الكلام على فرض الضرائب والتسعير في الأسعار ، وبيان أن جمع الزكاة من عمل الدولة المسلمة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على فرض الضرائب والتسعير في الأسعار ، وبيان أن جمع الزكاة من عمل الدولة المسلمة .
A-
A=
A+
الشيخ : مثال من واقعنا اليوم وبصدد مناقشة هذا المقال ؛ يطلب جمع الزكاة ، وهذا الطلب شرعي ما فيه كلام ، لكن مقابل هذا الطلب فيه ضرائب ، هذه الضرائب فُرِضَت لماذا ؟ يقولون : لتحقيق مصلحة الشعب . نقول : هذا ليس مشروعًا إلا بعد أن تُطبِّقوا الوسائل التي شَرَعَها الله - عز وجل - لتحقيق الهناء للمجتمع الإسلامي غنيِّهم وفقيرهم ، ومن ذلك الزكاة ، ومن ذلك غير ذلك مما لا سبيل الآن لشرحه ، فبعدَ أن تُطبَّق الوسائل والأسباب التي شَرَعَها الله - عز وجل - لتحقيق هذه الغاية التي ينشدها كل الشعوب اليوم مسلمهم وكافرهم ؛ إذا لم تنهَضْ هذه الوسائل لتحقيق ما ترمي إليه الشريعة بسبب ظروف عارضة حين ذاك يسمح الإسلام بل يوجب أن نأخذ بوسائل جديدة لنتمِّمَ تحقيق ما أرادَه الله - عز وجل - بما شرع من وسائل لهذا الأمر العارض ، أقول : لهذا الأمر العارض ، ولا يجوز اتِّخاذ فرض ضرائب بصورة مستمرَّة ، نحن نقول - مثلًا - التسعير في الإسلام ليس مشروعًا ، وقد طُلِبَ من الرسول - عليه السلام - أن يسعِّرَ لهم فقال : ( إن الله هو المسعِّر ) ، وهذا معناه أن من نظام الإسلام عدم فرض سعر معيَّن على الناس كنظام ، ولكن إذا بدا للحاكم المسلم - وأعني ما أقول بالمسلم ، وأؤكد بالمسلم الذي يحكم بالكتاب والسنة - إذا بدا لمثل هذا الحاكم أن هناك مصلحة آنيَّة الآن بسبب تجبُّر بعض التجار مثلًا ، وعدم تجاوبهم مع التوجيهات الإسلامية ففَرَضَ السعر وقتيًّا ؛ فهذا لا مانع لمعالجة هذا الأمر العارض .

أعود لأناقش هذا الكلام ، مَن الذي يجمع الزكاة ؟ في الإسلام السلفي كانت الدولة تجمع الزكاة ؛ إذًا نحن يجب أن نطالب الدولة أن تجمع الزكاة . طيب ؛ هنا سيعود الكلام السابق ، نطالبه بجمع الزكاة هذا حكم من أحكام الإسلام ؛ فهل نسكت عنه ولَّا نطالبه بأنُّو يطبِّق الإسلام كلًّا طفرة واحدة ؟ أنا أقول : لا يوجد إنسان يطالب دولة لا سيما مثل الدول اليوم أنُّو يطبِّق الإسلام كلًّا لا يتجزَّأ ، وإنما نحن نطالب بما يمكن تحقيقه ؛ إذًا من المعقول أن نطالب كل الدول الإسلامية أن تجمع الزكاة وتفرِّقها على الفقراء ، ولو كان القانون الجنائي - مثلًا - فيه أشياء مخالفة للشريعة ، فالأحوال الشخصية كذلك .

إذًا يجب أن نفصل بين وجوب تبنِّي الإسلام كلًّا لا يتجزأ كعقيدة ومبدأ ، وبين تطبيق الإسلام على ما يتيسَّر للأمة المسلمة ، على ما يتيسَّر ، فالآن ما دام قامت هناك فئات إسلامية تطالب بتغيير قانون الأحوال الشخصية وجعلِه مطابقًا للشريعة الإسلامية ؛ لماذا نقول نحن أن المجتمع الإسلامي كله فاسد وننتظر حتى نهيِّئه لتقبُّل هذا الحكم ؟ ثم لما نقول المجتمع الإسلامي يا إخواننا ماذا نريد ؟ هل نريد بالمجتمع الإسلامي ثمان مئة مليون مسلم ؟! هذا أمر مستحيل ؛ إذًا نحن لا نفكِّر بتحديد المساحة التي يجب أن نطبِّق فيها الإسلام كامل لا يشذُّ منه ولا مسألة ، وإنما نسعى بما نستطيع لتطبيق ما يمكن من الأحكام الإسلامية التي لا يملكها الفرد ، نحن لا نطلب من الدولة أن تتدخَّل في بيوتنا وأن تربِّي أولادنا وذرِّيَّاتنا ؛ هذا من الواجب على كل فرد مسلم ، أما الأحكام التي تملِكُها الدولة ولا تملكها الأفراد فنحن نطالبهم بأن يطبِّقوا ما يستطيعون .

أنا أعتقد لو كان قام الآن حكم إسلامي خيالي يعني في ليلة لا قمر فيها كما يتوهَّم البعض ؛ ماذا يستطيع هؤلاء أن يطبِّقوا من الإسلام ؟ والله لا يستطيعون أن يطبِّقوا إلا شيئًا قليلًا جدًّا ؛ فهل نرضى به أم نقول : لا ، نريد إسلامًا كلًّا لا يتجزأ ؟ هل فينا واحد يطبِّق الإسلام كلًّا لا يتجزَّأ حتى نطالب الأمة كلها بإسلام لا يتجزَّأ ؟ هذا أمر مستحيل .

مواضيع متعلقة