نصيحة من الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - .
A-
A=
A+
السائل : ... لكن نريد من الشيخ - جزاه الله خير وبارك الله في عمره - أن تنصَحَنا نصيحة لعلَّ الله - سبحانه وتعالى - يُثيبك ؟
الشيخ : والله ما أدري بماذا أنصحكم ؛ لأن نفسي بحاجة لِمَن ينصحها ، لكن إذا كان لا بد من أن أقدِّم إليكم نصيحة فأنا أنصحكم ونفسي أوَّلًا : بتقوى الله ، ثم ببعض ما يتفرَّع من تقوى الله - تبارك وتعالى - ؛ من ذلك أوَّلًا أن تطلبوا العلم خالصًا لوجه الله - تبارك وتعالى - ، لا تريدون من وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا ، ولا وظيفةً ولا منصبًا ، ولا تصدُّرَ المجالس ، وإنما هو للوصول إلى الدرجة التي خطَّها الله - عز وجل - للعلماء حين قال : (( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ )) .
وثانيًا : الابتعاد عن المزالق التي يقع فيها بعض طلاب العلم ، التي منها أنَّه سُرعان ما يسيطر عليهم العُجْب والغرور ، فينطلق أحدهم إلى أن يركبَ رأسه وأن يُفتي نفسه - بل غيره - ممَّا بدا له دون أن يستعينَ بأهل العلم الخاصَّة من السلف الصالح الذين مَضَوا وخلَّفوا لنا هذا التراث النَّيِّر ؛ لنستعينَ به على القضاء على هذه الظُّلمات التي تراكمت على مرِّ العصور ، فعشناها في ظلام دامس ، والاستعانة بأقوال السلف وآرائهم تساعدنا على ... هذه الظلمات حينما نرجع إلى فهم الكتاب والسنة الصحيحة ؛ لأنَّني عشت في زمن أدركت أمرين متناقضَين ؛ الأمر الأول حيث كان المسلمون جميعًا شيوخًا وطلابًا عامَّة وخاصَّة يعيشون في بُؤرة التقليد واتباعهم ليس فقط للمذاهب بل وللآباء والأجداد ، عشت هذا الزمن ونحن ندعو إلى الرجوع إلى كتاب الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، نحن هنا وهناك في مختلف البلاد الإسلامية وُجِد دائمًا وأبدًا أفراد هم الغرباء الذين وَصَفَهم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض الأحاديث المعروفة التي منها : ( إنَّ الإسلام بدأ غريبًا ، وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في بعض الروايات أنه - عليه السلام - سُئِل : من هم الغرباء ؟ فقال - عليه السلام - : ( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين ؛ مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، وفي رواية أخرى : ( هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سُنَّتي من بعدي ) .
عشنا ذاك الزمن ، ثم بدأنا نتبيَّن الأثر الطَّيِّب لدعوة الدعاة الغرباء المصلحين بين صفوف الشباب المؤمنين ، ورأينا هذا الشباب يستقيم على الجادَّة في كثير من البلاد الإسلامية ، ويحرص على التمسُّك بالكتاب والسنة حيثما صحَّت عنده ، ولكن ما طال فرحنا بهذه الصَّحوة التي لمسناها في هذه السنوات الأخيرة حتى فُوجئنا بانقلاب وقع في بعض هؤلاء الشباب في بعض البلاد كادَ أن يقضِيَ على آثار هذه الصَّحوة الطَّيِّبة ، وما سبب ذلك - وهنا العبرة والنصيحة - إلَّا لأنه أصابَه العُجْب وأصابه الغرور ؛ وما سبب ذلك إلا لأنهم أصابهم العُجْب وأصابهم الغرور بسبب ما تبيَّن لهم أنهم أصبحوا على شيء من العلم الصحيح ليس فقط بين جمهرة الشباب المسلم الضَّايع ؛ بل حتَّى بين كثير من شيوخ العلم ؛ حيث شعروا بأنهم تفوَّقوا بهذه الصَّحوة على مشيخة أهل العلم المنتشرين في العالم الإسلامي ؛ فما شكروا الله - عز وجل - حيث وفَّقَهم إلى هذا العلم الصحيح ، بل اغترُّوا واشتدُّوا وظنُّوا أنهم على علم ، فأخذوا يصدرون الفتاوى الفجَّة الغير قائمة على التفقُّه بالكتاب والسنة ، بل إنما هي آراء غير ناضجة ظهرت لهم أنها هي العلم المأخوذ من الكتاب والسنة فضلُّوا وأضلُّوا كثيرًا .
