التنبيه على أن التفريق بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي يليق بمذهب أهل الظاهر ، غير أنه يستحيل أن يقولوا به . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التنبيه على أن التفريق بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي يليق بمذهب أهل الظاهر ، غير أنه يستحيل أن يقولوا به .
A-
A=
A+
الشيخ : وهنا شيء لا بد من التنبيه عليه ؛ إننا على الرغم من وجود هذه النصوص العامة التي لا تفرِّق بين مصوِّر ومصوِّر ، وبين صورة وصورة ؛ فالتفريق بين المصوِّر اليدوي والمصوِّر الآلي هذا التفريق إنما يليق بمذهب أهل الظاهر الذين يجمدون على بعض الألفاظ ولا يُلحقون بها معان أو مسائل أخرى لا تشملها الألفاظ وإنما تشملها معانيها ، أهل الظاهر معروف عنهم الجمود على الألفاظ ، وكثيرًا ما ضربتُ لكم أكثر من مثل واحد ، فأقتصر الآن على مثال واحد لتوضيح مَن لم يتَّضح له مذهب أهل الظاهر ، فهناك حديث في " الصحيحين " : ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن البول في الماء الراكد ) . واضح أن المقصود من هذا النهي هو المحافظة على نقاوة الماء وعلى سجيَّته وطبيعته ، وألَّا يُعرَّض للتلوث بالنجاسة سواء قلَّت أو كثرت ؛ لأنه قد يتنجَّس فعلًا ، هكذا فَهِمَ هذا الحديث جماهير العلماء ، أما أهل الظاهر فقالوا : المنهيُّ عنه البول في الماء الراكد مباشرةً ، فمعنى هذا الكلام كما هو يقول : فلو أنه بالَ في إناءٍ ، ثم أراق هذا البول من الإناء في الماء الراكد جاز ، من الذي يقول بهذا المنطق ؟ أهل الظاهر الذين يقفون عند ظاهر اللفظ ، ظاهر اللفظ : " نهى عن البول في الماء الراكد " ، فالذي بال في إناء ليس فيه ماء هذا يُقال لغةً بال في الماء الراكد ؟ لا ، هذا بال في الإناء ، فجمد على هذا اللفظ !

لكن لو تأمَّل إلى مقصد الشارع من هذا النهي لَعَلِمَ أن المقصود المحافظة على نقاوة الماء ، إذًا هذه المحافظة أو هذه الغاية التي رَمَى إليها الشارع بهذا النهي يجب المحافظة عليها ، والمحافظة عليها يُوجب علينا ألَّا ننظر إلى الوسيلة ولا نقف عند اللفظ الظاهر ؛ فسواءٌ بال في الإناء بالماء الراكد مباشرةً أو بال - مثلًا - في أنبوب طالَ أو قصر ، ثم وصل هذا الأنبوب بما فيه من نجاسة إلى الماء الراكد ما فيه فرق بين هذا وهذا ، هذا مثال ولا أريد أن أطيل الآن فقد طال الوقت .

الذين يقولون : هذه الصورة التي صوَّرها المصور بيده حرام ، أما إذا صوَّرَها بالآلة حلال ، هذا ابن حزم الظاهري يستحي أن يقوله ، ولذلك قلت لبعض المتورِّطين في مثل الجمود في مسألة التصوير قلت من باب التنكيت : زعموا بأن شيخًا من هؤلاء الذين يفرِّقون بين التصوير اليدوي فهو حرام ، وبين التصوير الآلي فهو حلال ؛ زعموا أن شيخًا من هؤلاء زار تلميذًا نابغًا من تلامذته في بيته ، فرأى هذا التلميذَ قد وضع صورةَ الشَّيخ في صدر المكان ، فوعظه وأنكر عليه ، وقال : أنا ... مرارًا وتكرارًا أنُّو اقتناء الصور حرام وأنها تمنع دخول الملائكة ، فما بالك أنا وضعت صورتي ؟ قال له : يا فضيلة الشَّيخ ، هذه صورة فوتوغرافية ، وهذه ليست صورة يدوية ، ونحن فهمنا منكم الفرق بين الصورة اليدوية فهي حرام ، ونحن اجتنبنا عنها ، وبين الصورة الفوتوغرافية فهي حلال ، هذه الصورة فوتوغرافية . فرَبَتَ الشَّيخ على كتف التلميذ وقال له : بارك الله فيك ، لقد فقهت وفهمت !

هذا فقه !!

فلو أن إنسانًا جاء إلى الصورة الأولى - أي : الصورة اليدوية التي يحرِّمها الشَّيخ حيث ظنَّ أنها صورة يدوية - فصوَّرها بالآلة الفوتوغرافية ، وأطاح تلك ووَضَعَ بديلها الصورة الفوتوغرافية ، هذه كمان من جملة إيش ؟ اللف والدروان والحيل ، الصورة الأولى - أي : الصورة اليدوية - حرام ، فنَزَعَها ووضع مكانها الصورة الفوتوغرافية المأخوذة عن الصورة اليدوية ، هذه هي ظاهرية ابن حزم ، وهذا لا ينبغي أن يتورَّط إنسان فيقول به .

وأخيرًا : ما الفرق من حيث النتيجة بين الصورة الفوتوغرافية وبين الصورة اليدوية ؟ الغاية التي من أجلها حرَّمَ الشارع الصور مطلقًا كل ذلك يتحقَّق في الصورة سواء كانت فوتوغرافية أو يدوية .

مواضيع متعلقة