ما هو مفهوم حديث من سن في الإسلام سنة حسنة ؟ والرد على أهل البدع ؟
A-
A=
A+
الشيخ : هذه أمور الحقيقة يجب أن نتنبه لها وأن نحي العمل بها لنحظى بذلك من أجر لا يكاد يحصى ، المستنبط من قوله عليه السلام ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيئا ) وبهذه المناسبة والشيء بالشيء يذكر ، كما يقال لا بد من إلفات النظر إلى المعنى الصحيح لهذا الحديث الصحيح ، من سن في الإسلام سنة حسنة لأن كثيرا من الناس يسيئون فهمه ثم يبنون - وعليكم السلام - على هذا الفهم السيء الخاطئ علالي وقصورا ، هي على شفا جرف هار يبنون على الفهم السيء والخاطئ أو الخطأ على الأقل لهذا الحديث بابا من الابتداع في الدين لا سبيل لهم إلى غلقه إلا ببنذ الفهم السيء لهذا الحديث ، حيث أنهم يفسرون قوله عليه السلام: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) بقولهم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ومن هنا ينطلقون ، فيحسنون المئات بل الألوف من البدع ، ظنا منهم أنها من البدع الحسنة ، التي أرادها الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بهذا الحديث الصحيح وليس الأمر كذلك وإذا كان الأمر كما يقال ، وبضدها تتبين الأشياء ، فما هو ضد هذا الفهم الخاطئ ألا وهو تفسيرهم بقوله عليه السلام: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) ، أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ، هذا خطأ ، فما الذي هو الصواب الذي نرد به هذا الخطأ ونرد ما بني عليه من تفريعات في المئات من البدع ، بل الألوف كما قلنا آنفا ، الجواب من سن لغة أي فتح طريقا لا أكثر
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله ، من سن في الإسلام سنة حسنة ، أي فتح طريقا في الإسلام أي في الدين أي في العبادة ، تؤدي إلى سنة حسنة ، من سن في الإسلام سنة حسنة ، أي فتح طريقا إلى سنة حسنة وهذا معناه أن هذه السنة لم تحدث من جديد ، وإنما هي مشروعة من قديم جاء بها الرسول عليه السلام ، الذي نزل عليه القرآن الكريم (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) ، يقول الإمام مالك أمام دار الهجرة رحمه الله " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة ، فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرأوا قول الله تبارك وتعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) " ، قال مالك تعليقا على هذه الآية وكلامه السابق : " فما لم يكن يومئذ دينا ، - أي يوم نزول هذه الآية اليوم- فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها " ، إذن قوله عليه السلام: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) لا يعني سنة استحسنها الناس على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وغاياتهم وأهوائهم إلى آخره ، لا وإنما سنة معروفة حسنها في الإسلام وعلى العكس من ذلك في تمام الحديث - وعليكم السلام- ( ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيئا ) ، ما هو السبيل لمعرفة السنة الحسنة ومعرفة السنة السيئة حتى يكون للمسلم موقفين متباينين من السنة الحسنة ومن السنة السيئة ، الموقف اللائق بالنسبة للسنة الحسنة أن يفتح طريقا أغلقه الناس أمامها ، فلا يكاد أكثر الناس يصلون إليها ، لسبب أو أكثر وأكبر سبب هو الجهل بالإسلام فالناس لا يكادون يعرفون من الإسلام إلا اسمه ، وكذلك الموقف الثاني بالنسبة للسنة السيئة يغلقه امام الناس الذين يتهافتون على الوقوع تهافت الفراش على النار في السنة السيئة ما هو السبيل لمعرفة السنة الحسنة ، والسنة السيئة ؟ أهو عقولنا أهو أهواؤنا أهو عاداتنا ؟ لا ليس شيئا من ذلك ، إنما هو الإسلام الذي سمعتم آنفا قول رب العالمين ، (( اليوم أكملت لكم دينكم )) ثم أوضح نبينا صلوات الله وسلامة عليه ، ذلك بأحاديث كثير منها ، قوله عليه السلام ، ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ، إلا وأمرتكم به ، وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) ، إذا ذاك هو الطريق الحسن ، وهذا هو الطريق السيء فليس لنا أي تفكير وأي اجتهاد وأي استنباط لمعرفة الطريق الحسن ، من الطريق السيء ليس لنا فقط إلا أن ننطلق إلى السنة الحسنة وننصرف عن السنة السيئة فاستدلال أولئك الناس بهذا الحديث على استحسان البدع ، أبعد ما يكون عن الصواب ويؤكد ذلك لكم أمورا كثيرة من أهمها أن تعرفوا سبب ورود هذا الحديث لأن علماء التفسير رحمهم الله
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يقولون علماء التفسير يقولون إذا عرف سبب نزول الآية عرف نصف معناها ، والنصف الآخر يفهم من اللغة العربية وأساليبها ، اقتباسا من هذه الجملة التفسيرية أقول إذا عرف سبب ورود الحديث ، عرف نصف معناه والباقي يفهم من اللغة ما سبب ورود هذا الحديث ، بأي مناسبة قال عليه السلام: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) أقال ذلك في سنة كما فسرناها معروفة في الإسلام مشروعة في القرآن وفي أحاديث الرسول عليه السلام أم قال ذلك في رأي في عمل ابتدعه إنسان من عند نفسه دون إذن من ربه أو نبيه فقال: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) ، ليس هذا وإنما هو الأمر الأول وهو كما جاء في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي ، رضي الله عنه قال: ( كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته روى الامام مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال ( كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر ، بل كلهم من مضر فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمعر وجهه ) أي تغيرت ملامح وجهه عليه السلام شفقة وحزنا على هؤلاء الأقوام الأعراب لشدة فقرهم الدال عليه حالهم ولباسهم ، مجتابي النمار ، النمار جمع نمرة وهو ثوب مثل البطانية ، من فقرهم فاتحين بوسط البطانية دائرة طاقة ومنزليها على ساقهم هذه هي العباءة تبع لهم ، هذا من فقرهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهم في هذه الحالة ، يخطب في الصحابة وكان مما خطبهم به قوله عليه الصلاة والسلام: (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) ثم قال عليه السلام: ( تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره وبصاع شعيره ) ، تصدق فعل ماض المقصود به ليتصدق أحدكم بما تيسر له ، فما كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم خطبته ، حتى قام رجل من الجالسين ، ينطلق ليعود وهو يحمل في طرف ثوبه ما تيسر له من طعام أو دراهم ويضعها أمام الرسول عليه الصلاة والسلام فلما رأى أصحابه الآخرون ، ما فعل صاحبهم هذا قام كل منهم ليعود أيضا بما تيسر له من طعام ودراهم ودنانير وجمعت هذه أمام الرسول عليه السلام قال جرير : " فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وسلم أكوام كأمثال الجبال " طبعا المقصود بالجبال يعني أكوام ضخمة فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل وجهه كأنه مذهبة ، يعني أسارير وجهه الأولى التي دلت على حزنه وأسفه ، على هؤلاء تطورت تماما حينما رأى أصحابه عليه السلام ، يستجيبون لخطبته ولدعوته إياهم على أن يتصدقوا على إخوانهم فصار وجهه يقول جرير ، وهو العربي الفصيح : " كأنه مذهبة " ما هي المذهبة ؟ هي الفضة المطلية بالذهب أي يتلألأ وجهه عليه السلام ، تحول نورا فرحا وسرورا وحبورا ، بتجمع هذه الصدقات من أصحابه عليه السلام هنا قال صلى الله عليه وسلم: ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيئا ) ، أي أن ذاك الرجل الأول كتب الله له أجر صدقته قلت أو كثرت ثم كتب الله له أجر المتصدقين من بعده لأنه هو الذي فتح لهم هذه الطريق ، طريق الإتيان بالصدقة ، الآن نقول لهؤلاء الذين يفسرون الحديث بذاك التفسير الخاطئ من ابتدع أين البدعة في هذه الحادثة ؟ لا يوجد هنا إلا الصدقة ، والصدقة كانت من قبل مشروعة ولو لم تكن من قبل مشروعة فقد صارت آنئذ مشروعة حينما تلا الرسول عليه السلام الآية السابقة: (( أنفقوا مما رزقناكم )) هذا لو فهم من الآية نزلت آنيًّا وهي كانت من قبل معروفة إذن من الخطأ الفاحش أن نفسر قول الرسول عليه السلام ، بما يتنافى مع السياق والسباق ، فالسباق أن الناس تصدقوا بعد أن حضهم الرسول عليه السلام على الصدقة ، وتبعوا الرجل الأول ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حضا لغيره ، على أن يكون أسوة لغيره في فتح الطريق إلى ما هو مشروع مسنون في الشريعة كهذه الصدقة ، ( من سن في الإسلام سنة حسنة إلى آخره ) وأنا حينما أتطرق لمثل هذا الموضوع أقول: يستحي مثلي أنا وأنا الرجل الأعجمي الألباني ، لو أن هناك مثل هذه المناسبة ، مناسبة الصدقة والإتيان بأمر مشروع ، فأقول: ( من سن في الإسلام سنة حسنة )، بمعني من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ، أعير أنا مع أني أعجمي وألباني ، لكن عندي شوية معرفة باللغة العربية ، أعير فيما إذا قلت في مناسبة صدقة مشروعة من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ، سيقال لي: أين البدعة التي تطبق قولك هذا على هذه إذا فسر من سن في الإسلام ، بمعنى من ابتدع عار على مثلنا ونحن الأعاجم ، أن نفسر مثل هذا التفسير العجيب الغريب فكيف يصدر مثله من العرب الأقحاح الأصيلين في العربية ، لا عجب في ذلك لأن الأهواء تعمل عملها في الناس شر من الجهل الذي يجهل اللغة العربية ، فإذن ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) يعني سنة مشروعة كان الطريق إليها مغلقا مهملا لا ينتبه الناس لهذه السنة فقام رجل ودعا الناس إلى هذه السنة المشروعة ، ليس البدعة التي لم تكن معروفة من قبل ، وسنها هو من عند نفسه وهذا الحديث تماما يشبه حديثا آخر ، لا يحتمل مطلقا مثل هذا التأويل الخاطئ ، وهو قوله عليه السلام: ( من دعا إلى هدى ) ما قال هنا سنة ، ولا يمكن تفسير الهدي هذا بالبدعة إطلاقا بأي وجه ( كان له أجره ، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة ) بنفس معنى الحديث السابق هذا ولا نريد أن نطيل عليكم لأني أرى صاحب الدار قائما ، لكن لا بد من ختم البحث هذا ولو بملاحظة أخيرة ، وهي في الحقيقة نستطيع أن نقول أنها ملاحظة جدلية ، بمعنى لا نقصد الجدل والمراء ، المنهي عنه وإنما نقصد تحقيق أثر ثابت عن علي بن أبي طالب في صحيح البخاري قال " كلموا الناس على قدر عقولهم ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " ، أنا في كثير من الأحيان افترض أن هذا الإنسان ما اقتنع بهذا الكلام السابق إطلاقا ، فلا بد أن أتنزل معه ونقول له أنت ما اقتنعت بأن هذا السنة هي السنة المشروعة أصالة وابتداء ، نفترض أن المقصود بها البدعة لكن نحن متفقون جميعا أن البدعة التي يعنيها الحديث بزعمك هنا موصوفة بأنها بدعة حسنة ، وهناك بأنها بدعة سيئة ، فما هو السبيل لتمييز البدعة الحسنة من البدعة السيئة ؟ إن قلت السبيل هو الشرع إذن رجعنا إلى الشرع سواء بالطريق الأول الذي نحن نؤمن به ، ( من سن في الإسلام سنة ) يعني شريعة مشروعة من قبل ، أو بالمعنى الذي أنت تريد ، يعني أمر لعبادة أحدثناها ، لكن لا يسعك إلا أن تثبت لنا من الشرع ، أن هذه البدعة التي تريد أن تتعبد الله بها ، هي حسنة ، إذن الحسن والقبح إنما مصدره الشرع ، فإذا جئتنا بدليل من الشرع على حسن هذه البدعة ، نحن قلنا حيهلا وأهلا وسهلا وحينئذ لا نكون قد أحدثنا شيئا في الإسلام ، إنما أيضا نكون أتبعنا الشرع ، الذي به استدللنا على حسن هذا الأمر الحادث وإن قال لا كما يقولون للأسف بعض الجهلة يقال له لا تفعل يا أخي ، يقول لك: ليه؟ نقول هذه ما كانت زمن الرسول هذه بدعة ، يقول شو فيها يا أخي معناه أن هذا حطم عقله ، حينئذ ننبهه بأنه خرج من صف أهل السنة والجماعة ، وأدخل نفسه في صف فرقة من فرق الضلالة ألا وهي المعتزلة ، أولئك الذين يقولون بما يعرف عند العلماء بالتحسين والتقبيح العقليين ، المعتزلة يقولون هذا حسن عقلا ، فجاء الشرع مع العقل ، وهذا قبيح عقلا فجاء الشرع مع العقل، ليس الشرع هو الذي يحسن ويقبح عند المعتزلة ، أما أهل السنة والجماعة ، فهم يقولون ما حسنه الشارع فهو حسن وما قبحه الشارع فهو قبيح ، لكن العقل السليم في كثير من الأحيان ، يفهم حسن ما حسنه الشرع وقبح ما قبحه الشرع ، لكن ليس هذا بالأمر المطرد وهنا لا بد من الاستسلام للشرع كما قال عز وجل (( ويسلموا تسليما )) ، وبهذا القدر كفاية ، تعليقا على هذا الحديث وبيان أن لا مستند ، لأهل البدع على هذا الحديث في تحسين بدعهم ، والحمد لله رب العالمين .
السائل : جزاك الله خيرا
الشيخ : قول الرسول السابق ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) وهي سنة إحياء العقيقة ، أريد أن أتكلم بكلمة حول العقيقة ، لأنها فهمت فيما يبدو خطأ من بعض جوانبها ، ولريثما يجتمع الجمع ، فلا بأس إنه إذا كان هناك عند بعض إخواننا الحاضرين الآن ان يوجه هذه الأسئلة فنجيب عليها باختصار ، ثم نشرع إن شاء الله في إلقاء كلمة ولو موجزة حول بعض الأحكام المتعلقة بالعقيقة . تفضل
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله ، من سن في الإسلام سنة حسنة ، أي فتح طريقا في الإسلام أي في الدين أي في العبادة ، تؤدي إلى سنة حسنة ، من سن في الإسلام سنة حسنة ، أي فتح طريقا إلى سنة حسنة وهذا معناه أن هذه السنة لم تحدث من جديد ، وإنما هي مشروعة من قديم جاء بها الرسول عليه السلام ، الذي نزل عليه القرآن الكريم (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) ، يقول الإمام مالك أمام دار الهجرة رحمه الله " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة ، فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرأوا قول الله تبارك وتعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) " ، قال مالك تعليقا على هذه الآية وكلامه السابق : " فما لم يكن يومئذ دينا ، - أي يوم نزول هذه الآية اليوم- فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها " ، إذن قوله عليه