ما حكم مَن يشكُّ في بعض أحاديث السنة وفي حجِّيَّتها بسبب الاختلاف فيها ؟
A-
A=
A+
الشيخ : فلا أدري إذا كان السَّائل في الحقيقة أحسن التعبير عن الشبهة ؛ ولذلك فأنا أتكلَّم في حدود ما قرأت وما سمعت .
ما دام أنُّو السَّائل يقول : إنهم يشكُّون في بعض الأحاديث ؛ فإذًا هو جَعَلَ - ولو على سبيل الحكاية عن غيره - جَعَلَ الأحاديث عن هذا البعض قسمين : قسم مشكوك في صحته عندهم ، وقسم غير مشكوك في صحته عندهم ؛ تُرى ما الذي جَعَلَهم لا يشكون في القسم الأول ؟ ثم ما الذي حَمَلَهم على أن يشكوا في القسم الآخر ؟ فإن كان الحامل لهم على عدم الشَّكِّ في القسم الأول هو علم الحديث بأصوله وجَرْحه وتعديله ؛ فنحن حين ذاك نتحاكم إلى هذا العلم في القسم الثاني الذي شكُّوا فيه ، وإن كان إنما اعتقدوا بصحة القسم الأول هكذا اعتباطًا دون استناد إلى علم له وزنه وله قدره وله خدمته الطويلة المديدة ؛ فلا فرق عندنا في اعتقادهم لصحة مثل هذه الأحاديث التي صححوها بأهوائهم ليس بعلم الحديث ، وبين تلك الأحاديث التي ردُّوها لأنهم - أيضًا - إنما ردُّوها باتِّباع لأهوائهم ؛ فإذًا البعض هذا إما أن يعتقد معنا بحجية الحديث مطلقًا كما سمعتم في المحاضرة في الأحكام وفي العقائد ، وإما أن يلتحق بطائفة من الطائفتين الأولَيَيْن القرآنيون زعموا ، الذين يصرِّحون بإنكار الحديث مطلقًا ، وبأن الدين الإسلامي زعموا إنما هو القرآن فقط ، وإما أن يلتحقوا بالفئة الثانية وهي أخت الأولى وهم الطائفة " القاديانية " مع الفارق اللفظي والسياسي الذي يلجأ أو تلجأ إليه هذه الطائفة دون الأولى كما سمعتم ؛ فَهُم يقولون : نأخذ بالكتاب والسنة ، والسنة المعيار في معرفة صحيحها من سقيمها هو ما وافق الكتاب فهو صحيح ، وما لم يوافِقْه فهو صحيح ؛ إذًا هدموا علم الحديث من أوله إلى آخره .
وأريد أن أذكِّر هنا بهذه المناسبة بأمر هام جدًّا ؛ هناك أمور تتعلق بالشريعة وتتعلق بحياة الرسول وحياة الصحابة ، بل وحياة كل أمة تدخل في قسم يمكن أن يُقال عنها : ليست موافقة للكتاب ولا مخالفة للكتاب ، هذا القسم ما السبيل لمعرفته أَكَان أم لم يكن ؟ القرآن لم يتعرَّض له لا سلبًا ولا إيجابًا ، لا نفيًا ولا إثباتًا ، مثلًا مَثَل بسيط جدًّا ، رسول الله عاش ثلاثًا وستين سنة ؛ هل هذا الحديث موافق للقرآن ؟ ... تعرفون أنه ينبغي أن يكون هذا المعنى موجود في القرآن ، ليس يقال في مثل هذا الحديث إنه موافق للقرآن ، كذلك لو قال : إنه مخالف للقرآن لِمَا ذكرته آنفًا : إن القرآن لم يتعرَّض لهذه الجزئية إطلاقًا ، وهكذا عشرات الأحاديث بل مئات وألوف الأحاديث تتعلَّق في صلب الشريعة عقيدةً وأحكامًا ، لا يُمكن أن يُقال فيها : إنها توافق القرآن ، ولا إنها تتعلق بالقرآن ؛ ولذلك فالمسلم المتفقِّه في الكتاب وفي السنة الصحيحة يجد نفسه مضطرًّا إلى أن يؤمن بأن هناك شيئًا آخر سوى القرآن ، ويكفي بعض الآيات التي سمعتموها في المحاضرة والأحاديث حتى لا ... للتكرار .
