ما حكم امتناع الزوجة عن إنجاب الأولاد بحجة أنها تعبانة صحِّيًّا ؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة ... نحن نقرأ طبِّيًّا ونقرأ ونسمع طبِّيًّا يعني أن بعد سنِّ معيَّن بالنسبة للمرأة الولادة ... ضرر صحِّيًّا على الزوجة ... طبِّيًّا ؛ حسب ما يُقال في المجلات والجرائد اللي نحن نقرؤها ، إي حكم بقى كثرة الأولاد لو الزوجة تعبانة صحِّيًّا أو يؤدي إلى إتعابها صحِّيًّا ؟
الشيخ : كلمة ... .
السائل : ... كلمة التعب الصحي .
الشيخ : آ ، كلمة تعبانة صحِّيًّا هذه كلمة مثل الكلمة السياسية بتمطها بتمطها تنمط معك ، بتضيِّقها تضيق معك ؛ فلا بد من وضع حدود لها ، تعبانة صحِّيًّا المرأة الشابة إذا راحت حامل فتجد في ذلك بلا شك صعوبات ومشقَّات ما تعرفها وهي حامل غير حامل ، شايف ؟ فما بالك إذا بلغت سنًّا معيَّنًا ؟ فما بالك إذا كانت صحتها فيها انحراف نوعًا ما ؟ لا شك أن المتاعب ستزداد ، القاعدة في هذا إذا كان يُخشى عليها أن تتضرَّر في ذاتها في شخصها فحينئذٍ لا مانع أن تتعاطى الموانع من الحمل ، لكن شريطة أن لا تعرِّض نفسها لارتكاب محرَّم ؛ كأن تضطرَّ بأن تكشف عن عورتها أمام طبيبة فضلًا عن طبيب كاللَّولب الذي يُستعمل اليوم ، فإذا استعملت بعض الحبوب .
السائل : ... .
الشيخ : نعم أقول ، فهذا كما قيل : " حنانيك بعض الشَّرِّ أهون من بعض " . أما أن ترتكب محرَّمًا في سبيل توقيف حملها وهي معذورة فلا يجوز أن ترتكب المحرَّم ، وإنما تأتي بوسائل كالحبوب ، وبذلك يكون الأمر جائزًا ، لكن بالشرط السابق ؛ وهو أن يُخشى عليها ، أما والله تعبانة وتزداد تعب ما في شك أن المرأة كلما تأخَّر بها السِّنُّ وكلما كانت ولودًا لا شك أن تعبها بيزداد ، لكن هذا التعب يجب أن يُحدَّد بحيث أنُّو ما تُصاب بضرر في بدنها ، وهذا الحكم مش حكمك كزوج ولا حكمها هي كزوجة ، وإنما حكم طبيب مسلم ناصح يفحصها فحصًا جيِّدًا ويقرِّر القرار ؛ حينئذٍ يُحكم بقراره .
السائل : بما قلتم .
الشيخ : إي نعم .
سائل آخر : في بعض .
السائل : جزاك الله خيرًا .
سائل آخر : لها الأجر والثواب على الصبر على ؟
الشيخ : هذا ما فيه شك إطلاقًا وكثير من ... .
السائل : ثم لا شك .
الشيخ : اليوم الواقع يعيشه المسلمون في جوٍّ غير إسلامي يعني من أكثر النواحي ، ويتأثَّرون بالأفكار الغربية التي لا تتلاءَمُ مع الشريعة الإسلامية ، لا شك أن منطق المسلم وعقيدته تختلف تمامًا عن منطق الكافر - أيَّ نوع كان كفره - وعن عقيدته ، الكافر حينما يتزوَّج لا يبتغي النسل إلا للتسلية ، وإلا لقضاء هالحياة في دفع الوحشة وحشة الوحدة ، أما المسلم ليس كذلك ؛ هو يبتغي الأجر بهذا النَّسل ؛ سواء عاش أو مات ؛ لأنه إن عاش فسيُعنى هو الزوج والزوجة بتربيته وتنشئته تنشئة إسلامية ، فيُكتب لهما أجر هذه التربية ، ولا يذهب تعبهما حوله سدى ، وإذا مات الولد وبخاصَّة إذا مات قبل أن يبلغ سنَّ الحلم والتكليف والبلوغ حينَ ذاك يتضاعف أجر الوالدين كما جاء في الحديث الصحيح ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ما من مسلمَين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنثَ إلا لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ) . قالوا : واثنان يا رسول الله ؟ قال : ( واثنان ) . قال الراوي : " ... ظننَّا أننا لو قلنا واحد : لَقال وواحد " . شو معنى الحديث ؟ ( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ) يعني سنَّ التكليف . ( إلا لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ) .
