من شرح كتاب " الترغيب والترهيب " ، عن سعيد بن أبي الحسن قال : جاءَ رجلٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ - رضيَ الله عنهما - فقالَ : إنِّي رجلٌ أصَوِّرُ هذهِ الصُّوَرَ ، فأَفْتِني فيها . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
من شرح كتاب " الترغيب والترهيب " ، عن سعيد بن أبي الحسن قال : جاءَ رجلٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ - رضيَ الله عنهما - فقالَ : إنِّي رجلٌ أصَوِّرُ هذهِ الصُّوَرَ ، فأَفْتِني فيها .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الثالث يقول : وعن سعيد بن أبي الحسن قال : جاء رجل إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال : إني رجلٌ أصورِّ هذه الصور فأفتني فيها . فقال له : ادنُ مني . فدنا ، ثم قال : ادنُ مني . فدنا حتَّى وضع يده على رأسه ، وقال : أُنبِّئك بما سمعتُه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( كل مصوِّر في النار يُجعل له بكلِّ صورة صوَّرها نفسًا فيعذِّبه في جهنم ) . قال ابن عباس : فإن كنت لا بد فاعلًا فاصنع الشجر وما لا نَفَسَ له . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية للبخاري قال : كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال : يا ابن عباس ، إني رجلٌ إنما معيشتي من صنعة يدي ، وإني أصنع هذه التصاوير ؟ فقال ابن عباس : لا أحدِّثك إلا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ سمعته يقول : ( من صوَّر صورةً فإن الله معذّبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخٍ فيها أبدًا ) ، فربى الرجل ربوةً شديدةً فقال : ويحك ، إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيءٍ ليس فيه روح .

يقول المصنف : ربا الإنسان إذا انتفخ غيظًا أو كبرًا ؛ يعني أن ذاك الرجل لما سمع ما رواه ابن عباس من الوعيد الشَّديد بالنسبة لمن يُصوِّر تلك الصور مثل ذلك السَّائل غضب هذا السَّائل غضبًا شديدًا ، واغتاظ غيظًا كثيرًا بسبب ما سَمِعَه من الوعيد الشديد ، فأوجد له ابن عباس مخرجًا ومتنفَّسًا ؛ لأنه كما سمعتم قال : إنَّ معيشته من صنع تلك التصاوير والتماثيل ، فحينما بيَّنَ له تحريم ذلك ربا تلك الربوة واغتاظ غيظًا شديدًا ، فقال له : إن كنت ولا بد صانعًا - أي : مصوِّرًا - فصوِّر الشجر وكل شيء لا روح ولا نَفَس فيه .

ومن هذا الحديث أخذ العلماء التفريق بين تصوير الحيوانات وبين تصوير الجمادات ؛ فحرَّموا القسم الأول وأباحوا القسم الآخر .

مواضيع متعلقة