إذًا ما هو السبيل لمعرفة هذا الشيء الآخر الذي يشعر به كلُّ باحث ؟ يعني الآن سيرة الرسول - عليه السلام - من أين نأخذها ؟ تفاصيل الغزوات والسرايا وما شابه ذلك مِن أين تؤخذ ؟ القرآن أوَّلًا لم يتعرَّض إلا لبعض الغزوات ، ثم تعرَّض إلى ما تعرَّض لها بشيء من الإيجاز الكثير وهناك في الغزوات شرعت أحكام كثيرة تتعلق بالنَّفَل وبالمغانم وبنحو ذلك ، من أين تُعرف هذه الأمور كلها ؟ هو من طريق السنة .
ما السبيل إلى التعرُّف على هذه السنة ؟ ليس عندنا طريق بإجماع المسلمين إلا طريق علماء الحديث .
حينما نقول لهذا السَّائل نسأل كلَّ شاكٍّ في أيِّ حديث : ما الذي حَمَلَك على الشك ؟ فإن كان الشك نابعًا من عدم إيمانه بالحديث أصلًا فقد سمعتم الرَّدَّ عليه بما لا رَدَّ عليه ، وإن كان الشك من كل إنسان في أيِّ حديث نابعًا لِجهله بعلم الحديث فالجواب كالفقه تمامًا ، (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، وإن كان الشك حاصل بأنه ما هَضَمَ المعنى الذي تضمَّنه الحديث نظرًا لثقافته ، نظرًا لجهالته ، نظرًا نظرًا إلى آخر ما هنالك من أمور أخرى كالعواطف والبيئة وتأثيرها وما شابه ذلك .
فحينئذٍ نقول : لكل سؤال جواب ؛ أي : كل حديث يشك فيه أيُّ إنسان فنحن مستعدُّون بفضل الله أن نبحث معه حتى نقضِيَ على مشكلته ، وفي كثير من الأحيان يكون الحديث من ما يقال في لغة العامي : " هذا المجلس لا يستحقُّ هذا العزاء " ؛ يعني يكون حديثًا ضعيفًا أو موضوعًا ؛ فحينئذٍ نُريحه ونريح أنفسنا معه ، لكن في كثير من الأحيان يكون الحديث صحيحًا ، لكن هذا الحديث الصحيح يجب أن يُفهم - أيضًا - فهمًا صحيحًا كالنَّصِّ القرآني تمامًا .
وهنا سؤال أريد أن أجيبَ عنه في الطريق يعني في الإجابة عن هذا السؤال الأول ، سؤال آخر أنُّو يسأل السَّائل أنُّو في بعض الأحاديث أنُّو العلماء اختلفوا فيها ، أو أنُّو ما أحاط الناس بها فنحن نجيب ، القرآن مع أنه محفوظ من حيث الرواية بين الدفَّتين لكن يقع فيه أحيانًا اختلاف في فهم بعض النصوص ، فالفهم الصحيح نقطع أنه موجود في هذه الأمة ، هذا الفهم الصحيح ليس ضائعًا ، لكن ليس موجودًا مع كل إنسان حتى العلماء فضلًا عن غيرهم ، الفهم الصحيح لآية ما مما اختلف فيه الناس هو لا بد أنه موجود في طائفة من هذه الأمة ، وليس ضروريًّا أن يكون محفوظًا معروفًا عند كلِّ فرد من أفراد هذه الأمة في كل زمن مضى أو يأتي ، كذلك الأحاديث هكذا ، فالأحاديث التي نطق بها الرسول - عليه السلام - هي محفوظة - أيضًا - عند الأمة ، لكن ليس عند كل فرد من أفراد الأمة .
أعود لأقول : أنه يجب أن تُفهم الآية فهمًا صحيحًا ؛ كذلك أحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب أن تُفهم فهمًا صحيحًا ، وحين ذاك يطيح الإشكال ويظهر في الحديث المعنى الصحيح والزُّلال .
