ما حكم شخص يعيش تحت نفقة أخيه الذي يشرب خمر " البيرة " بزعمه أنها دواء وليست مسكرة ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : هنا سؤال طريف من أحد الإخوة ، الظاهر أنه طالب جامعي ، يقول : أنا طالب نظامي جامعي أسكن عند أخ لي في غرفة مستقلة ، هذا الأخ هو المسؤول عني يمدُّني بكل ما أحتاج إليه ؛ لأن والدي مسنٌّ ، لي إخوة غيره ، ولكنهم أقل اهتمامًا وعناية في ... هذا الأخ لا يصلي ، ويشرب الخمر سرًّا وعلانية ، فعندما أبيِّن له وأوضِّح حول الخمر وحرمتها ومضارِّها يقول : أنا لا أشرب عرقًا ، وإنما أشرب بيرة ، وهي غير مُسكرة ، وهل رأيتني مرة سكران وأهذي ؟ وإن هذه البيرة هي دواء وليس داء ، وهي غذاء للجسم ؛ بدليل أنها من صنع شركة الشرق للأغذية [ الجميع يضحك ! ] إلى ما هنالك من التبريرات .
يسأل الأخ : ما حكمي في هذا الموقف ؟ وما الحل ؟ يقول : ملاحظة : قوله بأنها دواء للجسم يُستدل به بأنه راحَ يزداد سمنة وصحة ، علمًا بأنه لا ينقطع عن الدواء .
واقع الكلام هو أن يستطيع أشياء تدعو للعبرة ، أوَّلًا الأخ السَّائل نفسه يروي بأن أخاه هذا لا ينقطع عن الدواء ؛ فكيف يحتاج إلى أن يجادله ويعني يستشير وهو يرى حاله التي تدعو إلى الإشفاق وإلى الرثاء ؛ فهذا الاستمرار في الدواء دليل واضح على أنه من تأثير الوارد من تأثير الخمر ، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى (( إِنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى )) حينما قال : ( إنها داء وليست بدواء ) أو كما قال - عليه السلام - .
أما الشبهة التي تذرَّع بها أخوه هذا بأن هذه - أو عدة شبه - بأن هذه ليست مُسكرة هذه البيرة ؛ فالجواب بأن الحديث الشريف بيَّن الحكم والقاعدة العامة في تحريم الشراب ؛ وهي أنه إذا وُجِدت فيه صفة الإسكار فيكون حرامًا ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( كلُّ مسكرٍ خمر ، وكلُّ خمرٍ حرام ) ، فإذا بحث الإنسان بتجرُّد وإنصاف هذا الشراب سواء البيرة مثلًا ، فنظر إلى إنسان شرب منه إنسان عادي طبعًا بأنه الإنسان العادي هو الذي يصدق فيه الحكم ، أما إنسان شاذ قد لا ... بسرعة أو معتاد على الإدمان والشرابات الثقيلة ، فأيُّ إنسان عادي إذا شرب كمية كبيرة من هذا الشراب فإن المعروف وال ، السَّائل يقول المقطوع به أنه يسكر من هذا الشراب ؛ لأن الحكم الذي يأخذه هذا الشراب هو أن يشرب منها الإنسان كمية كبيرة ، لا يصح أن يحتجَّ علينا فيقول : أشرب كأسًا ثم لا أسكر فإذًا هو حلال ؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال : ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) ، وفي رواية أخرى : ( ما أسكر الفرق منه فمِلْء الكفِّ حرام ) .
فإذًا لا بد من شرب كمية كبيرة بحيث يحتملها الإنسان في العادة ، فهذا لو ألصَقَ هذا الشارب نفسه وسُئِل هذا السؤال إذا كان مخلصًا لَاعترف بأنه يسكر بهذه الكمية ، وكما قلت : بالنسبة للإنسان العادي ، فالحكم سيكون حرامًا شرب القطرة البسيطة منه ما دام كثير هذا الشراب حرام . وأظن هذا الذي يقول هذا الكلام هو من المكابرين والمعاندين ؛ حيث يتلمَّس بهواه هذه ... .
