معنى حديث ( لاحسد إلا في إثنتين ) . ونصيحة الشيخ لطلبة العلم بالسعي في طلب الرزق وعدم التواكل على الغير كفعل الصوفية وذكر شيء من أخبارهم في ذلك .
A-
A=
A+
السائل : بالنّسبة لحديث ( لا حسد إلاّ في اثنتين ) ما بدري يعني كثير من إخواننا لا يفقهون لا يفهمون فقه الحديث فيفهمون أنّ طالب العلم لا بد أن يكون فقيرا ولا بدّ دائما يده تكون يده هي السّفلى ويد الناس هي العليا وأنه كلما كان بعيدا عن الدّنيا يأخذ الآيات القرآنية و الأحاديث عن الرسول صلّى الله عليه وسلم ( مالي وللدنيا علينا ) هكذا يكون طالب العلم لكن ما أدري لعلّي مخطئ أو مصيب في فهم الحديث أريد أسمع فقه الحديث حتّى لو منّ الله سبحانه وتعالى وكتبت رسالة في هذا الموضوع إن شاء الله تكون فيها ... .
الشيخ : جزاك الله خير بحسن ظنّك بأخيك لكنّي انا أشتهي أيضا أن أسمع رأيك وأن يستفيد الحاضرون من علمك وأظنّ أنّنا سنلتقي إن شاء الله على الفهم الصّحيح اطرح ما عندك ولا تبالي وأنت موفّق إن شاء الله
السائل : أفهم أنّ كما أنّ الإنسان العلم يعتبر نعمة على صاحبه إذا وفّقه للعمل الصالح و ابتغى به رضى الله عز وجلّ وكذلك المال إذا جمعه و ابتغى به أن ينفقه في سبيل الله فيكون جمعه للمال كما أنّه يطلب العلم هذا ما أفهمه أن يكون معي المال الّذي أنفقه في سبيل الله كما يكون معي العلم الصّالح الّذي أعلّمه للنّاس
الشيخ : صحيح
السائل : فما أدري يعني الإخوة بعض الإخوة قالوا لا طالب العلم يجب أن لا يجلس في مكان مثل الذي أنت جالس فيه وهذا لا يتناسب مع طالب العلم
الشيخ : عفوا لا ينبغي أن يجلس في مكان؟
السائل : الذي أنا جالس فيه مثلا في المكتبة أبيع للنّاس وأتحرك أنكروا عليّ ذلك
الشيخ : عجيب الله يعينك
السائل : فحبّيت وهذا شيء جديد في حياتي ما تعوّدت عليه لكن حبّيت طبعا الشيخ عبد العظيم قال لي ما دام طالع عند الشّيخ اليوم خلّيه يحكي لك في هذا الأمر
الشيخ : أظنّ أنّ جواب هذا السّؤال وبخاصّة بعد أن ألحقت الملحق هذا أنّهم يقولوا أنت جالس هنا المكتبة وأنت طالب علم فأخذته سلفا لمّا قلت لك نعم ما فعلت واضح
السائل : واضح
الشيخ : ولكن أنا أشرح الآن هؤلاء الإخوان يجب أن يؤكّد لهم الرّأي الصّحيح الّذي قلته لهم ببعض النّصوص الشّرعية وهي بلا شكّ في ظنّي لا تخفاك ثمّ بضرب بعض الأمثلة لبعض النّاس المبتلين بالشّهرة قديما وحديثا بين النّاس ولهم الصّيت الحسن عند الجماهير وربّما على العكس من ذلك عند الآخرين أمّا الحديث فقد جاء في مسند الإمام أحمد وغيره أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسل وراء عمر بن العاص فجاء إليه فقال: ( اذهب وألق عليك سلاحك فإنّي أريد أن أبعثك بعثا وأن تكسب مالا ) أو كما قال عليه السّلام قال: " يا رسول الله ما من أجل المال أسلمت ما من أجل المال أسلمت " فقال عليه الصلاة والسلام: ( يا عمرو نعمّا المال الصّالح للرجل الصّالح ) فإذا سعى طالب العلم لكسب المال بالطّرق المشروعة فإنّما يقوم أوّلا بأمر مشروع بل وبأمر واجب احيانا إذا كان غير مكفيّ بمال عنده بطريقة أو بأخرى لأنّ السّعي وراء الرّزق الحلال في عرف الشّرع الحكيم هو من الجهاد في سبيل الله كما جاء في مسند أحمد وغيره كصحيح ابن حبّان من حديث أبيّ بن كعب أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان جالسا وحوله أصحابه حينما مرّ بهم شابّ فأعجبهم شبابه و قوّته فقالوا: " لو كان هذا في سبيل الله " فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( إن كان هذا خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان يسعى على أطفال أو أولاد له فهو في سبيل الله) الحقيقة التي تكمن وراء ذاك الاعتراض الّذي نقلته عن بعض الطّلبة أنّهم ينحون منحى أولئك الّذين يفرّقون بين الدّين والدّولة يفرّقون بين الدّين و الدّنيا والله عزّ وجلّ قد جعل الدّنيا مزرعة للآخرة فكما قلت تماما المال وسيلة لطاعة الله عزّ وجلّ وسيلة وأيّما وسيلة ولا يخفى عن الحاضرين جميعا إن شاء الله حينما ائتمر الفقراء بينهم وتداولوا في حالهم وأرسلوا رسولا من طرفهم إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: " يا رسول الله ذهب أهل الدّثور بالأجور يصلّون كما نصلّي ويصومون كما نصوم ويحجّون كما نحجّ ويتصدّقون ولا نتصدّق " قال عليه السلام: ( أفلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من قبلكم ولم يدركم من بعدكم إلاّ من فعل مثلكم ) فطار الرسول إلى الفقراء فرحا مسرورا يبلغهم لهم قول النبيّ صلّى الله عليه واله وسلّم هذا وسرعان ما عاد الرسول رسول الفقراء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليقول:" يا رسول الله لقد بلغ الأغنياء ما قلت لنا ففعلوا مثل ما فعلنا " فقال عليه السلام: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) إذن المال فضل الله يؤتيه من يشاء ولكن لا يجوز لطالب العلم أن يتواكل على غيره وأن يضرب مثلا لذاك الّذي يروى أن عمر بن الخطّاب كان كلّما دخل المسجد وجده قائما يصلّي فقال له: " كلّما دخلت وجدتك ههنا ألا تسعى وراء الرّزق فقد علمتم أنّ السماء لا تمطر ذهبا ولا فضّة ". فلا ينبغي لطالب العلم أن يتواكل وأن يعتمد على غيره بل ينبغي أن يسعى بنفسه ليكون عائلا لغيره لا ليكون معولا من غيره وهنا يحسن أن نضرب مثلا بقصة تروى عن أحد ممّن يسمّون بالصّوفيّة الزهاد الّذين كان من عادتهم أنّهم يخرجون بزعمهم متوكّلين على الله ولكن بواقعهم متواكلين على الأغنياء كانوا يخرجون زهّادا يسافرون ويقطعون الفيافي والقفار بزعم هضم النّفس وتربيتها فزعموا أنّ أحدهم خرج ذات يوم وساح ما شاء الله حتّى أعياه التعب فصعد ربوة فأطلّ منها على خربة بيت مخرّب فرأى عجبا رأى هناك كلب أو كلبا أعمى مقعد وأسد ما بين آونة وأخرى يأتي يقدّم إلى هذا الكلب طعاما قطعة لحم مفترس مثلا من البريّة ويجي هذا الأسد يقدّم عظم اللحم لهذا الكلب هذا وياكل الكلب هذا الرجل فكّر قال في نفسه يؤيّد تصوّفه وزهده المزعوم وقال ما شاء الله ليش هدول الفقهاء يقولون لازم تتّخذ الأسباب وتوكّل على ربّ الأرباب هذا ربّنا عزّ وجلّ سخّر لهذا الكلب هذا من يطعمه ورزقكم في السماء وما توعدون قال فسمع هاتفا من داخله يقول له كن أسدا ولا تكن كلبا -يضحك- كذلك يحكون عن آخر أنّه خرج هكذا طوّافا حتّى كاد أن يموت عطشا وجوعا فوقع بصره على قرية من بعيد فنحى نحوها وكان يوم جمعة فبكّر بالدخول المسجد وانطوى على نفسه تحت المنبر متوكّلا على الله زعم يريد أن لا يلفت نظر أحد إليه لأنّه بذلك ينقض توكّله المزعوم وبدأ النّاس يجتمعون وخطب الخطيب بهم ونزل صلّى بالنّاس واللي سنّن سنن وبدأوا ينصرفوا ولمّا شعر الرّجل بأن المسجد يكاد لا يبقى فيه أحد وأنّه لم ينتبه له أحد ما وسعه إلاّ أن يتنحنح واحد ممّن كان حاضرا هناك إيش الصوت الغريب ما بقى في المسجد أحد بحثوا عنه إذ شافوه كالفرخ مسكين هزيلا عيان راح يموت من الجوع والعطش فأخرجوه وأغاثوه إلى آخره قالوا له من أنت يا رجل؟ قال: أنا متوكل على الله قالوا له: لو متوكّل على الله حقيقة ما تنحنحت -يضحك- فالشّاهد أنّ الإسلام جاء بخير الدّنيا والآخرة فمن الخير للمسلم أن يحقّق فيه قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( اليد العليا خير من اليد السّفلى ) واليد العليا هي المعطية وفي لهجة عربيّة هي المنطية عوض المعطية هي المنطية، واليد السفلى هي الآخذة بل أنا أؤكّد بخصوص هذا الزّمان أنّ طالب العلم يجب أن يكون في يده مهنة وصنعة وأن لا يسعى كما يفعل جماهير طلاّب العلم الآن وهذا يخلّ بإخلاصهم في طلبهم للعلم حينما يطلبون العلم وجمهورهم يقصد بذلك أن يتوظّف يصير مثلا إذا بالتعبير السوريإذا ضربها علاويّة يصير قاضي أو مفتيا إذا نزل هكذا قليلا يصير كاتب عند المفتي أو أو أخيرا أي موظّف في أيّ وظيفة من وظائف الدّولة هذا اتّكال على غير الله عزّ وجلّ وإخلال بقداسة العلم وإخلال بقداسة العلم وفضله الّذي يجب فيه على طالب العلم أن يكون مخلصا لربّه عزّ وجلّ لأنّ العلم من أعظم العبادات والله عزّ وجلّ يقول وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين فإذن طالب العلم إذا طلب العلم ولم يكن بيده مهنة ولا صنعة فمعنى ذلك أنّه يتوكّل على الوظيفة و الوظيفة كما قلنا في أوّل هذه الجلسة قيد في عنق طالب العلم ولذلك ستجدون أكثر الخطباء وأكثر المدرّسين ليسوا أحرارا في أفكارهم في كلامهم في وعظهم لأنّهم مقيّدون بالنّظام الّذي وضعه المسؤول الكبير والمسؤول الكبير في الأوقاف لا يستطيع أن يخرج في كلّ تصرّفاته عن القانون الموضوع في أيّ بلد من بلاد الإسلام ولذلك فما فعلت يا أبا إسلام هو الخير وعليك أن تنصح الآخرين وتلحّ في النّصيحة عليهم أن يجمعوا بين العلم وبين المهنة هذا ما يتعلّق بالنّصوص الّتي ألمحت إليها في المقدّمة أمّا النّماذج قديما وحديثا فما من إمام من أئمّة المسلمين الّذين يضرب بهم المثل وإلاّ وكان له مهنة كان له مهنة كان له عمل أبو حنيفة يقولوا أنّه مثلا بزّاز قمّاش الشافعي والله نسيت إيش كان مهنته لعلّ بعضكم يتذكّر ذلك وهكذا كل الأئمّة السابقين ما كانوا ما يعتمدون على الدّولة لأنّه إذا اعتمدوا على الدّولة معناه وضعوا القيد في أعناقهم فكانوا أحرارا ولذلك كانت لهم الجرأة ويتكلّمون بكلمة الحقّ لا تأخذهم في الله لومة لائم ويعجبني بهذه المناسبة لأنّ فيه شاهدا لما أقول - وعليكم السلام ورحمة الله - أحد علماء الحنابلة المعروف بأبي عبد الله بن بطّة يروى عنه أنّه كان يرى تحريم القيام المعتاد بين النّاس يعني دخل رجل قام له الجالسون خاصّة إذا كان من أهل العلم والفضل والسن كان يرى أنّ هذا القيام لا يجوز فخرج ذات يوم إلى السّوق فمرّ برجل عالم جالس في محلّه هنا الشّاهد فلمّا رآه العالم رأى ابن بطّة أبا عبد الله قام له إجلالا وتعظيما في دكّانه هذا الشاهد وممّا يدلّ على علمه أنّه أوّلا يعرف فقه ابن بطّة في هذا القيام وأنّه يكرهه وثانيا أنّه يرتجل الشّعر فيقول له بداهة:
لاتلمني على القيام فحقّي حين تبدو أن لا أمل القيام
أنت من أكرم البريّة عندي ومن الحقّ أن أجلّ الكرام "
ابن بطّة كعامة العلماء لا يتقنون الشّعر ولا يتعاطون الشّعر حسبهم ما هم فيه من العلم ولذلك فهو لا يحسن الإجابة شعرا لكن صاحبه شاعر ومتفقّه على يد شيخه ابن بطّة فقال له ابن بطّة: أجبه عنّي على الوزن والقافية الّتي صدرت منه فقال له على الفور "
