تتمَّة ما سبق حول الكلام في حجية الحديث المرسل .
A-
A=
A+
الشيخ : ... لأن الصحابة كلهم عدول ، ولهذا - أي : لكون الصحابة كلهم عدول - يحتج علماء الحديث بقول التابعي : حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، هذا رجل مجهول ، لكن لما وصفه أنه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ضرَّت الجهالة ؛ لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم عدول ، فلو كان التعريف في " البيقونية " في المرسل : " ما منه الصحابي سقط " ؛ ما كان هذا ... ؛ لأنه حينئذٍ يكون كمثل قول ذلك التابعي : حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكن إنما رُدَّ الاحتجاج بالحديث المرسل لاحتمال أن يكون التابعي أخذه عن غير الصحابي عن تابعي مثله عن صحابي عن رسول الله .
ويذكر الحافظ ابن حجر - وهو إمام في هذا الموضوع - بأنه قد ثبت لدينا - بالاستقراء - في بعض الأحاديث - وعليكم السلام - يكون بين التابعي وبين الصحابي أربعة من التابعين ؛ يعني : تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابي ، مين بيحصل ... في معرفة هؤلاء الأشخاص ، فلو فرض أنه تابعي عن تابعي عن صحابي ، إذًا هذا التابعي الذي بين الصحابي وبين التابعي ... هو مجهول ، من أجل ذلك مالَ علماءُ الحديث إلى عدم الاحتجاج بالحديث المرسل .
وقد ذكر الحافظ ابن حبان بهذه المناسبة فائدة في الرَّدِّ على الذين ذهبوا إلى الاحتجاج بالحديث المرسل ؛ لأن حجتهم إحسان الظن بالمرسل ؛ أي : يقول المحتجون بالحديث المرسل أنه إذا كان المرسل ثقة فعدم ذكره الواسطة بينه وبين الصحابي ؛ معناه أنه هو يثق بهذه الواسطة التي أسقطها ، ومن أجل ذلك نحن نحتج بالحديث المرسل ، بل غلا بعضهم فقال : " من أرسل فقد وفَّر عليك طريق البحث " !! أمَّا من وصل فلازِمْ تنظر في الرجل الذي سمعه منه ، ردَّ على هؤلاء الحافظ ابن حبان بطريق علمي جميل وقوي جدًّا ؛ قال: " لو صحَّ مثل هذا الاستدلال لبطل قيمة الإسناد " كيف ؟ قال : إذا احتجَجْنا بالحديث المرسل إحسانًا بظنِّنا بالمرسل إذًا ؛ فَلْنُحسِن الظن - أيضًا - بالمعضل ؛ أي : الذي أسقط واسطتين أي : تابع تابعي ، يقول : حدثني رجل من التابعين عن أبي هريرة - مثلًا - عن رسول الله ، إذًا ونتسلسل هكذا إلى زماننا هذا ، إذا قال العالم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فنحن نثق بقوله ونأخذ حديثه ، وهذا إبطال لقيمة الإسناد ، ومن مزايا هذه الأمة أن الله - عز وجل - فرَّدها دون الأمم كلها بأن ألهمها علم الإسناد ، وهذه الحقيقة يعترف بها المستشرقون الكفار اليوم ؛ بأن الأمة الإسلامية جاءت بعلم لا تعرفه الأمم لا من قبل ولا من بعد ؛ ألا وهو الإسناد .
وقد رفع من شأن الإسناد بعض علماء السلف كعبد الله بن المبارك حيث كان يقول : " الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لَقال من شاء ما شاء " ، وهذه حقيقة ، والاحتجاج بالمرسل يعارض قيمة هذا الإسناد الذي رفع من شأنه - كما سمعتم - ابن المبارك - رحمه الله - ؛ فالأصل إذًا في الحديث المرسل أنه لا يحتج به ، لكنه يُعامل معاملة أيِّ حديث ضعيف آخر لم يشتدَّ ضعفه ، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي - رحمه الله - حيث قال : " إذا جاء الحديث مرسلًا من وجه وجاء موصولًا من وجه آخر - ولو بسند فيه ضعف - ؛ فالمرسل حينذاك يتقوَّى بهذا المسند ولو كان ضعيف السند ضعفًا ليس شديدًا ؛ فأحدهما حينذاك يقوِّي الآخر " . ثم كلما زادت الطرق في الحديث المرسل كلما ازداد قوَّة .
وأخيرًا : مما يؤكد ما ذهب إليه جماهير علماء الحديث من عدم الاحتجاج بالحديث المرسل - ومثله المنقطع - ؛ أننا وجدنا بعض التابعين يروي حديثًا عن أحد الصحابة ، وهذا التابعي معروف بالتدليس ؛ كالحسن البصري ، ومع ذلك فهو حينما يُفتي في المسألة التي روى الحديث المرفوع فيها يُفتي بخلاف حديثه ، فلو كان الحديث الذي رواه عن الصحابي فالحسن مع جلالته مدلِّس ؛ أي : كان يروي عن الصحابي ما لا يسمع منه ، فبينه وبين الصحابي واسطة لم يذكرها ، مع ذلك هو روى الحديث عن ذاك الصحابي ، ثم لما جاء وقت الإجابة عن سؤال أو تفسير آية فسَّر الآية بخلاف الحديث الذي رواه عن الصحابي ؛ فإذًا هذا عمل من نفس المرسل يدلُّنا على أنه هو كان لا يعتدُّ بما يرسله ؛ أي : لا يسمِّي الواسطة بينه وبين الصحابي .
