شرح أثر محمد بن سيرين قال : " كنا عند أبي هريرة - رضي الله عنه - وعليه ثَوْبَان مُمَشَّقانِ من كتَّانٍ ، فَمَخَطَ في أحدهما ، ثم قال : بخٍ بخٍ - يمتخطُ أبو هريرة في الكتان - .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث التالي وهو صحيح - أيضًا - قال : وعن محمد بن سيرين قال : كنَّا عند أبي هريرة - رضي الله عنه - وعليه ثوبان ممشَّقان من كتَّان ، فمخط في أحدهما ، ثم قال : بخْ بخْ - يمتخط أبو هريرة في الكتَّان - لقد رأيتني وإني َلأَخَرُّ فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحجرة عائشة من الجوع مغشيًّا عليَّ ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يُرى أن بي الجنون ، وما هو إلا الجوع . رواه البخاري والترمذي وصححه .
المِشق بكسر الميم المَغْرة ، وثوب ممشَّق مصبوغ بها ، والمَغْرَة هذا من العجائب التي نسمعها هو الطين الأحمر ، فكانوا يصبغون ثيابهم بالطين الأحمر نوع من المهنة يومئذٍ ، ويبدو أن هذا اللون جميل ؛ ولذلك يقول أبو هريرة : إيه بخٍ بخٍ يمتخط أبو هريرة في الكتَّان .
رُئِيَ أبو هريرة وعليه ثوبان ممشَّقان يعني مصبوغان بلون أحمر من كتَّان ، فمخط في أحدهما ، ثم قال : بَخْ بَخْ يمتخط أبو هريرة في الكتَّان . كناية أن أبا هريرة تغيَّرت أحواله المادية عمَّا كان عليه في عهد النبوة والرسالة ؛ حيث أنه صار أميرًا وصار واليًا في بعض الأماكن ، وكثرت الفتوحات الإسلامية التي كانت سببًا ليكثر الخير الوارد بسبب هذه الفتوحات إلى المسلمين خاصَّة الولاة منهم ، فكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وسائر الخلفاء يعطون الوالي من الراتب أكثر مما يأخذه أيُّ فرد سواه ، فأبو هريرة رُئِيَ وعليه ثوبان من كتَّان مصبوغين بالحُمرة ، ثم جاء له بصاق فتمخَّط في أحد ثوبيه ، ثم تذكَّر كيف كانت حالته في عهد النبي - عليه السلام - فقال مبشِّرًا نفسه يقول : بَخْ بَخْ متعجِّبًا من حاله السابق وحاله الحالية ، قال : يمتخط أبو هريرة في الكتَّان ، يصف كيف كان بعد أن ذكر ما عليه صار : لقد رأيتُني وإني لَأَخِرُّ فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحجرة عائشة من الجوع مغشيًّا عليَّ . ليس هناك ما يجد من الطعام ما يسد به جوعه . فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يُرى يظن أن بي الجنون وما هو إلا الجوع .
هذا الحديث ليس فيه شيء جديد إلا ناحية واحدة تخطر في بالي ؛ وهي أن المسلم إذا انصرف بهمَّتِه إلى الدين عن الدنيا فالله - عز وجل - يُرسل الدنيا إليه وهي صاغرة ، ومن هنا من مثل هذا الحديث أخذ بعضُ السلف فقال : " إن كنتَ تريد الآخرة فعليك بالعلم ، وإن كنت تريد الدنيا فعليك بالعلم " . طبعًا هو لا يعني أن يتَّخذ أحدنا العلم مهنةً يعتاش بها ، فهذا كما نعلم جميعًا لا يجوز في الإسلام ؛ لأنَّ العلم عبادة ، وكل عبادة يتعبَّد المسلم بها ربَّه لا تكون هذه العبادة عبادة مقبولة إلا إذا أخلص لله - عز وجل - فيها كما قال الله - عز وجل - : (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) .
(( وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) أي : لا يطلب بأيِّ عبادة من عبادة ربه إلا وجه الله - تبارك وتعالى - ، وهذا بحث طويل قد كنَّا تعرَّضنا له مرارًا ؛ لا سيما في أول كتابنا هذا " الترغيب والترهيب " الباب الخاص للإخلاص لله - عز وجل - ، وإنما يعني ذلك القائل : " ومَن أراد الدنيا فعليه بالعلم " أن العلم باعتباره باعتبار كونه علمًا فهو سبب لكلِّ خير عاجل أو آجل .