لا شك أن هذا المسلم الذي يموت له ثلاثة من الولد فهو يحتسِبُهم عند الله - تبارك وتعالى - ؛ أي : يبتغي الأجر من الله على صبره على وفاتهم ، فيكون له هذا الأجر العظيم الذي لو عاشَه الإنسان عاش حياة نوح - عليه الصلاة والسلام - لَكان ثمنُه هذا بخسًا بالنسبة لهذا الأجر ؛ وهو لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ، يُشير الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث إلى قوله - تعالى - : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) .
(( وَإِنْ مِنْكُمْ )) معشر الإنس والجن . (( إِلَّا وَارِدُهَا )) اختلف المفسرون في تأويل هذه الكلمة ؛ (( وَارِدُهَا )) على ثلاثة أقوال : الورود الدخول ، الورود المرور على جهنم في الصراط ، الورود على حافة النار . ولكلٍّ من الأقوال الثلاثة دليله الخاص ، لكن ... يتحمَّل أكثر من معنى واحد ، وأشار إلى ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قال : " إذا جادَلَكم أهل الأهواء بالقرآن فجادِلُوهم بالسنة ؛ لأن القرآن حمَّال وجوه " . وهذا المثال أمامنا ؛ (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا )) . اللغة تحتمل هذا وهذا وهذا ، لكن جاء حديثان ؛ أحدهما صحيح السند ، والآخر ضعيف السند ، لكن هذا الحديث الضعيف السند يشهد له ذاك الحديث الصحيح السند وهو في " صحيح مسلم " ؛ أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تحدَّث يومًا بحضور حفصة بنت عمر زوج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : ( لا يدخل النار أحدٌ ممَّن بايعوا تحت الشجرة ) . قالت حفصة : كيف يا رسول الله ، والله يقول : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا )) ؟ فَهِمَت السيدة حفصة من الآية الدخول ؛ لأنها قابلت نفي الرسول - عليه السلام - ... أنها تعني الدخول ؛ فماذا كان موقف الرسول - عليه السلام - لدفع شبهة حفصة - رضي الله عنها - ؟ قال لها : ( اقرئي تمام الآية : (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ) . كأنه - عليه السلام - يقول لها : فهمك فهم صحيح ؛ أي : لا بد من الدخول ، لكن دخول عن دخول يختلف ، دخول هؤلاء أصحاب الشجرة ليس دخول عذاب ، وإنما هو دخول مرور " ترانزيت " يعني ، (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) .
يذكر الإمام الفخر الرازي في تفسيره " مفاتيح الغيب " وهو هذا من عادته يحاول أن يأتي ببعض الحِكَم لبعض الآيات في أثناء تفسيره إياها ؛ يقول : من الحكمة حكمة دخول المؤمنين في النار مع عدم تأثُّرهم بها أنهم يشاهدون أعداءهم الذين كانوا يسخرون بهم في الحياة الدنيا ، ثم الله - عز وجل - يقول في القرآن الكريم : (( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) .
السائل : حلوة الحكمة هذه .
الشيخ : نعم ؟
السائل : حلوة .
الشيخ : حلوة [ الشَّيخ يضحك ! ] .
هذا الحديث الصحيح يؤكد أنُّو معنى الآية كما فهمت السيدة حفصة ، لكنها شَرَدَتْ عن تمام الآية ، فنبَّهَها الرسول - عليه السلام - إليها . أما الحديث الآخر وفي سنده ضعف ، وإن كان رواه الحاكم في " المستدرك " وصحَّحه ، فهو متساهل في التصحيح كما هو معلوم ، ويرويه بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رجلًا لَقِيَه في الطريق ، فقصَّ عليه نقاشًا جرى في مجلس حَضَرَه حول هذه الآية ، وأنهم اختلفوا فيها على الأقوال الثلاثة ؛ كأنه يقول له : فما عندك يا جابر ؟ جابر بن عبد الله من أصحاب الرسول - عليه السلام - ؛ فماذا فعل ؟ وضع أصبعيه في أذنيه وقال : " صُمَّتا صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( ما من برٍّ ولا فاجرٍ إلا ويدخلها ، ثم تكون بردًا وسلامًا على المؤمنين كما كانت على إبراهيم ) .
