السائل : الرسومات على الملابس - يا شيخ - ، في جماعة اللي نناقشهم بيحتجوا أنُّو استثناء ( إلا رَقْمًا في ثوب ) ؛ فهل هذا ينطبق ... ؟

الشيخ : رَقْم ، كلمة الرَّقْم في اللغة لا تعني الصورة ، هذا كله رَقْم ، شايف الصور هَيْ ؟ كلها هَيْ اسمها رَقْم ، فهاللي بدو يفسِّر ( إلا رَقْمًا في ثوب ) لا بد ما يكون عنده حديث - وهذا مفقود - ؛ لا بد ما يكون عنده حديث صحيح بلفظ : " إلا صورة في ثوب " ، وهذا لا وجود له ، واضح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : فهو ما أدري لعل بعض إخواننا يعرفون ، الاستثناء في اللغة العربية ينقسم إلى قسمين : استثناء متصل واستثناء منقطع ؛ يعني - مثلًا - لما بيقول العربي : جاء القوم إلا الوزير ، هذا اسمه استثناء متصل ؛ لأن المستثنى من جنس المستثنى منه ، " جاء القوم " يعني البشر ، " إلا الوزير " وهو من البشر ، هذا اسمه استثناء ، لكن إذا قال العربي مثال ما تستغربوه لأنُّو راح أجيب لكم مثال من القرآن : " جاء القوم إلا الحمار " ، هذا تعبير عربي صحيح ، لكن هذا بيسمُّوه إيش ؟ استثناء منقطع ، ما له علاقة بالمستثنى منه ، فالحمار ليس من القوم ، شو بيطلع المعنى ؟ جاء القوم غير الحمار ، غير الحمار ما يرد الإشكال اللي بيرد على " إلا الحمار " ، لكن اللي بيعرف اللغة العربية ما يستشكل هذا التعبير ، في القرآن كثير من هذا النوع الثاني ، (( فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ )) أجمعون ولَّا أجمعين الآية ؟ الشاهد : (( إِلَّا إِبْلِيسَ )) .

السائل : (( فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ )) .

الشيخ : (( أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ )) ، (( إِلَّا إِبْلِيسَ )) متصل ولَّا منقطع ؟ منقطع ؛ لأنُّو إبليس ليس من الملائكة خلافًا لِمَا يتوهَّم بعض العوام ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( خُلقت الملائكة من نور ، وخُلق الجان من نار ) ، وإبليس نفسه كان من حجته الباطلة : خلقتَني من نار وخلقتَه من طين ؛ إذًا هو مخلوق من نار ، أما الملائكة فهم مخلوقون من نور ، فلما قال : (( إِلَّا إِبْلِيسَ )) إذًا غير إبليس ، هذا شو اسمه ؟ استثناء منقطع .

هون بيفيدنا بقى هلق ، ( إلا رَقْمًا في ثوب ) يعني غير رقم في ثوب ، مش ضروري تفسرها بمعنى الصورة المذكورة في أول الحديث : ( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب ) ، بعدين ذكروا صاحبه ، قال له : لكن ما سمعت مَن قال : ( إلا رَقْمًا في ثوب ) ؟ إي نعم ، إي ، ( إلا رَقْمًا في ثوب ) مش معناها إلا صورة في ثوب ، إلا إذا فُسِّر بمعنى إيش ؟ الاستثناء المتصل ؛ لا ، هذا ليس استثناء متصل ، قد يقول قائل : ما هو الدليل ؟ الدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان على ذاك الموعد مع جبريل - عليه السلام - ، وتأخَّر قليلًا عن الموعد ، فرُئِيَ كأنه مكروب - عليه السلام - ، سألوه نساؤه ، قال أنُّو جبريل وعدني أن يأتيني ، كأنه بيقول : ما جاء ، وإذا جبريل يظهر خارج الحجرة ، فسارع إليه الرسول - عليه السلام - ، فقال له جبريل : ( إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتًا فيه صورة أو كلب ، فانظر ، فإنَّ في البيت جرو كلب ، فمُرْ بالكلب فليُخرَج ، وَلْيُنضح مكانه بالماء ، وفي البيت قرام فيه صور الرجال ، فمُرْ بالصور فتُغيَّر حتى تصير كهيئة الشجرة ) ، فغُيِّرت هذه الصور حتى صارت كهيئة الشجرة .

كذلك حديث آخر كان الرسول - عليه السلام - السيدة عائشة اشترت مرفقة ، يعني يتَّكئ الرسول عليها ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أنكر ذلك عليها ، فأخذت المِرفقة هذه وقطَّعتها حتى تغيَّرت الصورة منها ، فبهذه الأحاديث كلها نستنبط أنُّو سواء كانت الصورة معلَّقة ، أو كانت مُدَاسة بالأقدام ، فإذا كانت كاملة فلا يجوز ،( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب ) ، أما إذا كانت غُيِّرت معالمها سواء بالقطع أو بتحميلها إلى صورة منظر شجرة أو نحو ذلك ؛ فهذا جائز ، وهذه المسألة أنا كنت شرحتها بعض الشيء في كتابي " آداب الزفاف في السنة المطهرة " .

نمشي يا أستاذ .

السائل : تفضل .