وخلاصة القول : أن المسلم إذا طلب العلم لوجه الله - تبارك وتعالى - فالله - عز وجل - يُجازيه على ذلك في الدنيا قبل الآخرة ؛ لأنه طلب الخير إرضاءً لله - عز وجل - ، فالله - عز وجل - يرضيه بأن يعطيه من الدنيا ما يُغنيه عن الناس ، أما في الآخرة فكما قال - تعالى - : (( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى )) .
المِشق بكسر الميم المَغْرة ، وثوب ممشَّق مصبوغ بها ، والمَغْرَة هذا من العجائب التي نسمعها هو الطين الأحمر ، فكانوا يصبغون ثيابهم بالطين الأحمر نوع من المهنة يومئذٍ ، ويبدو أن هذا اللون جميل ؛ ولذلك يقول أبو هريرة : إيه بخٍ بخٍ يمتخط أبو هريرة في الكتَّان .
رُئِيَ أبو هريرة وعليه ثوبان ممشَّقان يعني مصبوغان بلون أحمر من كتَّان ، فمخط في أحدهما ، ثم قال : بَخْ بَخْ يمتخط أبو هريرة في الكتَّان . كناية أن أبا هريرة تغيَّرت أحواله المادية عمَّا كان عليه في عهد النبوة والرسالة ؛ حيث أنه صار أميرًا وصار واليًا في بعض الأماكن ، وكثرت الفتوحات الإسلامية التي كانت سببًا ليكثر الخير الوارد بسبب هذه الفتوحات إلى المسلمين خاصَّة الولاة منهم ، فكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وسائر الخلفاء يعطون الوالي من الراتب أكثر مما يأخذه أيُّ فرد سواه ، فأبو هريرة رُئِيَ وعليه ثوبان من كتَّان مصبوغين بالحُمرة ، ثم جاء له بصاق فتمخَّط في أحد ثوبيه ، ثم تذكَّر كيف كانت حالته في عهد النبي - عليه السلام - فقال مبشِّرًا نفسه يقول : بَخْ بَخْ متعجِّبًا من حاله السابق وحاله الحالية ، قال : يمتخط أبو هريرة في الكتَّان ، يصف كيف كان بعد أن ذكر ما عليه صار : لقد رأيتُني وإني لَأَخِرُّ فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحجرة عائشة من الجوع مغشيًّا عليَّ . ليس هناك ما يجد من الطعام ما يسد به جوعه . فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يُرى يظن أن بي الجنون وما هو إلا الجوع .
هذا الحديث ليس فيه شيء جديد إلا ناحية واحدة تخطر في بالي ؛ وهي أن المسلم إذا انصرف بهمَّتِه إلى الدين عن الدنيا فالله - عز وجل - يُرسل الدنيا إليه وهي صاغرة ، ومن هنا من مثل هذا الحديث أخذ بعضُ السلف فقال : " إن كنتَ تريد الآخرة فعليك بالعلم ، وإن كنت تريد الدنيا فعليك بالعلم " . طبعًا هو لا يعني أن يتَّخذ أحدنا العلم مهنةً يعتاش بها ، فهذا كما نعلم جميعًا لا يجوز في الإسلام ؛ لأنَّ العلم عبادة ، وكل عبادة يتعبَّد المسلم بها ربَّه لا تكون هذه العبادة عبادة مقبولة إلا إذا أخلص لله - عز وجل - فيها كما قال الله - عز وجل - : (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) .
(( وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) أي : لا يطلب بأيِّ عبادة من عبادة ربه إلا وجه الله - تبارك وتعالى - ، وهذا بحث طويل قد كنَّا تعرَّضنا له مرارًا ؛ لا سيما في أول كتابنا هذا " الترغيب والترهيب " الباب الخاص للإخلاص لله - عز وجل - ، وإنما يعني ذلك القائل : " ومَن أراد الدنيا فعليه بالعلم " أن العلم باعتباره باعتبار كونه علمًا فهو سبب لكلِّ خير عاجل أو آجل .
وخلاصة القول : أن المسلم إذا طلب العلم لوجه الله - تبارك وتعالى - فالله - عز وجل - يُجازيه على ذلك في الدنيا قبل الآخرة ؛ لأنه طلب الخير إرضاءً لله - عز وجل - ، فالله - عز وجل - يرضيه بأن يعطيه من الدنيا ما يُغنيه عن الناس ، أما في الآخرة فكما قال - تعالى - : (( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى )) .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 188
- توقيت الفهرسة : 00:03:28
- نسخة مدققة إملائيًّا