كلام الشيخ على بعض الأحزاب الذين أرسلوا وفدًا إلى القذافي لمناقشته في مسألة الأخذ بالقرآن فقط ورفض السنة ، وتعليق على بيانهم الصادر بعد المناقشة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلام الشيخ على بعض الأحزاب الذين أرسلوا وفدًا إلى القذافي لمناقشته في مسألة الأخذ بالقرآن فقط ورفض السنة ، وتعليق على بيانهم الصادر بعد المناقشة .
A-
A=
A+
الشيخ : نأتي الآن إلى جماعة أخرى ؛ فقد وقفْتُ أو بَلَغَني أن حزبًا إسلاميًّا أرسلوا وفدًا إلى " القذافي " لمناظرته في هذه القنبلة الفظيعة التي ألقاها في المجتمع الإسلامي حينما ادَّعى أن الإسلام هو القرآن وحده ، وأن السنة لا نقيم لها وزنًا ؛ لأنه دَخَلَ فيها ما ليس فيها ، واختلط الحابل بالنابل ، والصحيح بالسقيم ، ونحو ذلك .

ذهبوا لِيُقيموا الحجة عليه بأن الإسلام ليس قرآنًا فقط ، وإنما قرآن وسنة ، وهذا بلا شك هي دعوتنا كما تعلمون جميعًا ، ولكن ماذا كان نتيجة هذه المناقشة ؟ الذي يبدو أن النشرة التي أَشَرْنا إليها لم تتحدَّث مطلقًا عن المناقشة التي جَرَت بين " القذافي " وبينهم ، وإنما بعد ما انصرفوا من عنده أرسلوا إليه كعادتهم بيانًا ؛ نشرة ، في هذا البيان يقولون كلمة الحق السابقة أنَّ الإسلام كتاب وسنة ، لكن انظر الآن ماذا يفعل الانحراف عن منهج السلف الصالح في جانب آخر ؛ إنهم ذكروا في هذه النشرة وقد أرسلوها لـ " القذافي " الذي هو رفض السنة كلية جذريًّا ، قالوا أن السنة قسمين أو قسمان ، قسم متواتر وقسم آحاد ، قسم الآحاد ليس بحجَّة في العقيدة ، وإنما هو حجة فقط في الأحكام الشرعية ؛ هذا باب يقدِّمونه لقمة سائغة للقذافي أنُّو يشكّ بالسنة كلها ؛ لأنُّو هذه الفلسفة لا يقبلها هذا الإنسان وقد ابتعد عن السنة مطلقًا ، نحن لا نقبل هذه الفلسفة ، وقد بيَّنَّا وجهة نظرنا في ذلك ، لماذا تردُّون حديث الآحاد في الأحكام ؟ وكل حكم .

السائل : في العقيدة .

الشيخ : في العقيدة .

لماذا تردُّون حديث الأحاد في العقيدة ؟ وكل حكم شرعي الذي تُوجبون الأخذ فيه بحديث الآحاد فيه عقيدة أيضًا ؛ كل حكم شرعي يتضمَّن عقيدة ؛ فإذًا نتيجة هذا التفريق إما أن ترفضوا السنة كلها وإما أن تقبلوها كلها بدون هذا التفريق .

