كلمة عن ارتباط الظاهر بالباطن صلاحا وطلاحا . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلمة عن ارتباط الظاهر بالباطن صلاحا وطلاحا .
A-
A=
A+
السائل : شيخنا سؤال أبو محمد عدنان ... .

الشيخ : كان سأل سؤالا ... .

السائل : كان سأل سؤالا و أوقفناه خليه ... .

سائل آخر : حينما تكلمت عن إصلاح الظاهر و إصلاح الباطن ... .

الشيخ : نعم .

سائل آخر : و ظننت أنك قصدت من الحديث الذي سبق ذلك ... موضوع الأعاجم و موضوع صلاة الصحابة خلف النبي صلى الله عليه و سلم أن الأمر كان طبعا ... يتعلق بظاهر الأمور بالإضافة إلى... فظننتك تريد أن تتوسع في هذا كيف يكون إصلاح الباطن بإصلاح الظاهر و ضرورة إصلاح الظاهر حتى يمكن أن نصلح الباطن ؟

الشيخ : هو الحقيقة أخونا أبو ليلى و لو كان مشغولا عنا ما بيحب يعني كثيرا و أعني ما أقول كثيرا و هو لينتبه أن نتكلم بمواضيع متكررة هو بيريد أن تكون مواضيع متجددة هيك يعني أشعر أنه ما بيريد و لذلك فأنا ما كنت فعلا منطلقا في الخوض في هذا الموضوع لأني كنت أشعر أن الأرض مسكونة و أن هناك تساجيل كثيرة و كثيرة جدّا فإذا كان هو ما عنده مانع أن نتكلم في مثل هذا الموضوع الذي اقترحته فأنا من الجماعة ما بيلقوا مزح إذا دعي أجاب ! شو رأيك ؟

أبو ليلى : و الله شيخنا أنا كنت ... التليفون ما سمعت ... .

سائل آخر : إصلاح الظاهر ... .

سائل آخر : إذا كان متكرر بالنسبة لأبي ليلى فله أن يقفل الجهاز ... .

الشيخ : ... .

سائل آخر : ... فنريد الحقيقة أن نتعلم لعل و عسى ... .

أبو ليلى : على كل حال دائما أنا أقول دائما و أبدا أنّه شيخنا الله يحفظه إن تكلم و لو بنفس الموضوع يأتي بأشياء جديدة كثيرة إذا شيخنا تفضل الله يجزيك الخير .

الشيخ : أي نعم ... أقول في الواقع أنّ ارتباط صلاح الظاهر بصلاح الباطن و صلاح الباطن بصلاح الظاهر هذه حقيقة نفسية شرعية للإسلام الفضل الأول في الكشف عنها و بيانها ثم تلى الإسلام ما يسمى اليوم بعلم النفس على عجره و بجره فقد استطاعوا فعلا أن يكشفوا بجهودهم المتتابعة و المتتالية شيئا يسيرا جدّا من هذا الموضوع الذي كان الإسلام إليه سابقا كل الإجتهادات و كل الفلسفات و لا أقول الديانات لأنّ هذه الديانات غير واضحة و لم ترد إلينا كاملة فأقول هناك أحاديث كثيرة و كثيرة جدّا تؤكد هذه الظاهرة النفسية من الارتباط الوثيق بين القلب و البدن , بين الباطن و الظاهر فمنها قوله عليه الصلاة و السلام في حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ( إن الحلال بيّن و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات ما يعلمهنّ كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه و من وقع في الشبهات وقع في الحرام ألا و إن لكل ملك حمى ألا و إن حمى الله محارمه ألا و من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فهذا الحديث صريح جدا في شطره الأخير ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب ) فصلاح الجسد من الناحية النفسية و المعنوية ... من الناحية المادية الطبية صلاح البدن بصلاح القلب ظاهرا و باطنا فإذا صلح القلب صلح الجسد و الجسد إذا صلح أيضا كان ذلك مدعاة لصلاح القلب و لذلك ففي الحديث تنبيه قوي جدّا على أن المسلم لا ينبغي أن يغتر بقوله أنا طويتي صحيحة و سالمة و نيتي طيبة لكن عمله ليس كنيّته التي يزعمها أنها صالحة و طيبة لأن النبي صلى الله عليه و سلم يكذبه في هذا الحديث حينما يقول ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب ) يعني أن القلب إذا كان صالحا كما يدعي بعض الناس فلا بدّ أن ينضح صلاحه على جسده و على ظاهره على حد قول من قال :

