ما هو أصل الصيغة المختصرة للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - الواردة في كتب الحديث والشائعة على ألسنة الناس ؛ أَهِيَ " صلى الله عليه وسلم " أم الصلاة الإبراهيمية الكاملة التي نقولها في التشهد ؟
A-
A=
A+
السائل : سائل يقول : ما هو أصل الصيغة المختصرة للصلاة على النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - الواردة في كتب الحديث والشائعة على ألسنة الناس ؛ وهي قولهم : " صلى الله عليه وسلم " ؛ مع أن النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - قد علَّمهم كيف يصلون عليه عمومًا في الصلاة وغيرها ؛ فقد قالوا : يا رسول الله ، قد عَلِمْنا كيف نسلِّم عليك ؛ فكيف نصلي عليك ؟ فقال : ( قولوا : اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ؛ إنَّك حميد مجيد ) ؟
الشيخ : هذا السؤال في اعتقادي سؤال هام ، وفي الجواب عنه تبيين حقيقةً طالما غفلَ عنها كثير من الناس حتَّى بعض الخاصَّة منهم ، هذه الحقيقة هي التي نقولها دائمًا وأبدًا أنَّ المسلم لا يكتفي أن تكون دعوته قاصرة على التمسُّك بالكتاب والسنة فقط ؛ بل لا بدَّ من أن يضيفَ إلى ذلك " على منهج السلف الصالح " ، الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح .
والسبب الذي يحمِلُنا على أن نقول بضرورة التمسُّك بهذه الإضافة أو هذه الضَّميمة " على منهج السلف الصالح " أمور ؛ منها النقلي والعقلي ، أما النقل فتعلمون قول الله - عز وجل - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ، فربُّنا - عز وجل - بطبيعة الحال لم يقُلْ : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) عبثًا ، وإنما لحكمة بالغة ؛ لأنه لو قال : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى نولِّه ما تولَّى " إلى آخره ؛ لَكان هناك مجال أن يقول كلُّ ضالٍّ منحرف عن الكتاب والسنة بالمفهوم الصحيح الذي فارَقَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه الأمَّة أن يقول : هذا هو الذي أنا فهمته من الآية ومن الحديث ، لكن لكي لا يكون هذا الفهم فوضى لا قاعدة ولا ضابطة له قال - تعالى - : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) ليبيِّنَ للناس أنَّه لا يكفي ، بل لا يجوز أن يستقلَّ كلُّ مسلم أن يفهم الكتاب والسنة كما يبدو له ؛ بل عليه أن يفهمَهما كما فَهِمَ ذلك سلفنا الصالح ، ولذلك فالمراد هنا : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) المراد بالمؤمنين هنا هم سلفنا الصالح الذين شَهِدَ لهم الرسول - عليه السلام - تلك الشهادة التي امتازوا بها على مَن بعدهم في الحديث الصحيح بل المتواتر : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) ، هذا من جهة هذه الآية الكريمة .
ثم تأتي السنة كما هي عادتها دائمًا وأبدًا مع القرآن بيانًا وتوضيحًا ، فيقول الرسول - عليه السلام - في حديث الفرق الثلاث والسبعين المعروفة ، فلما سُئِل عن قوله - عليه السلام - : ( كلها في النار إلا واحدة ) . من هي ؟ قال : ( هي التي تكون على ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) ، ومثل ذلك حديث العرباض بن سارية الذي أوَّله : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت لها العيون إلى آخر الحديث ؛ قال - عليه السلام - : ( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ) إلى آخر الحديث ، فهذا الحديث وذاك يبيِّن لنا بوضوح أنَّنا لا يُمكننا أن نستغنِيَ عن فهم ما كان عليه سلفنا الصالح وبخاصَّة منهم الصحابة - رضي الله عنهم - ؛ لأنهم كانوا أقرب منَّا إليه - صلى الله عليه وسلم - فهمًا وعلمًا ومشاهدةً ورؤيةً وتطبيقًا وكل شيء من هذا القبيل ؛ لذلك فنحن علينا كما نتلقَّى ألفاظ الشريعة قرآنًا وحديثًا من هؤلاء السلف كذلك يجب أن نتلقَّى معانِيَ هذه النصوص من الكتاب والسنة ، وليس فقط أن يقول أحدنا اليوم بعد أربعة عشر قرنًا : والله هذا فهمي !! خاصَّة في الأحكام التي وبصورة أخصّ في العقائد التي جرى عليها عمل ؛ سواءٌ كان عمل قلبي إيماني أو عمل بدني جوارحي ؛ فهذه الأمور لا شك أنهم فهموها على الصواب ، فكلُّ مَن جاء من بعدهم برأيٍ يخالف ما كانوا عليه من عقيدة أو ما كانوا عليه من أحكام شرعيَّة فلا شك أنه مُخالف لسُبُل المؤمنين ، فيكون داخلًا في عموم قوله - تعالى - السابق : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ، إذا عُرِفَت هذه القاعدة الهامَّة تبيَّنت لنا مطالع الجواب على هذا السؤال .