وهناك قوله الشبهة الأخرى أنه يقول : إن هذه البيرة من صُنع شركة الشرق للأغذية ؛ هذا يعني أتفه الاستدلالات ؛ حيث أن هذه الشركة ما هي ثقة رجالها ؟ وثقة إدارتها ؟ وثقة الرجال فيها حيث يأخذ منهم الحكم أو ليس يأخذ منهم الحكم ؛ يعني لم يقولوا هم في بيانها بأنها ليست مسكرة وإنها مفيدة ، وإنما فقط هم الذين أنتجوها ، فليس لو كانوا ثقات لما كُذِبَ قولهم هذا لأنهم لم يُصرِّحوا ، ليس في كلامهم تصريح بأنها مغذِّية وبأنها مفيدة ؛ فكيف وهم لا يُعرَفون بدين ولا خلق ولا ثقة ولا أمانة ؟ وكيف هذا وقولهم هذا أو مفهوم قولهم الذي استدلَّ به يُعارض خبر المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي هو من عند الله - عز وجل - ، ونحن قد اعتَدْنا وقد عرفنا أن من منهج السلف الصالح أنه لا يجوز لأحد أن يقول قولًا أمام قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يجوز .
الشيخ : ... .
عيد عباسي : إي نعم .
أن يعامل كلام نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - كما يعامل أحدنا كلام الآخر ، ويضرب له الأمثلة والشُّبَه ، هذا كلام مردود ولا يؤبه له ، أما الناحية الأخيرة من سؤاله وهي التي يجدر بيانها ، ولها شيء من الوجاهة ؛ يقول : ما حكمي أنا في هذا الموقف ؟ يعني أنا وضعي أنه يعينني ، وأسكن عنده ؟
فالجواب : الذي يبدو لي - والله أعلم - أنه إذا استطاع أن يستغني لنفسه فيعمل ولو عملًا بسيطًا يستغني عن مثل عن إعالة مثل هذا الأخ ولو كان كفافًا ، وقد سمعنا أخبار الصحابة - رضوان الله عليهم - أهل الصُّفَّة الذين ما اضطرَّهم إلى هذه العيشة الشَّظفة القاسية إلا فرارهم بدينهم من الفتن ، تركوا مكة وكان لهم أموال وكان لهم أهل وكان لهم أثاث ، تركوا كل ذلك في سبيل الله .
فإذا استطاع هذا الأخ أن يستغني وهو شاب ، والشاب من طبيعته أنه يستطيع أن يعمل ، وهناك نماذج كثيرة نعرفها ، الإنسان يعتمد على نفسه ، فيعمل بعض ساعات بيع شراء أيِّ عمل ، والله - عز وجل - يوفِّقه إذا أخلص لله - عز وجل - وسعى للتخلُّص مما فيه حرام أو شبهة ؛ فإنه جدير بأن يُوفَّق بإذنه تعالى ، كما قال - سبحانه وتعالى - : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) ، فإذا لم يستطع وكان مضطرًّا نقول له : تُنكر ما استطعت كما في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) ، وبعد ذلك لا وزرَ عليك إن شاء الله ، والله تعالى أعلم .
...
يسأل الأخ : ما حكمي في هذا الموقف ؟ وما الحل ؟ يقول : ملاحظة : قوله بأنها دواء للجسم يُستدل به بأنه راحَ يزداد سمنة وصحة ، علمًا بأنه لا ينقطع عن الدواء .
واقع الكلام هو أن يستطيع أشياء تدعو للعبرة ، أوَّلًا الأخ السَّائل نفسه يروي بأن أخاه هذا لا ينقطع عن الدواء ؛ فكيف يحتاج إلى أن يجادله ويعني يستشير وهو يرى حاله التي تدعو إلى الإشفاق وإلى الرثاء ؛ فهذا الاستمرار في الدواء دليل واضح على أنه من تأثير الوارد من تأثير الخمر ، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى (( إِنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى )) حينما قال : ( إنها داء وليست بدواء ) أو كما قال - عليه السلام - .
أما الشبهة التي تذرَّع بها أخوه هذا بأن هذه - أو عدة شبه - بأن هذه ليست مُسكرة هذه البيرة ؛ فالجواب بأن الحديث الشريف بيَّن الحكم والقاعدة العامة في تحريم الشراب ؛ وهي أنه إذا وُجِدت فيه صفة الإسكار فيكون حرامًا ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( كلُّ مسكرٍ خمر ، وكلُّ خمرٍ حرام ) ، فإذا بحث الإنسان بتجرُّد وإنصاف هذا الشراب سواء البيرة مثلًا ، فنظر إلى إنسان شرب منه إنسان عادي طبعًا بأنه الإنسان العادي هو الذي يصدق فيه الحكم ، أما إنسان شاذ قد لا ... بسرعة أو معتاد على الإدمان والشرابات الثقيلة ، فأيُّ إنسان عادي إذا شرب كمية كبيرة من هذا الشراب فإن المعروف وال ، السَّائل يقول المقطوع به أنه يسكر من هذا الشراب ؛ لأن الحكم الذي يأخذه هذا الشراب هو أن يشرب منها الإنسان كمية كبيرة ، لا يصح أن يحتجَّ علينا فيقول : أشرب كأسًا ثم لا أسكر فإذًا هو حلال ؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال : ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) ، وفي رواية أخرى : ( ما أسكر الفرق منه فمِلْء الكفِّ حرام ) .