مثلًا جاء في سؤال السَّائل هناك القسمين عن حديث السحر ، توهَّم هو أن حديث السحر له علاقة ببحث حديث الآحاد ، ولا علاقة له إطلاقًا ؛ لأن بحثنا كان العقيدة ؛ يعني الأمر الغيبي الذي أخبر الله به مما كان ومما سيكون ، إذا جاءك في حديث آحاد صحيح يجب التصريح به والإيمان به ، أما قضية سحر الرسول - عليه السلام - هذه قضية تاريخية مثل جرح الرسول - عليه السلام - ؛ جُرِح ... ولَّا لا ؟ جُرِح ، وهذا معروف في السيرة ، هذا له علاقة بالعقيدة ؟ ما له علاقة بالعقيدة ، فالذين يفرِّقون بين حديث الآحاد وحديث التواتر في العقيدة لا يفرِّقون في حديث يتعلق بشخص الرسول جُرِح ولَّا ما جُرِح ؟ ... الحديث بذلك أخذوا به . كذلك حديث سحر الرسول ليس له علاقة بحديث الآحاد المتعلق بالعقيدة ، ولذا نقول : حديث سحر الرسول يُسيء فهمَه كثير من الناس ، فيداخله الإشكال بطبيعة الحال ، وحينئذٍ لا يجوز لهذا الإنسان أن يستسلمَ لِشُبهته أو إشكاله ، بل عليه أن يحقِّق دائمًا وأبدًا قول ربه في كتابه : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) .
لا أريد الآن أن أدخل في حديث الآحاد أو في حديث السحر ؛ لأني تكلَّمت عنه أكثر من مرة ، لكن أقول باختصار : هو حديث يتعلق بجسد الرسول وأنه أصابَه الوهن وأصابه الضعف في جسده ؛ ليس في عقله وليس في فكره أبدًا ؛ ولذلك فكونه ضعف ومرض هذا ليس فيه إشكال ، لكن الإشكال أن نتصوَّر أن الرسول - عليه السلام - غاب عن رشده أيامًا بل شهورًا ؛ فهو يتكلم ولا يدري ولا يعي ولا يفهم ، هذا مستحيل بالنسبة إليه - عليه الصلاة والسلام - ، لكن أنه يمرض فنَعَم ، وهذا الذي تضمَّنه حديث سحر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
أما كون غير واثقين ببعض الأحاديث فأنا علَّقت على كلمة البعض ، ليش واثقين ببعض مو واثقين ببعض ؟ ما دام الإشكال عم يقولوا أنُّو الحديث إنما جُمع بعد الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ فإذًا لازم ما يصير عندهم ثقة في حديث ما إطلاقًا ، ويكفيكم برهانًا على خطأ بل ضلال هذا الزعم - أي : عدم الثقة - أنه حين ذاك لا يبقى بين أيدي المسلمين شيء يصِلُهم بتاريخهم الأمجد الزاهر مطلقًا ؛ لأن أيَّ إنسان إذا ... إشكالًا وشبهات كثيرة على حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو الذي أُمِرَ به أن يُبيِّن كتاب ربه : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ )) أنت يا رسول الله (( لِتُبَيِّنَ )) بكلامك للناس (( مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) إذا شكُّوا في هذا البيان ؛ أي : في حديث الرسول - عليه السلام - ؛ فإذًا سوف يتسرَّب الشك من باب أولى في كل تاريخ الرسول ، في كل حياة الصحابة ، في كل الحروب ، في كل التاريخ لا يبقى لدينا شيء إطلاقًا ؛ مع العلم أن أهل العلم بالتاريخ الإسلامي من كفار من المستشرقين ويكفي شهادة مِن إيش ؟ من العدو ، شو بيقول المثل ؟
السائل : " والفضل " .
الشيخ : " والفضل ما شهدَتْ به الأعداء " .
فهؤلاء يقولون : لا يوجد على وجه الأرض تاريخ أصح من تاريخ المسلمين ، تاريخ المسلمين لا يوجد أصح مثله ؛ فما بالكم بتاريخ الرسول - عليه السلام - وسيرته بصورة خاصَّة ، وهي تشمل أول ما تشمل بيانه - عليه الصلاة والسلام - للقرآن الكريم ؟! فإذًا هذا الشك معناه كما قلت سابقًا أن يرجع هؤلاء الشاكون إلى الطائفة الأولى أو الثانية ، أما أن يعتقدوا لا أن يقولوا : لا ، نحن نعتقد الحديث وضرورة الحديث ؛ لأنه لا يمكن الاستغناء عنه ، وإلا جاء الناس بأديان جديدة باسم الإسلام ؛ حينئذٍ نلفت نظره إلى شيء سبق وأُلمِحَ إليه تلميحًا بسيطًا ؛ وهو طريق معرفة الحديث هو علماء الحديث .
