الحكمة من النهي عن الافتراق وعدم الإنضمام في المجالس (شرح قول أهل العلم: إصلاح الظاهر يؤدي إلى إصلاح الباطن مع ذكر المثال وهو تسوية الصفوف)
A-
A=
A+
الشيخ : والحكمة من مثل هذا الأمر يعرفه من درس الإسلام في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يراها واضحة جلية ، بل قد يعرفها من لا علم له بالكتاب والسنة إطلاقًا إذا ما كان له دراسة ما فيما يسمى اليوم بعلم النفس ، ذلك لأن الشرع قرر قبل أن يُعرف بين الناس اليوم مثل هذا العلم الذي يُسمى علم النفس ، لقد قرر صراحة في نصوص كثيرة جدًا : أن الاختلاف في الظاهر سبب مؤثر في اختلاف الباطن ، ومعنى هذا : أن على المسلمين جميعًا أن يهتموا بإصلاح ظاهرهم كما يهتمون بإصلاح بواطنهم ، وألا يتكاسلوا وأن يدعوا قلة الاهتمام بإصلاح الظاهر بحجة أن العبرة بإصلاح الباطن فقط ، ذلك لأن الإسلام ربط بين الأمرين ربطًا وثيقًا ولم يفصل بين صلاح الظاهر وبين صلاح الباطن ، بل جعلهما صنوين يعاون أحدهما الآخر على التمام وعلى الكمال .
من أقوى الأدلة على ذلك والمعروفة في السنة الصحيحة المتفق عليها بين الشيخين البخاري ومسلم ، حيث أخرجا عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) .
الشاهد : فيما يأتي : ( ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) .
فإذًا صلاح الجسد بصلاح القلب ، وصلاح القلب بصلاح الجسد ، وبينهما ما يشبه ، ما يسمى بالحركة الدائمة ، كل منهما يساعد الآخر ، فمن الخطأ الفاحش فحشًا جليًا ظاهرًا ، ما نسمعه من كثير من الشباب الذين أهملوا بالقيام بكثيرٍ من الفرائض والواجبات مثل الصلاة والصيام مثلاً ، إذا قيل لهم ألا تصلون ؟ ألا تصومون ؟ يكون جوابهم : العبرة يا أخي بما في القلب ، والدين المعاملة - يزعمون - وأنا ما بغش وما بخون ، وما بكذب ووإلى آخر ما يشبه هذه الكلمات ، هذا جهل فظيع جدًا بهذه الحقيقة الشرعية أولاً ، ثم بالحقيقة النفسية ثانيًا ، أن الظاهر يؤثر في الباطن تأثيرًا لا يشعر به الرجل الذي لا يهتم بإصلاح ظاهره .
أنا بطبيعة الحال لا أريد أن أقول لإصلاح الظاهر يعني إصلاح الملبس والمسكن ونحو ذلك ، وإن كان هذا أقل ما يقال فيه : إن الإسلام لا ينهى عنه ، ولكن أعني بذلك إصلاح الأعمال التي تصدر من الإنسان مما حضّ عليه الشرع ، سواء كان الحض في حدود الفرائض والواجبات أو في حدود السنن والمستحبات ، هذه الأعمال هي التي تكون سببًا لتقوية القلب وإصلاحه .
انظروا مثلاً : كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلاً عمليًا يتحقق هذا المثل سلبيًا أو إيجابيًا في كل يوم خمس مرات ، كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح هذا المعنى السابق في حديث النعمان بن بشير ، أن الظاهر صلاحه يؤثر في صلاح الباطن والعكس بالعكس تمامًا ، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من سنته التي كان يهتم بها حينما تقام الصلاة في المسجد ألا يباشر بتكبيرة الإحرام إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف ، وكان أمره بعبارات عديدة والتي يهمنا منها الآن : إنما هو قوله عليه الصلاة والسلام : ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) تسوية الصفوف عمل ظاهري ، وهذا مثال مما عنيته سابقًا بإصلاح الظاهر كمثال يلحق بمثال الجلوس في المجلس أو في المسجد متضامين غير متفرقين ، هذا عمل ظاهري لكن له تأثيرًا في الباطن ، في القلب تأثيرًا بالغًا عظيما ، ولذلك قال عليه السلام : ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) أي :
من أقوى الأدلة على ذلك والمعروفة في السنة الصحيحة المتفق عليها بين الشيخين البخاري ومسلم ، حيث أخرجا عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) .
الشاهد : فيما يأتي : ( ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) .
فإذًا صلاح الجسد بصلاح القلب ، وصلاح القلب بصلاح الجسد ، وبينهما ما يشبه ، ما يسمى بالحركة الدائمة ، كل منهما يساعد الآخر ، فمن الخطأ الفاحش فحشًا جليًا ظاهرًا ، ما نسمعه من كثير من الشباب الذين أهملوا بالقيام بكثيرٍ من الفرائض والواجبات مثل الصلاة والصيام مثلاً ، إذا قيل لهم ألا تصلون ؟ ألا تصومون ؟ يكون جوابهم : العبرة يا أخي بما في القلب ، والدين المعاملة - يزعمون - وأنا ما بغش وما بخون ، وما بكذب ووإلى آخر ما يشبه هذه الكلمات ، هذا جهل فظيع جدًا بهذه الحقيقة الشرعية أولاً ، ثم بالحقيقة النفسية ثانيًا ، أن الظاهر يؤثر في الباطن تأثيرًا لا يشعر به الرجل الذي لا يهتم بإصلاح ظاهره .
أنا بطبيعة الحال لا أريد أن أقول لإصلاح الظاهر يعني إصلاح الملبس والمسكن ونحو ذلك ، وإن كان هذا أقل ما يقال فيه : إن الإسلام لا ينهى عنه ، ولكن أعني بذلك إصلاح الأعمال التي تصدر من الإنسان مما حضّ عليه الشرع ، سواء كان الحض في حدود الفرائض والواجبات أو في حدود السنن والمستحبات ، هذه الأعمال هي التي تكون سببًا لتقوية القلب وإصلاحه .
انظروا مثلاً : كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلاً عمليًا يتحقق هذا المثل سلبيًا أو إيجابيًا في كل يوم خمس مرات ، كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح هذا المعنى السابق في حديث النعمان بن بشير ، أن الظاهر صلاحه يؤثر في صلاح الباطن والعكس بالعكس تمامًا ، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من سنته التي كان يهتم بها حينما تقام الصلاة في المسجد ألا يباشر بتكبيرة الإحرام إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف ، وكان أمره بعبارات عديدة والتي يهمنا منها الآن : إنما هو قوله عليه الصلاة والسلام : ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) تسوية الصفوف عمل ظاهري ، وهذا مثال مما عنيته سابقًا بإصلاح الظاهر كمثال يلحق بمثال الجلوس في المجلس أو في المسجد متضامين غير متفرقين ، هذا عمل ظاهري لكن له تأثيرًا في الباطن ، في القلب تأثيرًا بالغًا عظيما ، ولذلك قال عليه السلام : ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) أي :
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 521
- توقيت الفهرسة : 00:10:51
- نسخة مدققة إملائيًّا