شرح حديث أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتِيَ بالزَّهْوِ قال : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، وَمُدِّنَا ، وَصَاعِنَا ؛ بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ويسوق في ذلك حديثًا بإسناده الصحيح عن أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا أُتِيَ بالزَّهْوِ - نوع من التمر في أوائل النضج - قال الرسول - عليه السلام - : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، وَمُدِّنَا ، وَصَاعِنَا ؛ بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ ) ، ثم ناوَلَه أصغر مَن يليه من الولدان ؛ فهذا أدب من الآداب النبوية التي قَلَّ من يعرفها ، وأقل من ذلك مَن يعملها ، أول ما تحضر الفاكهة الجديدة تُقدَّم للطفل الصغير ، هكذا السنة ، هكذا كان الرسول - عليه السلام - يفعل حينما تأتيه هذه الفاكهة يدعو للمدينة بالخير أوَّلًا ، يقول : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ) ، المدينة التي من أسمائها " طَيْبة " .
وبهذه المناسبة أذكِّر بأن كثيرًا من الكُتَّاب الإسلاميين يسمُّونها بـ " يثرب " ، وهذه تسمية جاهلية لا ينبغي للمسلم أن يتابع بل يُشايع الجاهليين فيها ، فهو إما أن يسمِّيَها باسمها المشهور " المدينة " ، والأفضل أن يسمِّيَها " طَيْبة " ؛ لأن الله سمَّاها كذلك على لسان محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ فإذًا إما أن نقول : طَيْبة ، وإما أن نقول : المدينة ، أما يثرب فهذا من أسماء الجاهلية . ومن المؤسف أن الشَّيخ " محمد الغزالي " في كتابه " فقه السيرة " يُكثر من استعمال هذا الاسم للمدينة يثرب ، ولما كنت خرَّجت أحاديثه نبَّهته على هذه القضية .
فههنا جاء الحديث على الاسم المشهور ، كان - عليه الصلاة والسلام - إذا أتي بالزَّهو ، الزهو هو البُسْر من التمر ، والبُسْر هو أول بدء نضج التمر ، يكون عادةً التمر حينما يكون مثل الحصرم بالنسبة للعنب أخضر ، ثم يبدأ يصفر يصفر أو يحمرّ على حسب لونه ، أجناس هو ، فبدء اصفراره واحمراره معناها بدء تسرب الحلاوة إليه ، ولكن لا تزال فيه المادة العطفية شديدة العطف ، فلا يُؤكل إلا حينما يبدأ يشتدُّ احمراره من ذنبه من أسفل ، فبنشوف نحن في المدينة في كثير من السفرات البُسْر كل بدن التمرة قاسي وبادي إما يصفر أو يحمر ، أما من أسفل محمر بزيادة وطريان ، هذا هو البُسْر ، وهذا كله كناية عن أن هذا التَّمر أول بدء نضجه ، فكان - عليه الصلاة والسلام - إذا جاءه هذا الزَّهو ، اسمه البُسْر واسمه الزَّهو ؛ دعا لأهل المدينة فقال : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، وَمُدِّنَا ، وَصَاعِنَا ) ، حيث كانوا ولا يزالون يستعملون المدَّ والصاع في الكيل ، وقَلَّما يستعملون الميزان في الحَبِّ ، القمح والشعير .
ويقول في هذا الحديث ( بركة مع بركة ) ، في بعض الأحاديث : ( بركتين ) ، وقد دعا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - بمكة ، وذكر الرسول - عليه السلام - فقال : ( اللهم إن إبراهيم دعا لمكة فقال : اللهم بارك لها ، وأنا أقول : اللهم بارك لنا في مدينتنا في مدِّنا وصاعنا ، البركة بركتين ) ، ثم يناول هذا الفاكهة الجديدة إلى أصغر مَن كان أقرب إليه من الصبيان جلوسًا .
هذا الحديث التفصيل أو كثير من التفصيل لحديث مضى ، وبوَّب له بابًا جديدًا فقال في الباب الذي يلي الباب السابق : " باب رحمة الصغير " ، وذكر الحديث المتقدِّم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ليس منَّا مَن لم يرحَمْ صغيرَنا ويعرف حقَّ كبيرنا ) ، تذكروا أظن أن هذا الحديث كان تقدَّم معنا ، فالآن كترجمة عملية لجملة : ( ليس منَّا مَن لم يرحَمْ صغيرنا ) ؛ من جملة الرحمة للصغير أنُّو هالفاكهة الجديدة تُقدَّم إلى الطفل الصغير قبل الكبير ؛ لأن الطفل الصغير يبقى تائق إلى الشيء الجديد أكثر ممَّن هو أكبر منه ، فهذا من جملة رحمة الصغير .
نعم .
السائلة : ... .
الشيخ : لا ، هذا خلاف السنة ، السكر شيء موفور وكثير ، السنة الشيء طريف وجديد ؛ هاللي ما هو معروف إلا بالسنة شهر شهرين ستة أشهر بالكثير ، أما التوزيع المُعتاد فهذا لعله مضى أو يأتي ما أدري ، فيه أحاديث صريحة : ( الأيمن فالأيمن ) ؛ ما فيه هنا تنظيم ولا في ترتيب ، إنما هذا الأدب السابق في الفاكهة الجديدة .