ما دام أنُّو السَّائل يقول : إنهم يشكُّون في بعض الأحاديث ؛ فإذًا هو جَعَلَ - ولو على سبيل الحكاية عن غيره - جَعَلَ الأحاديث عن هذا البعض قسمين : قسم مشكوك في صحته عندهم ، وقسم غير مشكوك في صحته عندهم ؛ تُرى ما الذي جَعَلَهم لا يشكون في القسم الأول ؟ ثم ما الذي حَمَلَهم على أن يشكوا في القسم الآخر ؟ فإن كان الحامل لهم على عدم الشَّكِّ في القسم الأول هو علم الحديث بأصوله وجَرْحه وتعديله ؛ فنحن حين ذاك نتحاكم إلى هذا العلم في القسم الثاني الذي شكُّوا فيه ، وإن كان إنما اعتقدوا بصحة القسم الأول هكذا اعتباطًا دون استناد إلى علم له وزنه وله قدره وله خدمته الطويلة المديدة ؛ فلا فرق عندنا في اعتقادهم لصحة مثل هذه الأحاديث التي صححوها بأهوائهم ليس بعلم الحديث ، وبين تلك الأحاديث التي ردُّوها لأنهم - أيضًا - إنما ردُّوها باتِّباع لأهوائهم ؛ فإذًا البعض هذا إما أن يعتقد معنا بحجية الحديث مطلقًا كما سمعتم في المحاضرة في الأحكام وفي العقائد ، وإما أن يلتحق بطائفة من الطائفتين الأولَيَيْن القرآنيون زعموا ، الذين يصرِّحون بإنكار الحديث مطلقًا ، وبأن الدين الإسلامي زعموا إنما هو القرآن فقط ، وإما أن يلتحقوا بالفئة الثانية وهي أخت الأولى وهم الطائفة " القاديانية " مع الفارق اللفظي والسياسي الذي يلجأ أو تلجأ إليه هذه الطائفة دون الأولى كما سمعتم ؛ فَهُم يقولون : نأخذ بالكتاب والسنة ، والسنة المعيار في معرفة صحيحها من سقيمها هو ما وافق الكتاب فهو صحيح ، وما لم يوافِقْه فهو صحيح ؛ إذًا هدموا علم الحديث من أوله إلى آخره .
وأريد أن أذكِّر هنا بهذه المناسبة بأمر هام جدًّا ؛ هناك أمور تتعلق بالشريعة وتتعلق بحياة الرسول وحياة الصحابة ، بل وحياة كل أمة تدخل في قسم يمكن أن يُقال عنها : ليست موافقة للكتاب ولا مخالفة للكتاب ، هذا القسم ما السبيل لمعرفته أَكَان أم لم يكن ؟ القرآن لم يتعرَّض له لا سلبًا ولا إيجابًا ، لا نفيًا ولا إثباتًا ، مثلًا مَثَل بسيط جدًّا ، رسول الله عاش ثلاثًا وستين سنة ؛ هل هذا الحديث موافق للقرآن ؟ ... تعرفون أنه ينبغي أن يكون هذا المعنى موجود في القرآن ، ليس يقال في مثل هذا الحديث إنه موافق للقرآن ، كذلك لو قال : إنه مخالف للقرآن لِمَا ذكرته آنفًا : إن القرآن لم يتعرَّض لهذه الجزئية إطلاقًا ، وهكذا عشرات الأحاديث بل مئات وألوف الأحاديث تتعلَّق في صلب الشريعة عقيدةً وأحكامًا ، لا يُمكن أن يُقال فيها : إنها توافق القرآن ، ولا إنها تتعلق بالقرآن ؛ ولذلك فالمسلم المتفقِّه في الكتاب وفي السنة الصحيحة يجد نفسه مضطرًّا إلى أن يؤمن بأن هناك شيئًا آخر سوى القرآن ، ويكفي بعض الآيات التي سمعتموها في المحاضرة والأحاديث حتى لا ... للتكرار .
