ما حكم التصوير الفوتوغرافي واليدوي.؟ وهل إجازة التصوير هو من باب المصالح المرسلة ( في الدعوة إلى الله ).؟
A-
A=
A+
السائل : في فتوى صدرت أمس من الشيخ ابن العثيمين .
الشيخ : أي نعم .
السائل : أن التصوير الفوتوغرافي ماهو حرام
الشيخ : الله أكبر .
السائل : يقول هذا ليس تصوير أو ليس فيه مضاهاة وهو يضرب مثال يقول لو أن إنسان كتب وجئت أنا أقلده أكتب مثلما يكتب وكلما كان خطي أقرب لخطه كلما أكون أكثر مضاهاة وكلما يكون الناس أفخر بذلك لكن إذا أخذت هذا الخط ما قلدته في الكتابة إنما أخذته في جهاز التصوير وطلعت منه صورة هذا ما يقال خط فلان ولا كتبه فلان بيده وليست فيه مضاهاة هكذا التصوير .
الشيخ : فتنة فتنة .
سائل آخر : لكنّه لا يرضى أن يصوّر هذه الفتوى أفتى بها في الجامعة .
سائل آخر : وكانوا يريدون أن يصوروه فقال ما أبغى أن أصور هل هذا من باب الزهد أم من باب التورع والورع ؟
الشيخ : نحن قلنا ولانزال نقول التصوير الفوتوغرافي أشدّ تحريما من التصوير اليدوي .
السائل : جزاك الله خيرا.
الشيخ : أي نعم لأنّ التصوير الفوتوغرافي صرفت جهود على مرّ السنين الطويلة حتى تمكّن الإنسان والإنسان الكافر من أن يخرج الصّورة .
السائل : سجل يا أستاذ ؟
الشيخ : لا توصّي حريص يا أستاذ هذا يريد أن يسجّل من لا يريد أن يسجل فما بالك فيمن يريد أن يسجل " يضحك الشيخ والطلبة رحمهم الله " فتوافرت جهود كثيرة جدا على مر السنين حتى وصلوا في هذا الجهاز إلى منتهى الدقة بحيث إنه كبسة زر تخرج الصورة في أشدّ ما يكون وضوحا ومضاهاة لخلق الله .
سائل آخر : لا ينقصها إلاّ الروح .
الشيخ : نعم .
سائل آخر : لا ينقصها إلاّ الروح
الشيخ : سبحان الله ثم يتساءلون أين المضاهاة الحقيقة أن العقل اليوم العقل الّذي أقام الله عزّ وجلّ الحجّة به على عباده وصل إلى مرتبة من الجمود مرتبة رهيبة جدا كان عندنا وأنا في المدرسة الإبتدائية في دمشق معلّم الرّسم كان يجلس في الفسحة على كرسي واللّوح والطّبشورة في يده والطلاب يلعبون في الساحة فينادي أحدهم تعال يا فلان فيقف أمامه ينظر إليه هكذا نظرة يأخذ الطبشورة وفي لحظات وإذا صورة هذا الطّفل أو هذا التلميذ واضحة على اللوح , إنسان آخر إذا أخذ صورة هذا التمليذ أيّها تكون أشد مضاهاة لخلق الله ؟ الأولى أم الأخرى ؟ لاشك أن الصورة الفوتوغرافية أشدّ مضاهاة لله عزّ وجلّ من الصورة اليدويّة لأنّ الصورة اليدويّة قد لا يحيط الرائي بها من كل جوانب الإنسان المصوّر أما الصورة الفوتوغرافيّة فهي في أدقّ ما تكون جزاك الله خيرا تصويرا فالمضاهاة هنا أقوى بكثير وأظهر من الصّورة اليدويّة ثمّ أنّ التصوير الفوتوغرافي هذا أصبح سببا واضحا جدا لانتشار الصور بين المسلمين بصورة لا يكاد يخلو بيت من آلة تصوير ثم تستعمل هذه الأجهزة في تصوير ما لا يجوز باتفاق المسلمين بينما التصوير اليدوي لا يتيسر للمصور هذه الدائرة الواسعة فهذا جمود في منتهى الجمود أن يقال إن التصوير الفوتوغرافي الذي يسهّل تصوير ما