أنت إن كنت لا عدمتك ترى لي الحقّ وتظهر الإعظام
فلك الفضل في التّقدّم والعلم ولسنا نريد منك احتشاما
فاعفني الآن من قيامك هذا أوّلا فسأجزيك بالقيام القيام
وأنا كاره لذلك جدّا إنّ فيه تملّقا وآثاما
لاتكلّف أخاك أن يتلقّاك بما يستحلّ به الحرام
وإذا صحّت الضّمائر منّا اكتفينا من أن نتعب الأجسام
كلنا واثق بودّ أخيه ففيم انزعاجنا وعلاما "
هكذا كان العلماء سابقا يجمعون بين العلم وبين المهنة ولذلك فعار على طلاّب العلم أن يعيّروك بعملك الحرّ والعكس هو الصّواب
السائل : بارك الله فيك
الشيخ : وفيك وبمناسبة القيام أذكر نكتة كان لنا صديق رحمه الله في دمشق اسمه حمدي عبيد كان صاحب مكتبة كبيرة في دمشق اسمها المكتبة العربيّة الهاشمية
سائل آخر : وين مكانها في دمشق
الشيخ : الله يبعد عنّك الحريقة
سائل آخر : عند أبو أحمد
الشيخ : هذه منطقة اسمها عندنا في الشام الحريقة السبب الفرنسيين بزمن الثورة السوريّة ضربوها بالمدافع وحرقوها سمّيت بالحريقة وفيما بعد جدّد البنيان فيها ومشي الاسم عليها الشاهد هذا حمدي عبيد له إخوة الحمد لله استجاب لدعوة الحقّ الدّعوة السّلفيّة وأنا بطبيعة الحال كنت أتردّد على هذه المكتبة أوّل نشأتي العلميّة كنت في مهنتي وهذا المثال اللي نقدّمه لجماعتك هدول أنّه الشيخ ساعاتي وإلى الآن أنا أشتغل أشياء كثيرة وكثيرة جدّا في البيت ربّما قلّما أحتاج إنّه آتي بإنسان ما دمت أنا أستطيع أن أفعل ذلك .
سائل آخر : الله يعطيك العافية
الشيخ : أي نعم وعلى سبيل المثال وهذا صاحبنا يعيننا كثيرا فيما نحن في صدده لكن أظنّ ما عنده خبر أنّه المقعد اللي هنا كان بره هو في السّابق كان هنا لكن لمّا كان يعيقنا بسبب إنّه نأخذ كتاب بدو زحزحة بدّو قوّة فالشيخ ما بقى عنده القوّة هذه فأخرجناه من هنا ووضعناه هناك في الصّالون بعدين فكرت إنّه هذا المقعد أنا في حاجة له لأنّه حين يأتي ناس مثل أخواننا الآن لازم ننقل كراسي وهذا النّقل قد يتعبنا أو يتعب غيرنا إذن لازم نجمع بين جلب المصلحة ودفع المفاسد جلب المصلحة هذا المقعد لازم نرجعه لهون لكن هذا يسدّ الكتب التي وراء المقعد لازم بقى نركّب عجلات شوفوا بقى العجلات المركبة هذا تركيب الألباني طبعا أنا ما عندي خرّاطة ما عندي كذا فإنما أخطّط وأفصّل وهذا الأخ الله يجزيه خير دلّنا على حدّاد رحنا عنده قلنا له إفعل كذا قصّ كذا قياس سنت إلى آخره اشتريت العجلات وجئنا راسها نكبّ لهنا درر سقناها الآن إذا نريد ناخذ كتاب بدفعة بسيطة هكذا يمشي العجل هذا طالب العالم لازم ما يحتاج النّاس في أيّ شيء لو أمكن لكن ما لا يدرك لا يترك كلّه فأنا أوّل ما بدأت في طلب العلم كنت ساعاتي ما كان عندي مكتبة كنت أستغني عن الكتب التي أنا بحاجة إليها وأنا غير قادر عليها مادّيا بالمكتبة الظّاهريّة وأنتم تعرفون إقامتي هناك لكن هناك أحيانا بعض الكتب لا توجد في المكتبة الظّاهرية على سعتها فأتردّد على بعض المكاتب القديمة منها هذه المكتبة ومع التّردّد لا بدّ ما نقوم بواجب الدّعوة حمدي هذا استجاب للدّعوة السّلفيّة اتّباع الكتاب والسّنة وعرف أنّ هذا القيام يعني أقلّ ما يقال فيه أنه مكروه فالشاهد قصّ عليّ القصّة التّالية وهنا العبرة والنكتة يقول : دعينا إلى حفل كبير جلسنا وأجلسونا في الصّفوف الأولى يقول لسه ما جلسنا سرت شائعة الآن يأتي الأمير الفلاني الكراسي هكذا الباب الكبير هنا توجّهت الأبصار ودخل الأمير قمنا بقينا قائمين حتّى جلس الأمير .