" و مهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تُعلم " , يؤكد هذا المعنى الذي أوضحه هذا الحديث من ارتباط الظاهر بالباطن نصوصا أخرى كثيرة لذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم كما جاء في غير ما حديث صحيح كان إذا قام إلى الصلاة لم يكبر إلاّ بعد أن يأمر بتسوية الصفوف و يؤخر المتقدم و يقدم المتأخر حتى يسوي الصفوف كالقداح و كالرماح خطّ مستقيم جدّا و يقول لهم في جملة ما يقول في بعض الأحيان ( لتسونّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم ) و في رواية ( بين قلوبكم ) فهذا نص آخر صريح لأنّ الاختلاف المسلمين في ظواهرهم و مظاهرهم يؤدي إلى اختلافهم في صدورهم و في بواطنهم ( لتسونّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم ) فجعل النبي صلى الله عليه و آله و سلم اختلاف المسلمين في تسوية الصف سببا لاختلافهم في قلوبهم و نحن نشاهد اليوم إهمال المسلمين لتسوية هذه الصفوف لو ... في إصدار الحكم عنها لاكتفينا أن نقول إنه واجب لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول في جملة ما يقول كما أشرت إلى ذلك آنفا ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ) لو اقتصرنا على هذا الحديث لقلنا أن المسلمين مقصرون في القيام بهذا الواجب فكيف و نحن في صدد بيان أن إخلالهم بالقيام بهذا الواجب الديني هو سبب شرعي للاختلاف الذي يجعله الله عزّ و جلّ جزاء تقصيرهم في تطبيقهم لأمر نبيهم أن يضرب على قلوبهم وأن يوقع الفرقة و الخلاف بينهم فهذا أيضا حديث عظيم جدّا حيث ربط صلاح القلوب الذين يقفون في الصف بإصلاحهم للصفوف و أن لا يخلوا في تنظيمها و في ترتيبها و مما أيضا يؤكد هذه القاعدة النفسية القلبية من ارتباط الباطن بالظاهر و الظاهر بالباطن أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم في غير ما حديث صحيح و في مختلف أبواب الشريعة نهى عليه الصلاة و السلام المسلمين أن يتشبهوا بغيرهم ذلك لأن التشبه يوجد ألفة و يوجب تقاربا بين المتشبه و بين المتشبه به و لمّا كان الكفار يعيشون حقّا في ضلال مبين في دنياهم فضلا عن آخرتهم كان بدهيا جدّا أن الشارع الحكيم ينهى الأمة أن تتشبه بشيء من عادات هؤلاء الكفار لأنّ ما هم عليه ضلال في ضلال قلت إن الأحاديث التي في النهي كثيرة و كثيرة جدّا في نحو أكثر من أربعين حديثا في أبواب مختلفة من أبواب الشريعة , في الملبس , في المظهر , في المساكنة و المجامعة و الاختلاط , في الصيام , في الطعام , في الحجّ , في أبواب الشريعة كلها جاءت نصوص تأمرنا بمخالفة المشركين هديهم مخالفة هدي المشركين و من المهم في ذلك أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال ( من جامع المشرك فهو مثله ) المجامعة هنا تعني مطلق المخالطة , من جامع بمعنى من خالط المشرك أي من ساكنه أي و جاوره و قاربه في مسكنه فعاش حياته معه فهو مثله و تعلمون هنا حتى ما يرد الإشكال أن المثلية لا تقتضي و لا تستلزم المشابهة بالكلية من كل الجوانب كمثل قوله تبارك و تعالى حينما حذر المسلمين من موالاة المشركين قال رب العالمين (( و من يتولهم منكم فإنه منهم )) أي في هذه الموالاة أي فهو منهم عملا .و هذا بحث آخر أنّ الكفر و الشرك ينقسم إلى قسمين : شرك عملي و شرك اعتقادي فهذا فهو منهم أي عملا و ليس عقيدة فالنبي صلى الله عليه و سلم قد نهى في أكثر من حديث عن مخالطة المشركين لماذا ؟ لأن الظاهر يؤثر في الباطن و لابن تيمية رحمه الله كلام جميل جدّا يقول إنّ التشابه في الظاهر يوجد ارتباطا بين القلوب يضرب بعض الأمثلة أذكر بعضها , يقول مثلا الرجل الغريب في بلد ما إذا وجد فيه غريبا مثله مال إليه لأنّه يوجد تجانس بلديا فهو يميل إليه و يؤالفه أكثر من أولئك الغرباء الذين هو يعيش بين ظهرانيهم . كذلك يضرب مثلا آخر فيقول مثلا جندي يلبس ثياب الجند فحينما يرى شخصا آخر يلبس نفس اللباس أيضا يميل إليه و يركن إليه و يتآنس معه من باب " إن الطيور على أشكالها تقع " فإذا رأيت مسلما يتشبه بالكافر يخالط كافرا معنى ذلك أنه وجدت هناك مجانسة قلبية بينه و بين ذاك الكافر أو المشرك لذلك حذر النبي صلى الله عليه و سلم المسلم من مخالطة المشرك و من مساكنته أشد التحذير فقال في حديث آخر غير الحديث السابق قال عليه الصلاة و السلام ( أنا بريء من كل مسلم أقام بين ظهراني المشركين ) قال في حديث ثالث ( المسلم و المشرك لا تتراءى نارهما ) يعني ابعد عن مجاورة المشرك بعيدا بعيدا على عادتهم القديمة أنهم كانوا يوقدون النيران أمام الخيام فينبغي أن يكون المسلم في خيمته بعيدا عن خيمة المشرك بحيث أنهما إذا أوقدا النيران لا تظهر نار هذا لهذا و العكس بالعكس كل هذا محافظة منه عليه الصلاة و السلام على قلب المسلم أن يتأثر بهدي المشرك و عادته و تقاليده و أخلاقه و هذا معناه يؤكد قاعدة هذه القاعدة أن البيئة تؤثر , البيئة الموبوءة بالأدواء المادية حقيقة طبية لا يشك فيها الأطباء سواء كانوا مسلمين أو كافرين أما المسلمون أولا بدينهم و ثانيا بتجربتهم أن البيئة تؤثر من الناحية المادية يؤيدها الأحاديث النبوية حديث الطاعون مثلا ( إذا وقع الطاعون بأرض و أنتم فيها فلا تخرجوا منها , و إذا وقع الطاعون بأرض لستم فيها فلا تدخلوا إليها ) هذا الحديث من أحاديث أخرى يؤكد الحقيقة الطبية التي تسمى بالحجز الصحي و أن البيئة تؤثر في الأصحاء إذا كانت موبوءة كذلك الأمر تماما من الناحية الأخلاقية و ... من أجل قال عليه السلام ما ذكرناه آنفا من الأحاديث ثمّ حكى لنا عليه الصلاة والسلام حديثا عبر فيه عن حادثة وقعت في من مضى ممن قبلنا أوضح لنا تأثير الأرض الموبوءة بالأخلاق السيئة أنها أيضا تؤثر في الساكنين فيها فقال عليه الصلاة و السلام ( كان في من كان قبلكم رجل قتل تسعة و تسعين نفسا ثم أراد أن يتوب فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب يعني لم يدل لحكمة أرادها الله على ما سأل على عالم و إنما دلّ على عابد جاهل و على ما حسب ما دل ذهب إليه فقال له أنا قتلت تسعة و تسعين نفسا فهل لي من توبة فقال له الجاهل قتلت تسعة و تسعين نفسا و تسأل هل لك توبة لا توبة لك فقتله و أكمل به عدد المائة و يبدو من سياق القصة أن الرجل كان مخلصا في توبته أو في رغبته في التوبة لكن يريد الطريق فسأل أيضا عن عالم فدل عليه فأتاه فقال إني قتلت مائة نفس بغير حق فهل لي من توبة ؟ قال نعم و من يحول بينك و بين التوبة و لكنك و هنا الشاهد و لكنك بأرض سوء فاخرج منها و اذهب إلى القرية الفلانية الصالح أهلها فخرج الرجل من القرية الظالم أهلها إلى القرية الصالح أهلها و في الطريق جاءه الأجل فتنازعته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فأرسل الله إليهم رسولا يحكمونه بينهم فقال انظروا إلى أيّ القريتين هو أقرب فألحقوه بأهلها فكان أقرب إلى القرية الصالح أهلها فتولت موته ملائكة الرحمة و للحديث بقية و من تمام الحديث السابق أقول أنه لا يخفى على الحاضرين جميعا الحقيقة التي تضمنتها تلك النصوص الشرعية من حيث أن البيئة لها تأثير إن صالحة فصلاحا