هذا ما يمكن أن يقال في الحديث المرسل .
ويذكر الحافظ ابن حجر - وهو إمام في هذا الموضوع - بأنه قد ثبت لدينا - بالاستقراء - في بعض الأحاديث - وعليكم السلام - يكون بين التابعي وبين الصحابي أربعة من التابعين ؛ يعني : تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابي ، مين بيحصل ... في معرفة هؤلاء الأشخاص ، فلو فرض أنه تابعي عن تابعي عن صحابي ، إذًا هذا التابعي الذي بين الصحابي وبين التابعي ... هو مجهول ، من أجل ذلك مالَ علماءُ الحديث إلى عدم الاحتجاج بالحديث المرسل .
وقد ذكر الحافظ ابن حبان بهذه المناسبة فائدة في الرَّدِّ على الذين ذهبوا إلى الاحتجاج بالحديث المرسل ؛ لأن حجتهم إحسان الظن بالمرسل ؛ أي : يقول المحتجون بالحديث المرسل أنه إذا كان المرسل ثقة فعدم ذكره الواسطة بينه وبين الصحابي ؛ معناه أنه هو يثق بهذه الواسطة التي أسقطها ، ومن أجل ذلك نحن نحتج بالحديث المرسل ، بل غلا بعضهم فقال : " من أرسل فقد وفَّر عليك طريق البحث " !! أمَّا من وصل فلازِمْ تنظر في الرجل الذي سمعه منه ، ردَّ على هؤلاء الحافظ ابن حبان بطريق علمي جميل وقوي جدًّا ؛ قال: " لو صحَّ مثل هذا الاستدلال لبطل قيمة الإسناد " كيف ؟ قال : إذا احتجَجْنا بالحديث المرسل إحسانًا بظنِّنا بالمرسل إذًا ؛ فَلْنُحسِن الظن - أيضًا - بالمعضل ؛ أي : الذي أسقط واسطتين أي : تابع تابعي ، يقول : حدثني رجل من التابعين عن أبي هريرة - مثلًا - عن رسول الله ، إذًا ونتسلسل هكذا إلى زماننا هذا ، إذا قال العالم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فنحن نثق بقوله ونأخذ حديثه ، وهذا إبطال لقيمة الإسناد ، ومن مزايا هذه الأمة أن الله - عز وجل - فرَّدها دون الأمم كلها بأن ألهمها علم الإسناد ، وهذه الحقيقة يعترف بها المستشرقون الكفار اليوم ؛ بأن الأمة الإسلامية جاءت بعلم لا تعرفه الأمم لا من قبل ولا من بعد ؛ ألا وهو الإسناد .
وقد رفع من شأن الإسناد بعض علماء السلف كعبد الله بن المبارك حيث كان يقول : " الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لَقال من شاء ما شاء " ، وهذه حقيقة ، والاحتجاج بالمرسل يعارض قيمة هذا الإسناد الذي رفع من شأنه - كما سمعتم - ابن المبارك - رحمه الله - ؛ فالأصل إذًا في الحديث المرسل أنه لا يحتج به ، لكنه يُعامل معاملة أيِّ حديث ضعيف آخر لم يشتدَّ ضعفه ، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي - رحمه الله - حيث قال : " إذا جاء الحديث مرسلًا من وجه وجاء موصولًا من وجه آخر - ولو بسند فيه ضعف - ؛ فالمرسل حينذاك يتقوَّى بهذا المسند ولو كان ضعيف السند ضعفًا ليس شديدًا ؛ فأحدهما حينذاك يقوِّي الآخر " . ثم كلما زادت الطرق في الحديث المرسل كلما ازداد قوَّة .
وأخيرًا : مما يؤكد ما ذهب إليه جماهير علماء الحديث من عدم الاحتجاج بالحديث المرسل - ومثله المنقطع - ؛ أننا وجدنا بعض التابعين يروي حديثًا عن أحد الصحابة ، وهذا التابعي معروف بالتدليس ؛ كالحسن البصري ، ومع ذلك فهو حينما يُفتي في المسألة التي روى الحديث المرفوع فيها يُفتي بخلاف حديثه ، فلو كان الحديث الذي رواه عن الصحابي فالحسن مع جلالته مدلِّس ؛ أي : كان يروي عن الصحابي ما لا يسمع منه ، فبينه وبين الصحابي واسطة لم يذكرها ، مع ذلك هو روى الحديث عن ذاك الصحابي ، ثم لما جاء وقت الإجابة عن سؤال أو تفسير آية فسَّر الآية بخلاف الحديث الذي رواه عن الصحابي ؛ فإذًا هذا عمل من نفس المرسل يدلُّنا على أنه هو كان لا يعتدُّ بما يرسله ؛ أي : لا يسمِّي الواسطة بينه وبين الصحابي .
هذا ما يمكن أن يقال في الحديث المرسل .
- فتاوى رابغ - شريط : 4
- توقيت الفهرسة : 00:00:00
- نسخة مدققة إملائيًّا