وليس يخفى عليكم ما كان من آثار ذلك من وجود جماعة في بعض البلاد الإسلامية أخذوا يصرِّحون بتكفير كلِّ الجماعات المسلمة بفلسفات لا مجال الآن للخوض فيها ، ونحن إنما نقول الآن كلمة من باب النصيحة والتذكير ؛ لذلك أنصح إخواننا أهل السنة وأهل الحديث في كلِّ بلاد الإسلام أن يصبروا على طلب العلم وأن لا يغتروا بما جَنَوا من العلم ، وإنما يُتابعون الطريق ولا يعتمدون على مجرَّد أفهامهم أو ما يسمُّونه باجتهادهم ، وأنا سمعت من كثيرين من إخواننا ، لكن مع هذا يقول لك بكلِّ بساطة بكلِّ لا مبالاة : يا أخي ، إيمتى اجتهدت أنا ؟! طيب ؛ أنت لما اجتهدت على هذا على إيش اعتمدت ؟ ما هي الأحاديث التي رجعت إليها ؟ ما هي المفاهيم التي فهمتَها ؟ مَن العلماء الذين استعَنْت بهم على فهم هذه الأفهام التي أنت تصرِّح بها ؟ لا شيء سوى بدا له هذا الفهم فهو صار المفتي الأعظم !!
هذا سببه باعتقادي هو العُجْب والغرور ؛ لذلك أجد في العالم الإسلامي اليوم ظاهرة غريبة جدًّا تظهر في بعض المؤلفات ، فأصبح مَن كان عدوًّا للحديث يؤلِّف في علم الحديث ؛ لماذا ؟ لِيُقال : إنه أدرك ... الحديث !! ولو رجعْتَ إلى هذا الذي كتبه في علم الحديث لَوجدته عبارة عن نقول لَمْلَمَها وجمعَها من هنا وهناك وألَّف منه كتابًا ، هذا ما الباعث عليه ؟ حبُّ الظهور ، وصدق مَن قال : " حبُّ الظُّهور يقطع الظُّهور " ؛ لذلك أنصح إخواننا أوَّلًا - كما قلت - : بتقوى الله - عز وجل - ، وثانيًا : بالاستمرار في طلب العلم ، وثانيًا : أن يبتعدوا عن كلِّ خلق ليس إسلامًا ، ومن ذلك ألَّا يغترُّوا بما أُوتوا من علم وألَّا يغلِبَهم العُجْب ، وأن ينصحوا الناس أخيرًا (( بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، ويبتعدوا عن الأساليب القاسية والشديدة ؛ لأننا جميعًا نعتقد أن الله - عز وجل - حين قال : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، إنما ذلك لأنَّ الحق في نفسه ثقيل على الناس ، ثقيل على النفوس البشرية ؛ ولذلك هي تستكبر عن قَبولها إلا من شاء الله ، فإذا انضمَّ إلى ثقل الحقِّ على النفس البشرية ... آخر وثقل آخر وهو القسوة في الدَّعوة كانَ ذلك تنفيرًا للناس عن الدعوة بدل أن ندعُوَهم إليها ، وقد تعلمون جميعًا أنَّ قول الرسول - عليه السلام - : ( إنَّ منكم لمنفِّرين ، إنَّ منكم لمنفِّرين ، إنَّ منكم لمنفِّرين ) .
