يستدل بعض المسلمين بحديث غرز النبي - صلى الله عليه وسلم - لغصن رطب ، فوضعه على قبر دليل على جواز زرع شجر أو نحوه على القبور ؛ فهل الاستدلال صحيح ؟
A-
A=
A+
السائل : هؤلاء ، في موضوع - شيخنا - ، يستدل بعض المسلمين بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على قبر ، فأخذ غصنًا رطبًا أو كذا ما أذكر النَّصَّ ، فوضعها على القبر ، فاستدلوا بهذا الحديث أنهم يجوِّز لهم أن يضعوا يعني شجر وغيره .
الشيخ : نعم .
السائل : فما أدري إذا كان هذا الحديث يعني يكون يعني .
الشيخ : هذا الحديث بلا شك هو حديث صحيح ، ولكن لا يدل الحديث على الغاية التي من أجلها ، هذا الحديث لا يدل على الغاية التي يستند إليها هؤلاء الذين يضعون الورود والزهور ويزرعون الأشجار على مقابرهم أو قبورهم بزعم أنها تخفِّف العذاب عن أولئك الأموات بسبب أن هذا الشجر الأخضر يسبِّح الله - عز وجل - ، وبهذا التسبيح يُخفَّف العذاب عن أهل القبور ؛ هذا الحديث الصحيح لا يدل على هذا التعليل الذي لا أصل له في الشرع أوَّلًا ، بل الحديث الذي سألتَ عنه يدل على أن هذا الغصن الرطب الذي وضعه الرسول - عليه السلام - لم يكن سببًا لتخفيف العذاب حتى يصحَّ أن يُتَّخذ هذا السبب نظامًا ويُطبَّق في مقابر المسلمين ، وإنما يدل على أن رطابة هذا الغصن إنما كان علامة وتحديدًا لزمن تخفيف العذاب عن أولئك المقبورين ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سُئِل عمَّا فعَلَ من وضع الغصنين على القبرين قال : ( لعلَّ الله أن يخفِّف عنهما ما داما رطبَين ) ، هذا حديث البخاري ومسلم .
في رواية من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُئِل أجاب بأن الله - عز وجل - قَبِلَ شفاعته - عليه السلام - أن يخفِّف العذاب ما دام الغصن رطبًا ؛ إذًا ما هو سبب التخفيف ؟ شفاعة الرسول ؛ أي : دعاء الرسول ؛ إذًا الرطابة هذه ليست هي السبب إنما هي علامة ، ما دام رطبين فالعذاب مخفَّف ، هذا صريح في الحديث ، لكن هناك أشياء استنباطية نظرية سليمة تؤكِّد هذا المنصوص في الحديث :
أول ذلك : لو كان مجرَّد وضع الغصن الأخضر على القبر سببًا لتخفيف العذاب لَجرى السلف الأول على اتِّخاذ هذه الوسيلة تخفيفًا للعذاب ، وإذ لم يفعلوا فهذا دليل أنهم لم يفهَمُوا ذلك الفهم الخلفي أنَّ سبب التخفيف هو رطابة الغصن ، هذا شيء .
وشيء ثانٍ : لو أن ذلك يكون سببًا شرعيًّا لتخفيف العذاب فهنيئًا للكفار الذين أصبحت مقابرهم حدائق غنَّاء ؛ فإذًا يُخفَّف عنهم العذاب بسبب هذه العلة المُبتَدَعة المختَلَقة التي لا أصل لها في السنة .
وثالثًا وأخيرًا : ربنا - عز وجل - يقول : (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )) ؛ كل شيء حول الميت ، بل الميت نفسه سواء كان لا يزال لحمًا على عظم أو ذابَ اللحم وبَقِيَ العظم أو صار العظم رميمًا ؛ كل هذا وهذا وهذا داخل في عموم قوله - تعالى - : (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ )) ؛ إذًا ما فيه فرق بين الأخضر وبين اليابس ، ما فيه فرق بين الشجر وبين الحجر ، بين الحجر وبين المَدَر ؛ كله داخل في عموم الآية الكريمة ؛ لذلك إن هذا الذي يقولونه إلا اختلاق .