الشيخ : جزاك الله خير بحسن ظنّك بأخيك لكنّي انا أشتهي أيضا أن أسمع رأيك وأن يستفيد الحاضرون من علمك وأظنّ أنّنا سنلتقي إن شاء الله على الفهم الصّحيح اطرح ما عندك ولا تبالي وأنت موفّق إن شاء الله
السائل : أفهم أنّ كما أنّ الإنسان العلم يعتبر نعمة على صاحبه إذا وفّقه للعمل الصالح و ابتغى به رضى الله عز وجلّ وكذلك المال إذا جمعه و ابتغى به أن ينفقه في سبيل الله فيكون جمعه للمال كما أنّه يطلب العلم هذا ما أفهمه أن يكون معي المال الّذي أنفقه في سبيل الله كما يكون معي العلم الصّالح الّذي أعلّمه للنّاس
الشيخ : صحيح
السائل : فما أدري يعني الإخوة بعض الإخوة قالوا لا طالب العلم يجب أن لا يجلس في مكان مثل الذي أنت جالس فيه وهذا لا يتناسب مع طالب العلم
الشيخ : عفوا لا ينبغي أن يجلس في مكان؟
السائل : الذي أنا جالس فيه مثلا في المكتبة أبيع للنّاس وأتحرك أنكروا عليّ ذلك
الشيخ : عجيب الله يعينك
السائل : فحبّيت وهذا شيء جديد في حياتي ما تعوّدت عليه لكن حبّيت طبعا الشيخ عبد العظيم قال لي ما دام طالع عند الشّيخ اليوم خلّيه يحكي لك في هذا الأمر
الشيخ : أظنّ أنّ جواب هذا السّؤال وبخاصّة بعد أن ألحقت الملحق هذا أنّهم يقولوا أنت جالس هنا المكتبة وأنت طالب علم فأخذته سلفا لمّا قلت لك نعم ما فعلت واضح
السائل : واضح
الشيخ : ولكن أنا أشرح الآن هؤلاء الإخوان يجب أن يؤكّد لهم الرّأي الصّحيح الّذي قلته لهم ببعض النّصوص الشّرعية وهي بلا شكّ في ظنّي لا تخفاك ثمّ بضرب بعض الأمثلة لبعض النّاس المبتلين بالشّهرة قديما وحديثا بين النّاس ولهم الصّيت الحسن عند الجماهير وربّما على العكس من ذلك عند الآخرين أمّا الحديث فقد جاء في مسند الإمام أحمد وغيره أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسل وراء عمر بن العاص فجاء إليه فقال: ( اذهب وألق عليك سلاحك فإنّي أريد أن أبعثك بعثا وأن تكسب مالا ) أو كما قال عليه السّلام قال: " يا رسول الله ما من أجل المال أسلمت ما من أجل المال أسلمت " فقال عليه الصلاة والسلام: ( يا عمرو نعمّا المال الصّالح للرجل الصّالح ) فإذا سعى طالب العلم لكسب المال بالطّرق المشروعة فإنّما يقوم أوّلا بأمر مشروع بل وبأمر واجب احيانا إذا كان غير مكفيّ بمال عنده بطريقة أو بأخرى لأنّ السّعي وراء الرّزق الحلال في عرف الشّرع الحكيم هو من الجهاد في سبيل الله كما جاء في مسند أحمد وغيره كصحيح ابن حبّان من حديث أبيّ بن كعب أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان جالسا وحوله أصحابه حينما مرّ بهم شابّ فأعجبهم شبابه و قوّته فقالوا: " لو كان هذا في سبيل الله " فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( إن كان هذا خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان يسعى على أطفال أو أولاد له فهو في سبيل الله) الحقيقة التي تكمن وراء ذاك الاعتراض الّذي نقلته عن بعض الطّلبة أنّهم ينحون منحى أولئك الّذين يفرّقون بين الدّين والدّولة يفرّقون بين الدّين و الدّنيا والله عزّ وجلّ قد جعل الدّنيا مزرعة للآخرة فكما قلت تماما المال وسيلة لطاعة الله عزّ وجلّ وسيلة وأيّما وسيلة ولا يخفى عن الحاضرين جميعا إن شاء الله حينما ائتمر الفقراء بينهم وتداولوا في حالهم وأرسلوا رسولا من طرفهم إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: " يا رسول الله ذهب أهل الدّثور بالأجور يصلّون كما نصلّي ويصومون كما نصوم ويحجّون كما نحجّ ويتصدّقون ولا نتصدّق " قال عليه السلام: ( أفلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من قبلكم ولم يدركم من بعدكم إلاّ من فعل مثلكم ) فطار الرسول إلى الفقراء فرحا مسرورا يبلغهم لهم قول النبيّ صلّى الله عليه واله وسلّم هذا وسرعان ما عاد الرسول رسول الفقراء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليقول:" يا رسول الله لقد بلغ الأغنياء ما قلت لنا ففعلوا مثل ما فعلنا " فقال عليه السلام: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) إذن المال فضل الله يؤتيه من يشاء ولكن لا يجوز لطالب العلم أن يتواكل على غيره وأن يضرب مثلا لذاك الّذي يروى أن عمر بن الخطّاب كان كلّما دخل المسجد وجده قائما يصلّي فقال له: " كلّما دخلت وجدتك ههنا ألا تسعى وراء الرّزق فقد علمتم أنّ السماء لا تمطر ذهبا ولا فضّة ". فلا ينبغي لطالب العلم أن يتواكل وأن يعتمد على غيره بل ينبغي أن يسعى بنفسه ليكون عائلا لغيره لا ليكون معولا من غيره وهنا يحسن أن نضرب مثلا بقصة تروى عن أحد ممّن يسمّون بالصّوفيّة الزهاد الّذين كان من عادتهم أنّهم يخرجون بزعمهم متوكّلين على الله ولكن بواقعهم متواكلين على الأغنياء كانوا يخرجون زهّادا يسافرون ويقطعون الفيافي والقفار بزعم هضم النّفس وتربيتها فزعموا أنّ أحدهم خرج ذات يوم وساح ما شاء الله حتّى أعياه التعب فصعد ربوة فأطلّ منها على خربة بيت مخرّب فرأى عجبا رأى هناك كلب أو كلبا أعمى مقعد وأسد ما بين آونة وأخرى يأتي يقدّم إلى هذا الكلب طعاما قطعة لحم مفترس مثلا من البريّة ويجي هذا الأسد يقدّم عظم اللحم لهذا الكلب هذا وياكل الكلب هذا الرجل فكّر قال في نفسه يؤيّد تصوّفه وزهده المزعوم وقال ما شاء الله ليش هدول الفقهاء يقولون لازم تتّخذ الأسباب وتوكّل على ربّ الأرباب هذا ربّنا عزّ وجلّ سخّر لهذا الكلب هذا من يطعمه ورزقكم في السماء وما توعدون قال فسمع هاتفا من داخله يقول له كن أسدا ولا تكن كلبا -يضحك- كذلك يحكون عن آخر أنّه خرج هكذا طوّافا حتّى كاد أن يموت عطشا وجوعا فوقع بصره على قرية من بعيد فنحى نحوها وكان يوم جمعة فبكّر بالدخول المسجد وانطوى على نفسه تحت المنبر متوكّلا على الله زعم يريد أن لا يلفت نظر أحد إليه لأنّه بذلك ينقض توكّله المزعوم وبدأ النّاس يجتمعون وخطب الخطيب بهم ونزل صلّى بالنّاس واللي سنّن سنن وبدأوا ينصرفوا ولمّا شعر الرّجل بأن المسجد يكاد لا يبقى فيه أحد وأنّه لم ينتبه له أحد ما وسعه إلاّ أن يتنحنح واحد ممّن كان حاضرا هناك إيش الصوت الغريب ما بقى في المسجد أحد بحثوا عنه إذ شافوه كالفرخ مسكين هزيلا عيان راح يموت من الجوع والعطش فأخرجوه وأغاثوه إلى آخره قالوا له من أنت يا رجل؟ قال: أنا متوكل على الله قالوا له: لو متوكّل على الله حقيقة ما تنحنحت -يضحك- فالشّاهد أنّ الإسلام جاء بخير الدّنيا والآخرة فمن الخير للمسلم أن يحقّق فيه قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( اليد العليا خير من اليد السّفلى ) واليد العليا هي المعطية وفي لهجة عربيّة هي المنطية عوض المعطية هي المنطية، واليد السفلى هي الآخذة بل أنا أؤكّد بخصوص هذا الزّمان أنّ طالب العلم يجب أن يكون في يده مهنة وصنعة وأن لا يسعى كما يفعل جماهير طلاّب العلم الآن وهذا يخلّ بإخلاصهم في طلبهم للعلم حينما يطلبون العلم وجمهورهم يقصد بذلك أن يتوظّف يصير مثلا إذا بالتعبير السوريإذا ضربها علاويّة يصير قاضي أو مفتيا إذا نزل هكذا قليلا يصير كاتب عند المفتي أو أو أخيرا أي موظّف في أيّ وظيفة من وظائف الدّولة هذا اتّكال على غير الله عزّ وجلّ وإخلال بقداسة العلم وإخلال بقداسة العلم وفضله الّذي يجب فيه على طالب العلم أن يكون مخلصا لربّه عزّ وجلّ لأنّ العلم من أعظم العبادات والله عزّ وجلّ يقول وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين فإذن طالب العلم إذا طلب العلم ولم يكن بيده مهنة ولا صنعة فمعنى ذلك أنّه يتوكّل على الوظيفة و الوظيفة كما قلنا في أوّل هذه الجلسة قيد في عنق طالب العلم ولذلك ستجدون أكثر الخطباء وأكثر المدرّسين ليسوا أحرارا في أفكارهم في كلامهم في وعظهم لأنّهم مقيّدون بالنّظام الّذي وضعه المسؤول الكبير والمسؤول الكبير في الأوقاف لا يستطيع أن يخرج في كلّ تصرّفاته عن القانون الموضوع في أيّ بلد من بلاد الإسلام ولذلك فما فعلت يا أبا إسلام هو الخير وعليك أن تنصح الآخرين وتلحّ في النّصيحة عليهم أن يجمعوا بين العلم وبين المهنة هذا ما يتعلّق بالنّصوص الّتي ألمحت إليها في المقدّمة أمّا النّماذج قديما وحديثا فما من إمام من أئمّة المسلمين الّذين يضرب بهم المثل وإلاّ وكان له مهنة كان له مهنة كان له عمل أبو حنيفة يقولوا أنّه مثلا بزّاز قمّاش الشافعي والله نسيت إيش كان مهنته لعلّ بعضكم يتذكّر ذلك وهكذا كل الأئمّة السابقين ما كانوا ما يعتمدون على الدّولة لأنّه إذا اعتمدوا على الدّولة معناه وضعوا القيد في أعناقهم فكانوا أحرارا ولذلك كانت لهم الجرأة ويتكلّمون بكلمة الحقّ لا تأخذهم في الله لومة لائم ويعجبني بهذه المناسبة لأنّ فيه شاهدا لما أقول - وعليكم السلام ورحمة الله - أحد علماء الحنابلة المعروف بأبي عبد الله بن بطّة يروى عنه أنّه كان يرى تحريم القيام المعتاد بين النّاس يعني دخل رجل قام له الجالسون خاصّة إذا كان من أهل العلم والفضل والسن كان يرى أنّ هذا القيام لا يجوز فخرج ذات يوم إلى السّوق فمرّ برجل عالم جالس في محلّه هنا الشّاهد فلمّا رآه العالم رأى ابن بطّة أبا عبد الله قام له إجلالا وتعظيما في دكّانه هذا الشاهد وممّا يدلّ على علمه أنّه أوّلا يعرف فقه ابن بطّة في هذا القيام وأنّه يكرهه وثانيا أنّه يرتجل الشّعر فيقول له بداهة:
لاتلمني على القيام فحقّي حين تبدو أن لا أمل القيام
أنت من أكرم البريّة عندي ومن الحقّ أن أجلّ الكرام "
ابن بطّة كعامة العلماء لا يتقنون الشّعر ولا يتعاطون الشّعر حسبهم ما هم فيه من العلم ولذلك فهو لا يحسن الإجابة شعرا لكن صاحبه شاعر ومتفقّه على يد شيخه ابن بطّة فقال له ابن بطّة: أجبه عنّي على الوزن والقافية الّتي صدرت منه فقال له على الفور "
أنت إن كنت لا عدمتك ترى لي الحقّ وتظهر الإعظام
فلك الفضل في التّقدّم والعلم ولسنا نريد منك احتشاما
فاعفني الآن من قيامك هذا أوّلا فسأجزيك بالقيام القيام
وأنا كاره لذلك جدّا إنّ فيه تملّقا وآثاما
لاتكلّف أخاك أن يتلقّاك بما يستحلّ به الحرام
