حديث الآحاد في إثبات العقيدة والرد على من أنكر حديث الآحاد في إثبات العقيدة ( إرسال معاذ في الدعوة ، علي بن أبي طالب ) .
A-
A=
A+
الشيخ : فمثل عذاب القبر عقيدة من العقائد من يقول بأن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة يعني أنه إذا جاءنا حديث عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيه بيان أنّ عذاب القبر حقّ فهذا الحديث و هذا الحديث ولو كان صحيحا فلا يؤخذ به عند هؤلاء لأنه يدخل تحت قولهم حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة و هذا الأصل أو هذه القاعدة المزعومة يدخل تحتها عشرات الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم لا يأخذ بها هؤلاء الذين قعّدوا هذه القاعدة و أسّسوها من محض آرائهم بل أقول من فلسفتهم ولا دليل لهم على ذلك من كتاب أو سنّة بل ذلك يخالف السّنّة بالمعنى الذي ذكرته آنفا أي ما كان عليه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم . الآن لنذكّركم بسنّة من هذه السنن بعد أن عرفتم المعنى الحقيقي من لفظة السّنّة إذا تلفّظ بها الرسول صلى الله عليه و آله و سلّم كالحديث الأول ( فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ) من المعلوم أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلّم كان يرسل الرسل من طرفه عليه السلام إلى البلاد البعيدة يدعون المشركين إلى دخولهم في الإسلام فهو أرسل معاذا إلى اليمن و أرسل عليّا و أرسل غيره كأبي موسى الأشعري و أرسل و أرسل هؤلاء أرسلهم دعاة إلى الإسلام و من الملاحظ أن الداعي هنا هو شخص واحد وهذا يمثل حديث الآحاد في الإصطلاح السابق لعل الأمر يتطلب شيئا زيادة في التوضيح ما المقصود بحديث الآحاد ؟ ليس المقصود فقط أنه شخص واحد يحدث عن الرسول بحديث فيسمى هذا حديث آحاد هو كذلك لكن حتّى أنه شخصين حدّثا بحديث عن الرسول عليه السلام أيضا يسمّى حديث آحاد و ثلاثة و أربعة حتى يبلغ العدد عدد التواتر وإختلفوا قديما و حديثا في تحديد عدد التواتر و لست الآن بحاجة إلى الخوض في هذا الخلاف لأنه غير مهمّ المهم عدد التواتر عدد يتحقق اليقين في نفس السامع لهذا الخبر من هذا العدد الغفير كانوا عشرة أو عشرين أو أكثر أما إذا حدّث بحديث ما شخصان أو ثلاثة فالاصطلاح المذكور آنفا يسمّيه حديث آحاد أقول هذا حتى لا يتبادر لمن لم يقرأ شيئا من علم مصطلح الحديث المعنى اللغوي حديث آحاد يعني أفراد لأن المقصود به ولو كان حديث جمع و هم ثلاثة فضلا عن اثنين فهذا يسمّى حديث آحاد فإذا جاء الحديث من طريق صحابي واحد عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهذا حديث آحاد و إذا رواه عن هذا الصحابي تابعي واحد فهو حديث آحاد و هكذا حتى يصنّف في الكتب المعروفة بكتب السّنّة فإذا جاء مثل ذلك الحديث ( و عذاب القبر حقّ ) حديث آحاد أو اثنين أو ثلاثة المهم حديث آحاد وليس حديث تواتر قال الذين قالوا حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة هذا الحديث نحن لا نأخذ به لماذا ؟ لأنه حديث آحاد طيب ماذا يقولون ؟ هنا الشاهد , ماذا يقولون عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حين أرسل أولئك الأصحاب مرّة أبا موسى , مرّة معاذ بن جبل , مرّة علي بن أبي طالب , مرة دحية الكلبي كثير و كثير جدّا هؤلاء أفراد كانوا يبلغون الناس الذين سمعوا بإسم الرسول عليه الصلاة و السلام و لا يعرفون ماذا يدعو إليه فأرسل الرسول صلى الله عليه و سلم واحدا منهم ليعرفهم بدين الإسلام فلو كان حديث الآحاد لا تقوم به حجّة فمعنى كلامهم هذا أن الرسول عليه السلام ما أحسن أسلوب الدعوة لأنه أرسل أفرادا لا تقوم بهم الحجة بناء على قاعدة حديث الآحاد لا تقوم به حجّة أما من آمن بقوله عليه السلام السابق ذكره ( فمن رغب عن سنّتي ) عن منهجي و طريقي في كل ما جئت به سواء كان أسلوبا أو غاية الغاية هو الإسلام و الأسلوب تبليغ الإسلام ( فمن رغب عن سنّتي فليس مني ) فإذا كان يوجد اليوم كما وجد قبل اليوم بسنين طويلة من قال حديث الآحاد لا تثبت به العقيدة معنى ذلك أن الإسلام لا يثبت بقول العالم الفلاني أو العالم الفلاني معلّما الذين لا يعلمون و أنتم تعلمون قول رب العالمين (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ولقد قال بعضهم لبعض هؤلاء الذين يتبنّون هذه الفلسفة الدخيلة في الإسلام و المخالفة لسنّة النبي عليه الصلاة و السلام ألا و هي حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة قال مرة بعضكم يذهب أحيانا إلى بعض البلاد الكافرة مثل اليابان مثلا يدعو إلى الإسلام و أوّل ما يبدأ بالدعوة إلى الإسلام لابدّ يبدأ بالعقيدة لأن أصل الإسلام بني على قوله تعالى (( فاعلم أنه لا إله إلاّ الله )) فحينما أنت تدعو إلى الإسلام فأنت تناقض نفسك بنفسك كيف ؟ أنت فرد و تدعو الكفار إلى أن يؤمنوا بهذا الإسلام الذي تنقله أنت إليهم و أنت تقرّر لهم أنّ حديث الآحاد لا تقوم به حجّة صار هنا تنافر و صار هنا تضادّ ومعنى هذا أنه لا يمكن أن تقوم حجة الله على أي كافر أو على أي جماعة من الكفار إلا إذا ذهب جماعة من المسلمين يبلّغون أولئك الأقوام دين الإسلام هذا أمر حسن أن يذهب جماعة من أهل العلم يبلغون الإسلام هذا أمر حسن و لكن إذا لم يتيسر إلا واحد أو اثنين كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم لا تقوم حجّة الإسلام بهذا الواحد أو الاثنين تلك الفلسفة الدخيلة في الإسلام تقول لا تقوم الحجة و هذه قاعدة معروفة " حديث الآحاد لا تقوم به حجّة " و عرفتم أنه يخالف سنّة النبي صلى الله عليه و آله و سلم حينما أرسل دعاة من طرفه أفرادا و آحادا بل قد جاء في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و آله و سلّم لما أرسل معاذا إلى اليمن قال ( إنك تأتي أقواما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوك فأمرهم بالصلاة فإن هم أطاعوك إستجابوا لك فأمرهم بالزكاة ) و بالصيام و هكذا فأمره أن يبدأ حينما يدعو أولئك النصارى بعقيدة التوحيد , عقيدة التوحيد أسس العقائد كلها فإذا كان حديث الآحاد وهو هنا معاذ لا تقوم به حجة فلازم هذا القول أبطل ما يكون وهو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان من الواجب عليه أن يرسل العشرات من مثل هذا الصحابي و يجتمعون كلهم و يبلغونهم الإسلام و هذا مما لم يقع من الرسول عليه السلام لما ؟ لأن الحجة تقوم ولو بفرد واحد ولكن بشرط أن يكون عالما بشرط أن يكون فقيها قلت آنفا لو ذهب جماعة من أهل العلم إلى بلد ما فدعاهم إلى الإسلام بلا شك هذا أقوى لكن يشترط في هؤلاء أن يكونوا من العلماء قلت من قبل قليل بأني أضرب لكم مثلين مما يتعلق بواقع بعض الدعاة اليوم فهذا هو المثل الأول أن حديث الآحاد لا تثبت به لا تقوم به حجة و هذا خلاف قوله عليه السلام و فعله . المثال الثاني عرفتم من بعض الأمثلة التي ذكرتها آنفا أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم كان يرسل أفرادا ما كان يرسل مع هؤلاء الأفراد جماعات من عامة الصحابة أي ممن يشملهم قوله تعالى (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) أي ما كان رسول الله صلّى الله عليه و سلم يرسل مع أمثال أولئك الدعاة الذين سمّينا لكم بعضهم كمعاذ ما كان يرسل معهم خمسة أو عشرة أو أكثر من أصحاب الرسول عليه السلام الذين ليسوا بعلماء و نحن اليوم نعلم أن جماعة مسلمة و يغلب على ظاهرهم الصلاح و التقوى و الرغبة في إتّباع الأحكام الشرعية لكنهم مع ذلك يخالفون سنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم في كثير من تصرفاتهم لما ؟ لأنهم إمّا أنهم لا يعلمون السنة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ( فمن رغب عن سنتي فليس منّي ) إما أنهم لا يعلمون هذه السنة أو أنهم يعلمونها و يعرفونها جيّدا و لكن منهج دعوتهم لم يقم على السنة و كما يقال في مثل هذه المناسبة أحلاهما مرّ فإن كانوا لا يعلمون السنة فلذلك هم يخالفونها فهذا بلا شكّ مرّ و إذا كانوا يعلمونها و يعرفونها جيّدا كما يعرفون أبنائهم ثم هم يحيدون عنها هذا أمرّ و حينئذ ينطبق عليهم الحديث السابق ( فمن رغب عن سنتي فليس منّي ) إذا هذان مثلان مما يترتب من التعدّد الحزبي أو تعدّد الطوائف أو تعدّد الجماعات بسبب تعدّد المناهج و المنهج إنما هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه كما عرفتم من حديث الفرقة الناجية ( ما أنا عليه و أصحابي ) و أؤكّد معنى هذا الحديث بقوله تعالى و أرجو أن تنتبهوا لمعنى هذه الآية و لا يتغلبن على فرد منكم فكرة قائمة منذ القديم فلا يعرّج و لا ينتبه لما يسمع من جديد من قول الرسول عليه السلام السابق ذكره
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 686
- توقيت الفهرسة : 00:25:46