هل عمل أهل المدينة حجة ولو خالف السنة ؟
A-
A=
A+
السائل : ... بالنسبة لعمل أهل المدينة ولو خالف ... هل هذا ... ؟
الشيخ : كلا ، الأخ يسأل أن هناك بعض العلماء يقولون : إن عمل أهل المدينة حجة حتى لو كان مخالفًا للسنة وللحديث الصحيح .
نقول نحن : كلا ، لأن أهل المدينة على فضلهم وقربهم من عهد نبيِّهم - صلى الله عليه وآله وسلم - فهم ليسوا المسلمين جميعًا ، هم طائفة من المسلمين ، والآية كما سمعتم لا تخصِّص تقول : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ما قال : ويتبع سبيل غير المدنيين ولا المكيين ولا الكوفيين ، وإنما قال : سبيل المؤمنين ؛ لا سيما إذا كان السؤال موجَّهًا بما لو عارَضَ عمل أهل المدينة حديثًا نبويًّا ، كيف حينئذٍ نعكس الموضوع وقد سمعتم بأن الله - عز وجل - أمَرَنا باتباع الرسول - عليه الصلاة والسلام - كما أمَرَنا باتباع القرآن ؟ فنقول : لا ، نحن لا نتَّبع الحديث الصحيح إذا ما خالف عمل أهل المدينة ، وإنما نتَّبع عمل أهل المدينة ولو خالف الحديث الصحيح ، هذا قد قالَه بعض العلماء ؛ يعني العمل بما كان عليه أهل المدينة ولو خالف الحديث الصحيح قد قاله بعض العلماء ، لكن هذا في الواقع من جملة الأقوال التي اختلف فيها العلماء ، فهناك - مثلًا - الإمام مالك هو وحدَه الذي ذهب إلى هذا القول ... عنه ؛ أنه يجب العمل بما كان عليه أهل المدينة ولو كان ذلك مخالفًا للحديث الصحيح ، لكن عندنا علماء آخرون هم في وزن مالك في العلم والنصح والزهد والتقوى ونحو ذلك من الخصال الحميدة قالوا : لا ، ليس عمل طائفة أو جماعة أو أهل بلدة من بلاد الإسلام حجة على الكتاب والسنة ، وإنما الحجة هما الكتاب والسنة ، أما إذا اتفق المسلمون مدنيون مكيون كوفيون بصريون إلى آخره على شيء فهنا تأتي الحجة ، أما طائفة منهم فلو قال قائل : لا ، أنا أقول : ما اتفق عليه أهل مكة هو الحجة ؛ فهذا سبب للخلاف والنزاع بين المسلمين ، وهنا تأتي آية ذكرتها أكثر من مرَّة ؛ وهي قوله - تبارك وتعالى - : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )) .
فالآن تنازعنا في هذه المسألة لا سمح الله ، أهل المدينة عملهم حجة أم لا ؟ قال مالك : حجة ، قال أبو حنيفة قال الشافعي قال أحمد : ليس بحجة ، وإنما الحجة الكتاب والسنة وسبيل المؤمنين جميعًا دون تخصيص طائفة أو ترجيح طائفة على أخرى . على أنُّو مما يُوهن ويضعِّف قضية الاحتجاج بعمل أهل المدينة هو أنه يرد الإشكال السابق الذي نقلناه عن بعض علماء الأصول حينما وصفوا الإجماع بأنه إجماع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ثم تنازل بعضهم عن هذا التعريف إلى تعريف أضيق فقالوا : إجماع علماء المسلمين في كلِّ أقطار الدنيا ، الآن نقول : إجماع أهل المدينة ، كيف يمكن معرفة إجماع أهل المدينة وقد قلنا آنفًا بأنه قد يكون هناك علماء يخالفون الرأي السائد في المدينة لأنهم علماء مغمورون ليسوا بالمشهورين ؟ فلا يمكن معرفة عمل أهل المدينة بالمئة مئة ، ممكن معرفة عمل جمهور علماء المدينة ، أما معرفة رأي كل علماء أهل المدينة هذا غير ممكن ؛ لا سيما بالنسبة لذلك الوقت حيث كانت وسائل الاتصال بالأفراد من الناس غير ميسَّرة كما هو ميسَّر اليوم .
لذلك كان جماهير علماء المسلمين على أنه لا يُحتج بعمل أهل المدينة ، اللهم إلا في حالة واحدة ليس هناك حديث يخالفهم ، وليس هناك علماء مسلمون آخرون في مكة أو الكوفة أو البصرة يخالفهم ؛ فلا شك أن الأمر حين ذاك يكون داخلًا في سبيل المؤمنين ، أما افتراض الأمر كما جاء في السؤال عمل أهل المدينة على شيء ، وحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على شيء ؛ فندع العمل بالحديث بعمل أهل المدينة ؛ هذا خلاف كلِّ النصوص التي سَبَقَ عرضها وبيانها .
