التنبيه على سنِّيَّة السُّقيا في المجالس . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التنبيه على سنِّيَّة السُّقيا في المجالس .
A-
A=
A+
الشيخ : يا إخواننا ، آداب المجالس هي الآداب التي جاء بها الإسلام ، أما ما لم يأتِ به الإسلام منها فليست من الآداب ، وهذا باب واسع ، والكلمة السابقة لو تأمَّلنا فيها لَصفَّينا مما عليه نحن اليوم مئات المسائل والأعمال ، ومنها ما نحن في صدده الآن ، فجرَتِ العادة أن الساقي إذا أراد أن يسقي الحاضرين بدأ بكبير القوم ورئيسهم وأفضلهم وسيدهم ؛ هكذا العادة ، لكن السنة على خلاف ذلك ، وبيانه فيما رواه الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " =

-- وين صاحبك ؟ هي الكلمة كلها منشان الأخ اللي كان هون ، أنت سامع ؟ أهلًا وسهلًا --

= روى البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، وحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أتى دارَ أنس بن مالك هو وبعض أصحابه ، فاستسقى - أي : طلب السُّقيا - ، فأُوتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بقعب - أي : كأس كبير - فيه لبن - أي : حليب - قد شِيبَ بماء - أي : خُلِطَ بماء - ، فشربَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبَقِيَ في القَعْب بقية - أي : سؤر - ، وكان عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس ، وهو بعدُ غلام لم يبلُغْ سنَّ التكليف - وفي رواية : رجل من الأعراب - ، وعن يساره أبو بكر والأشياخ من قريش ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يريد أن يعطِيَ من عن يمينه ، وكان في المجلس عن يساره عمر ، فكأنه يلمح للرسول أبو بكر هو سيِّد القوم بعد الرسول - عليه السلام - ، فقال الرسول - عليه السلام - لِمَن عن يمينه : أتأذن أن أعطيه ؟ قال : والله يا رسول الله ؛ لا أوثر أحدًا على فضلة شرابك . فأعطاه ، وقال : ( الأيمن فالأيمن ) .

بعض الناس يظنُّ أنُّو هذا الحديث يدل على أنُّو الساقي لازم يبدأ بكبير القوم ؛ لأن الساقي هنا بدأ بالرسول - عليه السلام - ، لكن غفلَ هذا هل أن الساقي إنما بدأ بالرسول - عليه السلام - لأنه طلب سقيا ؛ يعني بلا تشبيه ، هذا طفل صغير أوَّل ما حضرنا طلب السُّقيا ، فجبت له كاسة ماء ؛ فهل معناه أنك أعطيته لأنُّو هو بيستحق لأنه سيد القوم أعلم القوم أو لأنه طلب ؟ لأنه طلب ، فالرسول - عليه السلام - في ذاك المجلس إنما أعطاه الساقي لأنه طلب الرسول - عليه السلام - السُّقيا ؛ بدليل أنُّو ما جاب كؤوس عديدة ، وإنما كأس واحد ، فشرب ما شرب وبقي فضلة ، فهذه الفضلة لا بد ما يأخذها واحد من أهل المجلس ، ما في كاسات مثل ما عم تتفضَّل أنت الآن قهوة وشاي وإيش ؟ لا ، ما فيه ؛ فهذه البقيَّة الباقية في الكأس لِمَن أعطاها الرسول - عليه السلام - ؟ لِمَن عن يمينه ابن عباس ، أبو بكر كان عن يساره ، ما أعطاه إياها ، كان عن يمينه ابن عباس ، استأذنه أنُّو يعطي أبو بكر ، قال له : لا .

السائل : هو قصد أبو بكر أوَّلًا .

الشيخ : مش قصد ، لا .

السائل : أو أراد أن .