وختامًا : أسأل الله - عز وجل - أن لا يجعل منَّا منفِّرين ، وإنما أن يجعلنا حكماء عاملين بالكتاب والسنة ، ونستودعكم الله جميعًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : والله ما أدري بماذا أنصحكم ؛ لأن نفسي بحاجة لِمَن ينصحها ، لكن إذا كان لا بد من أن أقدِّم إليكم نصيحة فأنا أنصحكم ونفسي أوَّلًا : بتقوى الله ، ثم ببعض ما يتفرَّع من تقوى الله - تبارك وتعالى - ؛ من ذلك أوَّلًا أن تطلبوا العلم خالصًا لوجه الله - تبارك وتعالى - ، لا تريدون من وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا ، ولا وظيفةً ولا منصبًا ، ولا تصدُّرَ المجالس ، وإنما هو للوصول إلى الدرجة التي خطَّها الله - عز وجل - للعلماء حين قال : (( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ )) .
وثانيًا : الابتعاد عن المزالق التي يقع فيها بعض طلاب العلم ، التي منها أنَّه سُرعان ما يسيطر عليهم العُجْب والغرور ، فينطلق أحدهم إلى أن يركبَ رأسه وأن يُفتي نفسه - بل غيره - ممَّا بدا له دون أن يستعينَ بأهل العلم الخاصَّة من السلف الصالح الذين مَضَوا وخلَّفوا لنا هذا التراث النَّيِّر ؛ لنستعينَ به على القضاء على هذه الظُّلمات التي تراكمت على مرِّ العصور ، فعشناها في ظلام دامس ، والاستعانة بأقوال السلف وآرائهم تساعدنا على ... هذه الظلمات حينما نرجع إلى فهم الكتاب والسنة الصحيحة ؛ لأنَّني عشت في زمن أدركت أمرين متناقضَين ؛ الأمر الأول حيث كان المسلمون جميعًا شيوخًا وطلابًا عامَّة وخاصَّة يعيشون في بُؤرة التقليد واتباعهم ليس فقط للمذاهب بل وللآباء والأجداد ، عشت هذا الزمن ونحن ندعو إلى الرجوع إلى كتاب الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، نحن هنا وهناك في مختلف البلاد الإسلامية وُجِد دائمًا وأبدًا أفراد هم الغرباء الذين وَصَفَهم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض الأحاديث المعروفة التي منها : ( إنَّ الإسلام بدأ غريبًا ، وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في بعض الروايات أنه - عليه السلام - سُئِل : من هم الغرباء ؟ فقال - عليه السلام - : ( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين ؛ مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، وفي رواية أخرى : ( هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سُنَّتي من بعدي ) .
عشنا ذاك الزمن ، ثم بدأنا نتبيَّن الأثر الطَّيِّب لدعوة الدعاة الغرباء المصلحين بين صفوف الشباب المؤمنين ، ورأينا هذا الشباب يستقيم على الجادَّة في كثير من البلاد الإسلامية ، ويحرص على التمسُّك بالكتاب والسنة حيثما صحَّت عنده ، ولكن ما طال فرحنا بهذه الصَّحوة التي لمسناها في هذه السنوات الأخيرة حتى فُوجئنا بانقلاب وقع في بعض هؤلاء الشباب في بعض البلاد كادَ أن يقضِيَ على آثار هذه الصَّحوة الطَّيِّبة ، وما سبب ذلك - وهنا العبرة والنصيحة - إلَّا لأنه أصابَه العُجْب وأصابه الغرور ؛ وما سبب ذلك إلا لأنهم أصابهم العُجْب وأصابهم الغرور بسبب ما تبيَّن لهم أنهم أصبحوا على شيء من العلم الصحيح ليس فقط بين جمهرة الشباب المسلم الضَّايع ؛ بل حتَّى بين كثير من شيوخ العلم ؛ حيث شعروا بأنهم تفوَّقوا بهذه الصَّحوة على مشيخة أهل العلم المنتشرين في العالم الإسلامي ؛ فما شكروا الله - عز وجل - حيث وفَّقَهم إلى هذا العلم الصحيح ، بل اغترُّوا واشتدُّوا وظنُّوا أنهم على علم ، فأخذوا يصدرون الفتاوى الفجَّة الغير قائمة على التفقُّه بالكتاب والسنة ، بل إنما هي آراء غير ناضجة ظهرت لهم أنها هي العلم المأخوذ من الكتاب والسنة فضلُّوا وأضلُّوا كثيرًا .