لا يمكن تصويره عادة بالصور اليدوية أن يقال هذه الصّورة اليدويّة محرّمة والصورة الفوتوغرافية مباحة وأنا كما يقال إن أنسى فلن أنسى كنت مرّة قادما من حلب بعد جولتي الشهريّة التي كنت معتادها فصحبني شاب ويبدو لي أنه شاب مسلم ملتحي على قلة اللحى في ذاك الزمان في الطريق أثار هذه المسألة أن في بعض العلماء يقولون أن التصوير الفوتوغرافي يجوز فقلت له هذه ظاهرية عصرية ظاهرية عصرية أي جمود يشبه جمود بعض علماء الظاهر على بعض المسائل ومثلّت له هذه الصورة الخيالية فقلت له زعموا بأن شيخا فاضلا زار تلميذا له في داره فلما جلس وإذا أمامه صورة الشيخ معلقة في صدر المكان فتكلم الشيخ مع تلميذه منكرا عليه تعليقه لصورة شيخه في صدر المكان وأثنى عليه خيرا من حيث دينه وصلاحه وحرصه على العلم فما كان من الطالب هذا إلاّ أن بادر وأنزل الصورة راحت الأيّام وجاءت الأيّام ثمّ زار الشيخ تلميذه مرة أخرى وإذا به يفاجئ الشيخ بأن الصورة لا تزال في مكانها فأنكر عليه كما أنكر عليه في المرّة السّابقة فأجاب التلميذ يا أستاذ نحن تعلّمنا منك أن الصورة المحرمة هي الصورة اليدويّة أما الصورة الفوتوغرافيّة فهي جائزة فتلك كانت صورة يدويّة لذلك تجاوبت معك أما هذه فصورة فوتوغرافية فربت على كتفه وقال بارك الله فيك أنت طالب فقيه ـ يضحك الشيخ رحمه الله ـ هذه أليست ظاهرية مقيتة ؟ الصورة هي هي لكن إحداهما صورت بالقلم واليد وأخذت جهدا جهيدا حتّى خرجت صورة أما هذه فبالآلة التي انكب على إبداعها عشرات العلماء المتخصصين حتى وصلوا إلى هذه الضغطة من الزر وإذا بالصورة تخرج كأبدع ما يمكن أن تخرج هذه جائزة أمّا الأولى فهي محرمة ! هذه ظاهريّة عصرية مقيتة يستحي ابن حزم لو كان في زمانه اليوم أن يقع في مثلها وقد وقع هو في بعض ما يضحك فما يقال الثكلى لقد فسّر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين ( نهى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم عن البول في الماء الراكد ) فقال هو فلو أنه بال في إناء ثم أراق ما في الإناء في الماء الراقد جاز لماذا ؟ لأنه لا يصدق عليه لغة أنّه بال في الماء الراكد وهذا صحيح من حيث ملاحظة الألفاظ لأن هذا الرجل الثاني بال في الوعاء الفارغ ما بال في الماء الراكد لكن بعدما بال في الإناء الفارغ أراق هذا البول في الماء الراكد هذا جائز لكن النتيجة يا جماعة واحدة
السائل : لا هذه أخس .
الشيخ : نعم ؟
السائل : هذه أخس من الأولى .
الشيخ : أخف من أي ناحيه .
السائل : لا أخس من الأول يعني يبول في الإناء ثم يفرغه أخس .
الشيخ : يعني هذا كالاحتيال على الأحكام الشرعية فاليوم نرى هذه المصيبة تتجدّد في مظاهر وصور أخرى منها قضية التصوير الشمسي مباح أما التصوير اليدوي فهو حرام .
سائل آخر : اسمح لي أسأل الشيخ , الآن هم يتعلّقون بالتعليل بالمضاهاة هل العلّة في التصوير محصورة في هذه العلة ؟
الشيخ : لا .
السائل : إذا ، إذا أمكن إبداء علل أخرى تدحض هذه الشبهة جزاك الله خيرا .