فإذًا لا بد من شرب كمية كبيرة بحيث يحتملها الإنسان في العادة ، فهذا لو ألصَقَ هذا الشارب نفسه وسُئِل هذا السؤال إذا كان مخلصًا لَاعترف بأنه يسكر بهذه الكمية ، وكما قلت : بالنسبة للإنسان العادي ، فالحكم سيكون حرامًا شرب القطرة البسيطة منه ما دام كثير هذا الشراب حرام . وأظن هذا الذي يقول هذا الكلام هو من المكابرين والمعاندين ؛ حيث يتلمَّس بهواه هذه ... .
وهناك قوله الشبهة الأخرى أنه يقول : إن هذه البيرة من صُنع شركة الشرق للأغذية ؛ هذا يعني أتفه الاستدلالات ؛ حيث أن هذه الشركة ما هي ثقة رجالها ؟ وثقة إدارتها ؟ وثقة الرجال فيها حيث يأخذ منهم الحكم أو ليس يأخذ منهم الحكم ؛ يعني لم يقولوا هم في بيانها بأنها ليست مسكرة وإنها مفيدة ، وإنما فقط هم الذين أنتجوها ، فليس لو كانوا ثقات لما كُذِبَ قولهم هذا لأنهم لم يُصرِّحوا ، ليس في كلامهم تصريح بأنها مغذِّية وبأنها مفيدة ؛ فكيف وهم لا يُعرَفون بدين ولا خلق ولا ثقة ولا أمانة ؟ وكيف هذا وقولهم هذا أو مفهوم قولهم الذي استدلَّ به يُعارض خبر المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي هو من عند الله - عز وجل - ، ونحن قد اعتَدْنا وقد عرفنا أن من منهج السلف الصالح أنه لا يجوز لأحد أن يقول قولًا أمام قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يجوز .
الشيخ : ... .
عيد عباسي : إي نعم .
أن يعامل كلام نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - كما يعامل أحدنا كلام الآخر ، ويضرب له الأمثلة والشُّبَه ، هذا كلام مردود ولا يؤبه له ، أما الناحية الأخيرة من سؤاله وهي التي يجدر بيانها ، ولها شيء من الوجاهة ؛ يقول : ما حكمي أنا في هذا الموقف ؟ يعني أنا وضعي أنه يعينني ، وأسكن عنده ؟
فالجواب : الذي يبدو لي - والله أعلم - أنه إذا استطاع أن يستغني لنفسه فيعمل ولو عملًا بسيطًا يستغني عن مثل عن إعالة مثل هذا الأخ ولو كان كفافًا ، وقد سمعنا أخبار الصحابة - رضوان الله عليهم - أهل الصُّفَّة الذين ما اضطرَّهم إلى هذه العيشة الشَّظفة القاسية إلا فرارهم بدينهم من الفتن ، تركوا مكة وكان لهم أموال وكان لهم أهل وكان لهم أثاث ، تركوا كل ذلك في سبيل الله .
فإذا استطاع هذا الأخ أن يستغني وهو شاب ، والشاب من طبيعته أنه يستطيع أن يعمل ، وهناك نماذج كثيرة نعرفها ، الإنسان يعتمد على نفسه ، فيعمل بعض ساعات بيع شراء أيِّ عمل ، والله - عز وجل - يوفِّقه إذا أخلص لله - عز وجل - وسعى للتخلُّص مما فيه حرام أو شبهة ؛ فإنه جدير بأن يُوفَّق بإذنه تعالى ، كما قال - سبحانه وتعالى - : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) ، فإذا لم يستطع وكان مضطرًّا نقول له : تُنكر ما استطعت كما في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) ، وبعد ذلك لا وزرَ عليك إن شاء الله ، والله تعالى أعلم .
...
- تسجيلات متفرقة - شريط : 271
- توقيت الفهرسة : 00:51:35
- نسخة مدققة إملائيًّا