بيان الشيخ وجوب التجمع والتقارب في المجالس وعدم التباعد والتفرق منها ، وذكر نصوص حديثية دالة على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بإصلاح تعابير الناس وظواهرهم .؟
A-
A=
A+
الشيخ : ... . يعني أنت تسأل عن حديث : ( لا يرقون ولا يسترقون ) ، هنا سؤال سألقيه عليكم مع جوابه إن شاء الله بعد أن ألقي كلمة وجيزة حول أدب من آداب المجالس التي أهملها اليوم خاصة الناس فضلاً عن عامتهم ، من هذه الآداب : هو التجمع والتكتل والتقارب في المجلس وعدم التباعد فيه ، وهذا من حِكَم الشريعة في كثيرٍ من أحكامها الظاهرة ، والتي جاء التصريح بها في بعض الأحاديث الصحيحة ، فهناك مثلاً في صحيح مسلم حديث جابر بن سمرة - فيما أذكر - : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد يوما فرآهم متفرقين حلقات حلقات ، فقال لهم : ( ما لي أراكم عزين ؟ ) أي : متفرقين ، وأهم من هذا ما يرويه الإمام أحمد في كتابه المسند بالسند القوي عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ، قال : كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونزلنا تفرقنا في الشعاب والوديان ، فسافرنا يوماً ونزلنا كما كنا ننزل ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( إنَّ تفرقكم في هذه الشعاب والوديان إنما هو من عمل الشيطان ) قال : فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا ، فـ ( شو ) رأيكم إنتم بأه جالسين هنا في سطح ممهد مسهل ، فهذا التفرق ليس من سنة الإسلام ، ولذلك فكلما تضامت الحلقة كلما كانت مشمولة برحمة الله عز وجل وفضله ، وكثير من الناس يجهلون أن هناك ارتباطاً وثيقاً جداً بين ظاهر الإنسان وباطنه ، وهذا الارتباط الوثيق ، مما توافرت كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدلالة عليها ، ولعلكم تعلمون العبارة التي تُذكر في كثير من الكتب " الظاهر عنوان الباطن " ، وهذا الذي أشار إليه الشاعر قديماً حين قال :
و مهما تكن عند امرئ من خليقةٍ وإنْ خالها تخفى على الناس تعلم
فلا بد ما يكون هناك ارتباط بين الظاهر وبين الباطن ، لذلك عـُنـِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنايةً بالغةً في إصلاح ظواهر المسلمين فضلاً عن باطنهم ، فهو عليه السلام كما جاء بإصلاح القلوب والبواطن ، كذلك جاء بإصلاح الأجساد و الظواهر معاً ، فليس الأمر فقط كما يقول كثير من الناس : العبرة بما في الباطن ، نعم ، العبرة بما في الباطن ، لكن ذلك لا يستلزم عدم العناية بالظاهر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام حينما رأى ذلك الرجل أو سمع ذلك الرجل يقول ، والرسول عليه السلام يعظ الناس على طاعة الله وإتباع كتابه ، قام ذلك الرجل ليقول له : ما شاء الله وشئت يا رسول الله ، فغضب عليه السلام غضباً شديداً ، وقال : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، هذا لفظٌ ظاهر ، ظهر من لسان ذلك الصحابي خطأً منه ، لكن هذا الظاهر خلاف باطنه يقين ، لأن باطنه كان عامراً بالإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لما أخطأ في اللفظ لم يسكت الرسول عليه السلام عنه ، بل أصلح له عبارته وقال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلم يقيناً أن هذا الرجل ما قصد ما دل عليه لفظه ، لفظه دل على أنه جعل الرسول شريكاً مع الله في إرادته تبارك وتعالى ، لكن هذا الصحابي يعلم أن مشيئة الله تبارك وتعالى قبل كل شيء وفوق كل شيء ، لأنه يقرأ في القرآن الكريم : (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )) ، ولا أحد يظن أن ذلك الصحابي يجهل هذه الحقيقة ، لكن أخطأه لسانه ، لكن الرسول عليه السلام أصلحه إياه وَدَلَّهُ على ما يقول , قال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، وفي رواية أخرى : ( ما شاء الله ثم شئت ) ، والأحاديث في هذا الصدد كثيرة ، ولستُ الآن في صدد بيانها ، لأنها كلمة حول التجمع في المجلس وعدم التفرق فيه ، و لكني قبل أن أنهيها أرى نفسي مضطراً أن أذكر بحديث آخر فقط ، لما فيه من الروعة في اهتمام الرسول صلوات الله وسلامه عليه في إصلاح تعابير الناس وظواهرهم ، ألا وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ) ، ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ) ما معنى : ( لقست ) ؟ في اللغة يساوي : ( خَبُثَتْ ) ، ( لقست ) لغة بمعنى : ( خَبُثَتْ ) ، لكن كلمة : الخبيثة ، خبيثة , فما أرادها الرسول عليه السلام أن يتلفظ بها المسلم حينما يجد في نفسه شيء من هذه الخباثة بلفظة : ( الخبث ) ، و إنما عدل به عنها إلى لفظة : ( لَقِسَ ) ، وهذه اللفظة بطبيعة الحال وأنتم عرب ، ما تعرفونها ، لكن سيد العرب والعجم هو علمكموها وقال : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لقست ) ، هذا في تأدب المسلم مع نفسه ، لأنه مسلم ، فما بالك التأدب مع الله ومع نبيه عليه الصلاة والسلام ؟! فبالأحرى أن يتأدب المسلم مع الله ثم مع رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يأتي بعبارة قد تمس مقام النبوة أو مقام الرسالة ، آنفاً والسائل ينبغي أن يلاحظ هذا ، سألني سائل بيني وبينه ، لعله قال : هل يشرع أو هل يجوز أن يقول السامع للأذان ...
