كيف يمكن حصر اتباع سنَّة الخلافاء الراشدين في الأربعة مع أن كثيرًا من الصحابة قد نقل الكثير من سنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ ونرجو بيان معنى سنَّة الخلفاء الراشدين ؟
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ ، هو المسألة الذي يعرف دائرة ... وهو قوله : ( عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين ) ؛ لأن السنة هي لا تكون محصورة في هؤلاء الأربعة ؛ يعني أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، فمثلًا عبد الله بن عمر جاء بأحاديث كثيرة وبسنة كثيرة ، وأبو هريرة كذلك جاء بسنة كثيرة ، فكيف أن نحصر الحديث في هذه الدائرة الضَّيِّقة على هؤلاء الأربعة ؟
الشيخ : إذًا فلندرس معنى السنة هنا في الحديث ، ولعلنا بدراستنا السنة تنكشف الغمَّة ؛ ما هي السنة ؟ ( عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) .
السائل : السنة هي قوله ... .
الشيخ : لا ، هذا رسول الله .
السائل : نعم .
الشيخ : لا ، أسأل السنة المعطوفة على سنَّة رسول الله ؛ سنَّة الخلفاء الراشدين .
السائل : السنة التي أخذها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
الشيخ : كأنك تعني يعني الأحاديث اللي نطق بها الرسول والسنن الفعلية التي فعلها الرسول ؟
السائل : نعم .
الشيخ : فهي هي ؛ يعني سنة الخلفاء هي سنة الرسول - عليه السلام - ؛ يعني حذو القذَّة بالقذَّة .
السائل : أو استنبطوه .
الشيخ : ها ، هون بقى صار شيء جديد .
السائل : أو ما استنبطوه أو فهموه .
الشيخ : أو فهموه ؛ إذًا مش ضروري تكون هي عينها وذاتها ؟
السائل : لأ .
الشيخ : طيب ؛ أعِدْ إشكالك بعد الضَّميمة هذه ؛ ما هو إشكالك ؟
السائل : الإشكال هو قوله : ( عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء ) ؛ يعني حصر الدائرة في السنة ويقتصر الحديث على هؤلاء الأربعة ؛ هذا هو الإشكال ، فينبغي ... .
الشيخ : أنت الآن حينما تقول الحديث بالطبع تستحضر الضَّميمة التي أنت ضممْتَها أخيرًا في ذهنك .
السائل : وهو ؟
الشيخ : أو فهموا أو .
السائل : نعم نعم .
الشيخ : إي ، ولَّا أنت ناسٍ بعد ؟
السائل : لا ما ناسي ، لا لا ، ما ناسي .
الشيخ : ... .
سائل آخر : هو يقول : إنَّ طريقة الاستنباط ليست قاصرة على الأربعة .
الشيخ : معلش يا شيخ ، خلينا نفهم منه نحن ، خلينا نفهم منه ، طيب ؛ أنت تعتقد أن استنباط أيِّ صحابي يُشبه استنباط أيِّ صحابي آخر ولَّا هناك درجات ؟
السائل : لا ، درجات على حسب الفقه .
الشيخ : جميل جدًّا ، فإذًا حسب ما قال بعضهم آنفًا أنُّو كل الصحابة - أنت أظنك بريء من هذا القول - .
السائل : وهو ؟
الشيخ : يعني كل الصحابة كل صحابي يجب اتِّباعه فيما ذهب إليه من اجتهاد ومن رأي ؟
السائل : يعني إذا لم يكن اجتهاده مخالفًا لسنَّة أو شيء أو أصل من ... فتقدِّمه على غيره .
الشيخ : تقدِّمه بمعني يجب أن تأخذ به ؟
السائل : نعم ؛ إذا لم يُخالف أو يصادم نص من النصوص فعليَّ أن آخُذَ به ... .
الشيخ : المصادمة ربما أحد الخلفاء الراشدين إذا صادم نصًّا ما تأخذ بسنته ؟
السائل : لا شك .
الشيخ : أليس كذلك ؟
السائل : هذا هو .
الشيخ : إذًا هذا القيد قيد احترازي ؟
السائل : نعم .
الشيخ : بالنسبة لكل صحابي .
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ إذًا أنت تقول أن كل صحابي يجب الأخذ برأيه ما لم يخالف كتابًا أو سنة ؟
السائل : ما لم يُخالف .