وليس يخفى عليكم ما كان من آثار ذلك من وجود جماعة في بعض البلاد الإسلامية أخذوا يصرِّحون بتكفير كلِّ الجماعات المسلمة بفلسفات لا مجال الآن للخوض فيها ، ونحن إنما نقول الآن كلمة من باب النصيحة والتذكير ؛ لذلك أنصح إخواننا أهل السنة وأهل الحديث في كلِّ بلاد الإسلام أن يصبروا على طلب العلم وأن لا يغتروا بما جَنَوا من العلم ، وإنما يُتابعون الطريق ولا يعتمدون على مجرَّد أفهامهم أو ما يسمُّونه باجتهادهم ، وأنا سمعت من كثيرين من إخواننا ، لكن مع هذا يقول لك بكلِّ بساطة بكلِّ لا مبالاة : يا أخي ، إيمتى اجتهدت أنا ؟! طيب ؛ أنت لما اجتهدت على هذا على إيش اعتمدت ؟ ما هي الأحاديث التي رجعت إليها ؟ ما هي المفاهيم التي فهمتَها ؟ مَن العلماء الذين استعَنْت بهم على فهم هذه الأفهام التي أنت تصرِّح بها ؟ لا شيء سوى بدا له هذا الفهم فهو صار المفتي الأعظم !!
هذا سببه باعتقادي هو العُجْب والغرور ؛ لذلك أجد في العالم الإسلامي اليوم ظاهرة غريبة جدًّا تظهر في بعض المؤلفات ، فأصبح مَن كان عدوًّا للحديث يؤلِّف في علم الحديث ؛ لماذا ؟ لِيُقال : إنه أدرك ... الحديث !! ولو رجعْتَ إلى هذا الذي كتبه في علم الحديث لَوجدته عبارة عن نقول لَمْلَمَها وجمعَها من هنا وهناك وألَّف منه كتابًا ، هذا ما الباعث عليه ؟ حبُّ الظهور ، وصدق مَن قال : " حبُّ الظُّهور يقطع الظُّهور " ؛ لذلك أنصح إخواننا أوَّلًا - كما قلت - : بتقوى الله - عز وجل - ، وثانيًا : بالاستمرار في طلب العلم ، وثانيًا : أن يبتعدوا عن كلِّ خلق ليس إسلامًا ، ومن ذلك ألَّا يغترُّوا بما أُوتوا من علم وألَّا يغلِبَهم العُجْب ، وأن ينصحوا الناس أخيرًا (( بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، ويبتعدوا عن الأساليب القاسية والشديدة ؛ لأننا جميعًا نعتقد أن الله - عز وجل - حين قال : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، إنما ذلك لأنَّ الحق في نفسه ثقيل على الناس ، ثقيل على النفوس البشرية ؛ ولذلك هي تستكبر عن قَبولها إلا من شاء الله ، فإذا انضمَّ إلى ثقل الحقِّ على النفس البشرية ... آخر وثقل آخر وهو القسوة في الدَّعوة كانَ ذلك تنفيرًا للناس عن الدعوة بدل أن ندعُوَهم إليها ، وقد تعلمون جميعًا أنَّ قول الرسول - عليه السلام - : ( إنَّ منكم لمنفِّرين ، إنَّ منكم لمنفِّرين ، إنَّ منكم لمنفِّرين ) .
وختامًا : أسأل الله - عز وجل - أن لا يجعل منَّا منفِّرين ، وإنما أن يجعلنا حكماء عاملين بالكتاب والسنة ، ونستودعكم الله جميعًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 20
- توقيت الفهرسة : 01:14:30
- نسخة مدققة إملائيًّا