السلام: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) لا يعني سنة استحسنها الناس على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وغاياتهم وأهوائهم إلى آخره ، لا وإنما سنة معروفة حسنها في الإسلام وعلى العكس من ذلك في تمام الحديث - وعليكم السلام- ( ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيئا ) ، ما هو السبيل لمعرفة السنة الحسنة ومعرفة السنة السيئة حتى يكون للمسلم موقفين متباينين من السنة الحسنة ومن السنة السيئة ، الموقف اللائق بالنسبة للسنة الحسنة أن يفتح طريقا أغلقه الناس أمامها ، فلا يكاد أكثر الناس يصلون إليها ، لسبب أو أكثر وأكبر سبب هو الجهل بالإسلام فالناس لا يكادون يعرفون من الإسلام إلا اسمه ، وكذلك الموقف الثاني بالنسبة للسنة السيئة يغلقه امام الناس الذين يتهافتون على الوقوع تهافت الفراش على النار في السنة السيئة ما هو السبيل لمعرفة السنة الحسنة ، والسنة السيئة ؟ أهو عقولنا أهو أهواؤنا أهو عاداتنا ؟ لا ليس شيئا من ذلك ، إنما هو الإسلام الذي سمعتم آنفا قول رب العالمين ، (( اليوم أكملت لكم دينكم )) ثم أوضح نبينا صلوات الله وسلامة عليه ، ذلك بأحاديث كثير منها ، قوله عليه السلام ، ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ، إلا وأمرتكم به ، وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) ، إذا ذاك هو الطريق الحسن ، وهذا هو الطريق السيء فليس لنا أي تفكير وأي اجتهاد وأي استنباط لمعرفة الطريق الحسن ، من الطريق السيء ليس لنا فقط إلا أن ننطلق إلى السنة الحسنة وننصرف عن السنة السيئة فاستدلال أولئك الناس بهذا الحديث على استحسان البدع ، أبعد ما يكون عن الصواب ويؤكد ذلك لكم أمورا كثيرة من أهمها أن تعرفوا سبب ورود هذا الحديث لأن علماء التفسير رحمهم الله
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يقولون علماء التفسير يقولون إذا عرف سبب نزول الآية عرف نصف معناها ، والنصف الآخر يفهم من اللغة العربية وأساليبها ، اقتباسا من هذه الجملة التفسيرية أقول إذا عرف سبب ورود الحديث ، عرف نصف معناه والباقي يفهم من اللغة ما سبب ورود هذا الحديث ، بأي مناسبة قال عليه السلام: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) أقال ذلك في سنة كما فسرناها معروفة في الإسلام مشروعة في القرآن وفي أحاديث الرسول عليه السلام أم قال ذلك في رأي في عمل ابتدعه إنسان من عند نفسه دون إذن من ربه أو نبيه فقال: ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) ، ليس هذا وإنما هو الأمر الأول وهو كما جاء في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي ، رضي الله عنه قال: ( كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته روى الامام مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال ( كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر ، بل كلهم من مضر فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمعر وجهه ) أي تغيرت ملامح وجهه عليه السلام شفقة وحزنا على هؤلاء الأقوام الأعراب لشدة فقرهم الدال عليه حالهم ولباسهم ، مجتابي النمار ، النمار جمع نمرة وهو ثوب مثل البطانية ، من فقرهم فاتحين بوسط البطانية دائرة طاقة ومنزليها على ساقهم هذه هي العباءة تبع لهم ، هذا من فقرهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهم في هذه الحالة ، يخطب في الصحابة وكان مما خطبهم به قوله عليه الصلاة والسلام: (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) ثم قال عليه السلام: ( تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره وبصاع شعيره ) ، تصدق فعل ماض المقصود به ليتصدق أحدكم بما تيسر له ، فما كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم خطبته ، حتى قام رجل من الجالسين ، ينطلق ليعود وهو يحمل في طرف ثوبه ما تيسر له من طعام أو دراهم ويضعها أمام الرسول عليه الصلاة والسلام فلما رأى أصحابه الآخرون ، ما فعل صاحبهم هذا قام كل منهم ليعود أيضا بما تيسر له من طعام ودراهم ودنانير وجمعت هذه أمام الرسول عليه السلام قال جرير : " فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وسلم أكوام كأمثال الجبال " طبعا المقصود بالجبال يعني أكوام ضخمة فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل وجهه كأنه مذهبة ، يعني أسارير وجهه الأولى التي دلت على حزنه وأسفه ، على هؤلاء تطورت تماما حينما رأى أصحابه عليه السلام ، يستجيبون لخطبته ولدعوته إياهم على أن يتصدقوا على إخوانهم فصار وجهه يقول جرير ، وهو العربي الفصيح : " كأنه مذهبة " ما هي المذهبة ؟ هي الفضة المطلية بالذهب أي يتلألأ وجهه عليه السلام ، تحول نورا فرحا وسرورا وحبورا ، بتجمع هذه الصدقات من أصحابه عليه السلام هنا قال صلى الله عليه وسلم: ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيئا ) ، أي أن ذاك الرجل الأول كتب الله له أجر صدقته قلت أو كثرت ثم كتب الله له أجر المتصدقين من بعده لأنه هو الذي فتح لهم هذه الطريق ، طريق الإتيان بالصدقة ، الآن نقول لهؤلاء الذين يفسرون الحديث بذاك التفسير الخاطئ من ابتدع أين البدعة في هذه الحادثة ؟ لا يوجد هنا إلا الصدقة ، والصدقة كانت من قبل مشروعة ولو لم تكن من قبل مشروعة فقد صارت آنئذ مشروعة حينما تلا الرسول عليه السلام الآية السابقة: (( أنفقوا مما رزقناكم )) هذا لو فهم من الآية نزلت آنيًّا وهي كانت من قبل معروفة إذن من الخطأ الفاحش أن نفسر قول الرسول عليه السلام ، بما يتنافى مع السياق والسباق ، فالسباق أن الناس تصدقوا بعد أن حضهم الرسول عليه السلام على الصدقة ، وتبعوا الرجل الأول ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حضا لغيره ، على أن يكون أسوة لغيره في فتح الطريق إلى ما هو مشروع مسنون في الشريعة كهذه الصدقة ، ( من سن في الإسلام سنة حسنة إلى آخره ) وأنا حينما أتطرق لمثل هذا الموضوع أقول: يستحي مثلي أنا وأنا الرجل الأعجمي الألباني ، لو أن هناك مثل هذه المناسبة ، مناسبة الصدقة والإتيان بأمر مشروع ، فأقول: ( من سن في الإسلام سنة حسنة )، بمعني من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ، أعير أنا مع أني أعجمي وألباني ، لكن عندي شوية معرفة باللغة العربية ، أعير فيما إذا قلت في مناسبة صدقة مشروعة من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ، سيقال لي: أين البدعة التي تطبق قولك هذا على هذه إذا فسر من سن في الإسلام ، بمعنى من ابتدع عار على مثلنا ونحن الأعاجم ، أن نفسر مثل هذا التفسير العجيب الغريب فكيف يصدر مثله من العرب الأقحاح الأصيلين في العربية ، لا عجب في ذلك لأن الأهواء تعمل عملها في الناس شر من الجهل الذي يجهل اللغة العربية ، فإذن ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) يعني سنة مشروعة كان الطريق إليها مغلقا مهملا لا ينتبه الناس لهذه السنة فقام رجل ودعا الناس إلى هذه السنة المشروعة ، ليس البدعة التي لم تكن