رجل طلب العلم لوجه الله ثم وُظف إماماً أو خطيباً فهل يضره هذا .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
رجل طلب العلم لوجه الله ثم وُظف إماماً أو خطيباً فهل يضره هذا .؟
A-
A=
A+
الشيخ : والنقطة الأخرى وهي تشمل أو تتوجه إلى كل المسلمين بعامة ، وهي أنه يجب عليهم جميعا أن يكون رجوعهم إلى الدين وإلى العمل به خالصا لوجه الله الكريم ؛ لأن الدين لا يكون دينا إلا إذا كان خالصا كما في الآية الكريمة : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) ونحن نعلم أنه قد اقترن مع هذه الصحوة يقظة أخرى غير العمل بالإسلام وإنما العلم والمعرفة بالإسلام ؛ ولكن هناك شيء يجب معالجته لأن الرغبة في فهم الإسلام وتعلمه قد اقترن في عصرنا الحاضر شيء يبطل ثمرة هذه الرغبة وفائدتها ، ذلك لعدم اقتران الإخلاص بها ؛ فطلب العلم إذا لم يقترن معه أمران اثنان أحدهما ما أشرنا إليه آنفا أن العلم من الدين ، والدين يجب أن يكون خالصا لرب العالمين ؛ فإذا طلب الطالب العلم لا يبتغي به وجه الله تبارك وتعالى فيكون الجاهل بذاك العلم أقل شرا من هذا الطالب للعلم كما جاء عن بعض الصحابة " ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات " ذلك لأن الجاهل قد يمكن أن يبتغى له عذر في مخالفته للشرع ؛ أما العالم فهو لا يجد له وسيلة ولا يجد له عذرا في مخالفته لما علمه من دينه ؛ لذلك قال ذاك الصحابي الجليل " ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات " فإذن ننصح لطلاب العلم أن يبتغوا من وراء طلبه وجه الله تبارك وتعالى ، لا يبتغون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا ، لا يبتغون من وراء ذلك وظائف ولا معاشا ولا رواتب ولا أي شيء ، وإلا فإن ابتغوا العلم من أجل شيء من حطام الدنيا كان كما أشرت آنفا وبالا على صاحبه ؛ ولاشك أن من ما يدخل في طلب العلم لغير وجه الله أن يكون موظفا ولو أن يكون خطيبا ولو أن يكون إماما ولو ولو أي وظيفة من الوظائف الشرعية إذا طلب العلم لأجل هذا التوظف فيكون قد حبط عمله وخسر أجره عند الله تبارك وتعالى ؛ ولذلك ولا أريد أن أطيل خشية أن يضيع علينا الوقت أو عليكم بالأحرى لذلك ننصح إخواننا الحاضرين على شرط أن يبلغ السامع الغائب أن يطلبوا العلم النافع قبل كل شيء وهو الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، وأن يبتغوا بطلبه وجه الله تبارك وتعالى ولا يبتغوا به شيئا من حطام الدنيا ، ثم بعد ذلك أنا أبشركم أبشرهم بأن ما سيأتيهم من وراء ذلك من الدنيا رغم أنفها خير مما قد يأتيهم إذا طلبوها بعلمهم وبآخرتهم ، لعل في هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين . سليمان يرفع اصبعه

السائل : يا شيخ إذا كان الإنسان يطلب العلم قبل مثلا ما يصير إماما وقبل ما يصير خطيبا ويبتغي بذلك العلم لوجه الله ، أينعم ؟

الشيخ : ما تم السؤال وإن كان مفهوما .

السائل : يعني إذا كان يطلب العلم قبل أن يصير إماما أو قبل أن يصير خطيبا ، فهذا الإنسان ينطبق عليه الكلام الذي تحدثت به ؟