الشيخ : عمر . انتبه لما أقول ؛ عمر أراد من الرسول أن يعطي إلى أبو بكر ؛ لأنُّو سيد القوم ، لكن الرسول يعلم بوحي السماء أنه ينبغي أن يبدأ بيمينه مش بكبير القوم ، فأراد أن يلفت نظر مَن عن يمينه اللي هو بيستحق أنُّو آثر أنت أبو بكر ، خلي هو يأخذ . قال له : والله يا رسول الله لا أوثر أحدًا على فضلة شرابك . قال له : تفضل ، أنت أحقُّ بها من كبير القوم - أي : من أبو بكر - .

فإذًا لا يجوز الإستدلال بهذه القصة أن السنة في الإسقاء العام أن يبدأ بكبير القوم ؛ لأن كبير القوم هنا إنما بُدِئَ به لأنه استسقى ، الذي يؤكد لنا هذا شيء آخر ؛ وهو أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما شرب ، وبقي في القَعْبِ بقية ، وأراد أن يسقي ؛ فمن الساقي الآن الرسول أم ذاك الذي أعطاه ؟

الحاضرون : الرسول .

الشيخ : الرسول بلا شك ، إذًا لو كان الساقي - وهو هنا الرسول - من أدب أن يبدأ بكبير القوم بِمَن كان يبدأ ؟ بأبو بكر ، ما بدأ بأبو بكر ، ما أذن له قال له : أنت أحق بهذا - الطفل - ، تعطيه لأكبر منك ما بتعطيه هذا حقك ، ولكي يعلم الناس أن الرسول - عليه السلام - حينما أعطى ابن عباس وما أعطى أبو بكر ما هي إهانة لأبو بكر وعدم تقدير لفضله وصحبته للرسول وهجرته معه ؛ لا ، وإنما لأنَّ الشرع يقول : ( الأيمن فالأيمن ) ؛ فلذلك لما تقول حضرتك أنا يعني أنت نحن في مستواك ؛ أوَّلًا : هذا المستوى الله أعلم منازل الناس عند الله قد يكون رجل يعني ما يعبي العين لكن هو عند الله في أعلى الدرجات ، وقد يكون رجل آخر - لا سمح الله - متكلِّم وعالم ويعجب الناس ... من وين ما رميته يجاوب ؛ لكن عند الله لا يساوي جناحة بعوضة ، فالتفاضل عند الله نحن ما نعرفه ، لكن نعرف إيش ؟ الشرع الظاهر . الشرع الظاهر يقول : إذا كنتو في مجلس ما فيه كبير ولا صغير ، ابدأ بمن عن يمينك واستريح .

السائل : لكن مخالفة بسيطة هل هذا إثم ؟ يعني لو عملنا بخلاف رأي الرسول ؟

الشيخ : الله أكبر !! بقى نحن إيش عم نتكلم هديك الساعة ؟

السائل : ... .

الشيخ : راح نقول لك ، لما الرسول - عليه السلام - يضع مبدأ = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = لما يضع مبدأ ويلزمنا به فمخالفته إثم ؛ لما يضع مبدأ أو شرع يلزمنا فيه مخالفته إثم ؛ يعني ما يجوز ، لكن لما يضع شيء مو على سبيل الإلزام يجوز ما تفعله ، أما هون ما يجوز تخالف ؛ لأنُّو قم يقول لك : ( الأيمن فالأيمن ) ، هيك الشرع ، ثم أنت ليش تخالفه ؟

السائل : ... باعتبارك كبير القوم باعتبارك سيد المجلس ... .

الشيخ : الله أكبر !! هو هَيْ مصيبتنا نحن ؛ عم أقول لك أنُّو هَيْ مصيبتنا نحن ؛ لأنُّو نحن أمثالنا يعني اللي عنده شوية معلومات عوض ما يكون عند حسن الظن عند الناس ، وإذا الناس يعملوا له مئة حساب ؛ لَيقوم الشَّيخ يزعل !! ينشنق ، ينشنق ؛ لأنُّو زعله هاد ليس في سبيل الله .

مواضيع متعلقة