معروفة من قبل ، وسنها هو من عند نفسه وهذا الحديث تماما يشبه حديثا آخر ، لا يحتمل مطلقا مثل هذا التأويل الخاطئ ، وهو قوله عليه السلام: ( من دعا إلى هدى ) ما قال هنا سنة ، ولا يمكن تفسير الهدي هذا بالبدعة إطلاقا بأي وجه ( كان له أجره ، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة ) بنفس معنى الحديث السابق هذا ولا نريد أن نطيل عليكم لأني أرى صاحب الدار قائما ، لكن لا بد من ختم البحث هذا ولو بملاحظة أخيرة ، وهي في الحقيقة نستطيع أن نقول أنها ملاحظة جدلية ، بمعنى لا نقصد الجدل والمراء ، المنهي عنه وإنما نقصد تحقيق أثر ثابت عن علي بن أبي طالب في صحيح البخاري قال " كلموا الناس على قدر عقولهم ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " ، أنا في كثير من الأحيان افترض أن هذا الإنسان ما اقتنع بهذا الكلام السابق إطلاقا ، فلا بد أن أتنزل معه ونقول له أنت ما اقتنعت بأن هذا السنة هي السنة المشروعة أصالة وابتداء ، نفترض أن المقصود بها البدعة لكن نحن متفقون جميعا أن البدعة التي يعنيها الحديث بزعمك هنا موصوفة بأنها بدعة حسنة ، وهناك بأنها بدعة سيئة ، فما هو السبيل لتمييز البدعة الحسنة من البدعة السيئة ؟ إن قلت السبيل هو الشرع إذن رجعنا إلى الشرع سواء بالطريق الأول الذي نحن نؤمن به ، ( من سن في الإسلام سنة ) يعني شريعة مشروعة من قبل ، أو بالمعنى الذي أنت تريد ، يعني أمر لعبادة أحدثناها ، لكن لا يسعك إلا أن تثبت لنا من الشرع ، أن هذه البدعة التي تريد أن تتعبد الله بها ، هي حسنة ، إذن الحسن والقبح إنما مصدره الشرع ، فإذا جئتنا بدليل من الشرع على حسن هذه البدعة ، نحن قلنا حيهلا وأهلا وسهلا وحينئذ لا نكون قد أحدثنا شيئا في الإسلام ، إنما أيضا نكون أتبعنا الشرع ، الذي به استدللنا على حسن هذا الأمر الحادث وإن قال لا كما يقولون للأسف بعض الجهلة يقال له لا تفعل يا أخي ، يقول لك: ليه؟ نقول هذه ما كانت زمن الرسول هذه بدعة ، يقول شو فيها يا أخي معناه أن هذا حطم عقله ، حينئذ ننبهه بأنه خرج من صف أهل السنة والجماعة ، وأدخل نفسه في صف فرقة من فرق الضلالة ألا وهي المعتزلة ، أولئك الذين يقولون بما يعرف عند العلماء بالتحسين والتقبيح العقليين ، المعتزلة يقولون هذا حسن عقلا ، فجاء الشرع مع العقل ، وهذا قبيح عقلا فجاء الشرع مع العقل، ليس الشرع هو الذي يحسن ويقبح عند المعتزلة ، أما أهل السنة والجماعة ، فهم يقولون ما حسنه الشارع فهو حسن وما قبحه الشارع فهو قبيح ، لكن العقل السليم في كثير من الأحيان ، يفهم حسن ما حسنه الشرع وقبح ما قبحه الشرع ، لكن ليس هذا بالأمر المطرد وهنا لا بد من الاستسلام للشرع كما قال عز وجل (( ويسلموا تسليما )) ، وبهذا القدر كفاية ، تعليقا على هذا الحديث وبيان أن لا مستند ، لأهل البدع على هذا الحديث في تحسين بدعهم ، والحمد لله رب العالمين .
السائل : جزاك الله خيرا
الشيخ : قول الرسول السابق ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) وهي سنة إحياء العقيقة ، أريد أن أتكلم بكلمة حول العقيقة ، لأنها فهمت فيما يبدو خطأ من بعض جوانبها ، ولريثما يجتمع الجمع ، فلا بأس إنه إذا كان هناك عند بعض إخواننا الحاضرين الآن ان يوجه هذه الأسئلة فنجيب عليها باختصار ، ثم نشرع إن شاء الله في إلقاء كلمة ولو موجزة حول بعض الأحكام المتعلقة بالعقيقة . تفضل
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 208
- توقيت الفهرسة : 00:04:40
- نسخة مدققة إملائيًّا