إذا عرفنا هذه الحقيقة من معنى هذه الآية الكريمة ، وربطنا ذلك بالحديث السابق : ( ما من مسلمَين يموت لهما ثلاثة من الولد إلا لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ) ، معناه بيدخل النار مرورًا وليس عذابًا ، هذه الفائدة التي يرجوها المسلم هذه ما تخطر في بال الكافر لأنه لا يؤمن بالله ورسوله ، كذلك الكافر حينما يتزوَّج فهو كالبهائم لقضاء شهوة لا يبتغي من وراء ذلك إحصانًا ، ولا يبتغي من وراء ذلك أجرًا ؛ بخلاف المسلم ؛ حيث جعل له الرسول - عليه السلام - أجرًا في قضاء شهوته ؛ الحديث الذي فيه أن طائفة من الفقراء أرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رسولًا يشكون أمرهم وفقرهم ، قالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدُّثور - أي : الأموال - بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويحجُّون كما نحجُّ ، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أفلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه سبقْتُم من قبلكم ولم يدرِكْكُم مَن بعدكم إلا مَن فعل مثلكم ؟ تقولون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين : سبحان الله والحمد لله ) إلى آخر الورد المعروف . فرجع رسول الفقراء إليهم = -- يرحمك الله -- = فرحًا مسرورًا ، وبشَّرَهم بهذه البشارة ، لكن لم يمضِ وقت طويل إلا ورَجَعَ رسول الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليقول له : يا رسول الله ، بلغ الأغنياء ما قلت لنا ؛ ففعلوا مثلَ فعلنا ؟! فقال - عليه السلام - : ( ذلك فضل الله يُؤتيه مَن يشاء ) .
الشاهد : في رواية أخرى قال : ( إنَّ لكم بكل تسبيحة صدقة ، وبكل تحميدة صدقة ، وبكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وإصلاح بين اثنين صدقة ، وحملُك متاعَ أخيك على ظهر دابَّتِه صدقة ) وعدَّ خصالًا كثيرة ؛ كأنه يقول لهم : باستطاعتكم أنُّو تسبقوا الأغنياء أن تفعلوا هذه العبادات التي ، هذا له صلة ببحثنا اليوم ، يشغلهم انشغالهم بالتجارة يُشغلهم عن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتسبيح والتكبير وإلى آخره ؛ فأنتم سابقوهم بهذه الأشياء ، ثم قال لهم : ( وفي بُضْعِ أحدكم صدقة ) . قالوا : يا رسول الله ، يأتي أحدنا شهوته وله عليها أجر ؟ قال : ( أليسَ إذا وَضَعَها في الحرام يكون عليه وزر ؟! ) . قالوا : بلى . قال : ( فكذلك إذا وَضَعَها في الحلال يكون له أجر ) . هذا المعنى وهذا الأجر والفضل لا يفكِّر فيه أولئك الكفار ، ولذلك يقنع أحدهم أنُّو يعيش هو وزوجته وله منها ولد أو ولدين ذكر وبنت إلى آخره ، وكما أقول بمثل هذه المناسبة : وخامسهم كلبهم !! زوجين وولدين وخامسهم كلبهم ، هَيْ حياتهم ؛ لأنُّو ما يفكرون في الآخرة إطلاقًا .