وإذا صحّت الضّمائر منّا اكتفينا من أن نتعب الأجسام
كلنا واثق بودّ أخيه ففيم انزعاجنا وعلاما "
هكذا كان العلماء سابقا يجمعون بين العلم وبين المهنة ولذلك فعار على طلاّب العلم أن يعيّروك بعملك الحرّ والعكس هو الصّواب
السائل : بارك الله فيك
الشيخ : وفيك وبمناسبة القيام أذكر نكتة كان لنا صديق رحمه الله في دمشق اسمه حمدي عبيد كان صاحب مكتبة كبيرة في دمشق اسمها المكتبة العربيّة الهاشمية
سائل آخر : وين مكانها في دمشق
الشيخ : الله يبعد عنّك الحريقة
سائل آخر : عند أبو أحمد
الشيخ : هذه منطقة اسمها عندنا في الشام الحريقة السبب الفرنسيين بزمن الثورة السوريّة ضربوها بالمدافع وحرقوها سمّيت بالحريقة وفيما بعد جدّد البنيان فيها ومشي الاسم عليها الشاهد هذا حمدي عبيد له إخوة الحمد لله استجاب لدعوة الحقّ الدّعوة السّلفيّة وأنا بطبيعة الحال كنت أتردّد على هذه المكتبة أوّل نشأتي العلميّة كنت في مهنتي وهذا المثال اللي نقدّمه لجماعتك هدول أنّه الشيخ ساعاتي وإلى الآن أنا أشتغل أشياء كثيرة وكثيرة جدّا في البيت ربّما قلّما أحتاج إنّه آتي بإنسان ما دمت أنا أستطيع أن أفعل ذلك .
سائل آخر : الله يعطيك العافية
الشيخ : أي نعم وعلى سبيل المثال وهذا صاحبنا يعيننا كثيرا فيما نحن في صدده لكن أظنّ ما عنده خبر أنّه المقعد اللي هنا كان بره هو في السّابق كان هنا لكن لمّا كان يعيقنا بسبب إنّه نأخذ كتاب بدو زحزحة بدّو قوّة فالشيخ ما بقى عنده القوّة هذه فأخرجناه من هنا ووضعناه هناك في الصّالون بعدين فكرت إنّه هذا المقعد أنا في حاجة له لأنّه حين يأتي ناس مثل أخواننا الآن لازم ننقل كراسي وهذا النّقل قد يتعبنا أو يتعب غيرنا إذن لازم نجمع بين جلب المصلحة ودفع المفاسد جلب المصلحة هذا المقعد لازم نرجعه لهون لكن هذا يسدّ الكتب التي وراء المقعد لازم بقى نركّب عجلات شوفوا بقى العجلات المركبة هذا تركيب الألباني طبعا أنا ما عندي خرّاطة ما عندي كذا فإنما أخطّط وأفصّل وهذا الأخ الله يجزيه خير دلّنا على حدّاد رحنا عنده قلنا له إفعل كذا قصّ كذا قياس سنت إلى آخره اشتريت العجلات وجئنا راسها نكبّ لهنا درر سقناها الآن إذا نريد ناخذ كتاب بدفعة بسيطة هكذا يمشي العجل هذا طالب العالم لازم ما يحتاج النّاس في أيّ شيء لو أمكن لكن ما لا يدرك لا يترك كلّه فأنا أوّل ما بدأت في طلب العلم كنت ساعاتي ما كان عندي مكتبة كنت أستغني عن الكتب التي أنا بحاجة إليها وأنا غير قادر عليها مادّيا بالمكتبة الظّاهريّة وأنتم تعرفون إقامتي هناك لكن هناك أحيانا بعض الكتب لا توجد في المكتبة الظّاهرية على سعتها فأتردّد على بعض المكاتب القديمة منها هذه المكتبة ومع التّردّد لا بدّ ما نقوم بواجب الدّعوة حمدي هذا استجاب للدّعوة السّلفيّة اتّباع الكتاب والسّنة وعرف أنّ هذا القيام يعني أقلّ ما يقال فيه أنه مكروه فالشاهد قصّ عليّ القصّة التّالية وهنا العبرة والنكتة يقول : دعينا إلى حفل كبير جلسنا وأجلسونا في الصّفوف الأولى يقول لسه ما جلسنا سرت شائعة الآن يأتي الأمير الفلاني الكراسي هكذا الباب الكبير هنا توجّهت الأبصار ودخل الأمير قمنا بقينا قائمين حتّى جلس الأمير .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 347
- توقيت الفهرسة : 00:40:07
- نسخة مدققة إملائيًّا