الشيخ : ودليلك هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : الخلافة بعد الرسول - عليه السلام - كم ؟ في هناك حديث يقول : ( الخلافة في أمتي ) .
السائل : ولكن هذا أضعِّفه !
الشيخ : أنا أسأل ... بعد زمان استدراكك ، ( الخلافة في أمَّتي ثلاثون سنة ) ، طيب ؛ هذا الحديث أنت ضعيف عندك ؟
السائل : نعم ضعَّفه غيري .
الشيخ : ضعَّفه غيرك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وقوَّاه غيرك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ ترجَّح عندك ضعفه ؟
السائل : نعم .
الشيخ : بأي ؟
السائل : من حيث النظر .
الشيخ : من حيث النظر ؟
السائل : نعم .
الشيخ : هذا ليس سبيل أهل العلم .
السائل : لا ، ولكن ... الحديث فيه ضعف ، أنا أريد أن آخذ بها في الطعن ، يعني على ما ترجَّح لي .
الشيخ : هذا ليس سبيل أهل العلم .
السائل : لا ، سبيلهم سبيل أهل العلم أنهم يتتبَّعون السند .
الشيخ : أنت ما تتبَّعت السند الآن ، أنا هذا الذي أنا أطلبه منك ، أنت نظرت في متنه ولم تنظر في سنده .
السائل : كذلك أنا وقفتُ على ضعفه .
الشيخ : حَيصير معنا دَور مع الأسف !
السائل : لا ، ما دور ، أنت قلت لي ... .
الشيخ : سأُبيِّن لك كيف ؟ قلت أنت ذكرت أن بعضهم ضعَّفه ، وبعضهم صحَّحه ، فأخذت بقول الذين ضعَّفوه ؛ فَلِمَ ؟ لأنك نظرت في متنه مو لأنك نظرت في قوة التضعيف فرجَّحته على قوة التصحيح ، فلما نظرت في متنه وجعلته مرجِّحًا هذا الذي أنا قلت عنه بأنه ليس من طريقة أهل العلم في تضعيف الأحاديث ؛ فالطريقة العلمية هو أن تُطبَّق القواعد العلمية الأصولية حينما - مثلًا - يختلف علماء الحديث في تصحيح حديث أو تضعيفه ، أو يختلفون في تصحيح راوٍ أو تضعيفه ، تُطبَّق القواعد العلمية الأصولية ؛ مثلًا في ميدان الجرح والتعديل كما تعلم يقولون : " الجرح مقدَّم على التعديل بشرطه " ، بشرطه وهو أن يكون مُفسَّرًا ، وبعد التفسير يتبيَّن أن الجرح قادح ؛ طيب ؛ فهل أنت صنعت شيئًا من هذا في هذا الحديث ؟
السائل : لا ، أنا أكتفي بما فعل غيري ؟
الشيخ : ولِمَ لَمْ تكتفِ بما فعله غيرك من التصحيح ؟ [ الجميع يضحك ! ] .
السائل : يعني أنا على متن الحديث .
الشيخ : متن الحديث ؟
السائل : يعني على حديث آخر .
الشيخ : وهو ؟
السائل : الخلفاء الراشدين .
الشيخ : هذا هو ، الخلفاء الراشدين ( الخلافة في أمَّتي ثلاثون ) ، هذا ينفذ إلى هذا ، وهذا يتصل بسبب وثيقٍ بهذا .
السائل : يعني - مثلًا - الخلافة يعني ما نريد نحن أن تنتهي يعني ... إلى يوم القيامة .
الشيخ : هو (( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ )) .
سائل آخر : ... مو الصحابة بس ؛ ما دام متمسك ... .
الشيخ : طيب ؛ إيش رأيك نحن ما نريد أن تنتهي الصحبة بألوف مؤلفة مثلًا ، لازم إلى يوم القيامة تستمر الصحبة !
السائل : لأن الصحبة مقيَّدة .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الصحبة مقيَّدة .
الشيخ : جميل ، والخلافة مقيَّدة بثلاثين سنة .
السائل : نعم .
الشيخ : مقيَّدة بثلاثين سنة .
السائل : الحديث ضعيف .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الحديث ضعيف .
الشيخ : هذا الدور ضعَّفته بحجة ؟ ما عندك حجة ! عندك قول من ضعَّفه ، ما دام هذا القول مُعارَض بقول آخر ممن صححه ؛ فإما أن تسلك طريق أهل الحديث الذي جاء في شرح " النخبة " للحافظ بن حجر في فصل ماذا يُسمَّى هذا ؟
السائل : ... .
الشيخ : لأ ،
السائل : الجرح مفسَّر .
الشيخ : عفوًا ، لأ لأ ، مش الجرح ، " مختلف الحديث " ، في فصل " مختلف الحديث ، فيقول هناك - تبعًا لغيره بالطبع - : إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول - وأقل مراتب المقبول هو الحديث الحسن - ، فجاء حديثان متعارضان كلاهما من قسم المقبول وجب التوفيق بينهما بوجهٍ من وجوه التوفيق الكثيرة التي أبلَغَها الحافظ العراقي في " حاشيته على مقدمة ابن الصلاح " إلى أكثر من مائة وجه ؛ يعني العالم في الحديث إذا وقف بين حديثين متعارضين في الظاهر لازم يمرِّر هذه الوجوه كلها وجهًا بعد وجه على هذين الحديثين لعله يزول التعارض بينهما ، فإن عجز ولم تنهض أو ينهض وجه من وجوه الترجيح هذه في التوفيق بينهما انتقل إلى مرحلة ثانية ؛ وهو تتبُّع الناسخ من المنسوخ ، فإذا أمكن أن يُثبت أنها أحدهما ناسخ والآخر منسوخ فَبِهَا ، إذا لم يتيسَّر له ذلك انتقل إلى المرتبة الثالثة ؛ ألا وهي مرتبة الترجيح بأن يُقال : هذا أصحُّ سندًا من هذا ، كأن يكون - مثلًا - أحدهما حسن والآخر صحيح ، فيُقال : ما دام عجزنا عن التوفيق وعجزنا عن تتبُّع الناسخ والمنسوخ من بينهما فعلينا الترجيح ، فالصحيح أقوى من الحسن ، قال الحافظ : فإن - أيضًا - تساويا في القوَّة وفي المرتبة ولم نستطِعْ الترجيح قال : توقَّفنا ، فإما أن تتوقَّف إذا رأيت هناك تعارض بين الحديثين ؛ فإما أن تتوقَّف وإما أن تسلك طريق الحنفية الذين يكون موقفهم بدل موقف الحافظ التوقُّف يقولون : " تعارَضَا فتساقَطَا " ؛ فاختر لك أيهما .
نعم .
السائل : هو نفس الشيء ، توقف .
الشيخ : هو توقُّف ، بس التعبير تعبير ما في أدب مع حديث الرسول - عليه السلام - ، أما أن تأتي وترجِّح برأيك ودون أن تستعمل قواعد حديثية ؛ يعني أنت هنا حتمًا ما أردت أيهما صحيح ، أيهما حسن ، أو أيهما أصح ، فعلى العكس من ذلك ؛ أنت جئت بشيءٍ فاتَ أمير المؤمنين في الحديث وهو الحافظ بن حجر !! قلت : أنظر في المتن ، نظرت في المتن فترجَّح لك قول من ضعَّفه ، هذا لا أحد يقول من أئمة الحديث بمثل هذا الترجيح ؛ لذلك نصيحتي إليك أن تعود إلى بحث الحديث من ناحية السند ؛ تنظر الذين أعلُّوه وضعَّفوه ما حجتهم ؟ والذين صحَّحوه ما حجتهم ؟ وتُقابل بين ذلك ، وأنا شخصيًّا الآن بعيد العهد عن التصحيح والتضعيف .
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم ، لكن هو حتمًا صحيح ، وهو من حصة كتابي " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ، وفي هذا الحديث أنا خرَّجته لأني وجدت - ولعله هو مستنده في التضعيف - وجدت الإمام أبا بكر بن العربي - المُعرَّف لا النكرة ، إي نعم - ، وجدته يذهب إلى تضعيف هذا الحديث ، فربما يكون هو مستندك في التضعيف ؛ وحينئذٍ يقال : " ما أنت أول سارٍ غرَّه قمر " . فهو إمام كبير في العلم وفي الحديث ضعَّف هذا الحديث ؛ ولذلك وجدت نفسي مندفعًا إلى تتبُّع طريق هذا الحديث الذي هو ضعَّفه وتتبُّع طرقه وشواهده ، فتبيَّن أنه حديثٌ صحيح ، ويكفي في هذا أو في الإقناع بأن الحديث صحيح بمن ليس عنده علم النقد بطرق الحديث أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول بصحة هذا الحديث ، أقول : يكفي هذا من باب التقليد والاتباع لا من باب العلم ؛ لأن العلم له سبيله الذي أشرنا إليه على اعتبار أن ابن تيمية بلا شك هو أعلم بكثير بالحديث وطرقه من أبي بكر بن العربي ، وثانيًا هو متأخِّرٌ عنه طبقة ، فربَّما استدرك المتأخِّر على المتقدِّم .