أما المسلم فتفكيره منطقه عقله غير ذاك تمامًا ؛ لذلك فالمفروض في المسلم أن يعتبر إذا كان زوجته ولودًا أن يعتبر أنه غني ؛ ولذلك عم نشوف كثير ناس يُبتلون بالعقم ، بتلاقي الزوج رايح على الطبيب والزوجة وإلى آخره بدهم الولد ، ويا سبحان الله ! تجد ناس آخرين الله بيرزقهم الأولاد بدهم إيش ؟ يخصموا ؛ ليه ؟ والله ما عادت الزوجة تتحمَّل ، والله تلقى مشقة !! يا أخي ، إيش في مَثَل بهذه المناسبة ؟ يعني المثل الشامي : " هاللي بدو يلاعب القط بدو يلقى خرابيشه " ، هاللي بدو يحصِّل الأجر والثواب بدو يحصِّل مشقة كما قال الرسول - عليه السلام - للسيدة عائشة - رضي الله عنها - حينَما حاضت في حجَّة الوداع مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وكانت هي ككلِّ نساء الرسول - عليه السلام - متمتِّعة ؛ أي : نوت العمرة بين يدي الحج ، لكنها لما نزلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكان اسمه " سرف " قريب من مكة دخل عليها الرسول - عليه السلام - ، فوَجَدَها تبكي ، فعرف - عليه السلام - قال لها : ( ما لك ؟ أَنفِسْتِ ؟ ) - يعني جاءك الحيض ؟ - . قالت : نعم يا رسول الله . قال : ( هذا أمر كَتَبَه الله على بنات آدم ؛ فاصنعي ما يصنع الحاجُّ غيرَ أن لا تطوفي ولا تصلي ) . فصنعت ما يصنع الحاج ، وأتمَّت المناسك كلها ، وهي في عرفات طهرت ، وكمَّلت المناسك ، وطافت طواف الإفاضة بل وطواف الوداع ، والرسول - عليه السلام - أعلنَ الرجوع إلى المدينة ، دخل عليها فوَجَدَها تبكي ، قال لها : ( ما لَكِ ؟ ) . قالت : ما لي ؟ يعود الناس بحجٍّ وعمرةٍ وأعود بحجٍّ دون عمرةٍ ؟! فقال لها : ( إنما أجرك ) - هنا الشاهد - ( على قدرِ نصبِك ) . وقال لأخيها عبد الرحمن : أردِفْها خلفَك ، واذهب بها إلى التَّنعيم ، وَلْتُحرِمْ من هناك وتدخل محرمة ، وتأتي بالعمرة التي إيه ؟ فاتتها . إي هذه تكلَّفت مسافة جديدة ، فقال لها ما سمعتم بمعنى الثواب على قدر المشقَّة .
فإذًا الأم التي تكون ولودًا هذه نعمة من الله - عز وجل - للزوجين ، فعليهما أن يصبرا وأن يتحمَّلا آثار الحمل وآثار مشقَّة التربية والإنفاق ووإلى آخره ما استطاعا إلى ذلك سبيلا ، فهذا منطق المسلم ، لكن المسلمين اليوم يقلِّدون الأروبيين حتى في منطقهم ، وبالتالي تختلف الآثار والنتائج ؛ تصبح النتائج غير إسلامية ، تصبح التربية غير إسلامية .
الشيخ : كلمة ... .
السائل : ... كلمة التعب الصحي .
الشيخ : آ ، كلمة تعبانة صحِّيًّا هذه كلمة مثل الكلمة السياسية بتمطها بتمطها تنمط معك ، بتضيِّقها تضيق معك ؛ فلا بد من وضع حدود لها ، تعبانة صحِّيًّا المرأة الشابة إذا راحت حامل فتجد في ذلك بلا شك صعوبات ومشقَّات ما تعرفها وهي حامل غير حامل ، شايف ؟ فما بالك إذا بلغت سنًّا معيَّنًا ؟ فما بالك إذا كانت صحتها فيها انحراف نوعًا ما ؟ لا شك أن المتاعب ستزداد ، القاعدة في هذا إذا كان يُخشى عليها أن تتضرَّر في ذاتها في شخصها فحينئذٍ لا مانع أن تتعاطى الموانع من الحمل ، لكن شريطة أن لا تعرِّض نفسها لارتكاب محرَّم ؛ كأن تضطرَّ بأن تكشف عن عورتها أمام طبيبة فضلًا عن طبيب كاللَّولب الذي يُستعمل اليوم ، فإذا استعملت بعض الحبوب .
السائل : ... .
الشيخ : نعم أقول ، فهذا كما قيل : " حنانيك بعض الشَّرِّ أهون من بعض " . أما أن ترتكب محرَّمًا في سبيل توقيف حملها وهي معذورة فلا يجوز أن ترتكب المحرَّم ، وإنما تأتي بوسائل كالحبوب ، وبذلك يكون الأمر جائزًا ، لكن بالشرط السابق ؛ وهو أن يُخشى عليها ، أما والله تعبانة وتزداد تعب ما في شك أن المرأة كلما تأخَّر بها السِّنُّ وكلما كانت ولودًا لا شك أن تعبها بيزداد ، لكن هذا التعب يجب أن يُحدَّد بحيث أنُّو ما تُصاب بضرر في بدنها ، وهذا الحكم مش حكمك كزوج ولا حكمها هي كزوجة ، وإنما حكم طبيب مسلم ناصح يفحصها فحصًا جيِّدًا ويقرِّر القرار ؛ حينئذٍ يُحكم بقراره .
