إذا لم تكن تُوجد مخالفات شرعية في التمثيل ، وكان الغرض منها إيصال معاني الدين عن طريقها ؛ فهل تجوز حينئذٍ إذا كانت تحقِّق مصالح ؟
A-
A=
A+
السائل : ... خوفًا من الوقوف ... .
الشيخ : نعم .
السائل : ... .
الشيخ : هذه أمور دنيوية محضة ؟ تمثيل الرسالة .
السائل : لا لا ... .
الشيخ : إذًا ؟ .
السائل : ... .
الشيخ : التمثيل نعم ، بس التمثيل إيش الغرض منه ؟ أليس التوجيه ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : طيب ، التوجيه أمور عادي ؟ أو أمور عادية ؟
السائل : ... .
الشيخ : لا ، بس ما بُنِيَ على فاسد فهو فاسد ، بدك قبل أنك يعني تمضي في الكلام ، الكلمة اللي بتقولها تثبتها ، أوَّلًا أنت قلت هذه أمور عادية ، بينما هي تعبُّدية وليست عادية .
السائل : ... .
الشيخ : طيب ، جزاك الله خير .
السائل : ... .
الشيخ : إذًا ؟
السائل : يعني التمثيل هذا يكون ولنفترض أنه نريد أن نوصل فكرة معيَّنة إلى طائفة معيَّنة من الناس .
الشيخ : كويس .
السائل : فهذه ... نخترع قصة معينة لها أسلوب معيَّن ، ويمثِّلها طائفة من الشباب الملتزم ، مع عدم وجود المخالفات الشرعية التي ذكرتها لا في الصحابة ولا في التاريخ الإسلامي ، وإنما هي كما ذكرت وليس ... وإنما مجرَّد إيصال المعنى والمقصود إسلامي بطريق التمثيل ، ويعني تكون هذه الحاجة ... ولكن يعني ضرورية في مجال الدعوة ؛ لأنُّو هناك طائفة كبيرة من المسلمين يرتادون المسارح ، ولا نقول نحن نشارك في المسارح التي يُعرض فيها الفساد ، ولكن نقول نحن يمكن أن نعرض بعض التمثيليات الهادفة التي يمكن أن تُلقي في قلوب أولئك الذين يحبُّون المسرح والتمثيل بعض المعاني التي قد ... كمجال من مجالات الدعوة ؛ فهل في ذلك ... ؟
الشيخ : بارك الله فيك ، الكلام النظري شيء والواقعي شيء آخر ، الآن أين تُعرض هذه التمثيليات ؟ أين تُعرض ؟ في أماكن يعني مسارح إسلامية ليس فيها مخالفة للشريعة إطلاقًا ؟
السائل : ... .
الشيخ : فإذًا ؟ تتكلم شيء نظري أنت .
السائل : ... لو أن فرضًا ... مثلًا أن العروض ... ويكون إسلامي .
الشيخ : طيب .
السائل : ... .
الشيخ : البحث ليس نظريًّا ، البحث عملي ، وأنا في عندي طريقة في الجواب أنزع الخصام بين الاثنين ؛ يسألني سائل ؛ أقول : أخي ، هذا السَّائل نظري مش عملي ، فرضي ما هو واقعي ، قال : إي فرضًا ؛ فأقول : الجواب في هذا السؤال يجوز فرضًا ، الجواب يجوز فرضًا ، أو يجب فرضًا ، إيش الفائدة من هذا ؟ نحن نريد أن نعالج الواقع ، كل هذه الإضافات التي أضفتها أنت من التحفُّظات في عدم مخالفة الشريعة ؛ تتصوَّر تمثيلية ليس فيها كذبة لربط القصة بعضها في بعض وتمثيله بعضها في بعض ، تتصوَّر هذا أنت ؟
السائل : ... .
الشيخ : ... .
السائل : ... .
الشيخ : لما بدك أنت ، لما بدك تضع للناس قصة بتمثِّلها لهم .
السائل : ... .
الشيخ : إي ، فهذه القصة واقعية ولَّا خيالية ؟
السائل : لا ، خيالية .
الشيخ : خيالية ، والناس يفهمون أنها خيال ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، ما فائدة تشغيل الناس بالخيال وفي عندنا حقائق من الشرع تؤدِّب الناس خير ما تؤدِّب إن قلنا نحن خيرًا مما يؤدب الخيال ، هذا هو سبيل المشركين ، وهذا ما أوضَحْتُه آنفًا ، هم لا يوجد عندهم ما عندنا من المعالجات الروحية الواقعية التي لا تمتُّ للخيال بصلة ؛ فلماذا إذًا فرض قضايا خيالية وعندنا قصص قرآنية وأحاديث نبوية ؟
السائل : ما ممكن عرضت لك حادثة عملية .
الشيخ : نعم .
السائل : ما يحدث من شباب مسلم ملتزم يعني ... الحق أقول إذا أطلقنا التحريم بالتمثيل معناها أنه ... .
الشيخ : وكلامي كان مطلقًا ؟ ولَّا كان في أوَّلًا تشبه بالكفار ، وثانيًا أنُّو في هناك لا بد من أن يقع كذب ، ولا بد من أن يقع تشبُّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وإلى آخره .
السائل : يعني مفهوم كلامك أنُّو ما في تمثيل .
الشيخ : نعم ، لأنُّو ما في تمثيلية أنا فيما أعتقد إلا يكون فيها مخالفة شرعية ، لما بتجعلني أمام أمر واقع وما تستطيع ولا أنت غيرك أمام تمثيلية يعرف الناس أنها خيال في خيال ، وأن هذه التمثيلية المسلمون بحاجة إليها ، وأن ما عندهم من هدي القرآن وسنة الرسول - عليه السلام - لا يكفي ، لماذا ذكرت أنا حديث عمر بن الخطاب والصحيفة التي أخَذَها من اليهود ؟ لأن الرسول أفادَنا أنُّو موسى - عليه السلام - وهو كليم الله لو كان في زمنه لا يسَعُه إلا أن يكون تابعًا للرسول - عليه السلام - ، لِمَ ؟ لأن الشرع جمعَ فأوعى ، كل الغايات وكل الوسائل المشروعة ففيها الخير والبركة ، فأنا ما أطلقت قلت : التمثيل لا يجوز ، بيَّنت لماذا ، وما هي الأسباب التي تجعلني أن أقول هذا .
ولعل هذا يدفعني أن أذكِّر - أيضًا - بحديث الصحابي الذي لا أستحضر الآن اسمه ، المهم أنهم كانوا في سفر ، فمرُّوا بشجرة كان المشركون يعلِّقون عليها أسلحتهم ، فقالوا أو قال بعضهم : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط . فقال - عليه السلام - : ( الله أكبر ! هذه السُّنن ) ، وفي رواية : ( هذه السَّنن ؛ لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) ) . وكل إنسان عنده شيء من الفهم يُفرِّق بقوة بين قول اليهود لموسى : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) وبين قول بعض أصحاب الرسول - عليه السلام - له : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ؛ أولئك طلبوا من موسى - عليه السلام - أن يتَّخذ لهم صنمًا يعبدونه من دون الله ؛ أي : طلبوا منه الشرك وأن يؤيدهم ويساعدهم على ذلك ، أما أصحاب الرسول - عليه السلام - لم يفعلوا شيئًا من ذلك أبدًا ، كل ما في الأمر : يا رسول الله ، اجعل لنا شجرةً نعلِّق عليها الأسلحة كما للمشركين مثل هذه الشجرة ؛ فأنكر الرسول - عليه السلام - المطابقة اللفظية من قولهم : " اجعل لنا ذات أنواط " بالمطابقة اللفظية لقول اليهود : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) ، مع الفارق الكبير جدًّا جدًّا بين معنى قولهم : " اجعَلْ لنا ذات أنواط " ، وقول اليهود : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) ؛ فإذًا ما فقهُ هذا الحديث ؟
فقه هذا الحديث قطع دابر تشبُّه المسلمين بالكفار حتى بألفاظ لها معان صحيحة أو على الأقل جائزة ، لكن اللفظ يُشابه لفظ الكفار ؛ فما بالك إذا نحن أخذنا من هؤلاء الكفار وسائل ابتدعوها والسبب عليها ؟ أنت ما وقفت عند هذا السبب الذي ذكرته أبدًا ؛ ما الذي يحمل الكفار إلى هذه التمثيليات ؟ لا يوجد لديهم - يا أخي - الغذاء الروحي الموجود عندنا ؛ فلذلك لما نحن نأخذ منهم هذه الوسائل فهذا شيء ، واتِّخاذنا وسائل السيارات والطيارات وما شابه ذلك شيء آخر مما أنت أشرتَ في كلامك ووصفتها بأنها أمور عادية ، فركوب السيارة والطيارة وما شابه ذلك هذه أمور عادية فعلًا محضة ، ولا تدخل في موضوع قوله - عليه السلام - : ( مَن تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم ) ، لكن التمثيليات - سبحان الله ! - مثل السيارات والطيارات ؟! الدافع على التمثيليات فقرهم الروحي ، والدافع لنا على عدم التمثيليات الغناء الروحي ، فشتان بين هذا وما بين هذا !! في عندك شيء آخر ؟
السائل : ... بارك الله فيكم ... .
الشيخ : تفضل .
السائل : ... الأسئلة كثيرة .
الشيخ : عفوًا ، يقول في أسئلة كثيرة .
السائل : أسئلة كثيرة بارك الله فيكم .
سائل آخر : ... .
الشيخ : الندوات الدينية - بارك الله فيك - في منها شيء ضروري وفي منها غير ضروري .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : أنت فهمت جوابي ؟
سائل آخر : تفضل .
الشيخ : أنا بدأت بالجواب بقولي : فيه أشياء ضرورية وفيه أشياء غير ضرورية ، أحسن ما يُقال فيها إنها كمالية ، فإذا عُرِضت في التلفزيون الأشياء الضرورية ؛ فهي وسيلة جائزة ، ونُلحِقُها بلُعَب السيدة عائشة ، أما إذا أصبح التلفزيون عرضة لكل شيء وليس لِمَا لا يجوز كما هو مشاهد اليوم ، بل ولِمَا يجوز ولكن لا حاجة للمسلمين إليه ؛ لذلك نحن لا يهمنا أن - أيضًا كهذا المثال تمامًا - أن نفترض فرضيات وواقعنا خلاف ذلك ، لماذا لا نقول : ما حكم التلفزيون الذي نراه في العالم العربي اليوم ؟ وإنما نقول : ما حكم الجلسات - مثلًا - العلمية أو الندوات العلمية وإلى آخره ؟ فنسأل عن شيء يمكن أن يكون جائزًا ، ونغضُّ النظر عن الأشياء التي مش يمكن أن تكون غير جائزة ، بل هي يقينًا غير جائزة ، فكأن الأمر هو محاولة لتسليك هذا الواقع - وكما يُقال - على عجره وبجره .
أنا أضرب لك مثلًا ؛ حتى اليوم هل قام دولة أو - مثلًا - هيئة تلفزيونية فعرضت على المسلمين صورة واقعية لعالِم من العلماء المسلمين يأتي بمناسك الحج لوحده ؛ لكي يتعلَّم المسلمون الذين يحجون إلى بيت الله الحرام لا يعرفون مناسك الحج ، ولا استطاعوا أن يتعلَّموها ، فيعود كثير منهم كما قال ذلك الشاعر العربي القديم لأمثال هؤلاء : " وما حجَجْتَ ولكن حجَّت الإبل " ؟!! هل قام تلفزيون ما بعرض مناسك الحج من رجل عالم يتعلَّم العالم الإسلامي كله مناسك الحج على هدوء وعلى رويَّة ؟ أنا ما رأيت هذا ولا سمعت به . بل أبسط من هذا ؛ هل قام عالم يُصلي صلاة هي صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلي ) ، يعرض صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على شاشة التلفزيون ليتعلَّم الناس ، ليتعلَّم أهل العلم فضلًا عن غيرهم كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ؟ ما ، حلم لسا بعد هذه الأفكار لا يحلم بها كثير من الناس ؛ فلماذا لا نهتمُّ بشيء يُفيد المسلمين قطعًا ؟ وعلى العكس من ذلك ؛ يعني نعرض ما يجوز وما لا يجوز ، أنا أقول : لا يجوز عرض في التلفزيون إلا ما كان من هذه الأمثلة ... .
الشيخ : نعم .
السائل : ... .
الشيخ : هذه أمور دنيوية محضة ؟ تمثيل الرسالة .
السائل : لا لا ... .
الشيخ : إذًا ؟ .
السائل : ... .
الشيخ : التمثيل نعم ، بس التمثيل إيش الغرض منه ؟ أليس التوجيه ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : طيب ، التوجيه أمور عادي ؟ أو أمور عادية ؟
السائل : ... .
الشيخ : لا ، بس ما بُنِيَ على فاسد فهو فاسد ، بدك قبل أنك يعني تمضي في الكلام ، الكلمة اللي بتقولها تثبتها ، أوَّلًا أنت قلت هذه أمور عادية ، بينما هي تعبُّدية وليست عادية .
السائل : ... .
الشيخ : طيب ، جزاك الله خير .
السائل : ... .
الشيخ : إذًا ؟
السائل : يعني التمثيل هذا يكون ولنفترض أنه نريد أن نوصل فكرة معيَّنة إلى طائفة معيَّنة من الناس .
الشيخ : كويس .
السائل : فهذه ... نخترع قصة معينة لها أسلوب معيَّن ، ويمثِّلها طائفة من الشباب الملتزم ، مع عدم وجود المخالفات الشرعية التي ذكرتها لا في الصحابة ولا في التاريخ الإسلامي ، وإنما هي كما ذكرت وليس ... وإنما مجرَّد إيصال المعنى والمقصود إسلامي بطريق التمثيل ، ويعني تكون هذه الحاجة ... ولكن يعني ضرورية في مجال الدعوة ؛ لأنُّو هناك طائفة كبيرة من المسلمين يرتادون المسارح ، ولا نقول نحن نشارك في المسارح التي يُعرض فيها الفساد ، ولكن نقول نحن يمكن أن نعرض بعض التمثيليات الهادفة التي يمكن أن تُلقي في قلوب أولئك الذين يحبُّون المسرح والتمثيل بعض المعاني التي قد ... كمجال من مجالات الدعوة ؛ فهل في ذلك ... ؟
الشيخ : بارك الله فيك ، الكلام النظري شيء والواقعي شيء آخر ، الآن أين تُعرض هذه التمثيليات ؟ أين تُعرض ؟ في أماكن يعني مسارح إسلامية ليس فيها مخالفة للشريعة إطلاقًا ؟
السائل : ... .
الشيخ : فإذًا ؟ تتكلم شيء نظري أنت .
السائل : ... لو أن فرضًا ... مثلًا أن العروض ... ويكون إسلامي .
الشيخ : طيب .
السائل : ... .
الشيخ : البحث ليس نظريًّا ، البحث عملي ، وأنا في عندي طريقة في الجواب أنزع الخصام بين الاثنين ؛ يسألني سائل ؛ أقول : أخي ، هذا السَّائل نظري مش عملي ، فرضي ما هو واقعي ، قال : إي فرضًا ؛ فأقول : الجواب في هذا السؤال يجوز فرضًا ، الجواب يجوز فرضًا ، أو يجب فرضًا ، إيش الفائدة من هذا ؟ نحن نريد أن نعالج الواقع ، كل هذه الإضافات التي أضفتها أنت من التحفُّظات في عدم مخالفة الشريعة ؛ تتصوَّر تمثيلية ليس فيها كذبة لربط القصة بعضها في بعض وتمثيله بعضها في بعض ، تتصوَّر هذا أنت ؟
السائل : ... .
الشيخ : ... .
السائل : ... .
الشيخ : لما بدك أنت ، لما بدك تضع للناس قصة بتمثِّلها لهم .
السائل : ... .
الشيخ : إي ، فهذه القصة واقعية ولَّا خيالية ؟
السائل : لا ، خيالية .
الشيخ : خيالية ، والناس يفهمون أنها خيال ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، ما فائدة تشغيل الناس بالخيال وفي عندنا حقائق من الشرع تؤدِّب الناس خير ما تؤدِّب إن قلنا نحن خيرًا مما يؤدب الخيال ، هذا هو سبيل المشركين ، وهذا ما أوضَحْتُه آنفًا ، هم لا يوجد عندهم ما عندنا من المعالجات الروحية الواقعية التي لا تمتُّ للخيال بصلة ؛ فلماذا إذًا فرض قضايا خيالية وعندنا قصص قرآنية وأحاديث نبوية ؟
السائل : ما ممكن عرضت لك حادثة عملية .
الشيخ : نعم .
السائل : ما يحدث من شباب مسلم ملتزم يعني ... الحق أقول إذا أطلقنا التحريم بالتمثيل معناها أنه ... .
الشيخ : وكلامي كان مطلقًا ؟ ولَّا كان في أوَّلًا تشبه بالكفار ، وثانيًا أنُّو في هناك لا بد من أن يقع كذب ، ولا بد من أن يقع تشبُّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وإلى آخره .
السائل : يعني مفهوم كلامك أنُّو ما في تمثيل .
الشيخ : نعم ، لأنُّو ما في تمثيلية أنا فيما أعتقد إلا يكون فيها مخالفة شرعية ، لما بتجعلني أمام أمر واقع وما تستطيع ولا أنت غيرك أمام تمثيلية يعرف الناس أنها خيال في خيال ، وأن هذه التمثيلية المسلمون بحاجة إليها ، وأن ما عندهم من هدي القرآن وسنة الرسول - عليه السلام - لا يكفي ، لماذا ذكرت أنا حديث عمر بن الخطاب والصحيفة التي أخَذَها من اليهود ؟ لأن الرسول أفادَنا أنُّو موسى - عليه السلام - وهو كليم الله لو كان في زمنه لا يسَعُه إلا أن يكون تابعًا للرسول - عليه السلام - ، لِمَ ؟ لأن الشرع جمعَ فأوعى ، كل الغايات وكل الوسائل المشروعة ففيها الخير والبركة ، فأنا ما أطلقت قلت : التمثيل لا يجوز ، بيَّنت لماذا ، وما هي الأسباب التي تجعلني أن أقول هذا .
ولعل هذا يدفعني أن أذكِّر - أيضًا - بحديث الصحابي الذي لا أستحضر الآن اسمه ، المهم أنهم كانوا في سفر ، فمرُّوا بشجرة كان المشركون يعلِّقون عليها أسلحتهم ، فقالوا أو قال بعضهم : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط . فقال - عليه السلام - : ( الله أكبر ! هذه السُّنن ) ، وفي رواية : ( هذه السَّنن ؛ لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) ) . وكل إنسان عنده شيء من الفهم يُفرِّق بقوة بين قول اليهود لموسى : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) وبين قول بعض أصحاب الرسول - عليه السلام - له : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ؛ أولئك طلبوا من موسى - عليه السلام - أن يتَّخذ لهم صنمًا يعبدونه من دون الله ؛ أي : طلبوا منه الشرك وأن يؤيدهم ويساعدهم على ذلك ، أما أصحاب الرسول - عليه السلام - لم يفعلوا شيئًا من ذلك أبدًا ، كل ما في الأمر : يا رسول الله ، اجعل لنا شجرةً نعلِّق عليها الأسلحة كما للمشركين مثل هذه الشجرة ؛ فأنكر الرسول - عليه السلام - المطابقة اللفظية من قولهم : " اجعل لنا ذات أنواط " بالمطابقة اللفظية لقول اليهود : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) ، مع الفارق الكبير جدًّا جدًّا بين معنى قولهم : " اجعَلْ لنا ذات أنواط " ، وقول اليهود : (( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )) ؛ فإذًا ما فقهُ هذا الحديث ؟
فقه هذا الحديث قطع دابر تشبُّه المسلمين بالكفار حتى بألفاظ لها معان صحيحة أو على الأقل جائزة ، لكن اللفظ يُشابه لفظ الكفار ؛ فما بالك إذا نحن أخذنا من هؤلاء الكفار وسائل ابتدعوها والسبب عليها ؟ أنت ما وقفت عند هذا السبب الذي ذكرته أبدًا ؛ ما الذي يحمل الكفار إلى هذه التمثيليات ؟ لا يوجد لديهم - يا أخي - الغذاء الروحي الموجود عندنا ؛ فلذلك لما نحن نأخذ منهم هذه الوسائل فهذا شيء ، واتِّخاذنا وسائل السيارات والطيارات وما شابه ذلك شيء آخر مما أنت أشرتَ في كلامك ووصفتها بأنها أمور عادية ، فركوب السيارة والطيارة وما شابه ذلك هذه أمور عادية فعلًا محضة ، ولا تدخل في موضوع قوله - عليه السلام - : ( مَن تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم ) ، لكن التمثيليات - سبحان الله ! - مثل السيارات والطيارات ؟! الدافع على التمثيليات فقرهم الروحي ، والدافع لنا على عدم التمثيليات الغناء الروحي ، فشتان بين هذا وما بين هذا !! في عندك شيء آخر ؟
السائل : ... بارك الله فيكم ... .
الشيخ : تفضل .
السائل : ... الأسئلة كثيرة .
الشيخ : عفوًا ، يقول في أسئلة كثيرة .
السائل : أسئلة كثيرة بارك الله فيكم .
سائل آخر : ... .
الشيخ : الندوات الدينية - بارك الله فيك - في منها شيء ضروري وفي منها غير ضروري .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : أنت فهمت جوابي ؟
سائل آخر : تفضل .
الشيخ : أنا بدأت بالجواب بقولي : فيه أشياء ضرورية وفيه أشياء غير ضرورية ، أحسن ما يُقال فيها إنها كمالية ، فإذا عُرِضت في التلفزيون الأشياء الضرورية ؛ فهي وسيلة جائزة ، ونُلحِقُها بلُعَب السيدة عائشة ، أما إذا أصبح التلفزيون عرضة لكل شيء وليس لِمَا لا يجوز كما هو مشاهد اليوم ، بل ولِمَا يجوز ولكن لا حاجة للمسلمين إليه ؛ لذلك نحن لا يهمنا أن - أيضًا كهذا المثال تمامًا - أن نفترض فرضيات وواقعنا خلاف ذلك ، لماذا لا نقول : ما حكم التلفزيون الذي نراه في العالم العربي اليوم ؟ وإنما نقول : ما حكم الجلسات - مثلًا - العلمية أو الندوات العلمية وإلى آخره ؟ فنسأل عن شيء يمكن أن يكون جائزًا ، ونغضُّ النظر عن الأشياء التي مش يمكن أن تكون غير جائزة ، بل هي يقينًا غير جائزة ، فكأن الأمر هو محاولة لتسليك هذا الواقع - وكما يُقال - على عجره وبجره .
أنا أضرب لك مثلًا ؛ حتى اليوم هل قام دولة أو - مثلًا - هيئة تلفزيونية فعرضت على المسلمين صورة واقعية لعالِم من العلماء المسلمين يأتي بمناسك الحج لوحده ؛ لكي يتعلَّم المسلمون الذين يحجون إلى بيت الله الحرام لا يعرفون مناسك الحج ، ولا استطاعوا أن يتعلَّموها ، فيعود كثير منهم كما قال ذلك الشاعر العربي القديم لأمثال هؤلاء : " وما حجَجْتَ ولكن حجَّت الإبل " ؟!! هل قام تلفزيون ما بعرض مناسك الحج من رجل عالم يتعلَّم العالم الإسلامي كله مناسك الحج على هدوء وعلى رويَّة ؟ أنا ما رأيت هذا ولا سمعت به . بل أبسط من هذا ؛ هل قام عالم يُصلي صلاة هي صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلي ) ، يعرض صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على شاشة التلفزيون ليتعلَّم الناس ، ليتعلَّم أهل العلم فضلًا عن غيرهم كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ؟ ما ، حلم لسا بعد هذه الأفكار لا يحلم بها كثير من الناس ؛ فلماذا لا نهتمُّ بشيء يُفيد المسلمين قطعًا ؟ وعلى العكس من ذلك ؛ يعني نعرض ما يجوز وما لا يجوز ، أنا أقول : لا يجوز عرض في التلفزيون إلا ما كان من هذه الأمثلة ... .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 230
- توقيت الفهرسة : 00:43:43
- نسخة مدققة إملائيًّا