شرح قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن الله - تبارك وتعالى - أنه قال : ( يا عبادي ، إني حرَّمت الظلم على نفسي ، وجعلتُه بينكم محرَّمًا ؛ فلا تظالموا ) .
A-
A=
A+
الشيخ : لنعود إلى الحديث القدسي الذي هو : ( قال الله - تبارك وتعالى - : يا عبادي ، إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ، وجعلته محرَّمًا بينكم ؛ فلا تظالموا ) .
هذا الحديث له دلالة ظاهرة واضحة يشترك في معرفتها كلُّ مَن يسمع هذا الحديث ، وله دلالة خفية بعض الشيء لا يتنبَّه لها إلا ذوو العلم والفهم ؛ أما المسألة الأولى فهي أن الله - تبارك وتعالى - حرَّم الظلم فضلًا منه على عباده حرَّم الظلم على نفسه - تبارك وتعالى - ، وبالتالي حرَّمه على البشر ، فأمَرَهم بأن لا يتظالموا ؛ فإن الله - عز وجل - الذي هو مالك كلِّ شيء وخالق كلِّ شيء إذا كان تنزَّه وترفَّعَ عن ظلم هذا المملوك لديه ؛ فأنتم - يا عبادي - أولى بكم وأحرى أن لا يظلمَ بعضُكم بعضًا ، هذا هو الفهم الأول الواضح .
وهناك فهم آخر فيه شيء من الخفاء وهو : هو يتعلق بعلم التوحيد ، وهو ما يسمُّونه بعلم الكلام ، معنى هذا الحديث : ( إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ) ... فمعنى قوله - تبارك وتعالى - في هذا الحديث : ( إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ) ؛ أي : إنه قادر لو شاء أن يظلمَ الناس هو قادر على ظلمهم ، ولكنه - تبارك وتعالى - منزَّه عن أن يظلِمَهم كما قال في العديد من الآيات بعبارات مختلفات منها : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ )) "" الناس "" (( مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )) .
السائل : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )) .
الشيخ : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )) ، إي نعم ، (( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ )) ، آيات كثيرة تصرِّح بأن الله - عز وجل - تنزَّه عن أن يظلِمَ الناس شيئًا ، وتنزُّه الله عن أن يفعل شيئًا معناه أنه بقدرته الواسعة قادرٌ على أن يفعل ذلك ولكنه لا يفعل ؛ لأن له صفات الكمال ، فالله - عز وجل - قادر على الظُّلم ، يُتصوَّر في العقل وفي الذهن أن يظلم رب العالمين بعض خلقه إذا شاء ، ولكنه لا يفعل ذلك ؛ لماذا ؟ لأنه قدُّوس ، لأنه منزَّه عن كل صفات النقص ، ومن ذلك منزَّه عن الظلم ، فجاء هذا الحديث يؤكد هذا المعنى فيقول : ( إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ) .
مع هذا الحديث هناك في كتب الكلام مثل كتاب " الجوهرة " وشروحها وحواشيها التصريح بأن الله - عز وجل - لو عذَّبَ الناس كلهم وفيهم محمد - عليه السلام - وأدخله النار لم يكن ظالمًا ، لماذا يقولون هذا الكلام ؟ لأنهم يعتقدون أن الظلم بالنسبة لله غير ممكن ، وهنا الدقة في المسألة كما أشرتُ إليها آنفًا ، نحن قلنا : إن الله قادر على أن يظلم الناس ولكنه لا يفعل ذلك ؛ لأنه مترفِّع ومتنزِّه عن الظلم ، أما الأشاعرة وغيرهم فيقولون : إن الظلم بالنسبة لله غير متصوَّر لا يمكن تخيُّله ؛ لأن الظلم ما هو في رأيهم ؟ هو أن تتصرَّف في مال الغير بغير إذنه ، والله - عز وجل - كلُّ خلقه هم عبيد له ، فإذا تصرَّف فيهم بأيِّ تصرف كان فهو ليس ظلمًا لهم ؛ لذلك لا يقولون : إن الله قادر على الظلم ولكنه لا يفعل ، بل هذا الظلم من المستحيلات التي لا تتعلَّق بهذه المستحيلات القدرة الإلهية والإرادة الإلهية ، بناءً على ذلك فصَّلوا فقالوا : " لله - عز وجل - تعذيب الطائع وإثابة العاصي " ، قالوا : لله - عز وجل - أن يُدخل محمدًا - عليه الصلاة والسلام - وأن يجعله في أسفل سافلين في مكان إبليس ، وبالعكس ؛ أن يرفع إبليس إلى أعلى درجة في الجنة وأن يعطِيَه المقام المحمود الذي وُعِدَ به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ إن فعل هذا ربُّ العالمين فليس هناك شيء من الظلم .