نحن نعلم يقينًا أن الصحابة الذين نقلوا إلينا أحاديثه - عليه السلام - ثم التابعين ثم أتباعهم ، وهم - كما ذكرنا - القرون المشهود لهم بالخيرية ؛ أنهم إذا روَوْا حديثًا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابتدؤوه بقولهم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال قائلهم : كان رسول الله يفعل كذا أو يقول كذا ؛ نعلم يقينًا أنَّ أحدهم ما كان يقول : قال رسول الله اللهم صلِّ عليه اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، أو صلَّى الله على محمد وعلى آل محمد كما صليت إلى آخر الصلاة الإبراهيمية ؛ يقينًا ما كانوا يقولون هكذا ؛ لذلك نحن لا نقول بأن موضع تطبيق النَّصِّ القرآني الذي جاء في السؤال وأن عمومه يقتضي أن تكون الصلاة بهذه الصيغة التي علَّمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، هذا له بحث سابق أن " النَّصَّ العام الذي لم يجرِ به العمل لا يجوز نحن أن نعمل بجزءٍ من أجزائه الذي لم يجرِ به العمل " ، وإنما ما علمناه أنه طُبِّق طبَّقناه ، وما علمنا أنه تُرك من أجزائه تركناه ، وهذا هو الاتباع أن نفعلَ ما فعلوا وأن نترك ما تركوا .
إذًا هنا قد يأتي سؤال ؛ فماذا نقول ؟ نقولُ كما هو في كتب الحديث ، فالذين عُنُوا من أئمَّة الحديث الأوَّلين بالتدقيق في رواية الأحاديث حتى في الحرف الواحد لا نتصوَّر أبدًا أحد شيئين ؛ لا نتصوَّر أن الصحابي كان يقول : قال رسول الله : ( مَن قال لصاحبه يوم الجمعة ) ، كان رسول الله يفعل كذا وكذا ؛ أي : لا يصلي عليه ، هذا الأمر الأوَّل الذي لا نتصوره . الأمر الثاني لا نتصوَّره أن يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عفوًا تغلب العادة ، كان رسول الله فيقف هنا ويقول : اللهم صلِّ على محمد ، هذا - أيضًا - لا نتصور أنه وقع ؛ لماذا ؟ - وهذا له صلة بالبحث السابق أمس القريب - لأنه لو وقع لَنُقِلَ إلينا ؛ لأن الدَّواعي تتوفر لنقل هذا الأمر الهام ، كلما ذكر الصحابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث له من قوله - عليه الصلاة والسلام - أو من فعله وقف وصلى عليه كما علَّمهم ؛ لو هذا وقع حتَّى لو مرَّة واحدة لَتوفَّرت الدواعي لنقله ؛ فكيف وهم أكثر الأحاديث بالمئات بل بالألوف المؤلفة ولم يوجد في حديث واحد أنَّ أحدهم صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الصلاة التامَّة الكاملة ؟
من هنا أنا أتوصَّل لأقول أن هذا النَّصَّ العام القرآني لا يُراد عمومه ، وإنما هذا خاصٌّ بالصلاة ، ويؤيِّد ذلك رواية رواها الحاكم وربما الإمام أحمد في " المسند " أنَّه لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه - هذا موجود في الصحيح ، لكن التتمة موضع الشاهد - هذا السلام عليك قد عرفناه ؛ فكيف نصلي عليك إذا نحن جلسنا في صلاتنا ؟ فقال : ( قولوا : اللهم صلِّ على محمد ) ، إذًا هذه الصلاة مكانها الصلاة ، وليس خارج الصلاة ، وبهذا ينتهي الجواب عن السؤال .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : وفيكم .