تفضل .
الشيخ : كلا ، الأخ يسأل أن هناك بعض العلماء يقولون : إن عمل أهل المدينة حجة حتى لو كان مخالفًا للسنة وللحديث الصحيح .
نقول نحن : كلا ، لأن أهل المدينة على فضلهم وقربهم من عهد نبيِّهم - صلى الله عليه وآله وسلم - فهم ليسوا المسلمين جميعًا ، هم طائفة من المسلمين ، والآية كما سمعتم لا تخصِّص تقول : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ما قال : ويتبع سبيل غير المدنيين ولا المكيين ولا الكوفيين ، وإنما قال : سبيل المؤمنين ؛ لا سيما إذا كان السؤال موجَّهًا بما لو عارَضَ عمل أهل المدينة حديثًا نبويًّا ، كيف حينئذٍ نعكس الموضوع وقد سمعتم بأن الله - عز وجل - أمَرَنا باتباع الرسول - عليه الصلاة والسلام - كما أمَرَنا باتباع القرآن ؟ فنقول : لا ، نحن لا نتَّبع الحديث الصحيح إذا ما خالف عمل أهل المدينة ، وإنما نتَّبع عمل أهل المدينة ولو خالف الحديث الصحيح ، هذا قد قالَه بعض العلماء ؛ يعني العمل بما كان عليه أهل المدينة ولو خالف الحديث الصحيح قد قاله بعض العلماء ، لكن هذا في الواقع من جملة الأقوال التي اختلف فيها العلماء ، فهناك - مثلًا - الإمام مالك هو وحدَه الذي ذهب إلى هذا القول ... عنه ؛ أنه يجب العمل بما كان عليه أهل المدينة ولو كان ذلك مخالفًا للحديث الصحيح ، لكن عندنا علماء آخرون هم في وزن مالك في العلم والنصح والزهد والتقوى ونحو ذلك من الخصال الحميدة قالوا : لا ، ليس عمل طائفة أو جماعة أو أهل بلدة من بلاد الإسلام حجة على الكتاب والسنة ، وإنما الحجة هما الكتاب والسنة ، أما إذا اتفق المسلمون مدنيون مكيون كوفيون بصريون إلى آخره على شيء فهنا تأتي الحجة ، أما طائفة منهم فلو قال قائل : لا ، أنا أقول : ما اتفق عليه أهل مكة هو الحجة ؛ فهذا سبب للخلاف والنزاع بين المسلمين ، وهنا تأتي آية ذكرتها أكثر من مرَّة ؛ وهي قوله - تبارك وتعالى - : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )) .
فالآن تنازعنا في هذه المسألة لا سمح الله ، أهل المدينة عملهم حجة أم لا ؟ قال مالك : حجة ، قال أبو حنيفة قال الشافعي قال أحمد : ليس بحجة ، وإنما الحجة الكتاب والسنة وسبيل المؤمنين جميعًا دون تخصيص طائفة أو ترجيح طائفة على أخرى . على أنُّو مما يُوهن ويضعِّف قضية الاحتجاج بعمل أهل المدينة هو أنه يرد الإشكال السابق الذي نقلناه عن بعض علماء الأصول حينما وصفوا الإجماع بأنه إجماع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ثم تنازل بعضهم عن هذا التعريف إلى تعريف أضيق فقالوا : إجماع علماء المسلمين في كلِّ أقطار الدنيا ، الآن نقول : إجماع أهل المدينة ، كيف يمكن معرفة إجماع أهل المدينة وقد قلنا آنفًا بأنه قد يكون هناك علماء يخالفون الرأي السائد في المدينة لأنهم علماء مغمورون ليسوا بالمشهورين ؟ فلا يمكن معرفة عمل أهل المدينة بالمئة مئة ، ممكن معرفة عمل جمهور علماء المدينة ، أما معرفة رأي كل علماء أهل المدينة هذا غير ممكن ؛ لا سيما بالنسبة لذلك الوقت حيث كانت وسائل الاتصال بالأفراد من الناس غير ميسَّرة كما هو ميسَّر اليوم .
لذلك كان جماهير علماء المسلمين على أنه لا يُحتج بعمل أهل المدينة ، اللهم إلا في حالة واحدة ليس هناك حديث يخالفهم ، وليس هناك علماء مسلمون آخرون في مكة أو الكوفة أو البصرة يخالفهم ؛ فلا شك أن الأمر حين ذاك يكون داخلًا في سبيل المؤمنين ، أما افتراض الأمر كما جاء في السؤال عمل أهل المدينة على شيء ، وحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على شيء ؛ فندع العمل بالحديث بعمل أهل المدينة ؛ هذا خلاف كلِّ النصوص التي سَبَقَ عرضها وبيانها .
تفضل .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 281
- توقيت الفهرسة : 01:12:12
- نسخة مدققة إملائيًّا