السائل : أوّلا للعلماء تعليلان لتحريم الشارع الحكيم الصور , التعليل الأول هو الذي سمعتموه المضاهاة لأنّه منصوص عليه في الحديث ( إن أشد الناس عذابا يوم القيمة هؤلاء المصورون يضاهون بخلق الله ) وما هي المضاهاة التي جاءت في هذا الحديث ؟ طرّاز طرّز صورة على ستار كلنا يتصور تماما أن هذه الصورة ليست بتلك الدقّة صورة القلم أدقّ بلاشك مع ذلك الرّسول عليه السّلام أطلق على الّذي صور الصورة على السّتارة بأنّه يضاهي خلق الله فما بالك الّذي يصوّر بالريشة والقلم والدهان ... الخ ؟ فما بالك بمن يصوّر بالآلة الفوتوغرافية هذه ؟ لكن العلماء ذكروا علّة أخرى وهي أنّ نهي الشارع الحكيم عن التصوير فيه علّة أخرى وهي سدّا للذّريعة حتّى لا تعود الجاهلية الأولى إلى عبادة الأصنام وعبادة التّماثيل كما وقع لقوم نوح عليه السّلام الّذين قالوا حينما دعاهم نوح إلى التوحيد وإلى عبادة الله وحده لا شريك له تناصحوا بينهم زعموا وقالوا (( لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا )) يقول ابن عباس كما في صحيح البخاري وتفسير ابن جرير وغيرهما هؤلاء الخمسة كانوا عبادا لله صالحين فلما ماتوا جاءهم الشيطان بصورة ناصح أمين فأوحى إليهم أن يجعلوا قبورهم في أفنية دورهم لكي يتذكّروا أعمالهم الصالحة التاريخ يعيد نفسه الأصنام التي بدأت منذ عشرات السنين وبدأت تنتشر الآن في كثير من البلاد العربية التي كانت خالية فيها هذه الأصنام لماذا ؟ ذكرى لهؤلاء الأبطال وليتهم كانوا كذلك أبطالا وإنما أكثرهم عملاء للأجانب وفسّاق إن لم يكونوا كفارا فالشّيطان سنّ لقوم نوح عليه السلام أن يجعلوا قبور هؤلاء الخمسة الصّالحين في أفنية دورهم بحجّة أنّ هذا يذكرهم بأعمالهم ويقتدون بهم فيها وتركهم مدة من الزمان ثم عاد إليهم وقال قد تذهب قبور هؤلاء الصالحين بسبب من الأسباب العوامل الطبيعيّة كالسيول والرياح والأمطار ونحو ذلك ولذلك فهو نصحهم بأن يتخذوا أصناما فاستجابوا ثم تركهم أيضا برهة من الزمن ثم أوحى إليهم أنّكم تعلمون أن هؤلاء كانوا عبادا لله صالحين فما ينبغي أن تدعوا أصنامهم في مكان عادي وإنمّا عليكم أن تضعوا في أماكن رفيعة محترمة ففعلوا أيضا ثم جاء الجيل الأخير فعكفوا على عبادتها وهكذا يتسلسل الشرّ كما قيل وما معضم النار إلاّ من مستصغر الشر ومعلوم في الشرع أنّ من حكمة الله عزّ وجلّ أنّه يحرّم أشياء هي لا شيء فيها ولكن يخشى أن تؤدّي إلى ما فيه كل ضرر وهذا من باب تحريم الوسائل الّتي تؤدّي إلى غايات محرّمة من أجل ذلك حرّم الرّسول عليه السّلام التّصوير وقطع شأفته دون تفريق بين التّصوير المجسّم والتصوير الغير مجسم وهذه فلسفة مع الأسف يجنح إليها بعض الكتاب المعاصرين اليوم ويحملون كل الأحاديث التي جاءت في تحريم التصوير مطلقا يحملونها على التماثيل المجسّمة ويعطلون الأحاديث الصريحة كمثل قرام عائشة والمرفقة التي كان يلتفق بها الرسول عليه السلام وفيها صورة هذه ليست مجسمة مع ذلك حملوا الأحاديث المطلقة في التّحريم على الصور المجسّمة وليتهم وقفوا عند هذا فقيّدوا أيضا قولهم بأنه إذا كانت هذه التماثيل ممّا يخشى أن تعبد من دون الله فهذا هو المحرّم فقط أمّا إذا كانت للزّينة أو كذا فلا بأس في ذلك وهكذا ما يمضي يوم إلا كما قال عليه السلام ( والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) .