و إن طالحة فطلاحا و لذلك نرى الشباب المسلم الذي يعيش برهة من الزمن في بلاد الكفر و الفسق و الفجور سواء ما كان منها أوروبا أو أمريكا يعودون إلى بلاد الإسلام و جماهيرهم يحملون تعليما لأولئك الكفار و عاطفة مائلة إليهم و تقديرا و تمجيدا حتى إن الكثير منهم نسمع كأنه يكاد يتبرّأ من الإسلام و من المسلمين لأنه افتتن بحضارتهم المادية فتأثر الناس بالبيئات هذه قضية لا تحتاج إلى بحث طويل فإن الواقع يؤيد ذلك بالإضافة إلى أن الشرع قد أكّد ذلك لما تقدم من الأدلة الشرعية و كما يقال إن أنسى فلن أنسى القصة التالية التي وقعت لي يوم أتيحت أن أسافر سفرة إلى بلاد أوروبا في سبيل الاتصال بالجاليات الإسلامية هناك و بخاصة في بريطانيا فانتهت رحلتي إلى بلد تبعد عن لندن نحو مائة وعشرين كيلو متر و نسيت اسمها قيل لي أن هناك داعية مسلما طيبا صالحا فذهبت إليه و الوقت رمضان فلما جلسنا على مائدة الإفطار جلسنا يعني جلسة شرعية و على الأرض و هو رجل باكستاني أو هندي ما عدت أذكر مظهره ملتحي و لكن لابس جاكيت و البنطالون و زيادة على ذلك الكرافيت أنا الحقيقة سررت بسمته و بهديه و بمنطقه و إلى حد كبير بفهمه للإسلام لكن ما أعجبني مظهره اللّا إسلامي و نحن على مائدة الإفطار تكلمت في ما يشبه الموضوع السابق فيما يتعلق خاصة بنهي الشارع عن تشبه المسلم بالكافر و فصلت بشيء من التفصيل أن التشبه يعني أنواع أسوأها ما يفعل لمجرد التشبه بالكفار و ليس فيه فائدة للمتشبه و ضربت على ذلك الكرافيت العقدة هذه ومن طيب الرجل أنه استجاب فورا ففك العقدة و رماها أرضا فسررت جدّا بهذه الاستجابة السريعة لكن سرعان ما أزعجني باعتذاره عن وضعه لعقدته قال نحن نعيش هنا في بريطانيا و البريطانيون ينظرون لإخواننا الفلسطينيين نظرة خاصة و من عادة الفلسطينيين أنهم لا يضعون هذه الكرافيت و يفكون زر القميص و يبقى الصدر مبين من فوق فهم ينقمون على الفلسطينيين و لذلك فهو هذا معنى كلامه لكي لا يتشبه بالفلسطينيين الذين يمقتون من قبل البريطانيين وضع هذه العقدة فقلت له سامحك الله ليتك سكت عن هذا التعليل لأن هذا التعليل أقبح من الفعل يعني أنت تهتم بنظرة الأوروبيين الكفار هدول البريطانيين لإخواننا الفلسطينيين المسلمين نظرة تحقير لما بينهم من عداء الحق فيها طبعا مع إخواننا الفلسطينيين . فأنت تهتم برأي هؤلاء الكفار و لذلك لا تريد أن ينظروا إليك نظرتهم إلى إخوانك المسلمين هذا أكبر دليل على أنه البيئة تؤثر في السّاكنين فيها و العائشين معها لذلك نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن معاشرة الكفار لأن ظاهرهم يؤثر في باطن المسلمين و يؤثر في أخلاقهم و في مفاهيمهم

