الأعاذير المعاذير الكاذبة، فالرسول عليه السلام يقبل عذرهم ويكل أمرهم إلى الله، أما كعب بن مالك صادق الرسول عليه السلام وأخبره بالواقع ، قال : ( والله يا رسول الله ما بي أن أكذب عليك ، لأني أعلم انني إن كذبت عليك فسينزل الوحي ويكشف الكذب ، أنا اشتغلت بما كنت فيه من الحرث والزرع والضرع ، ونحو ذلك ) ، فأمر الرسول عليه السلام الصحابة بمقاطعة هؤلاء الثلاثة ومنهم كعب بن مالك رضي الله عنهم ، واستمرت المقاطعة مدة طويلة ، ثم أمر زوجة كعب بن مالك أن تخرج من بيت كعب وتذهب إلى أهلها فبقي وحيدا ، خمسين يوما ، أمر الرسول عليه السلام الصحابة بأن يقاطعوهم فكان واحد من هؤلاء الثلاثة الرجل في الطريق فيسلم عليه فلا يرد عليه السلام هذا ليس كذلك هذا في سبيل تأديب هؤلاء المتخلفين عن الجهاد في سبيل الله، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم نزلت التوبة من الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله قد تاب على هؤلاء الثلاثة ، فجاء كعب بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما بشر من أحد أقاربه بأنه قد نزل فيك التوبة من الله عز وجل فجاء ودخل إلى الرسول عليه السلام ، فقام إليه طلحة واستقبله وهنأه بتوبة الله عليه ، قصة طويلة جدا وفيها عبر عظيمة ، وهي في صحيح البخاري ، فالشاهد هذه المقاطعة جائزة وهي داخلة في مبدأ الحب في الله والبغض في الله لكن هذا الشيء مع الأسف اليوم أصبح في خبر كان ، نادرا جدا جدا أن تجد أحدا يقاطع المسلم لأنه انحرف عن الطريق ، لكنه يقاطعه بسبب مادي من الأسباب التي سبق الإشارة إلى بعضها هذا النوع من المهاجرة لله فهو مأجور عليه صاحبه ، وهو غير مأزور وهذا الذي نحن الآن بحاجة إليه ، أما المهاجرة للدنيا فهذا حرام لا يجوز إلا بمقدار ثلاثة أيام فقط، وإذا استمر في ذلك فهو حرام ، والأمر كما قال عليه السلام في الحديث السابق : ( وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام ) ، هذا جواب ما سألت إن شاء الله .

السائل : جزاكم الله خيرا طيب اذا علم يا شيخ كانت مقاطعته له على أساس يربيه ؟

الشيخ : ايوه فإذا تربى عاد الوصل ولا يجوز المقاطعة .

السائل : طيب الأخ الذي يصلح بينهم ما حكمه ؟

الشيخ : ما شاء الله الصلح بين الناس من خير الأعمال ، والصلح بين الناس لأهميته بالإسلام أجاز الرسول أن يكذب في سبيل المصالحة بين الاثنين ، فهذا أمر ضروري ، فقط يجب أن يعرف الأسباب الدقيقة حتى يتمكن من المقاربة ، والتوفيق بين وجهتي نظر الرجلين المتخاصمين ، طيب غيره إيش سؤالك ؟

مواضيع متعلقة