هل من علامات صحة الحديث موافقته للقرآن الكريم .؟
A-
A=
A+
السائل : وهو بعض الناس يقولون إن من مقاييس صحة الحديث وبخاصة أولئك الذين ليس عندهم من علم الحديث شيء ولم يذوقوا حلاوته ولم يعرفوا طعمه فيقولون بأن الحديث من علامات صحته موافقته للقرآن الكريم في أي موضوع ؛ فإذا لم يوافق صريح القرآن في الشيء الذي عزي أو قيل الحديث فيه فإن الحديث عندئذ لا يكون صحيحا ؛ فالإجابة أيضا هي تتمة للإجابة عن السؤال الأول بارك الله فيك .
الشيخ : الحقيقة أن هذه الكلمة التي حكاها الأستاذ أبو مالك هي معروفة ويدندن حولها الكثير ممن يزعمون أو يزعم فيهم أنهم من الدعاة إلى الإسلام ، وهذا المعنى مع بطلانه قد جاء ذكره في بعض الأحاديث التي لا تصح أسانيدها بإجماع علماء الحديث مثل الحديث الذي يقول : ( إذا جاءكم الحديث عني فأعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فقد قلته وما لم يوافق فلم أقله ) مثل هذا الحديث قد نص بعض العلماء المتقدمين مثل علي بن المديني وهو من كبار شيوخ الإمام البخاري ومثل ابن عبد البر الحافظ الأندلسي على أنه وضح الزنادقة ؛ ومن الطرائف أن بعض العلماء الأذكياء ، قلنا مع كونه هذا الحديث لا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد عرضناه على كتاب الله فوجدناه يأمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في مثل قوله : (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) فعرضنا هذا الحديث على كتاب الله فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول كما في الآية الأخرى (( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ )) إذن نحن أسعد الناس بالعمل بهذا الحديث على أنه حديث غير صحيح ؛ ولبسط الكلام في هذه المسألة كما رغب الأستاذ أبو مالك جزاه الله خيرا نقول إن كان المقصود من هذا الحديث الذي لا يصح إسناده أولا ، إن كان المقصود من موافقة الحديث لكتاب الله هو أن يكون مضمونه موجودا صراحة في القرآن الكريم فحينئذ لسنا بحاجة إلى الحديث سواء كان صحيحا أو غير صحيح ؛ لكن إن كان المقصود أن أي حديث يتضمن حكما لا نجده في كتاب الله عز وجل وإنما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهنا حينئذ الموافقة غير مشروطة لما ذكرنا آنفا من أن الله عز وجل قد أمرنا بطاعة الرسول كما أمرنا بطاعته وباتباعه عليه السلام كما أمرنا باتباع كتابه ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جدا ؛ فإذن لسنا مكلفين بعرض الحديث على الكتاب لأن القرآن الكريم قد صرح فيه بقوله : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فلا شك أن بيان الرسول عليه السلام وإن كان لا يخالف القرآن فهو لا يوافقه بالمعنى الذي ذكرناه أولا ، وإلا استغنينا عن الحديث ؛ ولكن حسبنا أن بيان الرسول عليه السلام لا يخالف القرآن لأنه مكلف ببيانه ، فقوله عز وجل : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) يدخل فيه مبادئ وأصول علمية صحيحة متفق عليها بين علماء المسلمين ؛ فللرسول صلى الله عليه وسلم أو بمعنى أدق لحديثه أن يخصص عموم القرآن وأن يقيد مطلقه وأن يبين مجمله ، كل هذا داخل في باب قوله : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) ولذلك فهؤلاء الناس الذين يتمسكون بهذا الحديث الباطل إسناده والذي سمعتم بعض شهادة كبار الحفاظ أنه من وضع الزنادقة الذين يتمسكون بهذا الحديث ، إن كانوا يعنون ما يقولون ففي الواقع أنهم ليسوا من المسلمين إنهم قد خرجوا من دائرة الإسلام ، وأنا أعرف أن الكثيرين منهم لايزالون معنا في دائرة الإسلام ؛ ولكنهم من الضالين لا شك ولا ريب في ذلك ، وأقل ما يدل على ضلالهم أنهم في بعض الأمور يقيدون نصوصا من الكتاب والسنة بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا مناص لهم من ذلك وإلا خرجوا من دائرة الإسلام ، وفي أحاديث أخرى يقولون نحن نتحاكم إلى القرآن مثلا كثيرا من الناس اليوم لا يأخذون بالأحاديث التي تحرم الموسيقي وآلات الطرب بعامتها ، لماذا ؟ قالوا لا نجد نصا في القرآن الكريم ، أو يتسترون بعبارة طالما قرأناها في بعض الكتابات وهي أنه لا يوجد نص قاطع هكذا ، لا يوجد نص قاطع في تحريم مثلا آلات الطرب ، وهم يعلمون جيدا من كتب علماء الأصول أن الأحكام الشرعية لا يشترط فيها مثل هذا النص الموصوف بأنه نص قاطع ؛ لأنهم جميعا أعني علماء الأصول لا خلاف بينهم بين مذهب وآخر يعتقدون أنه يكفي في الأحكام الشرعية النص الذي يغلب الظن عند العلماء وليس عند الجهال ، يغلب على الظن إما ثبوته بطريق الظن الراجح ، وإما دلالته بطريق الدلالة الراجحة ، يكفي مثل هذا النص أن يثبت حكما شرعيا سواء كان فرضا أو كان سنة أو كان تحريما أو كان تكريها أو نحو ذلك من الأحكام الشرعية ؛ فهم ليتخلصوا من الأحاديث التي وردت في تحريم آلات الطرب يردونها بقولهم لا يوجد نص قاطع مع أن النص الصريح موجود في صحيح البخاري ، ثم يتبعون ذلك بأننا لا نجد مثل هذا التحريم في القرآن الكريم ؛ هذا معناه أن الأحكام الشرعية كلها مبينة في القرآن ولا أحد يقول من المسلمين هذا الكلام وإلا عطل نص القرآن في غير ما آية ، وقد ذكرنا آنفا الآية السابقة (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) وأنا أضرب بهذه المناسبة مثلا واضحا يستطيع أقل الناس علما أن يفهم خطر هؤلاء الناس الذين يلجأون إلى الاعتماد على القرآن فقط حينما تصطدم شهواتهم وأهواؤهم مع بعض الأحاديث الصحيحة كمثل قوله تبارك وتعالى : (( حرمت عليكم الميتة والدم ... )) حرمت عليكم الميتة نص عام يدخل فيه كل ميتة ، ومن ذلك ميتة البحر ؛ فلو سئل أحد هؤلاء الناس الذين يتسترون وراء ما سمعتم من الحديث الباطل أو أنه لا يوجد نص في القرآن الكريم بتحريم الشيء الفلاني إذا سئلوا ما قولكم في السمك الميت في البحر أيجوز أكله أم لا ؟ هنا لا تراهم يركنون إلى الآية : (( حرمت عليكم الميتة )) فعلى مذهبهم وعلى طريقهم المنحرفة عن السنة عليهم أن يقولوا حرام ، لا يجوز أكل السمك الميت لأنه داخل في عموم قوله تعالى : (( حرمت عليكم الميتة )) كذلك الدم المعطوف على الميتة في التحريم لو سئلوا الكبد والطحال ما رأيكم فيه يجوز أكله ؟ ستراهم يجيبون بخلاف منهجهم لا يلجأون إلى الآية ، يقولون يجوز , لماذا ؟ لأن هناك أحاديث كثيرة في إباحة ميتة السمك ، وبعض الأحاديث في إباحة الكبد والطحال ، ومن أصرحها قوله عليه السلام : ( أحلت لنا ميتتان ودمان الحوت والجراد والكبد والطحال ) إذن ما موقف علماء المسلمين قديما وحديثا بالنسبة لهذه الآية التي تحرم بعمومها وشمولها كل ميتة ما موقفهم بالنسبة للحيتان الكبيرة التي ترميها الأمواج على ساحل البحار ثم تموت هل يجوز أكلها ؟ كلهم قديما وحديثا دون أي استثناء يقولون هذا حلال ، ما هو الدليل ؟ هل هو القرآن ؟ لا هو البيان (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) لقد بين الرسول عليه السلام بأن هذه الآية ليست على عمومها وشمولها ؛ فإذن هذا البيان يجب التثبت به بالشرط الأساسي وهو أن يثبت على طريقة علماء الحديث وليس على طريقة أهواء الناس وأذواقهم وأزمانهم ؛ فهذا هو الحق كما قيل:
" فهذا هو الحق ما به خفاء فدعني عن بنيات الطريق "
هذا الذي نراه بالنسبة لهذه الملاحظة التي أبداها الأستاذ أبو مالك .
