تتمة الكلام عن لمس المرأة هل ينقض الوضوء أو لا .؟ مع بيان شيء من خصائصه صلى الله عليه وسلم ، وهل تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم لأهله وهو صائم من خصائصه.؟
A-
A=
A+
الشيخ : فهو التقبيل بشهوة لكن بشرط ما يشعر أنه نزل منه شيء من مذي مثلا لأن هذا .. نعم .
السائل : ؟أو مني .
الشيخ : المني هي بدها معركة طويلة يعني ـ يضحك الشيخ رحمه الله ـ حتى قلت للرجل ليفهم عليّ جيدا تأكيدا إن التقبيل هو بشهوة وأنه لا ينقض الوضوء إلا إذا شعر بأنه خرج منه ذاك الماء ، الماء هو المذي وكما قال بعض القدامى " وكل فحل يمذي " هذا أمر طبيعي ؛ فإذا قبل بل قلت له هكذا تأكيدا للموضوع ولو عضها مش قبلها فقط ، ولو عضها وما أنزل شيئا فوضوؤه صحيح لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ( كان يقبل عائشة رضي الله عنها ثم يخرج إلى المسجد ولا يتوضأ ) ، في رواية عنها قالت وهذا من لطفها وحسن أسلوبها في روايتها لحديثها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ ) فقال لها عروة ابن الزبير أنتم تعرفوا أن الزبير آخذ أسماء أخت السيدة عائشة فعروة بتكون هي خالته فله دالة عليها له دالة عليها ؛ فلما قالت السيدة عائشة: ( كان يقبل بعض نسائه ) إلى آخره ، قال لها: " من تكون هذه إلا أنت ، من تكون هذه أنت " لماذا يقول هكذا ؟ لأنه شعر بأنها تكني كناية لطيفة ولأنه يعلم مسبقا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة ) ، رأسًا أجاب بعائشة ، ( قالوا : ومن الرجال ؟ قال : أبوها ) ، فإذًا أحب الناس عائشة ، فحينما تقول عائشة : " كان يُقبل بعض نسائه" إلى أين سيروح ذهن عروة ؟ إليها ، من تكون إلا هذه أنت يا خالتي ، كأنه يقول ، ولا يقال هنا كما يقول بعض المتعصبة لبعض المذاهب التي توجب الوضوء لمجرد المس ، مش مجرد التقبيل الذي قيل آنفًا بدون شهوة ، وهذا لا يتصور ، لكن يتصور يمسها بدون شهوة ، مثلًا هات الغرض وإلا مس يده بيدها ، انتقض الوضوء لا يقال أن هذا الحكم أي هذا الحديث أن الرسول كان يُقبل ثم ينهض إلى الصلاة ولا يتوضأ ، هذا من خصوصياته - عليه السلام - ، من خصوصياته ، من خصائصه التي خصه الله بها دون الناس أجمعين ، لا يقال هذا ، لماذا ؟ هنا نقول : يجب دائمًا الرجوع إلى القواعد العامة ، ثم يستثنى منها -كما قلنا عن الغيبة آنفًا- بعض المستثنيات ، فالآن هل الأصل فيما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نفعله نحن وإلا نترفع و نتنزه عنه ، ونقول هذا خاص بالرسول - عليه السلام - ، ولا العكس هو الصواب ؟ العكس هو الصواب ، لماذا ؟ لأنه يوجد عندنا نص قرآني عام ، قاعدة (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) ، فإذاً هو أسوتنا ، وعلى العكس من ذلك ، لا يوجد عندنا قاعدة تُقابلها تقول : لا تقتدوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في كذا وكذا . إذًا نحن نتمسك بالقاعدة ونطردها لكن إذا جاءنا نصوص خاصة مثل ما ذكرنا بالنسبة للغيبة فنقول : هذا مستثنى . مثلًا ، ربنا يقول : (( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ )) ، لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوج أكثر من عشرة من النساء ، ومات وفي عصمته تسعة ، فهل نقتدي به ؟ إعمالًا للقاعدة الجواب لا ، لم ؟ للآية أولًا ، وللحديث المُفسر لها ثانيًا، وهو ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحت تسع نسوة وأسلم ، فقال - عليه السلام - له : امسك أربعًا منهن ، وطلق سائرهن ) إذًا تزوج الرسول بأكثر من أربع هذه خصوصية له ، ما قلنا هذا بكيفنا وهوانا وتشددنا في الدين ، لا ، وإنما للآية وللحديث الموضح للآية ، ( امسك أربعًا منهن ، وطلق سائرهن ) كذلك مثلًا الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان له بعض المزايا ، من أشهرها أنه كان إذا صام واصل الليل بالنهار ، اليوم والليلة ، وبكرة وبعد بكرة ، وهكذا ليالي ، أسبوع ربما يصوم على طعام واحد، فنهاهم - عليه الصلاة والسلام - قال : ( لا تواصلوا في الصيام ، لا تواصلوا ) قالوا : " يا رسول الله ، إنك لتواصل " . نراك نحن ما شاء الله ، تأخذ الليل والنهار ، والليل والنهار ، وأنت صائم ، إنك لتواصل . فقال : ( إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ) هذه خصوصية للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، الخصوصية جاءت من ناحيتين حكم شرعي ؛ لأنه بإمكان الإنسان أن يواصل أيام طويلة ، ونحن نعرف رجالًا من السلف كان يصوم الدهر ، يواصل الليل والنهار ، مثلًا عبد الله بن الزبير ، ففيه بعض الناس عندهم طاقات للإمساك عن الطعام أيام معدودات وكثيرة ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - كانت له هذه الخصوصية من جهة الجواز له ، وغيره لا يجوز ، ولو كان ايش ؟ يستطيع . تعرفوا أظن سمعتم يومًا ما قصة عبد الله بن عمرو بن العاص ، زوجه والده بفتاة من قريش ، وهو غلام مراهق ، كان بينه وبين أبيه فقط خمسة عشر سنة ، فرق السن بين الولد والوالد خمسة عشرة سنة ، فالظاهر أنه زوجه أيضًا كما تزوج هو مبكرًا ، وكان من شباب الصحابة الناشئين الزاهدين الراغبين في العبادة ، صائم الدهر ، قائم الليل ، صائم النهار ، لما تزوج سأل عمرو بن العاص كنته زوجة ابنه " كيف حالك مع زوجك ؟ " قالت : " إنه لم يطأ لنا بعد فراشًا " . كلام جميل . إنه لم يطأ لنا بعد فراشًا . بطبيعة الحال يغتم الوالد بهذا الخبر ، ايش نحن زوجناه من أجل أن تشكو زوجته منه ، لا يطأ لنا بعد فراشًا . كأننا ما زوجناه ، قال عبد الله ، هو يقص القصة ، قال : " فإما لقيني الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وإما أرسل إليّ " فقال : ( يا عبد الله بلغني عنك تقوم الليل وتصوم النهار ، ولا تقرب النساء ) ، قال : "قد كان ذلك يا رسول الله " . قال : ( فإن لنفسك عليك حقًا ، ولزوجك عليك حقًا ، ولجسدك عليك حقًا ، فصُم من كل شهر ثلاث أيام ، والحسنة بعشر أمثالها ، فكأنما صمت الدهر ، صم من كل شهر ثلاث أيام ، والحسنة بعشر أمثالها ) قال : " يا رسول الله ، إني شاب ، إن بي قوة ، إني أستطيع أكثر من ذلك " يعني عكس شبابنا اليوم ، هو بقول : ارحمني وأعطني رخصة ، أنه أتعبد الله أكثر ، اليوم يقول الرجالات الكبار ، لسه خطية لسه ، حتى لو كان تارك صلاة ، يقول : يكبر ما زال يكبر . انظر الفرق بين السلف والخلف ، فلا جرم أن الله قال : (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )) . قال : ( فصم من كل شهر أسبوعًا ) قال : يا رسول الله ، إني شاب ، إن بي قوة ، إني أستطيع أكثر من ذلك - يرحمك الله - إلى أن تنازل معه الرسول وقال له : ( فصم يومًا وأفطر يومًا ، فإنه أفضل الصيام ، وهو صوم داود - عليه الصلاة والسلام - ، وكان لا يفر إذا لاقى ) هنا سر ، ( كان لا يفر إذا لاقى ) بمعنى أنه جمع بهذا الأسلوب في الصيام بين القوتين ، بين المحافظة على قوة البدن ، والمحافظة على قوة الروح ، الحياة السعيدة هذه التي يحياها الإنسان في عبادته لله -تبارك وتعالى- . أما إذا صام الدهر حتى قوته تذهب ، فإذا لاقى العدو فر ، ولا يثبت ، وحينئذ يكون مثله كمثل كما يقال: " من يبني قصرًا ويهدم مصرًا " لا ، ( صُم صوم داود - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان أفضل الصيام ) وفي رواية ( أعدل الصيام ، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ، وكان لا يفر إذا لاقى -يعني العدو- ) قال : يا رسول الله -وهنا الشاهد- إني أريد أفضل من ذلك . قال : ( لا أفضل من ذلك ، لا أفضل من ذلك ) كيف هذا وهو كان يصوم ويواصل في الصيام ؟ هذه خصوصية له - صلى الله عليه وسلم - . قلت آنفًا : خصوصية من ناحيتين ؛ من ناحية أن الشارع الحكيم رب العالمين أجاز له ما لم يُجز للمسلمين ، ومن الناحية الثانية خصوصية هذه ، قلت : القوة على الصيام يمكن أن يحظى بها كثير من الناس ، لكن إنه يبيت عند ربه يُطعمه ويسقيه ، هذه خصوصية له ، وليس هذا الطعام طعامًا ماديًا ، وإنما هو طعام إن صح التعبير عنه روحي معنوي ، وإلا يكون ما هو صائم - عليه الصلاة والسلام - لا ليل ولا نهار . -يضحك الشيخ رحمه الله- . ولذلك شو كان ذاكر ابن القيم - الله يرحمه- بيتين حلوات هكذا ، هو غزل لكنه لطيف ، إذا تمدنا بمددك يا ، شو بقول يصف عشيقته ، قال " لها أحاديث من ذكراك تشغلني عن الطعام " وعن كذا وكذا ، هيك بقول يعني -يضحك رحمه الله- . فالشاهد ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - له خصوصيات لكن الأصل أنَّ الاقتداء به هي القاعدة ، والخصوصيات تُتبع بها الأدلة ، فإذا جاء الدليل يقول لنا أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قبل وما جاء أن هذا خاص به ، حينئذ نحن نقتدي به ، ولكن هنا تفصيل يذكره بعض العلماء ، ولا بأس من ذكره بناء على حديث ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن تقبيل الرجل لزوجته وهو صائم ، هل يُقبل زوجته وهو صائم ؟ فرخص له ، ثم جاء آخر فسأله نفس السؤال ، فلم يُرخص له ) ، صار فيه تناقض هنا في الظاهر ، قال : فنظرنا فرأينا الذي رخص له شيخًا ، والذي لم يرخص له شابًا . شيخ وشاب
السائل : ... أحسن
الشيخ : لكن مو أحسن ما يناسبك ، أنا أقول الرسول عليه الصلاة والسلام لما أعطى جوابين متباينين بسبب أن السائلين مختلفين ، هذا في منتهى الحكمة ، منتهى الحكمة ؛ لأنه يراعى طبائع الناس ، الشيخ السائل أجاز له ، رخص له ، والعكس ما رخص له لماذا ؟ لأن الغالب على الشيوخ أنهم شبعوا من الدنيا ، ضعفت الشهوة شاءوا أم أبوا ، والغالب على العكس على الشباب أنهم في عز شهوتهم وقوتهم وشبابهم ، إلى آخره .
ولذلك أنا قلت إنه ما يناسبه هو
السائل : هذا كلام خطير ... .
الشيخ : اه أي نعم كويس.
السائل:..
الشيخ: بانتظام فأقول : فإذا فرضنا أن هناك شابًا عليلًا مريضًا خاوي القوى منهار ، هذا يكون حكمه حكم الشيخ ، شايف شلون، فيباح له أو يرخص له ، ما فيه خطر في أن يقال لك أن تقبل زوجتك وأنت صائم ، ليه ؟ ما فيه الحيل هذا . ورب شيخ آخر كما أن ذاك نادر ما يقابله أيضًا نادر ، رب شيخ بلغ من الكبر عتيًا ، لكن هو لا يزال في قوته وشبابه أحسن من ذاك الشاب يعني ، فهذا يُعطى حكم الشاب ، وايش يقال احذر كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبل زوجته وهو صائم . قالت : وأيكم يملك من إربه ما كان يملك من إربه " . أيكم يملك من إربه -أي من عضوه ، شهوته يعني- ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يملك . خلاصة الكلام ، يختلف الحكم بين الصلاة وبين الصيام من جهة أن المتوضئ إذا قبل زوجته ما في عليه خطر كل ما في الأمر رايح يوجب عليه أن يتوضأ وهذه من قاعدة الذي تعرف ديته اقتله ، لكن هنا مشكلة بالنسبة للصيام ما يجوز يفطر ، رأيت ، فحينئذ يريد كفارة مغلظة ، يصوم شهرين ايش ؟ متتابعين ، وإذن أملك بقى نفسك ، ولا تدندن حول الإفطار ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، نعم .