السائل : عام أو يوم ؟
الشيخ : إيش هو ؟
السائل : عام أو يوم ؟
الشيخ : ( ما من عام إلاّ والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) نعم فإذا تحريم الصّور ليس له علّة واحدة وهي المضاهاة بل هو أيضا من باب سدّ الذريعة ونحن نشاهد اليوم أنه لما فتحوا باب التصوير عم الفساد وصارت الصور من كل لون من كل جنس بواسطة هذه الآلة الخفيفة الحمل والتي قد توضع في الجيب وأذكر جيدا أنني ناقشت بعض الإخوان المسلمين قديما منذ ثلاثين سنة فاحتج بأن هذه الآلة لم تكن يومئذ معروفة ولذلك فحمل الأحاديث عليها هو توسيع معنى هذه الأحاديث أكثر مما تتمحل هكذا زعم ولما ذكرته بأن الذي يقول ( كل مصور في النّار ) ويقول ( لعن الله المصوّرين ) ليس رجلا عاديّا من أمثالنا حتّى نقول هو يعني الصّور المعروفة فقط بل هذا رسول الله الذي وصفه الله عزّ وجلّ بقوله (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى )) فهو يعني ما يقول ( كلّ مصوّر في النّار ) سواء كان هذا المصوّر يصوّر بالقلم أو بالأزميل ريشة النحات والحداد ونحو ذلك أو يصور بأي طريقة أخرى فهو مصور ؛ ما اقتنع بذلك فجئته بالمثال التالي قلت له فما رأيك في هذه الأصنام التي تخرج الآن بالمئات بل بالألوف المؤلّفة كبسة زر ، جهاز ضخم جدا يصب النحاس في مكان فيخرج بصورة سبع أو كلب أو امرأة راقصة كما تجدون على بعض الطّاولات ، هذا ما نحت على الطريقة الّتي كانت في عهد الرّسول عليه السّلام ، هذه كالآلة المصورة كبسة زر فقط ، هذا ماذا تراه ؟ هذا يجوز أم حرام ؟ قال هذا حرام ؛ قلت هذا كهذا فلا فرق بين الأمرين ؛ فالشّاهد إذا التحريم له علتان وكل من العلتين متحقّق في الواقع بالتّصوير الفوتوغرافي أو الفيديو كما يقولون اليوم المضاهاة في أكمل صورها والفتنة في أشد ما تكون ، فنسأل الله عزّ و جلّ أن يجعلنا من الغرباء الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية ( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) وفي الرواية الأخرى يقول عليه الصلاة والسلام ( هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) .
الحلبي : شيخنا نسمع وأحيانا نقرأ لبعض الدعاة في هذا الموضوع نفسه وأحيانا يتوسعون في مواضيع أخرى فيقولون نحن نجيز هذه الأشياء من باب المصلحة لنشر الدعوة وما شابه ذلك وأحيانا يزيدون على كلمة المصلحة اصطلاحا فقهيا يؤثرون به على عقول بعض الشباب المتحمّس للدين فيقولون من باب المصلحة المرسلة ؛ فحبّذا لو ألقيتم الضّوء في الرد على هذه الشبهة وبارك الله فيكم .
الشيخ : لا يخفى على أهل العلم أنّ المصلحة المرسلة هي وسيلة في حدّ ذاتها ليست مخالفة للشريعة ، فإذا ما كانت تحقّق مصلحة شرعيّة جاز أو وجب الأخذ بها لأنهّا أوّلا وسيلة غير مخالفة للشّريعة ، وثانيا تحقّق مصلحة شرعيّة ومع أنّ هذه القاعدة ليست على إطلاقها كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه " اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم " حيث قال " إن المصلحة المرسلة لا يجوز الأخذ بها على إطلاقها وإنما لابد من تفصيل " وذكر ما يأتي باختصار يقول المصلحة المرسلة إذا وجد السّبب المقتضي لها بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينظر هل الأخذ بهذا السّبب كان قائما في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومع ذلك لم يأخذ به أو لم يكن هذا السّبب قائما ؛ فإن كان الأمر الأوّل ... .