الشيخ : هذا السؤال في اعتقادي سؤال هام ، وفي الجواب عنه تبيين حقيقةً طالما غفلَ عنها كثير من الناس حتَّى بعض الخاصَّة منهم ، هذه الحقيقة هي التي نقولها دائمًا وأبدًا أنَّ المسلم لا يكتفي أن تكون دعوته قاصرة على التمسُّك بالكتاب والسنة فقط ؛ بل لا بدَّ من أن يضيفَ إلى ذلك " على منهج السلف الصالح " ، الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح .
والسبب الذي يحمِلُنا على أن نقول بضرورة التمسُّك بهذه الإضافة أو هذه الضَّميمة " على منهج السلف الصالح " أمور ؛ منها النقلي والعقلي ، أما النقل فتعلمون قول الله - عز وجل - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ، فربُّنا - عز وجل - بطبيعة الحال لم يقُلْ : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) عبثًا ، وإنما لحكمة بالغة ؛ لأنه لو قال : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى نولِّه ما تولَّى " إلى آخره ؛ لَكان هناك مجال أن يقول كلُّ ضالٍّ منحرف عن الكتاب والسنة بالمفهوم الصحيح الذي فارَقَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه الأمَّة أن يقول : هذا هو الذي أنا فهمته من الآية ومن الحديث ، لكن لكي لا يكون هذا الفهم فوضى لا قاعدة ولا ضابطة له قال - تعالى - : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) ليبيِّنَ للناس أنَّه لا يكفي ، بل لا يجوز أن يستقلَّ كلُّ مسلم أن يفهم الكتاب والسنة كما يبدو له ؛ بل عليه أن يفهمَهما كما فَهِمَ ذلك سلفنا الصالح ، ولذلك فالمراد هنا : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ )) المراد بالمؤمنين هنا هم سلفنا الصالح الذين شَهِدَ لهم الرسول - عليه السلام - تلك الشهادة التي امتازوا بها على مَن بعدهم في الحديث الصحيح بل المتواتر : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) ، هذا من جهة هذه الآية الكريمة .
ثم تأتي السنة كما هي عادتها دائمًا وأبدًا مع القرآن بيانًا وتوضيحًا ، فيقول الرسول - عليه السلام - في حديث الفرق الثلاث والسبعين المعروفة ، فلما سُئِل عن قوله - عليه السلام - : ( كلها في النار إلا واحدة ) . من هي ؟ قال : ( هي التي تكون على ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) ، ومثل ذلك حديث العرباض بن سارية الذي أوَّله : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت لها العيون إلى آخر الحديث ؛ قال - عليه السلام - : ( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ) إلى آخر الحديث ، فهذا الحديث وذاك يبيِّن لنا بوضوح أنَّنا لا يُمكننا أن نستغنِيَ عن فهم ما كان عليه سلفنا الصالح وبخاصَّة منهم الصحابة - رضي الله عنهم - ؛ لأنهم كانوا أقرب منَّا إليه - صلى الله عليه وسلم - فهمًا وعلمًا ومشاهدةً ورؤيةً وتطبيقًا وكل شيء من هذا القبيل ؛ لذلك فنحن علينا كما نتلقَّى ألفاظ الشريعة قرآنًا وحديثًا من هؤلاء السلف كذلك يجب أن نتلقَّى معانِيَ هذه النصوص من الكتاب والسنة ، وليس فقط أن يقول أحدنا اليوم بعد أربعة عشر قرنًا : والله هذا فهمي !! خاصَّة في الأحكام التي وبصورة أخصّ في العقائد التي جرى عليها عمل ؛ سواءٌ كان عمل قلبي إيماني أو عمل بدني جوارحي ؛ فهذه الأمور لا شك أنهم فهموها على الصواب ، فكلُّ مَن جاء من بعدهم برأيٍ يخالف ما كانوا عليه من عقيدة أو ما كانوا عليه من أحكام شرعيَّة فلا شك أنه مُخالف لسُبُل المؤمنين ، فيكون داخلًا في عموم قوله - تعالى - السابق : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ، إذا عُرِفَت هذه القاعدة الهامَّة تبيَّنت لنا مطالع الجواب على هذا السؤال .