هكذا يقولون ويصرِّحون ، لكن الحديث هذا من أصرح الأدلة في الرَّدِّ عليهم ؛ فإنه يقول: ( يا عبادي ، إني حرَّمت الظلم على نفسي ) ، كلمة حرَّمت الظلم معناه أستطيع أن أظلم ، ولكن أنا حرَّمت ذلك على نفسي ، إذا قال الإنسان : أنا حرَّمت على نفسي شرب الدخان ليس معنى ذلك أنه عاجز عن شرب الدخان فحرَّمه على نفسه ، هذا كلام لا يقوله أيُّ إنسان عاقل ، فكذلك قول الله - عز وجل - هنا : ( إني حرَّمت الظلم على نفسي ) معناه أن الله - عز وجل - من حيث قدرته يستطيع أن يظلم الإنسان ، وهذا واضح بداهةً ؛ يستطيع أن يأخذ أي إنسان صالح ويدخِّله النار ، قادر على ذلك ، ولكنه منزَّه أن يفعل ذلك ؛ لأن لله كل صفات الكمال ، فحينما قال : ( إني حرَّمت الظلم على نفسي ) إذًا لا يجوز لنا أبدًا أن نطلق ذلك الكلام الذي تقوله بعضُ كتب علم الكلام : " يجوز لله تعذيب الطائع " ! هذا لا يجوز في حقِّه - تبارك وتعالى - أبدًا ؛ بدليل الآيات التي تصرِّح بأن الله لا يظلم الناس شيئًا ، وبصريح هذا الحديث الذي يصرِّح أن الظلم حرَّمَه ربُّنا على نفسه ؛ ولذلك دعانا نحن أن لا يظلمَ بعضُنا بعضًا .
هذا الحديث له دلالة ظاهرة واضحة يشترك في معرفتها كلُّ مَن يسمع هذا الحديث ، وله دلالة خفية بعض الشيء لا يتنبَّه لها إلا ذوو العلم والفهم ؛ أما المسألة الأولى فهي أن الله - تبارك وتعالى - حرَّم الظلم فضلًا منه على عباده حرَّم الظلم على نفسه - تبارك وتعالى - ، وبالتالي حرَّمه على البشر ، فأمَرَهم بأن لا يتظالموا ؛ فإن الله - عز وجل - الذي هو مالك كلِّ شيء وخالق كلِّ شيء إذا كان تنزَّه وترفَّعَ عن ظلم هذا المملوك لديه ؛ فأنتم - يا عبادي - أولى بكم وأحرى أن لا يظلمَ بعضُكم بعضًا ، هذا هو الفهم الأول الواضح .
وهناك فهم آخر فيه شيء من الخفاء وهو : هو يتعلق بعلم التوحيد ، وهو ما يسمُّونه بعلم الكلام ، معنى هذا الحديث : ( إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ) ... فمعنى قوله - تبارك وتعالى - في هذا الحديث : ( إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ) ؛ أي : إنه قادر لو شاء أن يظلمَ الناس هو قادر على ظلمهم ، ولكنه - تبارك وتعالى - منزَّه عن أن يظلِمَهم كما قال في العديد من الآيات بعبارات مختلفات منها : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ )) "" الناس "" (( مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )) .
السائل : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )) .