والشاهد أن هذا الباب الثاني هو كأنه يُلمِح ويُشير إلى أن ذاك الأدب بالبدء بإعطاء الفاكهة الجديدة للصغير هو من جملة ما يدخل في رحمة الصغير الذي حَضَّ عليها الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث : ( ليس منَّا مَن لم يرحَمْ صغيرنا ويعرف حقَّ كبيرنا ) .
وبهذه المناسبة أذكِّر بأن كثيرًا من الكُتَّاب الإسلاميين يسمُّونها بـ " يثرب " ، وهذه تسمية جاهلية لا ينبغي للمسلم أن يتابع بل يُشايع الجاهليين فيها ، فهو إما أن يسمِّيَها باسمها المشهور " المدينة " ، والأفضل أن يسمِّيَها " طَيْبة " ؛ لأن الله سمَّاها كذلك على لسان محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ فإذًا إما أن نقول : طَيْبة ، وإما أن نقول : المدينة ، أما يثرب فهذا من أسماء الجاهلية . ومن المؤسف أن الشَّيخ " محمد الغزالي " في كتابه " فقه السيرة " يُكثر من استعمال هذا الاسم للمدينة يثرب ، ولما كنت خرَّجت أحاديثه نبَّهته على هذه القضية .
فههنا جاء الحديث على الاسم المشهور ، كان - عليه الصلاة والسلام - إذا أتي بالزَّهو ، الزهو هو البُسْر من التمر ، والبُسْر هو أول بدء نضج التمر ، يكون عادةً التمر حينما يكون مثل الحصرم بالنسبة للعنب أخضر ، ثم يبدأ يصفر يصفر أو يحمرّ على حسب لونه ، أجناس هو ، فبدء اصفراره واحمراره معناها بدء تسرب الحلاوة إليه ، ولكن لا تزال فيه المادة العطفية شديدة العطف ، فلا يُؤكل إلا حينما يبدأ يشتدُّ احمراره من ذنبه من أسفل ، فبنشوف نحن في المدينة في كثير من السفرات البُسْر كل بدن التمرة قاسي وبادي إما يصفر أو يحمر ، أما من أسفل محمر بزيادة وطريان ، هذا هو البُسْر ، وهذا كله كناية عن أن هذا التَّمر أول بدء نضجه ، فكان - عليه الصلاة والسلام - إذا جاءه هذا الزَّهو ، اسمه البُسْر واسمه الزَّهو ؛ دعا لأهل المدينة فقال : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، وَمُدِّنَا ، وَصَاعِنَا ) ، حيث كانوا ولا يزالون يستعملون المدَّ والصاع في الكيل ، وقَلَّما يستعملون الميزان في الحَبِّ ، القمح والشعير .
ويقول في هذا الحديث ( بركة مع بركة ) ، في بعض الأحاديث : ( بركتين ) ، وقد دعا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - بمكة ، وذكر الرسول - عليه السلام - فقال : ( اللهم إن إبراهيم دعا لمكة فقال : اللهم بارك لها ، وأنا أقول : اللهم بارك لنا في مدينتنا في مدِّنا وصاعنا ، البركة بركتين ) ، ثم يناول هذا الفاكهة الجديدة إلى أصغر مَن كان أقرب إليه من الصبيان جلوسًا .
هذا الحديث التفصيل أو كثير من التفصيل لحديث مضى ، وبوَّب له بابًا جديدًا فقال في الباب الذي يلي الباب السابق : " باب رحمة الصغير " ، وذكر الحديث المتقدِّم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ليس منَّا مَن لم يرحَمْ صغيرَنا ويعرف حقَّ كبيرنا ) ، تذكروا أظن أن هذا الحديث كان تقدَّم معنا ، فالآن كترجمة عملية لجملة : ( ليس منَّا مَن لم يرحَمْ صغيرنا ) ؛ من جملة الرحمة للصغير أنُّو هالفاكهة الجديدة تُقدَّم إلى الطفل الصغير قبل الكبير ؛ لأن الطفل الصغير يبقى تائق إلى الشيء الجديد أكثر ممَّن هو أكبر منه ، فهذا من جملة رحمة الصغير .
نعم .
السائلة : ... .
الشيخ : لا ، هذا خلاف السنة ، السكر شيء موفور وكثير ، السنة الشيء طريف وجديد ؛ هاللي ما هو معروف إلا بالسنة شهر شهرين ستة أشهر بالكثير ، أما التوزيع المُعتاد فهذا لعله مضى أو يأتي ما أدري ، فيه أحاديث صريحة : ( الأيمن فالأيمن ) ؛ ما فيه هنا تنظيم ولا في ترتيب ، إنما هذا الأدب السابق في الفاكهة الجديدة .
والشاهد أن هذا الباب الثاني هو كأنه يُلمِح ويُشير إلى أن ذاك الأدب بالبدء بإعطاء الفاكهة الجديدة للصغير هو من جملة ما يدخل في رحمة الصغير الذي حَضَّ عليها الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث : ( ليس منَّا مَن لم يرحَمْ صغيرنا ويعرف حقَّ كبيرنا ) .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 232
- توقيت الفهرسة : 00:37:30
- نسخة مدققة إملائيًّا