الشيخ : أي نعم .
السائل : أن التصوير الفوتوغرافي ماهو حرام
الشيخ : الله أكبر .
السائل : يقول هذا ليس تصوير أو ليس فيه مضاهاة وهو يضرب مثال يقول لو أن إنسان كتب وجئت أنا أقلده أكتب مثلما يكتب وكلما كان خطي أقرب لخطه كلما أكون أكثر مضاهاة وكلما يكون الناس أفخر بذلك لكن إذا أخذت هذا الخط ما قلدته في الكتابة إنما أخذته في جهاز التصوير وطلعت منه صورة هذا ما يقال خط فلان ولا كتبه فلان بيده وليست فيه مضاهاة هكذا التصوير .
الشيخ : فتنة فتنة .
سائل آخر : لكنّه لا يرضى أن يصوّر هذه الفتوى أفتى بها في الجامعة .
سائل آخر : وكانوا يريدون أن يصوروه فقال ما أبغى أن أصور هل هذا من باب الزهد أم من باب التورع والورع ؟
الشيخ : نحن قلنا ولانزال نقول التصوير الفوتوغرافي أشدّ تحريما من التصوير اليدوي .
السائل : جزاك الله خيرا.
الشيخ : أي نعم لأنّ التصوير الفوتوغرافي صرفت جهود على مرّ السنين الطويلة حتى تمكّن الإنسان والإنسان الكافر من أن يخرج الصّورة .
السائل : سجل يا أستاذ ؟
الشيخ : لا توصّي حريص يا أستاذ هذا يريد أن يسجّل من لا يريد أن يسجل فما بالك فيمن يريد أن يسجل " يضحك الشيخ والطلبة رحمهم الله " فتوافرت جهود كثيرة جدا على مر السنين حتى وصلوا في هذا الجهاز إلى منتهى الدقة بحيث إنه كبسة زر تخرج الصورة في أشدّ ما يكون وضوحا ومضاهاة لخلق الله .
سائل آخر : لا ينقصها إلاّ الروح .
الشيخ : نعم .
سائل آخر : لا ينقصها إلاّ الروح
الشيخ : سبحان الله ثم يتساءلون أين المضاهاة الحقيقة أن العقل اليوم العقل الّذي أقام الله عزّ وجلّ الحجّة به على عباده وصل إلى مرتبة من الجمود مرتبة رهيبة جدا كان عندنا وأنا في المدرسة الإبتدائية في دمشق معلّم الرّسم كان يجلس في الفسحة على كرسي واللّوح والطّبشورة في يده والطلاب يلعبون في الساحة فينادي أحدهم تعال يا فلان فيقف أمامه ينظر إليه هكذا نظرة يأخذ الطبشورة وفي لحظات وإذا صورة هذا الطّفل أو هذا التلميذ واضحة على اللوح , إنسان آخر إذا أخذ صورة هذا التمليذ أيّها تكون أشد مضاهاة لخلق الله ؟ الأولى أم الأخرى ؟ لاشك أن الصورة الفوتوغرافية أشدّ مضاهاة لله عزّ وجلّ من الصورة اليدويّة لأنّ الصورة اليدويّة قد لا يحيط الرائي بها من كل جوانب الإنسان المصوّر أما الصورة الفوتوغرافيّة فهي في أدقّ ما تكون جزاك الله خيرا تصويرا فالمضاهاة هنا أقوى بكثير وأظهر من الصّورة اليدويّة ثمّ أنّ التصوير الفوتوغرافي هذا أصبح سببا واضحا جدا لانتشار الصور بين المسلمين بصورة لا يكاد يخلو بيت من آلة تصوير ثم تستعمل هذه الأجهزة في تصوير ما لا يجوز باتفاق المسلمين بينما التصوير اليدوي لا يتيسر للمصور هذه الدائرة الواسعة فهذا جمود في منتهى الجمود أن يقال إن التصوير الفوتوغرافي الذي يسهّل تصوير ما لا يمكن تصويره عادة بالصور اليدوية أن يقال هذه الصّورة اليدويّة محرّمة والصورة