الشيخ : الحقيقة أن هذه الكلمة التي حكاها الأستاذ أبو مالك هي معروفة ويدندن حولها الكثير ممن يزعمون أو يزعم فيهم أنهم من الدعاة إلى الإسلام ، وهذا المعنى مع بطلانه قد جاء ذكره في بعض الأحاديث التي لا تصح أسانيدها بإجماع علماء الحديث مثل الحديث الذي يقول : ( إذا جاءكم الحديث عني فأعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فقد قلته وما لم يوافق فلم أقله ) مثل هذا الحديث قد نص بعض العلماء المتقدمين مثل علي بن المديني وهو من كبار شيوخ الإمام البخاري ومثل ابن عبد البر الحافظ الأندلسي على أنه وضح الزنادقة ؛ ومن الطرائف أن بعض العلماء الأذكياء ، قلنا مع كونه هذا الحديث لا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد عرضناه على كتاب الله فوجدناه يأمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في مثل قوله : (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) فعرضنا هذا الحديث على كتاب الله فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول كما في الآية الأخرى (( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ )) إذن نحن أسعد الناس بالعمل بهذا الحديث على أنه حديث غير صحيح ؛ ولبسط الكلام في هذه المسألة كما رغب الأستاذ أبو مالك جزاه الله خيرا نقول إن كان المقصود من هذا الحديث الذي لا يصح إسناده أولا ، إن كان المقصود من موافقة الحديث لكتاب الله هو أن يكون مضمونه موجودا صراحة في القرآن الكريم فحينئذ لسنا بحاجة إلى الحديث سواء كان صحيحا أو غير صحيح ؛ لكن إن كان المقصود أن أي حديث يتضمن حكما لا نجده في كتاب الله عز وجل وإنما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهنا حينئذ الموافقة غير مشروطة لما ذكرنا آنفا من أن الله عز وجل قد أمرنا بطاعة الرسول كما أمرنا بطاعته وباتباعه عليه السلام كما أمرنا باتباع كتابه ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جدا ؛ فإذن لسنا مكلفين بعرض الحديث على الكتاب لأن القرآن الكريم قد صرح فيه بقوله : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فلا شك أن بيان الرسول عليه السلام وإن كان لا يخالف القرآن فهو لا يوافقه بالمعنى الذي ذكرناه أولا ، وإلا استغنينا عن الحديث ؛ ولكن حسبنا أن بيان الرسول عليه السلام لا يخالف القرآن لأنه مكلف ببيانه ، فقوله عز وجل : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) يدخل فيه مبادئ وأصول علمية صحيحة متفق عليها بين علماء المسلمين ؛ فللرسول صلى الله عليه وسلم أو بمعنى أدق لحديثه أن يخصص عموم القرآن وأن يقيد مطلقه وأن يبين مجمله ، كل هذا داخل في باب قوله : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) ولذلك فهؤلاء الناس الذين يتمسكون بهذا الحديث الباطل إسناده والذي سمعتم بعض شهادة كبار الحفاظ أنه من وضع الزنادقة الذين يتمسكون بهذا الحديث ، إن كانوا يعنون ما يقولون ففي الواقع أنهم ليسوا من المسلمين إنهم قد خرجوا من دائرة الإسلام ، وأنا أعرف أن الكثيرين منهم لايزالون معنا في دائرة الإسلام ؛ ولكنهم من الضالين لا شك ولا ريب في ذلك ، وأقل ما يدل على ضلالهم أنهم في بعض الأمور يقيدون نصوصا من الكتاب والسنة بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا مناص لهم من ذلك وإلا خرجوا من دائرة الإسلام ، وفي أحاديث أخرى يقولون نحن نتحاكم إلى القرآن مثلا كثيرا من الناس اليوم لا يأخذون بالأحاديث التي تحرم الموسيقي وآلات الطرب بعامتها ، لماذا ؟ قالوا لا نجد نصا في القرآن الكريم ، أو يتسترون بعبارة طالما قرأناها في بعض الكتابات وهي أنه لا يوجد نص قاطع هكذا ، لا يوجد نص قاطع في تحريم مثلا آلات الطرب ، وهم يعلمون جيدا من كتب علماء الأصول أن الأحكام الشرعية لا يشترط فيها مثل هذا النص الموصوف بأنه نص قاطع ؛ لأنهم جميعا أعني علماء الأصول لا خلاف بينهم بين مذهب وآخر يعتقدون أنه يكفي في الأحكام الشرعية النص الذي يغلب الظن عند العلماء وليس عند الجهال ، يغلب على الظن إما ثبوته بطريق الظن الراجح ، وإما دلالته بطريق الدلالة الراجحة ، يكفي مثل هذا النص أن يثبت حكما شرعيا سواء كان فرضا أو كان سنة أو كان تحريما أو كان تكريها أو نحو ذلك من الأحكام الشرعية ؛ فهم ليتخلصوا من الأحاديث التي وردت في تحريم آلات الطرب يردونها بقولهم لا يوجد نص قاطع مع أن النص الصريح موجود في صحيح البخاري ، ثم يتبعون ذلك بأننا لا نجد مثل هذا التحريم في القرآن الكريم ؛ هذا معناه أن الأحكام الشرعية كلها مبينة في القرآن ولا أحد يقول من المسلمين هذا الكلام وإلا عطل نص القرآن في غير ما آية ، وقد ذكرنا آنفا الآية السابقة (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) وأنا أضرب بهذه المناسبة مثلا واضحا يستطيع أقل الناس علما أن يفهم خطر هؤلاء الناس الذين يلجأون إلى الاعتماد على القرآن فقط حينما تصطدم شهواتهم وأهواؤهم مع بعض الأحاديث الصحيحة كمثل قوله تبارك وتعالى : (( حرمت عليكم الميتة والدم ... )) حرمت عليكم الميتة نص عام يدخل فيه كل ميتة ، ومن ذلك ميتة البحر ؛ فلو سئل أحد هؤلاء الناس الذين يتسترون وراء ما سمعتم من الحديث الباطل أو أنه لا يوجد نص في القرآن الكريم بتحريم الشيء الفلاني إذا سئلوا ما قولكم في السمك الميت في البحر أيجوز أكله أم لا ؟ هنا لا تراهم يركنون إلى الآية : (( حرمت عليكم الميتة )) فعلى مذهبهم وعلى طريقهم المنحرفة عن السنة عليهم أن يقولوا حرام ، لا يجوز أكل السمك الميت لأنه داخل في عموم قوله تعالى : (( حرمت عليكم الميتة )) كذلك الدم المعطوف على الميتة في التحريم لو سئلوا الكبد والطحال ما رأيكم فيه يجوز أكله ؟ ستراهم يجيبون بخلاف منهجهم لا يلجأون إلى الآية ، يقولون يجوز , لماذا ؟ لأن هناك أحاديث كثيرة في إباحة ميتة السمك ، وبعض الأحاديث في إباحة الكبد والطحال ، ومن أصرحها قوله عليه السلام : ( أحلت لنا ميتتان ودمان الحوت والجراد والكبد والطحال ) إذن ما موقف علماء المسلمين قديما وحديثا بالنسبة لهذه الآية التي تحرم بعمومها وشمولها كل ميتة ما موقفهم بالنسبة للحيتان الكبيرة التي ترميها الأمواج على ساحل البحار ثم تموت هل يجوز أكلها ؟ كلهم قديما وحديثا دون أي استثناء يقولون هذا حلال ، ما هو الدليل ؟ هل هو القرآن ؟ لا هو البيان (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) لقد بين الرسول عليه السلام بأن هذه الآية ليست على عمومها وشمولها ؛ فإذن هذا البيان يجب التثبت به بالشرط الأساسي وهو أن يثبت على طريقة علماء الحديث وليس على طريقة أهواء الناس وأذواقهم وأزمانهم ؛ فهذا هو الحق كما قيل:
" فهذا هو الحق ما به خفاء فدعني عن بنيات الطريق "
هذا الذي نراه بالنسبة لهذه الملاحظة التي أبداها الأستاذ أبو مالك .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 315
- توقيت الفهرسة : 00:43:38
- نسخة مدققة إملائيًّا