إذًا ما هو السبيل لمعرفة هذا الشيء الآخر الذي يشعر به كلُّ باحث ؟ يعني الآن سيرة الرسول - عليه السلام - من أين نأخذها ؟ تفاصيل الغزوات والسرايا وما شابه ذلك مِن أين تؤخذ ؟ القرآن أوَّلًا لم يتعرَّض إلا لبعض الغزوات ، ثم تعرَّض إلى ما تعرَّض لها بشيء من الإيجاز الكثير وهناك في الغزوات شرعت أحكام كثيرة تتعلق بالنَّفَل وبالمغانم وبنحو ذلك ، من أين تُعرف هذه الأمور كلها ؟ هو من طريق السنة .
ما السبيل إلى التعرُّف على هذه السنة ؟ ليس عندنا طريق بإجماع المسلمين إلا طريق علماء الحديث .
حينما نقول لهذا السَّائل نسأل كلَّ شاكٍّ في أيِّ حديث : ما الذي حَمَلَك على الشك ؟ فإن كان الشك نابعًا من عدم إيمانه بالحديث أصلًا فقد سمعتم الرَّدَّ عليه بما لا رَدَّ عليه ، وإن كان الشك من كل إنسان في أيِّ حديث نابعًا لِجهله بعلم الحديث فالجواب كالفقه تمامًا ، (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، وإن كان الشك حاصل بأنه ما هَضَمَ المعنى الذي تضمَّنه الحديث نظرًا لثقافته ، نظرًا لجهالته ، نظرًا نظرًا إلى آخر ما هنالك من أمور أخرى كالعواطف والبيئة وتأثيرها وما شابه ذلك .
فحينئذٍ نقول : لكل سؤال جواب ؛ أي : كل حديث يشك فيه أيُّ إنسان فنحن مستعدُّون بفضل الله أن نبحث معه حتى نقضِيَ على مشكلته ، وفي كثير من الأحيان يكون الحديث من ما يقال في لغة العامي : " هذا المجلس لا يستحقُّ هذا العزاء " ؛ يعني يكون حديثًا ضعيفًا أو موضوعًا ؛ فحينئذٍ نُريحه ونريح أنفسنا معه ، لكن في كثير من الأحيان يكون الحديث صحيحًا ، لكن هذا الحديث الصحيح يجب أن يُفهم - أيضًا - فهمًا صحيحًا كالنَّصِّ القرآني تمامًا .
وهنا سؤال أريد أن أجيبَ عنه في الطريق يعني في الإجابة عن هذا السؤال الأول ، سؤال آخر أنُّو يسأل السَّائل أنُّو في بعض الأحاديث أنُّو العلماء اختلفوا فيها ، أو أنُّو ما أحاط الناس بها فنحن نجيب ، القرآن مع أنه محفوظ من حيث الرواية بين الدفَّتين لكن يقع فيه أحيانًا اختلاف في فهم بعض النصوص ، فالفهم الصحيح نقطع أنه موجود في هذه الأمة ، هذا الفهم الصحيح ليس ضائعًا ، لكن ليس موجودًا مع كل إنسان حتى العلماء فضلًا عن غيرهم ، الفهم الصحيح لآية ما مما اختلف فيه الناس هو لا بد أنه موجود في طائفة من هذه الأمة ، وليس ضروريًّا أن يكون محفوظًا معروفًا عند كلِّ فرد من أفراد هذه الأمة في كل زمن مضى أو يأتي ، كذلك الأحاديث هكذا ، فالأحاديث التي نطق بها الرسول - عليه السلام - هي محفوظة - أيضًا - عند الأمة ، لكن ليس عند كل فرد من أفراد الأمة .
أعود لأقول : أنه يجب أن تُفهم الآية فهمًا صحيحًا ؛ كذلك أحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب أن تُفهم فهمًا صحيحًا ، وحين ذاك يطيح الإشكال ويظهر في الحديث المعنى الصحيح والزُّلال .