خلاصة القول : الراجح لمن يتتبَّع هذا الحديث أنه حديثٌ صحيح ، وأنه في الحقيقة لا اختلاف بينه وبين قوله - عليه السلام - : ( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي ) ، وأن حديث الثلاثين يشهد بأن المقصود بالخلفاء الراشدين هم الأربعة المعروفون ؛ ولذلك قلت في مطلع كلامي هذا بأنَّ بعض العلماء ألحَقُوا بهم عمر بن عبد العزيز ؛ لأنه لا يدخل في الثلاثين قطعًا وبداهةً ، وإنما ألحقوه لا لِيُستفاد من هذا الإلحاق في الأبواب الفقهية ، وإنما ليُعرف فضل هذا الخليفة الراشد الذي جاء من بعدهم لأكثر من نصف قرن من الزمان ، ومع ذلك فأرى أنك أسأت فهم معنى : ( عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين ) ؛ فكأنك فهمت هذه الجملة بتقدير المضاف المحذوف الآتي ؛ وهو : عليكم بسنَّتي وسنَّة أحد الخلفاء الراشدين من بعدي ، هذا التقدير خطأ ، والتقدير هو مجموع بدل أحد ، عليكم بسنَّتي وسنة جميع الخلفاء الراشدين ، وفرق كبير جدًّا بين المفهوم الأول والمفهوم الآخر ، هذا كقوله - تبارك وتعالى - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ؛ غير سبيل أحد المؤمنين أم ؟
سائل آخر : جميع .
الشيخ : جميع ، هذا المضاف المحذوف هنا ضَعْه هناك يستقِمْ لك الفهم ، وأظن تطيح المشكلة من أصلها .
السائل : إلى الآن ما سقطت .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الآن ما سقطت .
الشيخ : أقول يعني ما سقطت هذا بيد الله !! [ الجميع يضحك ! ] .
الشيخ : إذًا فلندرس معنى السنة هنا في الحديث ، ولعلنا بدراستنا السنة تنكشف الغمَّة ؛ ما هي السنة ؟ ( عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) .
السائل : السنة هي قوله ... .
الشيخ : لا ، هذا رسول الله .
السائل : نعم .
الشيخ : لا ، أسأل السنة المعطوفة على سنَّة رسول الله ؛ سنَّة الخلفاء الراشدين .
السائل : السنة التي أخذها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
الشيخ : كأنك تعني يعني الأحاديث اللي نطق بها الرسول والسنن الفعلية التي فعلها الرسول ؟
السائل : نعم .
الشيخ : فهي هي ؛ يعني سنة الخلفاء هي سنة الرسول - عليه السلام - ؛ يعني حذو القذَّة بالقذَّة .
السائل : أو استنبطوه .
الشيخ : ها ، هون بقى صار شيء جديد .
السائل : أو ما استنبطوه أو فهموه .
الشيخ : أو فهموه ؛ إذًا مش ضروري تكون هي عينها وذاتها ؟
السائل : لأ .
الشيخ : طيب ؛ أعِدْ إشكالك بعد الضَّميمة هذه ؛ ما هو إشكالك ؟
السائل : الإشكال هو قوله : ( عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء ) ؛ يعني حصر الدائرة في السنة ويقتصر الحديث على هؤلاء الأربعة ؛ هذا هو الإشكال ، فينبغي ... .
الشيخ : أنت الآن حينما تقول الحديث بالطبع تستحضر الضَّميمة التي أنت ضممْتَها أخيرًا في ذهنك .
السائل : وهو ؟
الشيخ : أو فهموا أو .
السائل : نعم نعم .
الشيخ : إي ، ولَّا أنت ناسٍ بعد ؟
السائل : لا ما ناسي ، لا لا ، ما ناسي .
الشيخ : ... .
سائل آخر : هو يقول : إنَّ طريقة الاستنباط ليست قاصرة على الأربعة .
الشيخ : معلش يا شيخ ، خلينا نفهم منه نحن ، خلينا نفهم منه ، طيب ؛ أنت تعتقد أن استنباط أيِّ صحابي يُشبه استنباط أيِّ صحابي آخر ولَّا هناك درجات ؟
السائل : لا ، درجات على حسب الفقه .
الشيخ : جميل جدًّا ، فإذًا حسب ما قال بعضهم آنفًا أنُّو كل الصحابة - أنت أظنك بريء من هذا القول - .
السائل : وهو ؟
الشيخ : يعني كل الصحابة كل صحابي يجب اتِّباعه فيما ذهب إليه من اجتهاد ومن رأي ؟
السائل : يعني إذا لم يكن اجتهاده مخالفًا لسنَّة أو شيء أو أصل من ... فتقدِّمه على غيره .
الشيخ : تقدِّمه بمعني يجب أن تأخذ به ؟
السائل : نعم ؛ إذا لم يُخالف أو يصادم نص من النصوص فعليَّ أن آخُذَ به ... .
الشيخ : المصادمة ربما أحد الخلفاء الراشدين إذا صادم نصًّا ما تأخذ بسنته ؟
السائل : لا شك .
الشيخ : أليس كذلك ؟
السائل : هذا هو .
الشيخ : إذًا هذا القيد قيد احترازي ؟
السائل : نعم .
الشيخ : بالنسبة لكل صحابي .
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ إذًا أنت تقول أن كل صحابي يجب الأخذ برأيه ما لم يخالف كتابًا أو سنة ؟
السائل : ما لم يُخالف .
الشيخ : ودليلك هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : الخلافة بعد الرسول - عليه السلام - كم ؟ في هناك حديث يقول : ( الخلافة في أمتي ) .
السائل : ولكن هذا أضعِّفه !
الشيخ : أنا أسأل ... بعد زمان استدراكك ، ( الخلافة في أمَّتي ثلاثون سنة ) ، طيب ؛ هذا الحديث أنت ضعيف عندك ؟
السائل : نعم ضعَّفه غيري .
الشيخ : ضعَّفه غيرك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وقوَّاه غيرك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ ترجَّح عندك ضعفه ؟
السائل : نعم .
الشيخ : بأي ؟
السائل : من حيث النظر .
الشيخ : من حيث النظر ؟
السائل : نعم .
الشيخ : هذا ليس سبيل أهل العلم .
السائل : لا ، ولكن ... الحديث فيه ضعف ، أنا أريد أن آخذ بها في الطعن ، يعني على ما ترجَّح لي .
الشيخ : هذا ليس سبيل أهل العلم .
السائل : لا ، سبيلهم سبيل أهل العلم أنهم يتتبَّعون السند .
الشيخ : أنت ما تتبَّعت السند الآن ، أنا هذا الذي أنا أطلبه منك ، أنت نظرت في متنه ولم تنظر في سنده .
السائل : كذلك أنا وقفتُ على ضعفه .
الشيخ : حَيصير معنا دَور مع الأسف !
السائل : لا ، ما دور ، أنت قلت لي ... .
الشيخ : سأُبيِّن لك كيف ؟ قلت أنت ذكرت أن بعضهم ضعَّفه ، وبعضهم صحَّحه ، فأخذت بقول الذين ضعَّفوه ؛ فَلِمَ ؟ لأنك نظرت في متنه مو لأنك نظرت في قوة التضعيف فرجَّحته على قوة التصحيح ، فلما نظرت في متنه وجعلته مرجِّحًا هذا الذي أنا قلت عنه بأنه ليس من طريقة أهل العلم في تضعيف الأحاديث ؛ فالطريقة العلمية هو أن تُطبَّق القواعد العلمية الأصولية حينما - مثلًا - يختلف علماء الحديث في تصحيح حديث أو تضعيفه ، أو يختلفون في تصحيح راوٍ أو تضعيفه ، تُطبَّق القواعد العلمية الأصولية ؛ مثلًا في ميدان الجرح والتعديل كما تعلم يقولون : " الجرح مقدَّم على التعديل بشرطه " ، بشرطه وهو أن يكون مُفسَّرًا ، وبعد التفسير يتبيَّن أن الجرح قادح ؛ طيب ؛ فهل أنت صنعت شيئًا من هذا في هذا الحديث ؟
السائل : لا ، أنا أكتفي بما فعل غيري ؟
الشيخ : ولِمَ لَمْ تكتفِ بما فعله غيرك من التصحيح ؟ [ الجميع يضحك ! ] .
السائل : يعني أنا على متن الحديث .
الشيخ : متن الحديث ؟
السائل : يعني على حديث آخر .
الشيخ : وهو ؟
السائل : الخلفاء الراشدين .
الشيخ : هذا هو ، الخلفاء الراشدين ( الخلافة في أمَّتي ثلاثون ) ، هذا ينفذ إلى هذا ، وهذا يتصل بسبب وثيقٍ بهذا .
السائل : يعني - مثلًا - الخلافة يعني ما نريد نحن أن تنتهي يعني ... إلى يوم القيامة .
الشيخ : هو (( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ )) .
سائل آخر : ... مو الصحابة بس ؛ ما دام متمسك ... .
الشيخ : طيب ؛ إيش رأيك نحن ما نريد أن تنتهي الصحبة بألوف مؤلفة مثلًا ، لازم إلى يوم القيامة تستمر الصحبة !
السائل : لأن الصحبة مقيَّدة .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الصحبة مقيَّدة .
الشيخ : جميل ، والخلافة مقيَّدة بثلاثين سنة .
السائل : نعم .
الشيخ : مقيَّدة بثلاثين سنة .
السائل : الحديث ضعيف .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الحديث ضعيف .
الشيخ : هذا الدور ضعَّفته بحجة ؟ ما عندك حجة ! عندك قول من ضعَّفه ، ما دام هذا القول مُعارَض بقول آخر ممن صححه ؛ فإما أن تسلك طريق أهل الحديث الذي جاء في شرح " النخبة " للحافظ بن حجر في فصل ماذا يُسمَّى هذا ؟
السائل : ... .
الشيخ : لأ ،
السائل : الجرح مفسَّر .
الشيخ : عفوًا ، لأ لأ ، مش الجرح ، " مختلف الحديث " ، في فصل " مختلف الحديث ، فيقول هناك - تبعًا لغيره بالطبع - : إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول - وأقل مراتب المقبول هو الحديث الحسن - ، فجاء حديثان متعارضان كلاهما من قسم المقبول وجب التوفيق بينهما بوجهٍ من وجوه التوفيق الكثيرة التي أبلَغَها الحافظ العراقي في " حاشيته على مقدمة ابن الصلاح " إلى أكثر من مائة وجه ؛ يعني العالم في الحديث إذا وقف بين حديثين متعارضين في الظاهر لازم يمرِّر هذه الوجوه كلها وجهًا بعد وجه على هذين الحديثين لعله يزول التعارض بينهما ، فإن عجز ولم تنهض أو ينهض وجه من وجوه الترجيح هذه في التوفيق بينهما انتقل إلى مرحلة ثانية ؛ وهو تتبُّع الناسخ من المنسوخ ، فإذا أمكن أن يُثبت أنها أحدهما ناسخ والآخر منسوخ فَبِهَا ، إذا لم يتيسَّر له ذلك انتقل إلى المرتبة الثالثة ؛ ألا وهي مرتبة الترجيح بأن يُقال : هذا أصحُّ سندًا من هذا ، كأن يكون - مثلًا - أحدهما حسن والآخر صحيح ، فيُقال : ما دام عجزنا عن التوفيق وعجزنا عن تتبُّع الناسخ والمنسوخ من بينهما فعلينا الترجيح ، فالصحيح أقوى من الحسن ، قال الحافظ : فإن - أيضًا - تساويا في القوَّة وفي المرتبة ولم نستطِعْ الترجيح قال : توقَّفنا ، فإما أن تتوقَّف إذا رأيت هناك تعارض بين الحديثين ؛ فإما أن تتوقَّف وإما أن تسلك طريق الحنفية الذين يكون موقفهم بدل موقف الحافظ التوقُّف يقولون : " تعارَضَا فتساقَطَا " ؛ فاختر لك أيهما .
نعم .
السائل : هو نفس الشيء ، توقف .