سائل آخر : ما حكم السفر إلى بلادهم من غير حاجة ؟

الشيخ : نعم ؟

سائل آخر : كذلك السفر إلى بلادهم من غير حاجة

الشيخ : إذا كان السفر لأيام محدودة و لغاية مشروعة فلا أرى في ذلك مانعا من باب قوله تعالى: (( قل سيروا في الأرض )) أولا و من باب أن المسلمين كانوا يسافرون في عهد الرسول عليه السلام إلى بلاد الكفار و المشركين و كان ذلك أمرا معهودا و مقررا و حسبكم في ذلك دليلا قصة معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه لما غاب عن الرسول عليه السلام مدة ثم لما رجع ووقع بصره على النبي صلى الله عليه و سلم همّ أن يسجد له فنهاه عليه الصلاة و السلام فقال: " يا رسول الله إنّي سافرت إلى الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسيسيهم و رهبانهم فرأيتك أنت أحقّ بالسجود منهم " فقال عليه الصلاة و السلام في الحديث المعروف: ( لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها ) ( لكن لا يصلح السجود إلاّ لله ) كما في بعض الروايات فمتاجرة المسلمين حتى بعد الجاهلية التي امتن الله عليهم في آية (( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء و الصيف )) استمرارهم على المتاجرة و إقرار الشارع الحكيم لهم يجيز لنا أن نقول بجواز السفر إلى بلاد الكفر لكن ليس للاستيطان فيهم و إنما لقضاء مصالح ثم الرجوع و لكنّي مع ذلك نظرا لفساد المجتمعَين , المجتمع المسلم اليوم بالنسبة للمجتمع المسلم الأول و فساد المجتمع الكافر من الناحية الأخلاقية و الفسق و الفجور بالنسبة للمجتمع الكافر الأول لذلك أنا أرى أن الذي يريد أن يسافر هذا السفر الذي قررنا جوازه لا بد أن يكون محصنا و محصّنا , محصنا أخلاقيا و محصّنا نفسه و غيره بالزواج حتّى لا يفتتن في ذات نفسه هذا ما لديّ جوابا عن هذا السؤال و بذلك ينتهي الموضوع السابق ذكره الذي كان موضوعه ارتباط الظاهر بالباطن صلاحا و طلاحا و منه نتوصل إلى التنبيه إلى أمر يقع فيه بعض الشباب البعيد كل البعد عن الإسلام حينما نراه لا يصلي و لا يصوم و لا يأتي بشيء من الأركان الإسلامية فإذا ذكر بذلك قال يا أخي العبرة ليس بالصلاة و إنما العبرة بما في القلب و قد يورد بهذه المناسبة حديثا لا أصل له " اثنان لا تقربهما الشرك بالله و الإضرار بالناس " بس هذا هو فهو يقول لك أنا معاملتي مع الناس ما بغش , ما بسرق , ما كذا هاه شوف الرجل الفلاني ما شاء الله لا يصلي إلاّ في الصف الأول و لحيته كذا لكن غشاش , لكن كذا إلخ , هذا عذر أقبح من ذنب لأنّنا نقول لهذا المنحرف إذا كان فلانا يصلي و لكن يغش فأنت خذ خيره و دع شره و خذ خيره هو صلي فالصلاة خير , هو يغش و أنت ما شاء الله لا تغش فخليك على أمانتك للناس وعدم غشك و لكن لا تنسى حقّ الله عليك أن تعبده و أن تخضع له في كلّ يوم خمس مرات إلى آخره ... نعم و هذا يوصلنا بأن نذكر بعض إخواننا الطيبين الحريصين معنا على التمسك بالشرع أن لا يتأثروا بالمجتمع العام الذي هو إرث للبريطانيين الذين نشروا في هذه البلاد و في غيرها ضلالة تشبه الرجال بالنساء و ذلك بمخالفتهم لقول نبيهم صلى الله عليه و آله و سلم: ( حفوا الشارب و أعفوا