السائل : بما قلتم .
الشيخ : إي نعم .
سائل آخر : في بعض .
السائل : جزاك الله خيرًا .
سائل آخر : لها الأجر والثواب على الصبر على ؟
الشيخ : هذا ما فيه شك إطلاقًا وكثير من ... .
السائل : ثم لا شك .
الشيخ : اليوم الواقع يعيشه المسلمون في جوٍّ غير إسلامي يعني من أكثر النواحي ، ويتأثَّرون بالأفكار الغربية التي لا تتلاءَمُ مع الشريعة الإسلامية ، لا شك أن منطق المسلم وعقيدته تختلف تمامًا عن منطق الكافر - أيَّ نوع كان كفره - وعن عقيدته ، الكافر حينما يتزوَّج لا يبتغي النسل إلا للتسلية ، وإلا لقضاء هالحياة في دفع الوحشة وحشة الوحدة ، أما المسلم ليس كذلك ؛ هو يبتغي الأجر بهذا النَّسل ؛ سواء عاش أو مات ؛ لأنه إن عاش فسيُعنى هو الزوج والزوجة بتربيته وتنشئته تنشئة إسلامية ، فيُكتب لهما أجر هذه التربية ، ولا يذهب تعبهما حوله سدى ، وإذا مات الولد وبخاصَّة إذا مات قبل أن يبلغ سنَّ الحلم والتكليف والبلوغ حينَ ذاك يتضاعف أجر الوالدين كما جاء في الحديث الصحيح ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ما من مسلمَين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنثَ إلا لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ) . قالوا : واثنان يا رسول الله ؟ قال : ( واثنان ) . قال الراوي : " ... ظننَّا أننا لو قلنا واحد : لَقال وواحد " . شو معنى الحديث ؟ ( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ) يعني سنَّ التكليف . ( إلا لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ) .
لا شك أن هذا المسلم الذي يموت له ثلاثة من الولد فهو يحتسِبُهم عند الله - تبارك وتعالى - ؛ أي : يبتغي الأجر من الله على صبره على وفاتهم ، فيكون له هذا الأجر العظيم الذي لو عاشَه الإنسان عاش حياة نوح - عليه الصلاة والسلام - لَكان ثمنُه هذا بخسًا بالنسبة لهذا الأجر ؛ وهو لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ، يُشير الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث إلى قوله - تعالى - : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) .
(( وَإِنْ مِنْكُمْ )) معشر الإنس والجن . (( إِلَّا وَارِدُهَا )) اختلف المفسرون في تأويل هذه الكلمة ؛ (( وَارِدُهَا )) على ثلاثة أقوال : الورود الدخول ، الورود المرور على جهنم في الصراط ، الورود على حافة النار . ولكلٍّ من الأقوال الثلاثة دليله الخاص ، لكن ... يتحمَّل أكثر من معنى واحد ، وأشار إلى ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قال : " إذا جادَلَكم أهل الأهواء بالقرآن فجادِلُوهم بالسنة ؛ لأن القرآن حمَّال وجوه " . وهذا المثال أمامنا ؛ (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا )) . اللغة تحتمل هذا وهذا وهذا ، لكن جاء حديثان ؛ أحدهما صحيح السند ، والآخر ضعيف السند ، لكن هذا الحديث الضعيف السند يشهد له ذاك الحديث الصحيح السند وهو في " صحيح مسلم " ؛ أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تحدَّث يومًا بحضور حفصة بنت عمر زوج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : ( لا يدخل النار أحدٌ ممَّن بايعوا تحت الشجرة ) . قالت حفصة : كيف يا رسول الله ، والله يقول : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا )) ؟ فَهِمَت السيدة حفصة من الآية الدخول ؛ لأنها قابلت نفي الرسول - عليه السلام - ... أنها تعني الدخول ؛ فماذا كان موقف الرسول - عليه السلام - لدفع شبهة حفصة - رضي الله عنها - ؟ قال لها : ( اقرئي تمام الآية : (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ) . كأنه - عليه السلام - يقول لها : فهمك فهم صحيح ؛ أي : لا بد من الدخول ، لكن دخول عن دخول يختلف ، دخول هؤلاء أصحاب الشجرة ليس دخول عذاب ، وإنما هو دخول مرور " ترانزيت " يعني ، (( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) .