الشيخ : هو توقُّف ، بس التعبير تعبير ما في أدب مع حديث الرسول - عليه السلام - ، أما أن تأتي وترجِّح برأيك ودون أن تستعمل قواعد حديثية ؛ يعني أنت هنا حتمًا ما أردت أيهما صحيح ، أيهما حسن ، أو أيهما أصح ، فعلى العكس من ذلك ؛ أنت جئت بشيءٍ فاتَ أمير المؤمنين في الحديث وهو الحافظ بن حجر !! قلت : أنظر في المتن ، نظرت في المتن فترجَّح لك قول من ضعَّفه ، هذا لا أحد يقول من أئمة الحديث بمثل هذا الترجيح ؛ لذلك نصيحتي إليك أن تعود إلى بحث الحديث من ناحية السند ؛ تنظر الذين أعلُّوه وضعَّفوه ما حجتهم ؟ والذين صحَّحوه ما حجتهم ؟ وتُقابل بين ذلك ، وأنا شخصيًّا الآن بعيد العهد عن التصحيح والتضعيف .
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم ، لكن هو حتمًا صحيح ، وهو من حصة كتابي " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ، وفي هذا الحديث أنا خرَّجته لأني وجدت - ولعله هو مستنده في التضعيف - وجدت الإمام أبا بكر بن العربي - المُعرَّف لا النكرة ، إي نعم - ، وجدته يذهب إلى تضعيف هذا الحديث ، فربما يكون هو مستندك في التضعيف ؛ وحينئذٍ يقال : " ما أنت أول سارٍ غرَّه قمر " . فهو إمام كبير في العلم وفي الحديث ضعَّف هذا الحديث ؛ ولذلك وجدت نفسي مندفعًا إلى تتبُّع طريق هذا الحديث الذي هو ضعَّفه وتتبُّع طرقه وشواهده ، فتبيَّن أنه حديثٌ صحيح ، ويكفي في هذا أو في الإقناع بأن الحديث صحيح بمن ليس عنده علم النقد بطرق الحديث أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول بصحة هذا الحديث ، أقول : يكفي هذا من باب التقليد والاتباع لا من باب العلم ؛ لأن العلم له سبيله الذي أشرنا إليه على اعتبار أن ابن تيمية بلا شك هو أعلم بكثير بالحديث وطرقه من أبي بكر بن العربي ، وثانيًا هو متأخِّرٌ عنه طبقة ، فربَّما استدرك المتأخِّر على المتقدِّم .
خلاصة القول : الراجح لمن يتتبَّع هذا الحديث أنه حديثٌ صحيح ، وأنه في الحقيقة لا اختلاف بينه وبين قوله - عليه السلام - : ( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي ) ، وأن حديث الثلاثين يشهد بأن المقصود بالخلفاء الراشدين هم الأربعة المعروفون ؛ ولذلك قلت في مطلع كلامي هذا بأنَّ بعض العلماء ألحَقُوا بهم عمر بن عبد العزيز ؛ لأنه لا يدخل في الثلاثين قطعًا وبداهةً ، وإنما ألحقوه لا لِيُستفاد من هذا الإلحاق في الأبواب الفقهية ، وإنما ليُعرف فضل هذا الخليفة الراشد الذي جاء من بعدهم لأكثر من نصف قرن من الزمان ، ومع ذلك فأرى أنك أسأت فهم معنى : ( عليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين ) ؛ فكأنك فهمت هذه الجملة بتقدير المضاف المحذوف الآتي ؛ وهو : عليكم بسنَّتي وسنَّة أحد الخلفاء الراشدين من بعدي ، هذا التقدير خطأ ، والتقدير هو مجموع بدل أحد ، عليكم بسنَّتي وسنة جميع الخلفاء الراشدين ، وفرق كبير جدًّا بين المفهوم الأول والمفهوم الآخر ، هذا كقوله - تبارك وتعالى - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ؛ غير سبيل أحد المؤمنين أم ؟
سائل آخر : جميع .
الشيخ : جميع ، هذا المضاف المحذوف هنا ضَعْه هناك يستقِمْ لك الفهم ، وأظن تطيح المشكلة من أصلها .
السائل : إلى الآن ما سقطت .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الآن ما سقطت .
الشيخ : أقول يعني ما سقطت هذا بيد الله !! [ الجميع يضحك ! ] .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 35
- توقيت الفهرسة : 00:22:21
- نسخة مدققة إملائيًّا