اللحى و خالفوا اليهود و النصارى ) ( حفوا الشارب ) أي خذوا من الحافة ( و أعفوا اللحى ) أي دعوها لا تحلقوها مخالفة لليهود و النصارى و الأحاديث الواردة في هذا الصدد كثيرة و كثيرة جدّا لأنّنا نذكر إخواننا المبتلين بحلق اللحية أن يتذكروا معنا حقيقة شرعية هي مستفادة من مثل قوله تبارك و تعالى: (( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت )) ليس المقصود تفاوت مادي لأن هذا نحن نراه فالمرأة ليس لها لحية و الرجل له لحية إلى آخر المفارقات الموجودة بين الذكر و الأنثى لكن الله حينما يقول: (( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت )) يعني من اضطراب و من خلق لا ينبغي أن يكون قد خلق فإذا كان الله عزّ و جلّ يمتنّ على الناس بأنه خلق الذكر و الأنثى فمعنى ذلك أن هذا الخلق و هذا التفاوت بين الذكر و الأنثى فهو من تمام خلق الله عزّ و جلّ ومن تمييز الرجل على الأنثى فما ينبغي للمسلم المؤمن حقّا بالله و بكتابه أن يتغافل عن هذه الحقيقة ألا و هي أن الله عزّ و جلّ حينما خلق الرجل بلحية و المرأة دون لحية أنّ ذلك ما كان من الله عبثا و إلاّ كان لسان حال المبتلى بمخالفة هذا الحديث الصحيح يقول رب خلقتني فما أحسنت خلقي بينما الواقع أن المسلم يقول كما جاء في الحديث الصحيح: ( اللهم كما حسّنت خلقي فحسّن خُلُقي ) حسّنت خلقي رجلا فينبغي أن أبقى رجلا , حسّنت خلقي امرأة فينبغي أن أبقى امرأة فلا فرق بين رجل يحلق لحيته و بين امرأة تتخذ لحية مستعارة على طريقة اللوردات الإنجليز البريطانيين لو أن امرأة وضعت لحية مستعارة كالباروكة مثلا لا شكّ أن كل إنسان يراها ذكرا كان أو أنثى يقول هذه متشبهة بالرجال سبحان الله و لماذا لا يقال إنّ الرجل الذي يحلق لحيته هو متشبه بالنساء من باب أولى أقول من باب أولى لأن الله كفاه مؤنة وضع لحية مستعارة فخلقها و أنبتها و أحسن نباتها و لذلك فأنا أرى أن من الخطأ الفاحش جدا جدا أن المسلم يساير المجتمع الذي عاش فيه و يتزين بحلق لحيته و تزداد هذه الخطيئة في بعض المناسبات و في بعض السنين و لنقل الأسنان . أما المناسبات فلا تكاد تجد رجلا مبتلى بحلق اللحية إذا حضر العيد كعيد الجمعة كل أسبوع , عيد الفطر , عيد الأضحى في السنة إلا تزين بالحرام , تزين بحلق اللحية هذا من حيث ما يتعلق بالمناسبة أما من حيث الأسنان أي جمع سنّ أي جمع عمر فكلما تأخر السن بالإنسان و هو ماض في المخالفة كلما اشتدت المعصية ولذلك أنا أقولها و أهتبلها فرصة مذكرا (( و الذكرى تنفع المؤمنين )) أن من كان مبتلى بحلق اللحية فعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله عزّ و جلّ و أن يعفو عن لحيته هذا بالنسبة للمبتلين بالحلق , و هناك نصيحة أخرى لا بدّ من أن نوجّهها إلى الذين نجوا من الحلق لكن ما نجوا من الإعفاء المشروع فهناك بعض إخواننا نجوا من المرحلة الأولى , المعصية الأولى و هي الحلق لكنهم لا يزالون في الرقراق , لا يزالون في الضحضاح فنحن نسأل الله لأولئك أن يتوب الله عزّ و جلّ عليهم و لهؤلاء أن يبارك الله لهم في لحاهم . و بهذا القدر من الكفاية و الحمد لله ربّ العالمين .

مواضيع متعلقة