و مهما تكن عند امرئ من خليقةٍ وإنْ خالها تخفى على الناس تعلم
فلا بد ما يكون هناك ارتباط بين الظاهر وبين الباطن ، لذلك عـُنـِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنايةً بالغةً في إصلاح ظواهر المسلمين فضلاً عن باطنهم ، فهو عليه السلام كما جاء بإصلاح القلوب والبواطن ، كذلك جاء بإصلاح الأجساد و الظواهر معاً ، فليس الأمر فقط كما يقول كثير من الناس : العبرة بما في الباطن ، نعم ، العبرة بما في الباطن ، لكن ذلك لا يستلزم عدم العناية بالظاهر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام حينما رأى ذلك الرجل أو سمع ذلك الرجل يقول ، والرسول عليه السلام يعظ الناس على طاعة الله وإتباع كتابه ، قام ذلك الرجل ليقول له : ما شاء الله وشئت يا رسول الله ، فغضب عليه السلام غضباً شديداً ، وقال : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، هذا لفظٌ ظاهر ، ظهر من لسان ذلك الصحابي خطأً منه ، لكن هذا الظاهر خلاف باطنه يقين ، لأن باطنه كان عامراً بالإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لما أخطأ في اللفظ لم يسكت الرسول عليه السلام عنه ، بل أصلح له عبارته وقال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلم يقيناً أن هذا الرجل ما قصد ما دل عليه لفظه ، لفظه دل على أنه جعل الرسول شريكاً مع الله في إرادته تبارك وتعالى ، لكن هذا الصحابي يعلم أن مشيئة الله تبارك وتعالى قبل كل شيء وفوق كل شيء ، لأنه يقرأ في القرآن الكريم : (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )) ، ولا أحد يظن أن ذلك الصحابي يجهل هذه الحقيقة ، لكن أخطأه لسانه ، لكن الرسول عليه السلام أصلحه إياه وَدَلَّهُ على ما يقول , قال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، وفي رواية أخرى : ( ما شاء الله ثم شئت ) ، والأحاديث في هذا الصدد كثيرة ، ولستُ الآن في صدد بيانها ، لأنها كلمة حول التجمع في المجلس وعدم التفرق فيه ، و لكني قبل أن أنهيها أرى نفسي مضطراً أن أذكر بحديث آخر فقط ، لما فيه من الروعة في اهتمام الرسول صلوات الله وسلامه عليه في إصلاح تعابير الناس وظواهرهم ، ألا وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ) ، ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ) ما معنى : ( لقست ) ؟ في اللغة يساوي : ( خَبُثَتْ ) ، ( لقست ) لغة بمعنى : ( خَبُثَتْ ) ، لكن كلمة : الخبيثة ، خبيثة , فما أرادها الرسول عليه السلام أن يتلفظ بها المسلم حينما يجد في نفسه شيء من هذه الخباثة بلفظة : ( الخبث ) ، و إنما عدل به عنها إلى لفظة : ( لَقِسَ ) ، وهذه اللفظة بطبيعة الحال وأنتم عرب ، ما تعرفونها ، لكن سيد العرب والعجم هو علمكموها وقال : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لقست ) ، هذا في تأدب المسلم مع نفسه ، لأنه مسلم ، فما بالك التأدب مع الله ومع نبيه عليه الصلاة والسلام ؟! فبالأحرى أن يتأدب المسلم مع الله ثم مع رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يأتي بعبارة قد تمس مقام النبوة أو مقام الرسالة ، آنفاً والسائل ينبغي أن يلاحظ هذا ، سألني سائل بيني وبينه ، لعله قال : هل يشرع أو هل يجوز أن يقول السامع للأذان ...
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 1
- توقيت الفهرسة : 00:51:28
- نسخة مدققة إملائيًّا