الفوتوغرافية مباحة وأنا كما يقال إن أنسى فلن أنسى كنت مرّة قادما من حلب بعد جولتي الشهريّة التي كنت معتادها فصحبني شاب ويبدو لي أنه شاب مسلم ملتحي على قلة اللحى في ذاك الزمان في الطريق أثار هذه المسألة أن في بعض العلماء يقولون أن التصوير الفوتوغرافي يجوز فقلت له هذه ظاهرية عصرية ظاهرية عصرية أي جمود يشبه جمود بعض علماء الظاهر على بعض المسائل ومثلّت له هذه الصورة الخيالية فقلت له زعموا بأن شيخا فاضلا زار تلميذا له في داره فلما جلس وإذا أمامه صورة الشيخ معلقة في صدر المكان فتكلم الشيخ مع تلميذه منكرا عليه تعليقه لصورة شيخه في صدر المكان وأثنى عليه خيرا من حيث دينه وصلاحه وحرصه على العلم فما كان من الطالب هذا إلاّ أن بادر وأنزل الصورة راحت الأيّام وجاءت الأيّام ثمّ زار الشيخ تلميذه مرة أخرى وإذا به يفاجئ الشيخ بأن الصورة لا تزال في مكانها فأنكر عليه كما أنكر عليه في المرّة السّابقة فأجاب التلميذ يا أستاذ نحن تعلّمنا منك أن الصورة المحرمة هي الصورة اليدويّة أما الصورة الفوتوغرافيّة فهي جائزة فتلك كانت صورة يدويّة لذلك تجاوبت معك أما هذه فصورة فوتوغرافية فربت على كتفه وقال بارك الله فيك أنت طالب فقيه ـ يضحك الشيخ رحمه الله ـ هذه أليست ظاهرية مقيتة ؟ الصورة هي هي لكن إحداهما صورت بالقلم واليد وأخذت جهدا جهيدا حتّى خرجت صورة أما هذه فبالآلة التي انكب على إبداعها عشرات العلماء المتخصصين حتى وصلوا إلى هذه الضغطة من الزر وإذا بالصورة تخرج كأبدع ما يمكن أن تخرج هذه جائزة أمّا الأولى فهي محرمة ! هذه ظاهريّة عصرية مقيتة يستحي ابن حزم لو كان في زمانه اليوم أن يقع في مثلها وقد وقع هو في بعض ما يضحك فما يقال الثكلى لقد فسّر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين ( نهى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم عن البول في الماء الراكد ) فقال هو فلو أنه بال في إناء ثم أراق ما في الإناء في الماء الراقد جاز لماذا ؟ لأنه لا يصدق عليه لغة أنّه بال في الماء الراكد وهذا صحيح من حيث ملاحظة الألفاظ لأن هذا الرجل الثاني بال في الوعاء الفارغ ما بال في الماء الراكد لكن بعدما بال في الإناء الفارغ أراق هذا البول في الماء الراكد هذا جائز لكن النتيجة يا جماعة واحدة
السائل : لا هذه أخس .
الشيخ : نعم ؟
السائل : هذه أخس من الأولى .
الشيخ : أخف من أي ناحيه .
السائل : لا أخس من الأول يعني يبول في الإناء ثم يفرغه أخس .
الشيخ : يعني هذا كالاحتيال على الأحكام الشرعية فاليوم نرى هذه المصيبة تتجدّد في مظاهر وصور أخرى منها قضية التصوير الشمسي مباح أما التصوير اليدوي فهو حرام .
سائل آخر : اسمح لي أسأل الشيخ , الآن هم يتعلّقون بالتعليل بالمضاهاة هل العلّة في التصوير محصورة في هذه العلة ؟
الشيخ : لا .
السائل : إذا ، إذا أمكن إبداء علل أخرى تدحض هذه الشبهة جزاك الله خيرا .
