ما هو الأفضل طلب العلم أم النَّفير إلى الجهاد ؟ وهل العذر بطلب العلم والقعود عن الجهاد جائز ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هو الأفضل طلب العلم أم النَّفير إلى الجهاد ؟ وهل العذر بطلب العلم والقعود عن الجهاد جائز ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الذي بعده : فضيلة الشَّيخ ، ما هو الأوجب والأولى طلب العلم أم النفير إلى الجهاد ؟ وهل العذر بطلب العلم والقعود عن الجهاد جائز ؟

الشيخ : طلب العلم كالجهاد في سبيل الله ، وهو بلا شك من الجهاد في سبيل الله ، هو - أيضًا - قسمان ؛ فرض عين وفرض كفاية ، فإذا كان المقصود في السؤال بالعلم هو ما عليه أكثر الطلبة اليوم من الدراسة النظامية ؛ سواء في المدارس أو في الحلقات المعروفة قديمًا ؛ فهو فرض كفاية ، أما إذا كان المقصود بالعلم هو العلم الذي يجب وجوبًا عينيًّا فيما يتعلَّق بتصحيح العقيدة - مثلًا - يأخذ درس أو دروس في تصحيح العقيدة ، أو دروس في تصحيح الطهارة والصلاة ، وأي عبادة هو مكلَّف بها ؛ فحينئذٍ هذا فرض عين ، فهنا يتقابل أمران ، أو يتقابل فرضان كلٌّ منهما فرض عين ، الفرض الأول هو الجهاد الأفغان كما قلنا ، الفرض الثاني في الصورة الثانية من طلب العلم وهو العلم العيني ، وهذه الصورة هي أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع ، فهنا فيه تعارض بين فرضَين ؛ ففي هذه الحالة فالمكلَّف هو الذي يُكلَّف بأن يوازن بين الأمرين ؛ أيُّهما يشعر هو بأنه أنفع له في تهذيب نفسه وإطاعته لربِّه يقدِّمه على الآخر .

مثاله : هذا المثال مطروق من بعض الفقهاء الذين يستقون علمهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، الشاب الأعزب عنده مقدار من المال يستطيع به أن يقوم بواجب من الواجبين ، الأول الحج إلى بيت الله الحرام ، والآخر أن يحصِّن نفسه فيتزوَّج ؛ فماذا يفعل ؟ أيتزوَّج قبل أن يحج أم يحج قبل أن يتزوَّج ؟

الجواب : يختلف هذا باختلاف الشباب ، فمن الشباب - مثلًا - مَن يتوق إلى الزواج ، وعنده عرامة ، وعنده شدة ، وعنده شبق وشهوة شديدة إلى الزواج ؛ فهذا يُقال له : هذا المال الذي عندك تزوَّج به خيرٌ من أن تذهب إلى بيت الله الحرام بقصد القيام بما فَرَضَ الله عليك ، فتقوم بمشكلة هناك بسبب حرارتك الجنسية هذه ، فحصِّن نفسك أوَّلًا ، ثم اجتهد لجمع المقدار الذي تتمكَّن به من القيام بالفرض الثاني ؛ ألا وهو الحجُّ .

وإن كان الشاب ليس بهذه الصفة ، وإنما هو في عنده برود في الجنس فهو .

الحمد لله .

السائل : يرحمكم الله .

الشيخ : فهو في هذه الحالة يحج ، ثم - أيضًا - يسعى حتى يجمع المقدار الذي يمكِّنه من القيام بواجب الزواج ، ونحن نعتقد جازمين بأن الزواج بالنسبة للشاب الأعزب هو واجب عليه ؛ لقوله - عليه السلام - : ( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباء فليتزوَّج ؛ فإنه أغضُّ للبصر ، وأحصن للفرج ؛ فَمَن لم يستطِعْ فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) .

لا نرى عدم وجوب الزواج إلا في صورة نادرة ، بل قد تكون خيالية بالنسبة لغالب الشباب ؛ وهو أن لا يعرف ولا يشعر بما يسمَّى اليوم بالجنس ، فهو لا يفكِّر إطلاقًا بالزواج ولا ينظر إلى النساء ، ونظرته إلى النساء التي يمرُّ بهنَّ ويقع بصره عليهنَّ كنظرته إلى الرجال بل وإلى الجمادات ، هذا شيء خيالي ، لكن إن فُرِضَ وجود مثل هذا الشاب هذا ليس بالواجب عليه ؛ لأنه لا يُخشى عليه ، أما إذا كان كما هو المفروض في الشباب وكما هو يعني طبيعة الكون كما أشار إلى ذلك ربُّنا - تبارك وتعالى - في قوله : (( خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى )) ؛ فهو يجب أن يسعى ليتزوَّج ، ولَرَيثَما يتمكَّن من الزواج ( فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) .

والخلاصة : أو المقصود من هذا المثال هو أنَّ طالب العلم الذي وصفناه بأنه عالم فرض عين تحصيله يُقابله هذا الفرض من الجهاد فرض عين ، هنا طالب العلم هو الذي يحكم ويرجِّح أحد الفرضين على الآخر ، كما قلنا بالنسبة للشاب الذي عنده مال لا يستطيع إلا أن يقومَ بواجب من الواجبين ؛ إما الزواج وإما الحج ، فيختلف الأمر من شابٍّ إلى آخر كما سبق التفصيل ؛ هكذا ينبغي على طالب العلم .

أيُّ علم هذا ؟

العلم العيني المفروض فرضًا عينيًّا ، أما الفرض الكفائي فلا مقابلة ولا يصح السؤال . مثاله - أيضًا - وأختم الجواب : رجل حج إلى بيت الله الحرام أدَّى فريضة الحج ، وعنده مقدار من المال يستطيع أن يحجَّ ، لكنه لم يتزوَّج بعد ، هل يُقال له : حجَّ ثم تزوَّج ؟ نقول له : تزوج ؛ لأن الحج الثاني هذا نافلة وليست بفريضة .

السائل : نعم .

الشيخ : فيجب أن تقدِّم الفريضة ، فهنا فريضتان كلتاهما في وزن واحد ، المرجِّح ليس هو المُستَفتَى أو المفتي ، وإنما هو المُستفتِي ؛ لأنه أدرى بنفسه من غيره ، وهنا يأتي قوله - عليه السلام - فيما يبدو لي : ( استفتِ قلبك وإن أفتاك المفتون ) ، أو ( وإن أفتوك وأفتوك وأفتوك ) .

غيره ؟

مواضيع متعلقة