يذكر الإمام الفخر الرازي في تفسيره " مفاتيح الغيب " وهو هذا من عادته يحاول أن يأتي ببعض الحِكَم لبعض الآيات في أثناء تفسيره إياها ؛ يقول : من الحكمة حكمة دخول المؤمنين في النار مع عدم تأثُّرهم بها أنهم يشاهدون أعداءهم الذين كانوا يسخرون بهم في الحياة الدنيا ، ثم الله - عز وجل - يقول في القرآن الكريم : (( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) .
السائل : حلوة الحكمة هذه .
الشيخ : نعم ؟
السائل : حلوة .
الشيخ : حلوة [ الشَّيخ يضحك ! ] .
هذا الحديث الصحيح يؤكد أنُّو معنى الآية كما فهمت السيدة حفصة ، لكنها شَرَدَتْ عن تمام الآية ، فنبَّهَها الرسول - عليه السلام - إليها . أما الحديث الآخر وفي سنده ضعف ، وإن كان رواه الحاكم في " المستدرك " وصحَّحه ، فهو متساهل في التصحيح كما هو معلوم ، ويرويه بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رجلًا لَقِيَه في الطريق ، فقصَّ عليه نقاشًا جرى في مجلس حَضَرَه حول هذه الآية ، وأنهم اختلفوا فيها على الأقوال الثلاثة ؛ كأنه يقول له : فما عندك يا جابر ؟ جابر بن عبد الله من أصحاب الرسول - عليه السلام - ؛ فماذا فعل ؟ وضع أصبعيه في أذنيه وقال : " صُمَّتا صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( ما من برٍّ ولا فاجرٍ إلا ويدخلها ، ثم تكون بردًا وسلامًا على المؤمنين كما كانت على إبراهيم ) .
إذا عرفنا هذه الحقيقة من معنى هذه الآية الكريمة ، وربطنا ذلك بالحديث السابق : ( ما من مسلمَين يموت لهما ثلاثة من الولد إلا لن تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم ) ، معناه بيدخل النار مرورًا وليس عذابًا ، هذه الفائدة التي يرجوها المسلم هذه ما تخطر في بال الكافر لأنه لا يؤمن بالله ورسوله ، كذلك الكافر حينما يتزوَّج فهو كالبهائم لقضاء شهوة لا يبتغي من وراء ذلك إحصانًا ، ولا يبتغي من وراء ذلك أجرًا ؛ بخلاف المسلم ؛ حيث جعل له الرسول - عليه السلام - أجرًا في قضاء شهوته ؛ الحديث الذي فيه أن طائفة من الفقراء أرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رسولًا يشكون أمرهم وفقرهم ، قالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدُّثور - أي : الأموال - بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويحجُّون كما نحجُّ ، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أفلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه سبقْتُم من قبلكم ولم يدرِكْكُم مَن بعدكم إلا مَن فعل مثلكم ؟ تقولون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين : سبحان الله والحمد لله ) إلى آخر الورد المعروف . فرجع رسول الفقراء إليهم = -- يرحمك الله -- = فرحًا مسرورًا ، وبشَّرَهم بهذه البشارة ، لكن لم يمضِ وقت طويل إلا ورَجَعَ رسول الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليقول له : يا رسول الله ، بلغ الأغنياء ما قلت لنا ؛ ففعلوا مثلَ فعلنا ؟! فقال - عليه السلام - : ( ذلك فضل الله يُؤتيه مَن يشاء ) .