السائل : أوّلا للعلماء تعليلان لتحريم الشارع الحكيم الصور , التعليل الأول هو الذي سمعتموه المضاهاة لأنّه منصوص عليه في الحديث ( إن أشد الناس عذابا يوم القيمة هؤلاء المصورون يضاهون بخلق الله ) وما هي المضاهاة التي جاءت في هذا الحديث ؟ طرّاز طرّز صورة على ستار كلنا يتصور تماما أن هذه الصورة ليست بتلك الدقّة صورة القلم أدقّ بلاشك مع ذلك الرّسول عليه السّلام أطلق على الّذي صور الصورة على السّتارة بأنّه يضاهي خلق الله فما بالك الّذي يصوّر بالريشة والقلم والدهان ... الخ ؟ فما بالك بمن يصوّر بالآلة الفوتوغرافية هذه ؟ لكن العلماء ذكروا علّة أخرى وهي أنّ نهي الشارع الحكيم عن التصوير فيه علّة أخرى وهي سدّا للذّريعة حتّى لا تعود الجاهلية الأولى إلى عبادة الأصنام وعبادة التّماثيل كما وقع لقوم نوح عليه السّلام الّذين قالوا حينما دعاهم نوح إلى التوحيد وإلى عبادة الله وحده لا شريك له تناصحوا بينهم زعموا وقالوا (( لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا )) يقول ابن عباس كما في صحيح البخاري وتفسير ابن جرير وغيرهما هؤلاء الخمسة كانوا عبادا لله صالحين فلما ماتوا جاءهم الشيطان بصورة ناصح أمين فأوحى إليهم أن يجعلوا قبورهم في أفنية دورهم لكي يتذكّروا أعمالهم الصالحة التاريخ يعيد نفسه الأصنام التي بدأت منذ عشرات السنين وبدأت تنتشر الآن في كثير من البلاد العربية التي كانت خالية فيها هذه الأصنام لماذا ؟ ذكرى لهؤلاء الأبطال وليتهم كانوا كذلك أبطالا وإنما أكثرهم عملاء للأجانب وفسّاق إن لم يكونوا كفارا فالشّيطان سنّ لقوم نوح عليه السلام أن يجعلوا قبور هؤلاء الخمسة الصّالحين في أفنية دورهم بحجّة أنّ هذا يذكرهم بأعمالهم ويقتدون بهم فيها وتركهم مدة من الزمان ثم عاد إليهم وقال قد تذهب قبور هؤلاء الصالحين بسبب من الأسباب العوامل الطبيعيّة كالسيول والرياح والأمطار ونحو ذلك ولذلك فهو نصحهم بأن يتخذوا أصناما فاستجابوا ثم تركهم أيضا برهة من الزمن ثم أوحى إليهم أنّكم تعلمون أن هؤلاء كانوا عبادا لله صالحين فما ينبغي أن تدعوا أصنامهم في مكان عادي وإنمّا عليكم أن تضعوا في أماكن رفيعة محترمة ففعلوا أيضا ثم جاء الجيل الأخير فعكفوا على عبادتها وهكذا يتسلسل الشرّ كما قيل وما معضم النار إلاّ من مستصغر الشر ومعلوم في الشرع أنّ من حكمة الله عزّ وجلّ أنّه يحرّم أشياء هي لا شيء فيها ولكن يخشى أن تؤدّي إلى ما فيه كل ضرر وهذا من باب تحريم الوسائل الّتي تؤدّي إلى غايات محرّمة من أجل ذلك حرّم الرّسول عليه السّلام التّصوير وقطع شأفته دون تفريق بين التّصوير المجسّم والتصوير الغير مجسم وهذه فلسفة مع الأسف يجنح إليها بعض الكتاب المعاصرين اليوم ويحملون كل الأحاديث التي جاءت في تحريم التصوير مطلقا يحملونها على التماثيل المجسّمة ويعطلون الأحاديث الصريحة كمثل قرام عائشة والمرفقة التي كان يلتفق بها الرسول عليه السلام وفيها صورة هذه ليست مجسمة مع ذلك حملوا الأحاديث المطلقة في التّحريم على الصور المجسّمة وليتهم وقفوا عند هذا فقيّدوا أيضا قولهم بأنه إذا كانت هذه التماثيل ممّا يخشى أن تعبد من دون الله فهذا هو المحرّم فقط أمّا إذا كانت للزّينة أو كذا فلا بأس في ذلك وهكذا ما يمضي يوم إلا كما قال عليه السلام ( والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) .
