هل يجوز للابن أن يهجر والديه ويقاطعهما إن كانا عاصيَين لله - عز وجل - ؟
A-
A=
A+
الشيخ : سؤاله الأخير : هل يجوز غضبهما ما عليه ؟ ... وسؤال يُبتلى به كثيرًا من الآباء والأبناء في هذا الزمان ، يقول السَّائل : هل يجوز للابن أن يقاطع والديه نهائيًّا ولا ... معهما ؛ لأنها يقومان بعملٍ حرامٍ ومنافٍ للشريعة ؟ وهل يجوز غضبهما عليه ؟
السؤال الأخير : " هل يجوز غضبهما عليه ؟ " يتفرَّع على الجواب عن السؤال الأول ؛ فإن كان الجواب عن السؤال الأول أن غضبه جائز فغضبه غير جائز ؛ يعني غير واقع ... وإن كان الجواب - كما ستسمعون - أن مقاطعة الولد لوالده لا يجوز ؛ فإذا غضبَ الوالدُ في حالة مقاطعة الولد لوالده ؛ غضبُه حين ذاك جائز وواقع ؛ لأنه مخالف للشريعة .
تفصيل هذا الإجمال : ربُّنا - عز وجل - يقول في صريح القرآن الكريم : (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ، فربُّنا - عز وجل - أمَرَ في هذه الآية الكريمة الولد بأن يُحسِنَ صحبة والدَيه ، ولو أنهما جاهدا فيه إياه على أن يكفُرَ بدينه ... أمه ، فربُّنا - عز وجل - لم يأذن للولد في هذه الحالة التي يريد والدُه أن يحمِلَه على الكفر والضلال ؛ ما أذن له بأن يقاطعه ؛ بل أمَرَه بأن يُحسِنَ صحبته ، وكذلك لا فرق بين الوالد والوالدة ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ، وكلنا يعلم أن الشرك كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود وغيره أن الشرك أكبر الكبائر ، فإذا كان الوالدان مشركَين ، وليس هذا فقط ؛ بل ويحملان ولدَهما على أن يُشرك بربِّهما كشركهما ؛ مع ذلك فربُّنا - عز وجل - يأمر الولد بأن يُحسِنَ صحبة والدَيه ما بَقِيا في قيد الحياة ، فإذا كان هذا الواجب شرعًا على الولد تجاه الأبوين المشركين اللذين يحملانه على الشرك ؛ فمهما يكن هذا الرجل المسلم الوالد المسلم مهما يكن الأمر الذي هو يواقعه من المحرَّمات كما يسأل السَّائل ؛ فهو دون الشرك أوَّلًا ؛ لأن الشرك أكبر الكبائر كما تقدَّم ، ثم هذا الوالد لا يحمِلُ ولده على أن يعصيَ ربَّه كما يعصي هو ربَّه ، هذا كمان أخفّ من ذاك الوالد أو الوالدين المشركين اللذان يريدان أن يحملا ولدَهما على الشرك ، ومع ذلك فالله - عز وجل - يقول : (( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ، ومعنى هذا أنه لو وُجِدَ والد يحمل ابنَه على أن يعصي .
... هذا الإجبار ، كلُّ ما في الأمر أن الوالد هو يرتكب أمرًا محرَّمًا مخالف للشريعة ؛ فهل يجوز للولد أن يقاطعه ؟ الجواب : لا ؛ بل عليه أن يصاحبهما في الدنيا معروفًا ، ومن حُسنِ الصحبة التي أمر الله - عز وجل - بها في هذه الآية الكريمة للولد هو أن يعِظَهما : (( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )) ، ونصيحة إبراهيم - عليه السلام - لأبيه آزر في عديد من الآيات القرآنية ينصَحُه أن لا يعبد الشجر والحجر ونحو ذلك ، فالمصاحبة في الدنيا بالمعروف للوالدين تستلزم دائمًا =
-- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته --
= أن يذكِّرهما بما يجب عليهما من تقوى الله - تبارك وتعالى - وطاعته ؛ ولذلك فالمقاطعة هنا غير جائزة ، بل الواجب المُواصلة ، ويؤكِّد هذا حديث في " صحيح البخاري " أنَّ أسماء بنت أبي بكر جاءت أمُّها لتزورَها ، وهي - أي : والدة أسماء - مشركة ، فاستأذنت من الرسول - عليه السلام - أو سألت الرسول - عليه السلام - : هل تأذن لها بأن تزورها ؟ فوافَقَها الرسول - عليه السلام - على أن تزورَها ، وحضَّها على أن تصلها - أيضًا - وهي أمٌّ مشركة .
خلاصة القول : لا يجوز للولد الصالح إذا ابتُلِيَ بوالدين غير صالحين أن يتخلَّص منهما بمقاطعتهما ، بل يجب عليه أن يظلَّ خادمًا لهما طيلة حياتهما ، وأن ينصَحَهما ما بين آونة وأخرى لعل الله - عز وجل - أن يهدِيَهما ، أما المقاطعة هنا فعقوق ، وعلى ذلك فيُخشى أن يُستجاب دعاؤهما عليه ؛ لأن دعاء الوالد على الولد مستجاب إذا توفَّرت الشروط الأخرى المعروفة لديكم .
