سائل آخر : بالنسبة لموضوع الاستفتاء, فكما بتقول أنت على الجاهل أن يسأل العالم فهذا الجاهل قال: انا سألت العلم فلان وسألت العالم فلان, فقال العالم الفلاني كذا وقال العالم الفلاني كذا, عكس ما قال لك, والله أنا قلبي ارتاح للعالم الفلاني دون العالم الفلاني.

الشيخ : اي نعم هو سأل وما سأل, سأل عن رأي فلان وعن رأي فلان فتضارب الرأيان فاختار منهما ما يحلو له, لكن هو ما سأل عن دليل فلان أو دليل فلان, وعمل هو مراجحة, وبعدين والله هو ضاع بين الدليلين, شو بده يساوي, بده يرجع يستفتي قلبه, يستفتي قلبه لكن بده يتقي ربه بالاستفتاء وما يتبع هواه, فالمهم في موضوع من يسأل, أنت شو رأيك حرام؟ شو رأيك أنت حلال؟ والله هذا خوش رأي حلال, هذا فيه يسر, فيه كذا, لا ليس مو هيك السؤال يكون, ما دام المسألة فيها قيل وقال, لازم يسأل عن دليل, كل من قال اللي قال حرام شو دليله, ويلي قال يجوز او لا بأس فيه أيضا شو دليله؟

بعد ذلك يعمل هذا الإنسان ولو كان أميا عاميا, يعمل شيئا من المراجحة والاجتهاد, وكل يجتهد بحسب ما أوتي من عقل من علم من جهل إلى آخره, لأن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها, فإذا علم الله منه أنه اتقى الله عز وجل بعد أن أحسن السؤال على هذا الوصف الذي ذكرناه, إذا علم الله عز وجل منه أنه كان حريصا على معرفة حكم الله عز وجل فيما سأل, ثم اشكل عليه الأمر وما استطاع انه يعمل مراجحة بين القولين, فاتقى الله وقال انا نفسي اطمأنت لكذا, ما في مانع لأنه هذا كما يقال آخر الدواء الكي, ما في عنده طريق إلا هذا, لكن نحن أولا اللي يقع كثيرا, يسمع بالإذاعة هون في السعودية إلى آخره, والله أنا ارتاح قلبي للرأي هذا ويمشي عليه, أو مثل ما ذكرنا آنفا, سأل فلان شو رأيك وفلان شو رأيك, هذا ما سأل عن العلم, سأل عن الرأي, وهنا تتضارب الآراء كثيرا.

منذ أيام قليلة أوقفت سيارة جهة عطا علي منشان أنزل للبلد لحاجة لي دون العجلات, ركبت تكسي وكان الراديو شغال, قلت من فضلك أوقفه, فأوقفه, الظاهر شعر انه الأقل أني رجل متدين, وربما ظن في هذه الشيبة أنه عندي شيء من العلم, سألني عن خروج الدم هل ينقض الوضوء ولا لا؟ قلت له: لا, قال هذا مذهب أبي حنيفة, قلت له: لا, بالعكس هذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى, وانا بقى تابعت الحديث مثل ما بقولوا أنا ما بلقي مزح بدنا نقطع المسافة, قلت له انا ما يجوز العالم إذا سئل عن مسألة يقول للسائل الجواب كذا على مذهب أبي حنيفة أو على مذهب الشافعي, لأنه حيضيع هذا العامي أو السائل بين هذه المذاهب, وما في عنده قدرة أن يعمل مراجحة بينها, لكن العالم حقا يقدم لك الجواب الثابت في السنة, فأنت لما تريد تمشي على شرع, لازم تكون مطمئن أن هذا الشرع جاء من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من طريق الأئمة, عندك رأي أنت عن الأئمة الأربعة شو هم؟ شو ترجمتهم؟ شو كذا؟

قال: لا والله, بس بسمع عنهم أن هؤلاء الأئمة جاءوا بعد الرسول بنحو قرنين من الزمان, وكل واحد له اجتهاد, واجتهاد معرض للخطأ والصواب , لكن الخطأ بعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا جاء الحكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكله صواب, لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, أما عن الأئمة فاجتهادات, فمنهم من أصاب ومنهم من أخطأ, ومن أصاب فله أجران, ومن أخطأ فله أجر واحد, تمينا هيك حتى وصلنا منزلنا وانزلنا.

فالشاهد اليوم مصيبة العالم الإسلامي ما في توعية إسلامية كما كان الأمر في العهد الأول, يعني الآن ما يفرقوا الناس بين الدين مثلا وبين الإسلام, عفوا, بين الدين وبين المذهب, أو بين الإسلام وبين المذهب, ما يفرقوا بينهما, فبيتصورا أن المذهب هو الإسلام, هو الدين, ومن آثار عدم هذا التفريق أنك تأتي أسئلة بتسمعها بالإذاعة, رأي الإسلام في كذا, كذا وكذا, رأي الإسلام, الإسلام عنده حكم ما عنده رأي, لكن هم مش عايشين في أحكام الإسلام, عايشين في آراء العلماء, ولذلك تغير حتى التعبير ليعبر عن واقعهم, ليقولوا رأي الإسلام كذا, يعنون رأي بعض علماء المسلمين, أما الإسلام عنده حكم عنده قضاء مبرم, لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة, ما في اختيار هنا أبدا, هكذا حكم الله, لكن الناس بعيدين عن أحكام الله, كتابا وسنة وعايشين في آراء العلماء.

ومن آثار ذلك يعملوا لك ندوة, ويحضرها دكتوران ثلاثة من الدكاترة اللي ما درسوا الشريعة من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, يقرر الرأي السائد في مسألة ما, بقول لك هذا رأي الفقهاء والمسألة مختلف فيها, في فقهاء كبار قالوا بخلاف ما ينسبونه إلى الفقهاء, المقصود تسليك هذا الأمر الواقع بالاعتماد على رأي قاله بعض الفقهاء, فهم يطلقون ويقولون هذا رأي الفقهاء, كأنه رأي مجمع عليه, وليس من الإجماع بسبيل, يعني أمور خطيرة جدا, منحرفة سببها أن المسلمين اليوم لا يوجد فيهم إلا قليل جدا ممن يعرفهم بحقيقة الدين والإسلام ما هو؟ كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى, وأنا بقول هذا الكلام مش ممكن تسمعوه من إذاعة في بعض البلاد العربية, أو في أكثر البلاد العربية, شو قال ابن القيم؟ كلام حق :

" العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة ليس بالتمويه

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأى فقيه

كلا ولا جحد الصفات ونفيها ... حذرا من التعطيل والتشبيه "

العلم قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, اليوم اسمع أي فتوى لا تجدها مقرونة بقال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إطلاقا.