نحن نعلم يقينًا أن الصحابة الذين نقلوا إلينا أحاديثه - عليه السلام - ثم التابعين ثم أتباعهم ، وهم - كما ذكرنا - القرون المشهود لهم بالخيرية ؛ أنهم إذا روَوْا حديثًا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابتدؤوه بقولهم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال قائلهم : كان رسول الله يفعل كذا أو يقول كذا ؛ نعلم يقينًا أنَّ أحدهم ما كان يقول : قال رسول الله اللهم صلِّ عليه اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، أو صلَّى الله على محمد وعلى آل محمد كما صليت إلى آخر الصلاة الإبراهيمية ؛ يقينًا ما كانوا يقولون هكذا ؛ لذلك نحن لا نقول بأن موضع تطبيق النَّصِّ القرآني الذي جاء في السؤال وأن عمومه يقتضي أن تكون الصلاة بهذه الصيغة التي علَّمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، هذا له بحث سابق أن " النَّصَّ العام الذي لم يجرِ به العمل لا يجوز نحن أن نعمل بجزءٍ من أجزائه الذي لم يجرِ به العمل " ، وإنما ما علمناه أنه طُبِّق طبَّقناه ، وما علمنا أنه تُرك من أجزائه تركناه ، وهذا هو الاتباع أن نفعلَ ما فعلوا وأن نترك ما تركوا .
إذًا هنا قد يأتي سؤال ؛ فماذا نقول ؟ نقولُ كما هو في كتب الحديث ، فالذين عُنُوا من أئمَّة الحديث الأوَّلين بالتدقيق في رواية الأحاديث حتى في الحرف الواحد لا نتصوَّر أبدًا أحد شيئين ؛ لا نتصوَّر أن الصحابي كان يقول : قال رسول الله : ( مَن قال لصاحبه يوم الجمعة ) ، كان رسول الله يفعل كذا وكذا ؛ أي : لا يصلي عليه ، هذا الأمر الأوَّل الذي لا نتصوره . الأمر الثاني لا نتصوَّره أن يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عفوًا تغلب العادة ، كان رسول الله فيقف هنا ويقول : اللهم صلِّ على محمد ، هذا - أيضًا - لا نتصور أنه وقع ؛ لماذا ؟ - وهذا له صلة بالبحث السابق أمس القريب - لأنه لو وقع لَنُقِلَ إلينا ؛ لأن الدَّواعي تتوفر لنقل هذا الأمر الهام ، كلما ذكر الصحابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث له من قوله - عليه الصلاة والسلام - أو من فعله وقف وصلى عليه كما علَّمهم ؛ لو هذا وقع حتَّى لو مرَّة واحدة لَتوفَّرت الدواعي لنقله ؛ فكيف وهم أكثر الأحاديث بالمئات بل بالألوف المؤلفة ولم يوجد في حديث واحد أنَّ أحدهم صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الصلاة التامَّة الكاملة ؟
من هنا أنا أتوصَّل لأقول أن هذا النَّصَّ العام القرآني لا يُراد عمومه ، وإنما هذا خاصٌّ بالصلاة ، ويؤيِّد ذلك رواية رواها الحاكم وربما الإمام أحمد في " المسند " أنَّه لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه - هذا موجود في الصحيح ، لكن التتمة موضع الشاهد - هذا السلام عليك قد عرفناه ؛ فكيف نصلي عليك إذا نحن جلسنا في صلاتنا ؟ فقال : ( قولوا : اللهم صلِّ على محمد ) ، إذًا هذه الصلاة مكانها الصلاة ، وليس خارج الصلاة ، وبهذا ينتهي الجواب عن السؤال .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : وفيكم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 251
- توقيت الفهرسة : 00:20:25
- نسخة مدققة إملائيًّا