السؤال الأخير : " هل يجوز غضبهما عليه ؟ " يتفرَّع على الجواب عن السؤال الأول ؛ فإن كان الجواب عن السؤال الأول أن غضبه جائز فغضبه غير جائز ؛ يعني غير واقع ... وإن كان الجواب - كما ستسمعون - أن مقاطعة الولد لوالده لا يجوز ؛ فإذا غضبَ الوالدُ في حالة مقاطعة الولد لوالده ؛ غضبُه حين ذاك جائز وواقع ؛ لأنه مخالف للشريعة .
تفصيل هذا الإجمال : ربُّنا - عز وجل - يقول في صريح القرآن الكريم : (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ، فربُّنا - عز وجل - أمَرَ في هذه الآية الكريمة الولد بأن يُحسِنَ صحبة والدَيه ، ولو أنهما جاهدا فيه إياه على أن يكفُرَ بدينه ... أمه ، فربُّنا - عز وجل - لم يأذن للولد في هذه الحالة التي يريد والدُه أن يحمِلَه على الكفر والضلال ؛ ما أذن له بأن يقاطعه ؛ بل أمَرَه بأن يُحسِنَ صحبته ، وكذلك لا فرق بين الوالد والوالدة ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ، وكلنا يعلم أن الشرك كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود وغيره أن الشرك أكبر الكبائر ، فإذا كان الوالدان مشركَين ، وليس هذا فقط ؛ بل ويحملان ولدَهما على أن يُشرك بربِّهما كشركهما ؛ مع ذلك فربُّنا - عز وجل - يأمر الولد بأن يُحسِنَ صحبة والدَيه ما بَقِيا في قيد الحياة ، فإذا كان هذا الواجب شرعًا على الولد تجاه الأبوين المشركين اللذين يحملانه على الشرك ؛ فمهما يكن هذا الرجل المسلم الوالد المسلم مهما يكن الأمر الذي هو يواقعه من المحرَّمات كما يسأل السَّائل ؛ فهو دون الشرك أوَّلًا ؛ لأن الشرك أكبر الكبائر كما تقدَّم ، ثم هذا الوالد لا يحمِلُ ولده على أن يعصيَ ربَّه كما يعصي هو ربَّه ، هذا كمان أخفّ من ذاك الوالد أو الوالدين المشركين اللذان يريدان أن يحملا ولدَهما على الشرك ، ومع ذلك فالله - عز وجل - يقول : (( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ، ومعنى هذا أنه لو وُجِدَ والد يحمل ابنَه على أن يعصي .
... هذا الإجبار ، كلُّ ما في الأمر أن الوالد هو يرتكب أمرًا محرَّمًا مخالف للشريعة ؛ فهل يجوز للولد أن يقاطعه ؟ الجواب : لا ؛ بل عليه أن يصاحبهما في الدنيا معروفًا ، ومن حُسنِ الصحبة التي أمر الله - عز وجل - بها في هذه الآية الكريمة للولد هو أن يعِظَهما : (( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )) ، ونصيحة إبراهيم - عليه السلام - لأبيه آزر في عديد من الآيات القرآنية ينصَحُه أن لا يعبد الشجر والحجر ونحو ذلك ، فالمصاحبة في الدنيا بالمعروف للوالدين تستلزم دائمًا =
-- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته --
= أن يذكِّرهما بما يجب عليهما من تقوى الله - تبارك وتعالى - وطاعته ؛ ولذلك فالمقاطعة هنا غير جائزة ، بل الواجب المُواصلة ، ويؤكِّد هذا حديث في " صحيح البخاري " أنَّ أسماء بنت أبي بكر جاءت أمُّها لتزورَها ، وهي - أي : والدة أسماء - مشركة ، فاستأذنت من الرسول - عليه السلام - أو سألت الرسول - عليه السلام - : هل تأذن لها بأن تزورها ؟ فوافَقَها الرسول - عليه السلام - على أن تزورَها ، وحضَّها على أن تصلها - أيضًا - وهي أمٌّ مشركة .
خلاصة القول : لا يجوز للولد الصالح إذا ابتُلِيَ بوالدين غير صالحين أن يتخلَّص منهما بمقاطعتهما ، بل يجب عليه أن يظلَّ خادمًا لهما طيلة حياتهما ، وأن ينصَحَهما ما بين آونة وأخرى لعل الله - عز وجل - أن يهدِيَهما ، أما المقاطعة هنا فعقوق ، وعلى ذلك فيُخشى أن يُستجاب دعاؤهما عليه ؛ لأن دعاء الوالد على الولد مستجاب إذا توفَّرت الشروط الأخرى المعروفة لديكم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 248
- توقيت الفهرسة : 00:00:04
- نسخة مدققة إملائيًّا