السائل : ... .
الشيخ : نعم .
الشيخ : نعم .
السائل : فما أدري إذا كان هذا الحديث يعني يكون يعني .
الشيخ : هذا الحديث بلا شك هو حديث صحيح ، ولكن لا يدل الحديث على الغاية التي من أجلها ، هذا الحديث لا يدل على الغاية التي يستند إليها هؤلاء الذين يضعون الورود والزهور ويزرعون الأشجار على مقابرهم أو قبورهم بزعم أنها تخفِّف العذاب عن أولئك الأموات بسبب أن هذا الشجر الأخضر يسبِّح الله - عز وجل - ، وبهذا التسبيح يُخفَّف العذاب عن أهل القبور ؛ هذا الحديث الصحيح لا يدل على هذا التعليل الذي لا أصل له في الشرع أوَّلًا ، بل الحديث الذي سألتَ عنه يدل على أن هذا الغصن الرطب الذي وضعه الرسول - عليه السلام - لم يكن سببًا لتخفيف العذاب حتى يصحَّ أن يُتَّخذ هذا السبب نظامًا ويُطبَّق في مقابر المسلمين ، وإنما يدل على أن رطابة هذا الغصن إنما كان علامة وتحديدًا لزمن تخفيف العذاب عن أولئك المقبورين ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سُئِل عمَّا فعَلَ من وضع الغصنين على القبرين قال : ( لعلَّ الله أن يخفِّف عنهما ما داما رطبَين ) ، هذا حديث البخاري ومسلم .
في رواية من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُئِل أجاب بأن الله - عز وجل - قَبِلَ شفاعته - عليه السلام - أن يخفِّف العذاب ما دام الغصن رطبًا ؛ إذًا ما هو سبب التخفيف ؟ شفاعة الرسول ؛ أي : دعاء الرسول ؛ إذًا الرطابة هذه ليست هي السبب إنما هي علامة ، ما دام رطبين فالعذاب مخفَّف ، هذا صريح في الحديث ، لكن هناك أشياء استنباطية نظرية سليمة تؤكِّد هذا المنصوص في الحديث :
أول ذلك : لو كان مجرَّد وضع الغصن الأخضر على القبر سببًا لتخفيف العذاب لَجرى السلف الأول على اتِّخاذ هذه الوسيلة تخفيفًا للعذاب ، وإذ لم يفعلوا فهذا دليل أنهم لم يفهَمُوا ذلك الفهم الخلفي أنَّ سبب التخفيف هو رطابة الغصن ، هذا شيء .
وشيء ثانٍ : لو أن ذلك يكون سببًا شرعيًّا لتخفيف العذاب فهنيئًا للكفار الذين أصبحت مقابرهم حدائق غنَّاء ؛ فإذًا يُخفَّف عنهم العذاب بسبب هذه العلة المُبتَدَعة المختَلَقة التي لا أصل لها في السنة .
وثالثًا وأخيرًا : ربنا - عز وجل - يقول : (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )) ؛ كل شيء حول الميت ، بل الميت نفسه سواء كان لا يزال لحمًا على عظم أو ذابَ اللحم وبَقِيَ العظم أو صار العظم رميمًا ؛ كل هذا وهذا وهذا داخل في عموم قوله - تعالى - : (( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ )) ؛ إذًا ما فيه فرق بين الأخضر وبين اليابس ، ما فيه فرق بين الشجر وبين الحجر ، بين الحجر وبين المَدَر ؛ كله داخل في عموم الآية الكريمة ؛ لذلك إن هذا الذي يقولونه إلا اختلاق .
السائل : ... .
الشيخ : نعم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 238
- توقيت الفهرسة : 00:21:20
- نسخة مدققة إملائيًّا