عن عبد الله بن مغفل : أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخذِفُ ، فَقَالَ لَهُ : لاَ تَخذِفْ ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الخَذفِ ، أَوْ كَانَ يَكرَهُ الخَذفَ ، ثم رآه بعد ذلك يخذف ، فقال له : أُحَدِّثُكَ عن رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نَهَى عَنِ الخَذْفِ وأَنْتَ تَخْذِفُ ؟! لا أُكَلِّمُكَ كَذَا وكَذَا ، فقاطعه ؛ فالسؤال : هل يُفهم من هذا الحديث جواز المقاطعة والهجر مع أنه قد وَرَدَ النهي عنهما في أحاديث أخرى ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : في أحاديث سابقة ، أسئلة سابقة .
ذكر السَّائل حديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف ، وأنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو ، وحديث ابن مغفل أن ابنًا له خذف فنهاه ، وقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف ، وقال كذا ثم عاد ، فقال : أحدِّثك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ثم أعدت تخذف ؟! لا أكلِّمك أبدًا . السؤال : هل يُفهم من هذا الحديث جواز المقاطعة والهجر مع أنه قد وَرَدَ النهي عنهما في أحاديث أخرى ؟
الشيخ : هذا السؤال ... كأن السَّائل لم يحضر درسًا من دروسنا السابقة .
يجب أن يذكر هو ومَن كان على شاكلته أن الهجر على وجهين ، هجر المسلم لأخيه المسلم على وجهين : الوجه الأول : هجر مَن حظوة النفس ، أو من باب " تفشيش خلق " ؛ إنسان يُسيء إليه آخر إساءة ما يستحقُّ عليها المقاطعة الآتي بيانها من النوع الثاني ، وإنما هو لم يتعمَّد هذه الإساءة فهَجَرَه ؛ فهذا الهجر لا يجوز في الإسلام ، ولكن ربنا - عز وجل - رأفةً بعباده سمح بهذا الهجر لمدة ثلاثة ليالي فقط ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( لا يحلُّ لرجل مسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا عن هذا ، وهذا عن هذا ، وخيرُهما الذي يبدأ أخاه بالسلام ) ، هذا النوع من الهجر محرَّم باستثناء الثلاثة ليالي ، هذا من باب التنفيس عن هذا الإنسان الذي بَلَغَه شيء من أخيه المسلم فهَجَرَه ، فيهجره ليلة ليلتين ثلاثة ، فيما بعد لا يجوز لك هذا الهجر حرام بنصِّ هذا الحديث وغيره .
أما النوع الآخر من الهجر : فهو الهجر في سبيل الله - عز وجل - ، هجر لله ، هجر لتربيته ؛ لأنه قد يكون إيش ؟ شَذَّ في مسألة أو في قضية أو في كلمة ، فيرى الرجل المؤمن الصادق أن هجر هذا الإنسان لتأديبه هو أمر لا بد منه ، من هذا النوع كان هجر الصحابي الجليل عبد الله بن المغفَّل لابنه حينما قال الابن ماذا ؟
عيد عباسي : عاد للخذف ، كان نهاه عن الخذف .
الشيخ : أيوا ، عبد الله بن مغفَّل روى لابنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الخذف ، الخذف هو رمي الطير - مثلًا - بالحجر ، بالاصطلاح الشامي بـ " النقيفة " مثلًا ، فهذا الحجر لما يصدم الطير بيصدمه صدم يميته ، ما يجرحه ، هذا الخذف نهى عنه الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث الصحيح ، ابن عبد الله بن المغفل لم ينتهِ ، فقال له : أنا أروي لك عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنه نهى عن الخذف ، ثم أنت تعود إلى الخذف ؟! فهَجَرَه ، هذا الهجر ليس انتصارًا للنفس ، وإنما انتصار للشرع لحرمات الله - عز وجل - ، هذا الهجر هو أمر جائز .
من هذا القبيل تمامًا لما روى عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأحد أولاده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما معناه : " ائذنوا للنساء بالخروج إلى المساجد بالليل " . قال : والله لا نأذن لهنَّ . هو معه بعض الحق في هذا ؛ لأنُّو رأى من يومئذٍ رأى انحراف النساء عن الزَّيِّ الإسلامي النظيف الطاهر الذي كان عليه النساء الأُوَل ، يريد أن يقول : نعم ؛ هو كما تقول عن الرسول - عليه السلام - ، لكن هذا الحكم ما يصلح تطبيقه الآن ، هيك هو قصده ، وإن كان قصده فيه نظر ، لكن فيه فرق بين هذا المثال والمثال السابق ، المثال السابق نهى عن الخذف وهو يخذف ، أما هنا لما سمع أنَّ أباه يروي عن الرسول الأمر بالإذن للنساء بالخروج إلى المساجد بالليل ، لأن الليل وقت فتنة وقت ظلمة ، خاصَّة في تلك الأيام ، كيف نسمح لنسائنا وهناك الفسَّاق والفجَّار يتحرَّشون بهنَّ ؟ قال الابن : والله لا نأذن لهنَّ . قال : أقول لك : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتقول : لا نأذن لهنَّ ؟! والله لا كلَّمتك أبدًا ، ومات ولم يكلِّمه أبدًا ، هذا هجر لله وانتصار لأحكام الله ولِحرمات الله ، هذا النوع جائز ؛ وعلى ذلك جاء هجر الثلاثة الذين خُلِّفوا في القصة المعروف خبرها في القرآن مختصرًا ، وفي " الصحيحين " مفصَّلًا .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
سائل آخر : أستاذ ... سؤال أخير .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : إذا هجره ثلاثة أيام وما شافه بعدين ؛ يمكن يروح عنده على البيت ؟
الشيخ : يكون هذا أطيب .