السائل : عام أو يوم ؟
الشيخ : إيش هو ؟
السائل : عام أو يوم ؟
الشيخ : ( ما من عام إلاّ والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) نعم فإذا تحريم الصّور ليس له علّة واحدة وهي المضاهاة بل هو أيضا من باب سدّ الذريعة ونحن نشاهد اليوم أنه لما فتحوا باب التصوير عم الفساد وصارت الصور من كل لون من كل جنس بواسطة هذه الآلة الخفيفة الحمل والتي قد توضع في الجيب وأذكر جيدا أنني ناقشت بعض الإخوان المسلمين قديما منذ ثلاثين سنة فاحتج بأن هذه الآلة لم تكن يومئذ معروفة ولذلك فحمل الأحاديث عليها هو توسيع معنى هذه الأحاديث أكثر مما تتمحل هكذا زعم ولما ذكرته بأن الذي يقول ( كل مصور في النّار ) ويقول ( لعن الله المصوّرين ) ليس رجلا عاديّا من أمثالنا حتّى نقول هو يعني الصّور المعروفة فقط بل هذا رسول الله الذي وصفه الله عزّ وجلّ بقوله (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى )) فهو يعني ما يقول ( كلّ مصوّر في النّار ) سواء كان هذا المصوّر يصوّر بالقلم أو بالأزميل ريشة النحات والحداد ونحو ذلك أو يصور بأي طريقة أخرى فهو مصور ؛ ما اقتنع بذلك فجئته بالمثال التالي قلت له فما رأيك في هذه الأصنام التي تخرج الآن بالمئات بل بالألوف المؤلّفة كبسة زر ، جهاز ضخم جدا يصب النحاس في مكان فيخرج بصورة سبع أو كلب أو امرأة راقصة كما تجدون على بعض الطّاولات ، هذا ما نحت على الطريقة الّتي كانت في عهد الرّسول عليه السّلام ، هذه كالآلة المصورة كبسة زر فقط ، هذا ماذا تراه ؟ هذا يجوز أم حرام ؟ قال هذا حرام ؛ قلت هذا كهذا فلا فرق بين الأمرين ؛ فالشّاهد إذا التحريم له علتان وكل من العلتين متحقّق في الواقع بالتّصوير الفوتوغرافي أو الفيديو كما يقولون اليوم المضاهاة في أكمل صورها والفتنة في أشد ما تكون ، فنسأل الله عزّ و جلّ أن يجعلنا من الغرباء الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية ( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) وفي الرواية الأخرى يقول عليه الصلاة والسلام ( هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) .
الحلبي : شيخنا نسمع وأحيانا نقرأ لبعض الدعاة في هذا الموضوع نفسه وأحيانا يتوسعون في مواضيع أخرى فيقولون نحن نجيز هذه الأشياء من باب المصلحة لنشر الدعوة وما شابه ذلك وأحيانا يزيدون على كلمة المصلحة اصطلاحا فقهيا يؤثرون به على عقول بعض الشباب المتحمّس للدين فيقولون من باب المصلحة المرسلة ؛ فحبّذا لو ألقيتم الضّوء في الرد على هذه الشبهة وبارك الله فيكم .
الشيخ : لا يخفى على أهل العلم أنّ المصلحة المرسلة هي وسيلة في حدّ ذاتها ليست مخالفة للشريعة ، فإذا ما كانت تحقّق مصلحة شرعيّة جاز أو وجب الأخذ بها لأنهّا أوّلا وسيلة غير مخالفة للشّريعة ، وثانيا تحقّق مصلحة شرعيّة ومع أنّ هذه القاعدة ليست على إطلاقها كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه " اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم " حيث قال " إن المصلحة المرسلة لا يجوز الأخذ بها على إطلاقها وإنما لابد من تفصيل " وذكر ما يأتي باختصار يقول المصلحة المرسلة إذا وجد السّبب المقتضي لها بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينظر هل الأخذ بهذا السّبب كان قائما في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومع ذلك لم يأخذ به أو لم يكن هذا السّبب قائما ؛ فإن كان الأمر الأوّل ... .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 360
- توقيت الفهرسة : 00:34:34