الشاهد : في رواية أخرى قال : ( إنَّ لكم بكل تسبيحة صدقة ، وبكل تحميدة صدقة ، وبكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وإصلاح بين اثنين صدقة ، وحملُك متاعَ أخيك على ظهر دابَّتِه صدقة ) وعدَّ خصالًا كثيرة ؛ كأنه يقول لهم : باستطاعتكم أنُّو تسبقوا الأغنياء أن تفعلوا هذه العبادات التي ، هذا له صلة ببحثنا اليوم ، يشغلهم انشغالهم بالتجارة يُشغلهم عن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتسبيح والتكبير وإلى آخره ؛ فأنتم سابقوهم بهذه الأشياء ، ثم قال لهم : ( وفي بُضْعِ أحدكم صدقة ) . قالوا : يا رسول الله ، يأتي أحدنا شهوته وله عليها أجر ؟ قال : ( أليسَ إذا وَضَعَها في الحرام يكون عليه وزر ؟! ) . قالوا : بلى . قال : ( فكذلك إذا وَضَعَها في الحلال يكون له أجر ) . هذا المعنى وهذا الأجر والفضل لا يفكِّر فيه أولئك الكفار ، ولذلك يقنع أحدهم أنُّو يعيش هو وزوجته وله منها ولد أو ولدين ذكر وبنت إلى آخره ، وكما أقول بمثل هذه المناسبة : وخامسهم كلبهم !! زوجين وولدين وخامسهم كلبهم ، هَيْ حياتهم ؛ لأنُّو ما يفكرون في الآخرة إطلاقًا .
أما المسلم فتفكيره منطقه عقله غير ذاك تمامًا ؛ لذلك فالمفروض في المسلم أن يعتبر إذا كان زوجته ولودًا أن يعتبر أنه غني ؛ ولذلك عم نشوف كثير ناس يُبتلون بالعقم ، بتلاقي الزوج رايح على الطبيب والزوجة وإلى آخره بدهم الولد ، ويا سبحان الله ! تجد ناس آخرين الله بيرزقهم الأولاد بدهم إيش ؟ يخصموا ؛ ليه ؟ والله ما عادت الزوجة تتحمَّل ، والله تلقى مشقة !! يا أخي ، إيش في مَثَل بهذه المناسبة ؟ يعني المثل الشامي : " هاللي بدو يلاعب القط بدو يلقى خرابيشه " ، هاللي بدو يحصِّل الأجر والثواب بدو يحصِّل مشقة كما قال الرسول - عليه السلام - للسيدة عائشة - رضي الله عنها - حينَما حاضت في حجَّة الوداع مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وكانت هي ككلِّ نساء الرسول - عليه السلام - متمتِّعة ؛ أي : نوت العمرة بين يدي الحج ، لكنها لما نزلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكان اسمه " سرف " قريب من مكة دخل عليها الرسول - عليه السلام - ، فوَجَدَها تبكي ، فعرف - عليه السلام - قال لها : ( ما لك ؟ أَنفِسْتِ ؟ ) - يعني جاءك الحيض ؟ - . قالت : نعم يا رسول الله . قال : ( هذا أمر كَتَبَه الله على بنات آدم ؛ فاصنعي ما يصنع الحاجُّ غيرَ أن لا تطوفي ولا تصلي ) . فصنعت ما يصنع الحاج ، وأتمَّت المناسك كلها ، وهي في عرفات طهرت ، وكمَّلت المناسك ، وطافت طواف الإفاضة بل وطواف الوداع ، والرسول - عليه السلام - أعلنَ الرجوع إلى المدينة ، دخل عليها فوَجَدَها تبكي ، قال لها : ( ما لَكِ ؟ ) . قالت : ما لي ؟ يعود الناس بحجٍّ وعمرةٍ وأعود بحجٍّ دون عمرةٍ ؟! فقال لها : ( إنما أجرك ) - هنا الشاهد - ( على قدرِ نصبِك ) . وقال لأخيها عبد الرحمن : أردِفْها خلفَك ، واذهب بها إلى التَّنعيم ، وَلْتُحرِمْ من هناك وتدخل محرمة ، وتأتي بالعمرة التي إيه ؟ فاتتها . إي هذه تكلَّفت مسافة جديدة ، فقال لها ما سمعتم بمعنى الثواب على قدر المشقَّة .
فإذًا الأم التي تكون ولودًا هذه نعمة من الله - عز وجل - للزوجين ، فعليهما أن يصبرا وأن يتحمَّلا آثار الحمل وآثار مشقَّة التربية والإنفاق ووإلى آخره ما استطاعا إلى ذلك سبيلا ، فهذا منطق المسلم ، لكن المسلمين اليوم يقلِّدون الأروبيين حتى في منطقهم ، وبالتالي تختلف الآثار والنتائج ؛ تصبح النتائج غير إسلامية ، تصبح التربية غير إسلامية .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 126
- توقيت الفهرسة : 00:10:07
- نسخة مدققة إملائيًّا