سائل آخر : إذا ما راح لعنده يُعتبر هجر ؟
الشيخ : لا ، إذا كان نوى هو بقى يقطع الهجر ما فيه عليه إثم ، لكن الأطيب والأحسن مثل ما قلت يروح عنده على البيت .
ذكر السَّائل حديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف ، وأنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو ، وحديث ابن مغفل أن ابنًا له خذف فنهاه ، وقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف ، وقال كذا ثم عاد ، فقال : أحدِّثك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ثم أعدت تخذف ؟! لا أكلِّمك أبدًا . السؤال : هل يُفهم من هذا الحديث جواز المقاطعة والهجر مع أنه قد وَرَدَ النهي عنهما في أحاديث أخرى ؟
الشيخ : هذا السؤال ... كأن السَّائل لم يحضر درسًا من دروسنا السابقة .
يجب أن يذكر هو ومَن كان على شاكلته أن الهجر على وجهين ، هجر المسلم لأخيه المسلم على وجهين : الوجه الأول : هجر مَن حظوة النفس ، أو من باب " تفشيش خلق " ؛ إنسان يُسيء إليه آخر إساءة ما يستحقُّ عليها المقاطعة الآتي بيانها من النوع الثاني ، وإنما هو لم يتعمَّد هذه الإساءة فهَجَرَه ؛ فهذا الهجر لا يجوز في الإسلام ، ولكن ربنا - عز وجل - رأفةً بعباده سمح بهذا الهجر لمدة ثلاثة ليالي فقط ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( لا يحلُّ لرجل مسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا عن هذا ، وهذا عن هذا ، وخيرُهما الذي يبدأ أخاه بالسلام ) ، هذا النوع من الهجر محرَّم باستثناء الثلاثة ليالي ، هذا من باب التنفيس عن هذا الإنسان الذي بَلَغَه شيء من أخيه المسلم فهَجَرَه ، فيهجره ليلة ليلتين ثلاثة ، فيما بعد لا يجوز لك هذا الهجر حرام بنصِّ هذا الحديث وغيره .
أما النوع الآخر من الهجر : فهو الهجر في سبيل الله - عز وجل - ، هجر لله ، هجر لتربيته ؛ لأنه قد يكون إيش ؟ شَذَّ في مسألة أو في قضية أو في كلمة ، فيرى الرجل المؤمن الصادق أن هجر هذا الإنسان لتأديبه هو أمر لا بد منه ، من هذا النوع كان هجر الصحابي الجليل عبد الله بن المغفَّل لابنه حينما قال الابن ماذا ؟
عيد عباسي : عاد للخذف ، كان نهاه عن الخذف .
الشيخ : أيوا ، عبد الله بن مغفَّل روى لابنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الخذف ، الخذف هو رمي الطير - مثلًا - بالحجر ، بالاصطلاح الشامي بـ " النقيفة " مثلًا ، فهذا الحجر لما يصدم الطير بيصدمه صدم يميته ، ما يجرحه ، هذا الخذف نهى عنه الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث الصحيح ، ابن عبد الله بن المغفل لم ينتهِ ، فقال له : أنا أروي لك عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنه نهى عن الخذف ، ثم أنت تعود إلى الخذف ؟! فهَجَرَه ، هذا الهجر ليس انتصارًا للنفس ، وإنما انتصار للشرع لحرمات الله - عز وجل - ، هذا الهجر هو أمر جائز .
من هذا القبيل تمامًا لما روى عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأحد أولاده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما معناه : " ائذنوا للنساء بالخروج إلى المساجد بالليل " . قال : والله لا نأذن لهنَّ . هو معه بعض الحق في هذا ؛ لأنُّو رأى من يومئذٍ رأى انحراف النساء عن الزَّيِّ الإسلامي النظيف الطاهر الذي كان عليه النساء الأُوَل ، يريد أن يقول : نعم ؛ هو كما تقول عن الرسول - عليه السلام - ، لكن هذا الحكم ما يصلح تطبيقه الآن ، هيك هو قصده ، وإن كان قصده فيه نظر ، لكن فيه فرق بين هذا المثال والمثال السابق ، المثال السابق نهى عن الخذف وهو يخذف ، أما هنا لما سمع أنَّ أباه يروي عن الرسول الأمر بالإذن للنساء بالخروج إلى المساجد بالليل ، لأن الليل وقت فتنة وقت ظلمة ، خاصَّة في تلك الأيام ، كيف نسمح لنسائنا وهناك الفسَّاق والفجَّار يتحرَّشون بهنَّ ؟ قال الابن : والله لا نأذن لهنَّ . قال : أقول لك : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتقول : لا نأذن لهنَّ ؟! والله لا كلَّمتك أبدًا ، ومات ولم يكلِّمه أبدًا ، هذا هجر لله وانتصار لأحكام الله ولِحرمات الله ، هذا النوع جائز ؛ وعلى ذلك جاء هجر الثلاثة الذين خُلِّفوا في القصة المعروف خبرها في القرآن مختصرًا ، وفي " الصحيحين " مفصَّلًا .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
سائل آخر : أستاذ ... سؤال أخير .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : إذا هجره ثلاثة أيام وما شافه بعدين ؛ يمكن يروح عنده على البيت ؟
الشيخ : يكون هذا أطيب .
سائل آخر : إذا ما راح لعنده يُعتبر هجر ؟
الشيخ : لا ، إذا كان نوى هو بقى يقطع الهجر ما فيه عليه إثم ، لكن الأطيب والأحسن مثل ما قلت يروح عنده على البيت .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 261
- توقيت الفهرسة : 00:04:30
- نسخة مدققة إملائيًّا