نصيحة للدعاة السياسيين في جميع أقطار العالم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نصيحة للدعاة السياسيين في جميع أقطار العالم .
A-
A=
A+
السائل : إن القلب يدمو لإخواننا في مصر بالنسبة للدعاء وغيرهم ، مثلاً تدخلا في السياسة ومناقشة للحاكم وإشهار سلاح في مكان آخر ، إنا نعلم الجواب من فضيلتكم من قبل ولكن نريد من فضيلتكم تقديم نصيحة عامة لهؤلاء الإخوان أولى من السجون وغيرها .

الشيخ : نحن تكلمنا كثيرًا ونصحنا مرات ومرات ، نحن دعوتنا تقوم لا أقول تقوم على الإعراض عن السياسة ، ولكنها تقوم على البدء بالأهم فالأهم من الأمور السياسة في الإسلام وبطبيعة الحال ، إنما نعني السياسة الشرعية . السياسة الشرعية أمر لا بد منه ، حينما تتحقق الجماعة الإسلامية تصبح حقيقة قائمة فلا بد من أن يوجد حينذاك شخص يسوسهم ويسوقهم بحكم الشرع الحكيم ، لكن قبل الاشتغال بالسياسة والناس كما ترون متفرقون أحزاب شيعًا : (( كل حزب بما لديهم فرحون )) ، ليس أوانه هذا أوان الإسلام بالسياسة ، السياسة تأتي فيما بعد ، لكن أهم شيء يجب على كل الجماعات الإسلامية أن يلتقوا جميعًا على كلمة سواء ، وهي تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، نحن نعتقد أن الملايين المملينة من المسلمين يشهدون هاتين الشهادتين ، يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ، لكن في الوقت نفسه أكثر هذه الملايين المملينة لا يعرفون معنى هذه الكلمة الطيبة ، لا إله إلا الله ، وما يتلوها من الشهادة لمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفقهون معانيها أو معانيهما ، أكثر هؤلاء الملايين المملينة من المسلمين هكذا ، ثم إذا وجد فيهم وهو موجود والحمد لله من يفهم معنى هذه الكلمة الطيبة ، الكثيرون منهم لا يقومون بحقها عملًا ، يفهمون خلاف الأكثرين ، يفهمون المعنى ولكن لا يقومون بما تتطلب من الأعمال الشرعية ولذلك فيجب عل كل جماعة مسلمة ، تريد أن تجعل دولة الإسلام حقيقة قائمة ، وأن يعود إلى المسلمين مجدهم وعزهم الغابر ، لا بد قبل كل شيء ، قبل الدعوة إلى السياسة والاقتصاد والاجتماع ونحو ذلك من الألفاظ العصرية اليوم ، والتي يدندن حولها الكفار لأنهم لا يهتمون بشيء آخر سوى ذلك ؛ لأن حياتهم الدنيوية العاجلة تقوم على السياسة والاقتصاد وو إلى آخره ، لكن المسلمون ليس كذلك المسلمون يجب أن يؤمنوا قبل كل شيء في حياتهم العاجلة ، حياتهم الأبدية الخالدة ، على الوجه الذي يرضي الله تبارك وتعالى ، وكذلك لا يكون بالاشتغال بهذه الأمور ابتداءً ، أؤكد لكم ابتداءً وإنما يجب عليهم أن يبتدئوا بفهم هذه الكلمة الطيبة والدعوة إليها والعمل بها في حدود المستطاع لكل فرد من أفراد المسلمين ، فمن الحكم التي كنا مررنا بها قول بعضهم من استعجل الشيء قبل أوانه أُبتلي بحرمانه ، فهذه الثورات التي تقوم بها بعض الجماعات الإسلامية هو من باب الاستعجال بالشيء قبل أوانه ، ولذلك كانت النتيجة أن يبتلى بحرمانه فكم وكم وكم من ثورات قامت هنا وهناك ، ثم ما جنوا من ذلك إلا الشوك والحنظل ، المر الصبر لماذا ؟ نتيجة ذلك أنهم خالفوا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث أن الكثيرين منهم يريدون أن يستنوا بسنته عليه السلام ، ولكن العواطف الجامحة التي لا يكبح من جماحها إلا العلم النافع ، وهو العلم المستقى من كتاب الله ، ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الحديث الصحيح قد حرموه حينما قاموا واستعجلوا بالأمر ؛ لأننا جميعًا نشترك في أن نعرف بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما نزل على قلبه أول ما نزل : (( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجس فاهجر )) لما أمر بهذا الأمر لم يشتغل بمحاربة المجتمع الذي هو يعيش فيه بالسيف والقوة ، بل ولم يعمل لمحاربة المنكرات التي كانت تحيط به عليه السلام من كل جانب من أكل أموال الناس بالربا وبالباطل ومن تعاطى شرب الخمور ونحو ذلك ، هل يعني هذا أن هذه أمور غير منكرة ؟ لا ، لكنها ليس الآن أوان معالجتها شرعًا ، بوحي من الله عز وجل ، أمره قبل كل شيء أن يُعنى بالتوحيد وبالصلاة التي لا بد منها ، فحينما يثور بعض الناس وظنًا منهم أنهم هيئوا المجتمع الذي يعيشون فيه لتقبل دعوتهم وحكمهم ، والواقع إن الأمر ليس كذلك ؛ لذلك هم يلجأون لاستعمال القوة ، فيبتلون بقوة غاشمة ، تقضي على قوتهم ، وتوقف حركة دعوتهم ، إلى ما شاء الله من سنين كثيرة وكثيرة ، ومع الأسف الشديد أوضح مثال لدينا فتنة الحرم المكي ، حيث كانت الدعوة السلفية في أوجها وفي أعلى مجدها في الدولة السعودية لأنها أقرب الدول إلى الكتاب والسنة . كانت الدعوة السلفية هناك منطلقة بكل حرية لا مثل لها في الدول الأخرى ، مجرد أن قامت هذه الثورة المخالفة للشرع ، انقلبت الدعوة رأسًا على عقب ، وكبتت فلا تسمع لها دعوة صريحة إلا ما شاء الله ، في حدود كلمات ممكن أن يقولها المسلم في كل بلد ، فهذا من نتائج مخالفة الحكمة السابقة " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتليَّ بحرمانه " لذلك نحن نرجو من إخواننا المسلمين ، في كل قطر ومصر أن يتئدوا وأن يتريثوا في دعوتهم ، وأن يعنوا بتفهيمها للناس عامة الناس ، وليس فقط استصفاء بعض الأفراد هذا لا يكفي ، لا بد من إشاعة الدعوة بين عامة الناس بحيث تصبح أنها هي الحاكمة وهي الغالبة وهي المسيطرة ، وهي الموجهة لهؤلاء الأفراد ، ونحن نرى أن الدعوة حقًا أصبحت ظاهرة بعض الشيء وتختلف عما كانت عليه من قبل ، ولكنها ظاهرة لما تدخل الى بيوت المسلمين لما تدخل إلى قلوب المدعوين ، بحيث نعود إلى الحديث السابق ( ألا وإن في الجسد مضغة ... ) إلى آخره ، بحيث يظهر صلاح هذا الإيمان الذي دخل في القلوب ، على الجوارح في البيوت ، في النساء ، في الأولاد ، هذه الظاهرة نادرة جدًا ولذلك فلا يكفي أن نرى هذه الندرة ، منتشرة بين بعض الأفراد ، أما المجتمع الذي نعيش فيه فلا يزال يعيش في جاهليته الأولى ، لا ينبغي أن نستعجل الأمر ، يجب أن نظل دعاةً ، إلى تفهيم الناس حقيقة الشهادتين ، وإلى تربيتهم على العمل بهما ، أما مجرد الكلام أولاً ... ثم صحيح ثانيًا فهذا كله لا يكفي فلا بد من قرن العمل مع القول والشهادة لهذا قلنا أكثر من مرة ونذكر ولا نطيل الكلام

مواضيع متعلقة