السائل : ؟أو مني .
الشيخ : المني هي بدها معركة طويلة يعني ـ يضحك الشيخ رحمه الله ـ حتى قلت للرجل ليفهم عليّ جيدا تأكيدا إن التقبيل هو بشهوة وأنه لا ينقض الوضوء إلا إذا شعر بأنه خرج منه ذاك الماء ، الماء هو المذي وكما قال بعض القدامى " وكل فحل يمذي " هذا أمر طبيعي ؛ فإذا قبل بل قلت له هكذا تأكيدا للموضوع ولو عضها مش قبلها فقط ، ولو عضها وما أنزل شيئا فوضوؤه صحيح لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ( كان يقبل عائشة رضي الله عنها ثم يخرج إلى المسجد ولا يتوضأ ) ، في رواية عنها قالت وهذا من لطفها وحسن أسلوبها في روايتها لحديثها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ ) فقال لها عروة ابن الزبير أنتم تعرفوا أن الزبير آخذ أسماء أخت السيدة عائشة فعروة بتكون هي خالته فله دالة عليها له دالة عليها ؛ فلما قالت السيدة عائشة: ( كان يقبل بعض نسائه ) إلى آخره ، قال لها: " من تكون هذه إلا أنت ، من تكون هذه أنت " لماذا يقول هكذا ؟ لأنه شعر بأنها تكني كناية لطيفة ولأنه يعلم مسبقا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة ) ، رأسًا أجاب بعائشة ، ( قالوا : ومن الرجال ؟ قال : أبوها ) ، فإذًا أحب الناس عائشة ، فحينما تقول عائشة : " كان يُقبل بعض نسائه" إلى أين سيروح ذهن عروة ؟ إليها ، من تكون إلا هذه أنت يا خالتي ، كأنه يقول ، ولا يقال هنا كما يقول بعض المتعصبة لبعض المذاهب التي توجب الوضوء لمجرد المس ، مش مجرد التقبيل الذي قيل آنفًا بدون شهوة ، وهذا لا يتصور ، لكن يتصور يمسها بدون شهوة ، مثلًا هات الغرض وإلا مس يده بيدها ، انتقض الوضوء لا يقال أن هذا الحكم أي هذا الحديث أن الرسول كان يُقبل ثم ينهض إلى الصلاة ولا يتوضأ ، هذا من خصوصياته - عليه السلام - ، من خصوصياته ، من خصائصه التي خصه الله بها دون الناس أجمعين ، لا يقال هذا ، لماذا ؟ هنا نقول : يجب دائمًا الرجوع إلى القواعد العامة ، ثم يستثنى منها -كما قلنا عن الغيبة آنفًا- بعض المستثنيات ، فالآن هل الأصل فيما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نفعله نحن وإلا نترفع و نتنزه عنه ، ونقول هذا خاص بالرسول - عليه السلام - ، ولا العكس هو الصواب ؟ العكس هو الصواب ، لماذا ؟ لأنه يوجد عندنا نص قرآني عام ، قاعدة (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) ، فإذاً هو أسوتنا ، وعلى العكس من ذلك ، لا يوجد عندنا قاعدة تُقابلها تقول : لا تقتدوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في كذا وكذا . إذًا نحن نتمسك بالقاعدة ونطردها لكن إذا جاءنا نصوص خاصة مثل ما ذكرنا بالنسبة للغيبة فنقول : هذا مستثنى . مثلًا ، ربنا يقول : (( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ )) ، لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوج أكثر من عشرة من النساء ، ومات وفي عصمته تسعة ، فهل نقتدي به ؟ إعمالًا للقاعدة الجواب لا ، لم ؟ للآية أولًا ، وللحديث المُفسر لها ثانيًا، وهو ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحت تسع نسوة وأسلم ، فقال - عليه السلام - له : امسك أربعًا منهن ، وطلق سائرهن ) إذًا تزوج الرسول بأكثر من أربع هذه خصوصية له ، ما قلنا هذا بكيفنا وهوانا وتشددنا في الدين ، لا ، وإنما للآية وللحديث الموضح للآية ، ( امسك أربعًا منهن ، وطلق سائرهن ) كذلك مثلًا الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان له بعض المزايا ، من أشهرها أنه كان إذا صام واصل الليل بالنهار ، اليوم والليلة ، وبكرة