الشيخ : هو بارك الله فيك إنما الأعمال بالنيات ، سواء طلب العلم قبل ذلك أو في أثناء ذلك أو بعد ذلك المهم أن يطلب العلم لوجه الله يعني هو طلب العلم قبل أن يوظف ومات قبل أن يوظف ومات ولم يوظف هل معنى ذلك أنه كان لوجه الله ؟ هل لمجرد أنه لم يوظف معنى ذلك أنه كان طلبه للعلم لوجه الله ؟ طبعا لا ؛ فإذن ليس المسألة لطلب العلم ليس لها علاقة بما قبل الوظيفة أو بعدها وإنما علاقتها في أثناء طلب العلم ماذا أراد بذلك ، ماذا أراد بذلك ؛ لأننا نحن قلنا كما قال ربنا عز وجل : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) وكما قلنا إن العلم من الدين ( ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) فإذا كان الأمر كذلك فليس فقط الوظيفة وطلبها بالعلم هي التي تخدش في نية هذا الطالب بل هناك أشياء وأشياء كثيرة ، فهو مثلا يطلب العلم ليباري به العلماء ، ذهب هباء منثورا ، يطلب العلم ليتصدر المجالس ، ذهب علمه سدى ؛ يطلب العلم ليقال ما شاء الله فلان ما مثله عالم ؛ ولهذا جاء ذاك الحديث الرهيب في صحيح مسلم أن أبا هريرة رضي الله عنه كان في مجلس لمعاوية بن أبي سفيان في عهد خلافته فكان قد بلغ معاوية أو غيره حديث حدث أبو هريرة مرة فطلبوا منه أن يلقيه على الحاضرين في مجلس معاوية ، فاستجمع فكره ولبه وقلبه ليحدثهم بذاك الحديث الرهيب ولرهبته ما استطاع أن ينطق بالحديث فورا لأنه غلبه رهبة الحديث وغلبه البكاء ، ثم ملك نفسه فتهيأ للتحدث بالحديث وما استطاع إلا في المرة الثالثة ، أخيرا استطاع رضي الله عنه أن يجمع نفسه فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أول من تسعر بهم النار يوم القيمة ثلاثة : عالم ، ومجاهد ، وغني ؛ قال عليه السلام يؤتى بالعالم يوم القيامة فيقال له ماذا عملت بما عملت ؟ فيقول يا رب نشرته في سبيلك ) هنا الشاهد ( فيقال له كذبت إنما علمت ليقول الناس فلان عالم ) إذا هذا ما طالب وظيفة ، فالقضية مش محصورة بأنه طلب العلم ليكون إماما خطيبا مفتيا قاضيا إلى آخره ؛ المهم أن يكون قاصدا به وجه الله تبارك وتعالى وإلا فالصوارف عن الإخلاص في العبادة كثيرة وعديدة جدا جدا ، ومن ذلك ما جاء ذكره في هذا الحديث ( إنما علمت ليقول الناس فلان عالم وقد قيل خذوا به إلى النار ) والعياذ بالله ؛ العالم الذي حقه كما قال الله عزوجل : (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) حقه أن يكون الدرجات العاليات من الجنان ولكن هذا ألقي في النار ، لماذا ؟ لأنه ما أخلص لله عز وجل في تعلمه للعلم وتعليمه إياه للناس ؛ أما لماذا ؟ ما هي الغاية الدنيوية ؟ فهي كثيرة وكثيرة جدا ، جاء ذكر إحداها في هذا الحديث ربنا عزوجل يقول لهذا العالم يوم القيامة الذي ابتغيته من وراء نشرك للعلم قد حصلته أي قال الناس ما شاء الله فلان عالم ، ولذلك أحيانا أقول أحيانا وأرجو أن تتنبهوا ، أحيانا يعجبني بعض الأحاديث الموضوعة ، لماذا ؟لأنها تصدق أحيانا في بعض الناس من تلك الأحاديث ما يقال أنه: ( من توضأ ولم يصل فقد جفاني ومن صلى ولم يدعني فقد جفاني ومن دعاني ولم أجبه فقد جفاني ، ومن طلب العلم ) ، وما أدري بقول ( بغير إخلاص ) ، بالأخير يقول: ( والمخلصون على خطر ، والمخلصون على خطر ) ، الحقيقة أن المخلصين على خطر لم ؟ لأن المفتنات إذا صح التعبير بالنسبة لهذا العالم والمغريات كثيرة وكثيرة جدا يكفي فقط أن نتصوره طالبا للعلم لله أولا ، ثم ناشرا للعلم لله -يرحمك لله- ؛ فأنا أريد الآن أن أقتبس من ذاك الحديث الموضوع لأنه كلام عربي وهذا الناشر للعلم لله على خطر لماذا ؟ لأنه يشار إليه بالبنان ، فإذا أشير إليه بالبنان هنا بقى الخوف أن تزل به القدم إلا من عصم الله وقليل ما هم ، ولذلك من الواجب المؤكد جدا جدا على كل مشتغل بطلب العلم ونشره أن يكون وضعه النفسي كما يقال في بعض البلاد السورية كالذي يمشي على بيض ، الذي يريد يمشي على بيض كيف يريد يمشي ؟

السائل : كمن يمشي برجل واحدة .

الشيخ : آه ، يخشى أن تزل به القدم فهو على خطر فعلا فما بالك من يبتدئ بطلب العلم ليس للعلم ، ما بالك من ينشر العلم ليس ، وأسترجع كلمتي للعلم وأضع بديلها لله ؛ لأن العلم للعلم تعبير أجنبي لأنه ليس عندهم شيء يبتغونه لوجه الله وإنما للعلم ، فهذه زلة لسان نسحبها ونسترجعها ونقول بديلها لله ؛ فالذي يطلب العلم لله وينشره لله فهو على خطر لأنه سيشار إليه بالبنان وقد جاء في بعض الأحاديث ما يشعر بهذه الخطورة ، ما أدري الآن في أحد منكم يذكرنا بحديث فيه معنى الحديث أنه مغمور لا يشار إليه بالأصابع ، هل تذكرون هيك حديث ؟

السائل : في حديث إن الله يحب العبد الخفي .

الشيخ : هذا صحيح ؛ لكن ما أظن هذا فيه يشار إليه بالبنان ( الخفي التقي النقي ) نعم ؛ لكن في حديث الحقيقة رهيب يشار إليه بالأصابع ؛ فالشاهد أظن أنت أخذت جواب سؤالك ؟

السائل : نعم نعم ، لكن في تتمة للسؤال .

الشيخ : تفضل .

مواضيع متعلقة