الشيخ : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )) ، إي نعم ، (( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ )) ، آيات كثيرة تصرِّح بأن الله - عز وجل - تنزَّه عن أن يظلِمَ الناس شيئًا ، وتنزُّه الله عن أن يفعل شيئًا معناه أنه بقدرته الواسعة قادرٌ على أن يفعل ذلك ولكنه لا يفعل ؛ لأن له صفات الكمال ، فالله - عز وجل - قادر على الظُّلم ، يُتصوَّر في العقل وفي الذهن أن يظلم رب العالمين بعض خلقه إذا شاء ، ولكنه لا يفعل ذلك ؛ لماذا ؟ لأنه قدُّوس ، لأنه منزَّه عن كل صفات النقص ، ومن ذلك منزَّه عن الظلم ، فجاء هذا الحديث يؤكد هذا المعنى فيقول : ( إني حرَّمت الظُّلم على نفسي ) .
مع هذا الحديث هناك في كتب الكلام مثل كتاب " الجوهرة " وشروحها وحواشيها التصريح بأن الله - عز وجل - لو عذَّبَ الناس كلهم وفيهم محمد - عليه السلام - وأدخله النار لم يكن ظالمًا ، لماذا يقولون هذا الكلام ؟ لأنهم يعتقدون أن الظلم بالنسبة لله غير ممكن ، وهنا الدقة في المسألة كما أشرتُ إليها آنفًا ، نحن قلنا : إن الله قادر على أن يظلم الناس ولكنه لا يفعل ذلك ؛ لأنه مترفِّع ومتنزِّه عن الظلم ، أما الأشاعرة وغيرهم فيقولون : إن الظلم بالنسبة لله غير متصوَّر لا يمكن تخيُّله ؛ لأن الظلم ما هو في رأيهم ؟ هو أن تتصرَّف في مال الغير بغير إذنه ، والله - عز وجل - كلُّ خلقه هم عبيد له ، فإذا تصرَّف فيهم بأيِّ تصرف كان فهو ليس ظلمًا لهم ؛ لذلك لا يقولون : إن الله قادر على الظلم ولكنه لا يفعل ، بل هذا الظلم من المستحيلات التي لا تتعلَّق بهذه المستحيلات القدرة الإلهية والإرادة الإلهية ، بناءً على ذلك فصَّلوا فقالوا : " لله - عز وجل - تعذيب الطائع وإثابة العاصي " ، قالوا : لله - عز وجل - أن يُدخل محمدًا - عليه الصلاة والسلام - وأن يجعله في أسفل سافلين في مكان إبليس ، وبالعكس ؛ أن يرفع إبليس إلى أعلى درجة في الجنة وأن يعطِيَه المقام المحمود الذي وُعِدَ به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ إن فعل هذا ربُّ العالمين فليس هناك شيء من الظلم .
هكذا يقولون ويصرِّحون ، لكن الحديث هذا من أصرح الأدلة في الرَّدِّ عليهم ؛ فإنه يقول: ( يا عبادي ، إني حرَّمت الظلم على نفسي ) ، كلمة حرَّمت الظلم معناه أستطيع أن أظلم ، ولكن أنا حرَّمت ذلك على نفسي ، إذا قال الإنسان : أنا حرَّمت على نفسي شرب الدخان ليس معنى ذلك أنه عاجز عن شرب الدخان فحرَّمه على نفسه ، هذا كلام لا يقوله أيُّ إنسان عاقل ، فكذلك قول الله - عز وجل - هنا : ( إني حرَّمت الظلم على نفسي ) معناه أن الله - عز وجل - من حيث قدرته يستطيع أن يظلم الإنسان ، وهذا واضح بداهةً ؛ يستطيع أن يأخذ أي إنسان صالح ويدخِّله النار ، قادر على ذلك ، ولكنه منزَّه أن يفعل ذلك ؛ لأن لله كل صفات الكمال ، فحينما قال : ( إني حرَّمت الظلم على نفسي ) إذًا لا يجوز لنا أبدًا أن نطلق ذلك الكلام الذي تقوله بعضُ كتب علم الكلام : " يجوز لله تعذيب الطائع " ! هذا لا يجوز في حقِّه - تبارك وتعالى - أبدًا ؛ بدليل الآيات التي تصرِّح بأن الله لا يظلم الناس شيئًا ، وبصريح هذا الحديث الذي يصرِّح أن الظلم حرَّمَه ربُّنا على نفسه ؛ ولذلك دعانا نحن أن لا يظلمَ بعضُنا بعضًا .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 190
- توقيت الفهرسة : 00:29:46
- نسخة مدققة إملائيًّا