وبعد بكرة ، وهكذا ليالي ، أسبوع ربما يصوم على طعام واحد، فنهاهم - عليه الصلاة والسلام - قال : ( لا تواصلوا في الصيام ، لا تواصلوا ) قالوا : " يا رسول الله ، إنك لتواصل " . نراك نحن ما شاء الله ، تأخذ الليل والنهار ، والليل والنهار ، وأنت صائم ، إنك لتواصل . فقال : ( إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ) هذه خصوصية للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، الخصوصية جاءت من ناحيتين حكم شرعي ؛ لأنه بإمكان الإنسان أن يواصل أيام طويلة ، ونحن نعرف رجالًا من السلف كان يصوم الدهر ، يواصل الليل والنهار ، مثلًا عبد الله بن الزبير ، ففيه بعض الناس عندهم طاقات للإمساك عن الطعام أيام معدودات وكثيرة ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - كانت له هذه الخصوصية من جهة الجواز له ، وغيره لا يجوز ، ولو كان ايش ؟ يستطيع . تعرفوا أظن سمعتم يومًا ما قصة عبد الله بن عمرو بن العاص ، زوجه والده بفتاة من قريش ، وهو غلام مراهق ، كان بينه وبين أبيه فقط خمسة عشر سنة ، فرق السن بين الولد والوالد خمسة عشرة سنة ، فالظاهر أنه زوجه أيضًا كما تزوج هو مبكرًا ، وكان من شباب الصحابة الناشئين الزاهدين الراغبين في العبادة ، صائم الدهر ، قائم الليل ، صائم النهار ، لما تزوج سأل عمرو بن العاص كنته زوجة ابنه " كيف حالك مع زوجك ؟ " قالت : " إنه لم يطأ لنا بعد فراشًا " . كلام جميل . إنه لم يطأ لنا بعد فراشًا . بطبيعة الحال يغتم الوالد بهذا الخبر ، ايش نحن زوجناه من أجل أن تشكو زوجته منه ، لا يطأ لنا بعد فراشًا . كأننا ما زوجناه ، قال عبد الله ، هو يقص القصة ، قال : " فإما لقيني الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وإما أرسل إليّ " فقال : ( يا عبد الله بلغني عنك تقوم الليل وتصوم النهار ، ولا تقرب النساء ) ، قال : "قد كان ذلك يا رسول الله " . قال : ( فإن لنفسك عليك حقًا ، ولزوجك عليك حقًا ، ولجسدك عليك حقًا ، فصُم من كل شهر ثلاث أيام ، والحسنة بعشر أمثالها ، فكأنما صمت الدهر ، صم من كل شهر ثلاث أيام ، والحسنة بعشر أمثالها ) قال : " يا رسول الله ، إني شاب ، إن بي قوة ، إني أستطيع أكثر من ذلك " يعني عكس شبابنا اليوم ، هو بقول : ارحمني وأعطني رخصة ، أنه أتعبد الله أكثر ، اليوم يقول الرجالات الكبار ، لسه خطية لسه ، حتى لو كان تارك صلاة ، يقول : يكبر ما زال يكبر . انظر الفرق بين السلف والخلف ، فلا جرم أن الله قال : (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )) . قال : ( فصم من كل شهر أسبوعًا ) قال : يا رسول الله ، إني شاب ، إن بي قوة ، إني أستطيع أكثر من ذلك - يرحمك الله - إلى أن تنازل معه الرسول وقال له : ( فصم يومًا وأفطر يومًا ، فإنه أفضل الصيام ، وهو صوم داود - عليه الصلاة والسلام - ، وكان لا يفر إذا لاقى ) هنا سر ، ( كان لا يفر إذا لاقى ) بمعنى أنه جمع بهذا الأسلوب في الصيام بين القوتين ، بين المحافظة على قوة البدن ، والمحافظة على قوة الروح ، الحياة السعيدة هذه التي يحياها الإنسان في عبادته لله -تبارك وتعالى- . أما إذا صام الدهر حتى قوته تذهب ، فإذا لاقى العدو فر ، ولا يثبت ، وحينئذ يكون مثله كمثل كما يقال: " من يبني قصرًا ويهدم مصرًا " لا ، ( صُم صوم داود - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان أفضل الصيام ) وفي رواية ( أعدل الصيام ، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ، وكان لا يفر إذا لاقى -يعني العدو- ) قال : يا رسول الله -وهنا الشاهد- إني أريد أفضل من ذلك . قال : ( لا أفضل من ذلك ، لا أفضل من ذلك ) كيف هذا وهو كان يصوم ويواصل في الصيام ؟ هذه خصوصية له - صلى الله عليه وسلم - . قلت آنفًا : خصوصية من ناحيتين ؛ من ناحية أن الشارع الحكيم رب العالمين أجاز له ما لم يُجز للمسلمين ، ومن الناحية الثانية خصوصية هذه ، قلت : القوة على الصيام يمكن أن يحظى بها كثير من الناس ، لكن إنه يبيت عند ربه يُطعمه ويسقيه ، هذه خصوصية له ، وليس هذا الطعام طعامًا ماديًا ، وإنما هو طعام إن صح التعبير عنه روحي معنوي ، وإلا يكون ما هو صائم - عليه الصلاة والسلام - لا ليل ولا نهار . -يضحك الشيخ رحمه الله- . ولذلك شو كان ذاكر ابن القيم - الله يرحمه- بيتين حلوات هكذا ، هو غزل لكنه لطيف ، إذا تمدنا بمددك يا ، شو بقول يصف عشيقته ، قال " لها أحاديث من ذكراك تشغلني عن الطعام " وعن كذا وكذا ، هيك بقول يعني -يضحك رحمه الله- . فالشاهد ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - له خصوصيات لكن الأصل أنَّ الاقتداء به هي القاعدة ، والخصوصيات تُتبع بها الأدلة ، فإذا جاء الدليل يقول لنا أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قبل وما جاء أن هذا خاص به ، حينئذ نحن نقتدي به ، ولكن هنا تفصيل يذكره بعض العلماء ، ولا بأس من ذكره بناء على حديث ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن تقبيل الرجل لزوجته وهو صائم ، هل يُقبل زوجته وهو صائم ؟ فرخص له ، ثم جاء آخر فسأله نفس السؤال ، فلم يُرخص له ) ، صار فيه تناقض هنا في الظاهر ، قال : فنظرنا فرأينا الذي رخص له شيخًا ، والذي لم يرخص له شابًا . شيخ وشاب
السائل : ... أحسن
الشيخ : لكن مو أحسن ما يناسبك ، أنا أقول الرسول عليه الصلاة والسلام لما أعطى جوابين متباينين بسبب أن السائلين مختلفين ، هذا في منتهى الحكمة ، منتهى الحكمة ؛ لأنه يراعى طبائع الناس ، الشيخ السائل أجاز له ، رخص له ، والعكس ما رخص له لماذا ؟ لأن الغالب على الشيوخ أنهم شبعوا من الدنيا ، ضعفت الشهوة شاءوا أم أبوا ، والغالب على العكس على الشباب أنهم في عز شهوتهم وقوتهم وشبابهم ، إلى آخره .
ولذلك أنا قلت إنه ما يناسبه هو
السائل : هذا كلام خطير ... .
الشيخ : اه أي نعم كويس.
السائل:..
الشيخ: بانتظام فأقول : فإذا فرضنا أن هناك شابًا عليلًا مريضًا خاوي القوى منهار ، هذا يكون حكمه حكم الشيخ ، شايف شلون، فيباح له أو يرخص له ، ما فيه خطر في أن يقال لك أن تقبل زوجتك وأنت صائم ، ليه ؟ ما فيه الحيل هذا . ورب شيخ آخر كما أن ذاك نادر ما يقابله أيضًا نادر ، رب شيخ بلغ من الكبر عتيًا ، لكن هو لا يزال في قوته وشبابه أحسن من ذاك الشاب يعني ، فهذا يُعطى حكم الشاب ، وايش يقال احذر كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبل زوجته وهو صائم . قالت : وأيكم يملك من إربه ما كان يملك من إربه " . أيكم يملك من إربه -أي من عضوه ، شهوته يعني- ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يملك . خلاصة الكلام ، يختلف الحكم بين الصلاة وبين الصيام من جهة أن المتوضئ إذا قبل زوجته ما في عليه خطر كل ما في الأمر رايح يوجب عليه أن يتوضأ وهذه من قاعدة الذي تعرف ديته اقتله ، لكن هنا مشكلة بالنسبة للصيام ما يجوز يفطر ، رأيت ، فحينئذ يريد كفارة مغلظة ، يصوم شهرين ايش ؟ متتابعين ، وإذن أملك بقى نفسك ، ولا تدندن حول الإفطار ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، نعم .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 279
- توقيت الفهرسة : 00:00:34
- نسخة مدققة إملائيًّا