مثلًا جاء في سؤال السَّائل هناك القسمين عن حديث السحر ، توهَّم هو أن حديث السحر له علاقة ببحث حديث الآحاد ، ولا علاقة له إطلاقًا ؛ لأن بحثنا كان العقيدة ؛ يعني الأمر الغيبي الذي أخبر الله به مما كان ومما سيكون ، إذا جاءك في حديث آحاد صحيح يجب التصريح به والإيمان به ، أما قضية سحر الرسول - عليه السلام - هذه قضية تاريخية مثل جرح الرسول - عليه السلام - ؛ جُرِح ... ولَّا لا ؟ جُرِح ، وهذا معروف في السيرة ، هذا له علاقة بالعقيدة ؟ ما له علاقة بالعقيدة ، فالذين يفرِّقون بين حديث الآحاد وحديث التواتر في العقيدة لا يفرِّقون في حديث يتعلق بشخص الرسول جُرِح ولَّا ما جُرِح ؟ ... الحديث بذلك أخذوا به . كذلك حديث سحر الرسول ليس له علاقة بحديث الآحاد المتعلق بالعقيدة ، ولذا نقول : حديث سحر الرسول يُسيء فهمَه كثير من الناس ، فيداخله الإشكال بطبيعة الحال ، وحينئذٍ لا يجوز لهذا الإنسان أن يستسلمَ لِشُبهته أو إشكاله ، بل عليه أن يحقِّق دائمًا وأبدًا قول ربه في كتابه : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) .
لا أريد الآن أن أدخل في حديث الآحاد أو في حديث السحر ؛ لأني تكلَّمت عنه أكثر من مرة ، لكن أقول باختصار : هو حديث يتعلق بجسد الرسول وأنه أصابَه الوهن وأصابه الضعف في جسده ؛ ليس في عقله وليس في فكره أبدًا ؛ ولذلك فكونه ضعف ومرض هذا ليس فيه إشكال ، لكن الإشكال أن نتصوَّر أن الرسول - عليه السلام - غاب عن رشده أيامًا بل شهورًا ؛ فهو يتكلم ولا يدري ولا يعي ولا يفهم ، هذا مستحيل بالنسبة إليه - عليه الصلاة والسلام - ، لكن أنه يمرض فنَعَم ، وهذا الذي تضمَّنه حديث سحر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
أما كون غير واثقين ببعض الأحاديث فأنا علَّقت على كلمة البعض ، ليش واثقين ببعض مو واثقين ببعض ؟ ما دام الإشكال عم يقولوا أنُّو الحديث إنما جُمع بعد الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ فإذًا لازم ما يصير عندهم ثقة في حديث ما إطلاقًا ، ويكفيكم برهانًا على خطأ بل ضلال هذا الزعم - أي : عدم الثقة - أنه حين ذاك لا يبقى بين أيدي المسلمين شيء يصِلُهم بتاريخهم الأمجد الزاهر مطلقًا ؛ لأن أيَّ إنسان إذا ... إشكالًا وشبهات كثيرة على حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو الذي أُمِرَ به أن يُبيِّن كتاب ربه : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ )) أنت يا رسول الله (( لِتُبَيِّنَ )) بكلامك للناس (( مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) إذا شكُّوا في هذا البيان ؛ أي : في حديث الرسول - عليه السلام - ؛ فإذًا سوف يتسرَّب الشك من باب أولى في كل تاريخ الرسول ، في كل حياة الصحابة ، في كل الحروب ، في كل التاريخ لا يبقى لدينا شيء إطلاقًا ؛ مع العلم أن أهل العلم بالتاريخ الإسلامي من كفار من المستشرقين ويكفي شهادة مِن إيش ؟ من العدو ، شو بيقول المثل ؟
السائل : " والفضل " .
الشيخ : " والفضل ما شهدَتْ به الأعداء " .
فهؤلاء يقولون : لا يوجد على وجه الأرض تاريخ أصح من تاريخ المسلمين ، تاريخ المسلمين لا يوجد أصح مثله ؛ فما بالكم بتاريخ الرسول - عليه السلام - وسيرته بصورة خاصَّة ، وهي تشمل أول ما تشمل بيانه - عليه الصلاة والسلام - للقرآن الكريم ؟! فإذًا هذا الشك معناه كما قلت سابقًا أن يرجع هؤلاء الشاكون إلى الطائفة الأولى أو الثانية ، أما أن يعتقدوا لا أن يقولوا : لا ، نحن نعتقد الحديث وضرورة الحديث ؛ لأنه لا يمكن الاستغناء عنه ، وإلا جاء الناس بأديان جديدة باسم الإسلام ؛ حينئذٍ نلفت نظره إلى شيء سبق وأُلمِحَ إليه تلميحًا بسيطًا ؛ وهو طريق معرفة الحديث هو علماء الحديث .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 291
- توقيت الفهرسة : 00:00:03
- نسخة مدققة إملائيًّا