ردَدْتُم حديث الآحاد في العقيدة لأنُّو العقيدة لا تُبنى على الظن زعموا ، وإنما على اليقين ، طيب ؛ ردُّوا إذًا هذه السنة سنة الآحاد في الأحكام - أيضًا - ؛ لأنُّو كل حكم يتضمَّن عقيدة ، وهذا ما أظن فيه خفاء ، لما تقول : هذا حرَّمه الله ؛ أليس تقول على الله بأن الله حرَّم ؟ فأنت تعتقد أن الله حرَّم هذا ، وفرض هذا ، وأباح هذا ، هذه كلها عقائد ؛ لذلك هالفلسفة التي هم دانوا بها واتَّبعوا في ذلك أهل الاعتزال قديمًا وحديثًا لم تساعِدْهم أبدًا ولن تساعدهم مطلقًا على إقامة الحجة على إنسان رَفَضَ السنة مطلقًا ، بل نقول : " مِن ثمارهم تعرفونهم " ، نحن نقول : مِن ثمرة هذا التفريق بين سنة الآحاد وسنة التواتر أن تُثمر هذه الثمرة المرة ؛ أن يعلن هذا الإنسان على الإسلام أن السنة لا نتبنَّاها ؛ القرآن وبس ، ومعنى هذا هدم الإسلام من أصله ؛ ولا سيَّما وقد سُبق القذافي بجماعة منذ أربعين سنة أعرف منهم بعضهم في حلب ، وأصلُهم في مصر ، وهم تأثَّروا بدعاية من الهند منبع الكثير من الفتن يُسمَّون هؤلاء بـ " القرآنيين " ، أظن منذ سنتين زارني شخص هنا مصري يحفظ القرآن ع الغيب من هؤلاء القرآنيين لا يتعرَّف على السنة إطلاقًا ، فتجادلنا معه قليلًا ثم ولَّى ولم يَعُدْ .

الشاهد : فهؤلاء ذهبوا لإقامة الحجة على إنسان وهم محجوجون في أنفسهم ، هذه نقطة وعظة .

النقطة الأخيرة وهذا ... الاتجاه الذي ذهب الكاتب ... هذا المقال ؛ أخيرًا : في النشرة المشار إليها طلبوا من القذافي أن يسلِّمَهم الحكم ، تُرى لو سلَّمَهم الحكم ماذا يفعلون ؟ الشعب غير مثقَّف ، غير مربَّى تربية إسلامية ، ويمكن الشعب هذا متأخِّر كثيرًا عن بعض الشعوب الإسلامية كالشعب السوري مثله ؛ فلو فرضنا أنُّو هذا يعني ركب المستحيل وسلَّمهم الحكم ؛ ماذا يستطيعون أن يفعلوا ؟ لا شيء !

ماذا يدل على هذا ؟ هذا يدل أنُّو منهج هؤلاء الذين يطلبون الحكم من إنسان يحكم بغير ما أنزل الله لا يتبنَّون الخطوة الأولى التي دعا إليها هذا الكاتب ؛ وهو أن نحقِّق المجتمع الإسلامي في حياتنا ، في معاملاتنا . في أسرنا ، في في إلى آخره ؛ لأنُّو هذا في الواقع يهيِّئ فعلًا ؛ يهيِّئ الجو للحاكم فيما إذا أراد أن يطبِّق حكمًا إسلاميًّا .

أنا أقول - مثلًا - : لو تبنَّى ناس الحكم بالإسلام ، وصدرت الأوامر تباعًا : ممنوع خروج المرأة متبرِّجة ، ممنوع دخول السينمايات ، ممنوع كذا وكذا ، من هم الأفراد الذين سيطبِّقون هذه القوانين ؟ هم الذين رُبُّوا في الأصل على الإسلام ، أما خُذْ القانون الإسلامي وروح طبقوا في أوربا طفرة واحدة ؛ هذا فعلًا مستحيل ، لكن يجب تهيئة الجوِّ لهذا ، لكن ليس كما يقول صاحبنا هنا تهيئة الجو بالمئة مئة ؛ هذا أمر مستحيل ، فما أمكن تطبيقه من الأحكام الشرعية نرضى به ولا ننتظر أبدًا ، هذا مكسب ومغنم ، لكن هذا لا يحملنا كما فعل هؤلاء ويفعلون ولا يزالون أنُّو لا يمكن إصلاح المجتمع إلا بإقامة الدولة المسلمة . طيب ؛ الدولة المسلمة مَن يقيمها ؟ أَمُسلمون حقيقيون أم مسلمون جغرافيون ؟

هذه عبرة وذكرى ، والذِّكرى تنفع المسلمين ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة