هل نستعمل عقولنا في فهم الكتاب والسنة وأمور العقيدة كالاستواء على العرش ؟
A-
A=
A+
السائل : ... .
الشيخ : أيوا .
السائل : ... .
الشيخ : في الدين .
السائل : إي .
الشيخ : كيف يعني ... ؟
السائل : ... .
الشيخ : كيف نستعمل عقولنا ؟ كيف نستعمل عقولنا فيما يقول ؟ إذا كنت تقصد نستعمل عقولنا في فهم ما يقول .
السائل : نعم .
الشيخ : هذا لا غبار عليه ، أما نستعمل عقولنا فيما يقول ؛ هذا كما لو قلت : أنا أستعمل عقلي فيما أقول ، فيما تقول أنت ... تخاطبني ، أو أكون أنا أستعمل عقلي فيما تقول ؛ لأنُّو أنت بشر وأنا بشر ، أما كلام ربِّ العالمين لا يُنزَّل منزلة البشر ، فلعلك لا تعني هذا ؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب ، إذًا نستعمل عقولنا في فهم ما يقول .
السائل : ... .
الشيخ : طيب ، مفهوم كلامك .
السائل : ... يقول - مثلًا - بأن الله - سبحانه وتعالى - ... وإذا سأل سائل ... قول مالك : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة " ... .
الشيخ : طيب .
السائل : أراد هؤلاء الصحابة ... ... أو تميُّز حضاري ... عقائد خاصَّة لا تستطيع أن توافق ... ولهذا أقول ... ... .
الشيخ : نعم ، علماء الكلام يا أخ ... في سبيل الدفاع عن الإسلام ، وفي سبيل إبعاد شبهات الكفار من الروم واليونان ونحو ذلك ، الحقيقة كان واجبهم أن يقرِّبوا الإسلام إلى المنطق الفطري لا إلى المنطق اليوناني ، لكن الوقع أنهم عكسوا ذلك تمامًا ، والأمر يعني كما يُقال التاريخ يعيد نفسه ، نحن الآن في محنة تُشبه تلك المحنة تمامًا ، فالكُتَّاب الإسلاميين اليوم وعلماء المسلمين اليوم ينقسمون إلى مذهبين ؛ تمامًا التاريخ يعيد نفسه ، فناس يحاولون الآن أن يؤمركوا الإسلام يؤوربُّوه ؛ يجعلوه إسلام أروبي وإسلام أمريكي ؛ هل هو لتوضيح الإسلام وبيان أنه يتماشى مع العقل السليم والفطرة السليمة أم هو تأويل الإسلام تأويلًا يتماشى مع ثقافة هؤلاء الأوروبيين والأمريكيين ؟ فالآن العلماء قسمان : قسم يحاول أن يبيِّن الإسلام بفهمه إياه أوَّلًا فهمًا صحيحًا ، وبعرضه - أيضًا - عرضًا صحيحًا سليمًا . وقسم آخر : يقول عرض الإسلام هكذا وبهذه المعاني القديمة لا يفهمها هؤلاء الأوروبيون ، فينبغي أن نفهِّمَهم الإسلام فهمًا تتقبَّله نفوسهم ، هذا هو ما صَنَعَه علماء الكلام وعلى رأسهم المعتزلة ، وهذا هو كان سبب لضعف الإسلام وإدخال أفكار غريبة عن الإسلام ، فهؤلاء الأساتذة المحاضرون ... هم في الحقيقة لا يفهمون الإسلام ، ولكن يتأثَّرون بكثرة كاثرة من علماء الكلام ، فيتوهَّمون أن عَمَلَهم كان في سبيل خدمة الإسلام ، والواجب كان ينبغي أن يكون كذلك ، لكن ليس ما ينبغي أن يكون هو كائن ، إي نعم .
أنا أقول الآن : علماء المسلمين أضرُّوا بالمسلمين ؛ بدليل أن العالم الإسلامي الآن يعيش على فتاتات علم الكلام فهو ضال وحائر ، ويكفي أنني ضربْتُ لكم مثلًا في الأمس القريب ، ويبدو أنك كنت حاضرًا ؟! طيب ، سؤال الجارية من الرسول - عليه السلام - : ( أين الله ؟ ) . وقولها : في السماء . اسأل اليوم مَن شئت مِن المحاضرين أنفسهم لا تجد عندهم جوابًا ، إذًا ما الذي استفادوه من هذا العلم الذي يبجِّلونه ويعظِّمونه ، وأنهم كانوا يزعمون أنه ضرورة زمنيَّة في سبيل الدفاع عن الإسلام ؟! هم ما دافعوا عن الإسلام ، هم بالعكس انحرفوا بالإسلام إلى الأديان الأخرى أو الأفكار الغريبة عن الإسلام .
الجملة التي رويتَها بدقة عن الإمام مالك هي في الواقع معيار الدعوة السلفية ؛ فهو يقول : " الاستواء معلوم " ، علماء الكلام ماذا يقولون ؟ علماء الكلام وَصَلَ به الأمر ليس فقط إلى تأويل نصوص الكتاب والسنة الذي هو يشبه التعطيل ، بل هي تأويل نفس كلام الإمام مالك تأويلًا مضحكًا ؛ حتى يدفعوا أن يكون كلام مالك حجة عليهم ، هم يقولون معنى قول مالك : الاستواء معلوم ؛ يعني منصوص ، كيف يعني منصوص ؟ يعني مذكور في القرآن ؛ هذا تعطيل يشبه تعطيل المؤوِّلة تمامًا للنَّصِّ العربي من هذا الإمام الجليل ، هو السَّائل يقول : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ ما معنى استوى ؟ فهذا السَّائل يعلم أن الجواب مذكور في القرآن ؛ فكيف يقول مالك للسَّائل : الاستواء مذكور في القرآن وهو ذكَّره به ، وهو يسأل عن هذا المذكور في القرآن هو يعلمه وليس بجاهل له ، ويقول : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) كيف استوى ؟ كان الجواب : الاستواء معلوم ؛ أي : لغةً ... فهو نص بأن معنى الاستواء معروف في اللغة وأنه الاستعلاء ، ولما كان هذا حجة على المؤولة وعلى الخَلَف عطَّلوا هذه الحجة بتأويلة بسيطة قالوا : يعني مالك الاستواء مذكور ، إيش يعني مذكور ؟ يعني مذكور في القرآن ، ليش هو يسأل السَّائل : هل هناك آية في القرآن ذُكِر فيها الاستواء حتى يكون الجواب : نعم ، الاستواء مذكور في القرآن ؟ لم يمكن السؤال حول هذا ، كان السؤال عن كيفية الاستواء ، وكان السؤال في ... الآية التي يسأل عنها فهو يعلمها وهو يذكرها ؛ فما معنى قول هؤلاء المتأخرين بأن مالكًا يعني بقوله : الاستواء معلوم ؛ يعني مذكور ؟! تعطيل لنصِّ مالك .
أخيرًا نقول نحن : يا علماء الكلام ، ما معنى : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؟ فيقولون وقولهم يذكِّرنا بقصة وبنكتة ؛ سيقولون : في المسألة قولان ، السلف يقولون : الاستواء هو الاستعلاء ، والخلف يقولون : الاستواء هو الاستيلاء ، في المسألة قولان ، والنكتة : زعموا بأن مفتيًا كيِّسًا ذكيًّا عرض له سفر خارج البلدة ، فأناب عنه والده لِيُدير عملية الإفتاء ، قال له : يا أبي أنا رجل لست بعالم ، ولست أهلًا للقيام بهذه ... بالنيابة عنك . قال له : أنا أدلُّك على طريقة ؛ كلما جاءك سائل يسألك قل له : في المسألة قولان ، فكان يتخلَّص هكذا من الجواب ، حرام ولَّا حلال ؟ في المسألة قولان !! يجوز أم لا يجوز ؟ في المسألة القولان يا أخي !! والدين واسع و و إلى آخره ، فانتبه كيِّس من الأكياس وفَطِن من الفطناء أنُّو فيه شيء هنا في الأمر ، فقال لصاحب له : سَلِ الشَّيخ ، قل له : أفي الله شكٌّ ؟ قال : يا سيدي الشَّيخ ، أفي الله شكٌّ ؟ قال : في المسألة قولان !!
الحاضرون : [ الجميع يضحك ! ] .
الشيخ : فعلماء الكلام يعالجون العقيدة بمثل هذا التردُّد وهذه الحيرة ، ما معنى الاستواء ؟ السلف يقولون : الاستواء الاستعلاء ، والخلف يقولون : هو الاستيلاء ، ما الذي استفادوه من هذا التعطيل ؟ لا شيء ، فلا هم سلفيون ولا هم خلفيون ، لِمَ ؟ بل هم حائرون كما قلت في الأمس القريب عن ذاك الأمير الطَّيِّب قال : " هؤلاء قوم أضاعوا ربَّهم " ، هؤلاء أضاعوا معاني من القرآن جليلة وظاهرة بداهةً . قلنا وقال سلفنا : لماذا أنتم تؤوَّلون الاستواء بمعنى الاستيلاء ؟ قالوا وهذا يُظهِر لك أنُّو القضية مو قضية دفاع ورد على الفلسفة اليونانية الرومانية ؛ لا ، الفلسفة تلك المادية دخلت في شغاف قلوب هؤلاء ... علم الكلام ، فعَمِلَ فيهم وصَرَفَهم عن الاستدلال بالقرآن ، قالوا لهم : لماذا تفسرون الاستواء المذكور في أكثر من آية في القرآن بالاستيلاء ولا تقصدون بالاستعلاء الذي هو المعنى العربي لهذه الكلمة ؟ قالوا : إذا قلنا : الاستواء في الآية هو الاستعلاء جَعَلْنا لله مكانًا ، جعلنا لله مكانًا والله منزَّه عن المكان ، كلام صحيح ... أي : أن الله منزَّه عن المكان صحيح ، لكن فهمهم هذا غير صحيح ؛ لأن قولهم إذا قلنا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) استعلى جعلنا له مكانًا خطأ ، أما تنزيهم ربَّهم عن المكان فصحيح ، وهكذا خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيِّئًا ، نسأل الله أن يتوب عليهم ، ولكن هل تخلَّصوا من المشكلة حينما لجؤوا إلى القول بأن معنى استوى استولى ؟! مثل اللي " كان تحت الدَّلف وصار تحت المطر " ، تعرفون الدَّلف أنتم ولَّا ما تقولون هذا ؟
السائل : لا نعرف .
الشيخ : يعني سقف البيت ينقِّط من المطر ، يكون هناك في ... أو كسر يصير في نقط ، فكنا تحت الدَّلف صِرْنا تحت المزراب ، أو صِرْنا تحت المطر ، هكذا أصابهم ، فلما قالوا الاستيلاء واستدلوا على ذلك ببيت من الشعر قال :
" استوى بشرٌ على العراقِ *** بغير دَمٍ وسيفٍ مهراقِ "
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : " استوى بشرٌ على العراقِ *** بغير سيفٍ ودمٍ مهراقِ "
الشيخ : دمٍ مهراقِ .
فانظروا الآن ؛ الشيء اللي فرُّوا منه وقعوا فيه ؛ لأنُّو شبَّهوا استيلاء رب العالمين على العرش باستيلاء إيش ؟ بشر على العراق ، اللي فرُّوا منه وقعوا فيه صراحةً ؛ بينما علماء السلف يقولون : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) استعلى استعلاءً يليق بكماله ، لا يقولون كما يستعلي فلان على عرشه ، بخلاف قول الخَلَف هؤلاء استيلاء كما استولى بشر على العراق ، لاحظوا هذا ، فماذا قالوا ؟ يعني لاحظوا أنُّو تأويلهم عاد عليهم بالشَّرِّ الذي فرُّوا منه ، فماذا قالوا ؟ قالوا : لا ، نحن نعني أنه استولى استيلاء يليق بجلاله ، طيب ، قولوا : استعلى استعلاء يليق بجلاله وانتهت المشكلة ، وخليكم سلفيين ، وبلاش تكونوا خلفيين !!
فإذًا هؤلاء لما تأوَّلوا مش ردًّا على العلماء من اليونان والرومان بفلسفتهم إلى آخره ، حقيقة شبهات صارت في أنفسهم فدافعوا عنها بطريق التأويل ، فأدَّاهم ذلك إلى التعطيل ؛ لذلك الآن تجد علماء الكلام والمدافعين عنهم حيارى في دينهم ، الآن إن استطعت يومًا هذا المحاضر الذي يندِّد بعلماء الكلام سَلْه سؤال الرسول - عليه السلام - للجارية سوف لا يستطيع أن يجيبك ؛ لأنه لا يعرف العقيدة الإسلامية ، يعرف فقط ثقافة إسلامية عامة أنُّو علماء الكلام والمعتزلة ردُّوا على الكفار والزنادقة ، وقد يكون شيء من الأمر هكذا ، لكن ما وقفوا في ردِّهم عند نصوص كتاب ربِّهم ، وإنما حكَّموا عقولهم ؛ فَهُم من ناحية أرادوا الإصلاح فوقعوا في الإفساد ، ونحن نعيش في هذا السياق اليوم مع الأسف إلا قليلًا من عباد الله المخلصين !
إتمامًا للبحث أقول : إنهم يقولون إذا قلنا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ... للرَّدِّ على الفلاسفة ؛ لأني أنا سأقول الآن سأتكلَّم بلغة الفلسفة ، سيتبيَّن أنَّهم لا يعلمون شيئًا من هذه الفلسفة وهي حق في هذا المجال ، فنحن نقول لهم فعلًا هذا وقع بيني وبين بعض مشايخ الأزهر في موسم من مواسم الحج منذ نحو أربع سنوات ، في ليلة من ليالي منى الهادئة ، فلقينا هناك شيخًا أزهريًّا ، فجرى البحث بالنسبة ... الصفات وبصورة خاصَّة في هذه الآية ، قلت له : أنتم تتَّهمون السلفيين بأنهم مجسِّمة ؛ لأنهم ... الآيات على ظواهرها ... يقولون : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) فعلًا ، فتقولون عن السلفيين بأنهم مجسِّمة ومشبِّهة ، أنا أسألك الآن حينما تنسبون إلى السلف قديمًا وحديثًا أنهم يجعلون ربَّهم في مكان حينما يقولون : الله في السماء ، والله على العرش استوى ؛ تقولون : إنهم يجعلونه في مكان ، أسألك الآن : آلمكان هنا تبدأ الفلسفة الآن ، لكن فلسفة منطقية كما سترون ؛ آلمكان أمرٌ وجوديٌّ أم عدميٌّ ؟ فكَّر قليلًا ثم أجاب بالجواب الصحيح ، قال : المكان أمر وجودي ليس شيئًا عدميًّا .
وأظن واضح لديكم المقصود من السؤال والجواب ؛ يعني - مثلًا - حينما نتصوَّر وحينما نقرأ في كتب اللغة كلمة " العنقاء " اسم لحيوان غريب ، صقر إلى آخره ، العنقاء لها وجود ولَّا هو فقط اسم في المخيلة ؟ قالوا : إن هذا لا وجود له العنقاء ؛ يعني ... يتخيَّل في الذهن ليس له وجود في الخارج ، هذا هو المعنى الذهني الذي ليس له وجود في الخارج ، فأنا لما سألت : المكان أمر وجودي أم عدمي ؟ وجودي كسائر الموجودات ، عدمي كالعنقاء مثلًا ، وقد عَطَفَ عليه بعضهم ... أيضًا ، هذا لا وجود له إلا في الذهن ، هكذا قالوا ، طيب ، المكان أمر وجودي أو عدمي ؟ قال : أمر وجودي . قلت له : طيب ، هذا الموجود مسبوق بالعدم ؟ قال : نعم . إذًا قلت له : المكان وُجِدَ بعد أن لم يكن ؛ أليس كذلك ؟ قال : نعم . قلت : الكون هو من حيث أنه مخلوق لله - عز وجل - هل هو محدود أم غير محدود ؟ قال : محدود ، هذا الكلام كله صحيح ، قلنا : إذًا الآن نحن في الأرض ، فوقنا ؟ قال : السماء الأولى . فوقها ؟ الثانية ، هيك السماء السابعة ، وفوق السماء السابعة إيش فيه ؟ قال : العرش . وقلت له : فوق العرش إيش فيه ؟ قال : الملائكة الكروبيون !! قلت : إيش هذا الملائكة الكروبيون ؟ أنت قرأت الملائكة الكروبيون في القرآن ؟ قال : لا . قلت : في الحديث ؟ فيه حديث في ذكر الملائكة يُسمَّون بالكروبيون ؟ قال : ما أدري . قلت : لَكَان كيف تقول في شيء من الغيب - ولا يعلم الغيب إلا الله - تقول أنُّو فوق العرش فيه ملائكة كروبيون ؟ قال : هكذا درسنا في الأزهر الشريف .
يدرِّسون في الأزهر أمور خرافية مثل العقيدة !! قلت : لا يوجد في السنة فضلًا عن الكتاب أن فوق العرش ملائكة مطلقًا ، وبصورة خاصَّة ملائكة باسم كروبيون ، ولكن فيه في القرآن : (( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ )) ، حَمَلَة العرش ، أما فوق العرش انظروا الآن كيف يعكسون الحقائق ؟ الحقائق الشرعية تصرِّح أنُّو الذي فوق العرش هو الله - تبارك وتعالى - ، هم يجعلون فوق العرش ملائكة كروبيون ، سبحان الله العظيم ! الشيء الذين لا وجود له يؤمنون به ، والشيء الموجود يجحدونه !! على كل حال أنا أريد أن أمشي معه إلى نهاية المطاف ، قلت له : هَبْ أن هناك ملائكة فوق العرش كروبيون ؛ فماذا بعد ذلك ؟ قال : لا شيء ، انتهى ، الكون محدود ، قال : لا شيء . قلت له : هناك مكان ؟ انظروا بقى بدأنا الحديث بالمكان ، قلت : هناك مكان فوق الملائكة الكروبيون فيه مكان ؟ قال : لا . قلت له : السلفيون يقولون : الله فوق العرش ؛ يعني في لا مكان ، أنت باعترافك أنُّو ليس هناك مكان ، الله فوق المخلوقات كلها ، وأعلى المخلوقات في اعتقادنا العرش ، في اعتقاد آخر الملائكة الكروبيون ؛ انتهى الكون وانتهى المكان ، فالله - عز وجل - حينما نصفه بأنه فوق العرش يعني ليس في مكان ! فبُهِتَ الرجل .
علماء الكلام عايشين في هالوهم في هالضلالة أنُّو إذا قلنا : الله فوق العرش يعني جعلناه في مكان ؛ مع أنه ليس هناك مكان ، لأن لا مكان ولا شيء معه كما في الحديث الصحيح ، فهو الآن من هذه الحيثية ؛ أي : من حيث أنه لم يكن في مكان ؛ فهو الآن من هذه الحيثية كما كان ؛ فهو ليس في مكان ، لكن لما خلق الخلق لا بد في هذه الحالة من أحد شيئين ؛ إما أن يكون الخلق فوقه ، أو أن يكون هو كما هو الواقع فوق خلقه ، نحن نقطع بأن ... ولذلك من صفات المؤمنين ما وَصَفَهم به ربُّ العالمين بقوله في القرآن الكريم نفسه : (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) ، بينما علماء الكلام كما سمعتم في الأمس : " لا فوق ولا تحت ، لا يمين ولا يسار ، لا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه " ؛ هذا هو الكفر بعينه !! إذًا ما أفادنا علماء الكلام شيئًا ، على العكس ؛ وإنما هم وَرَّثونا هذا الضياع ، ضياع عقائدي خطير جدًّا المسلمون لا يعرفون ربَّهم أين هو !!
الشيخ : أيوا .
السائل : ... .
الشيخ : في الدين .
السائل : إي .
الشيخ : كيف يعني ... ؟
السائل : ... .
الشيخ : كيف نستعمل عقولنا ؟ كيف نستعمل عقولنا فيما يقول ؟ إذا كنت تقصد نستعمل عقولنا في فهم ما يقول .
السائل : نعم .
الشيخ : هذا لا غبار عليه ، أما نستعمل عقولنا فيما يقول ؛ هذا كما لو قلت : أنا أستعمل عقلي فيما أقول ، فيما تقول أنت ... تخاطبني ، أو أكون أنا أستعمل عقلي فيما تقول ؛ لأنُّو أنت بشر وأنا بشر ، أما كلام ربِّ العالمين لا يُنزَّل منزلة البشر ، فلعلك لا تعني هذا ؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب ، إذًا نستعمل عقولنا في فهم ما يقول .
السائل : ... .
الشيخ : طيب ، مفهوم كلامك .
السائل : ... يقول - مثلًا - بأن الله - سبحانه وتعالى - ... وإذا سأل سائل ... قول مالك : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة " ... .
الشيخ : طيب .
السائل : أراد هؤلاء الصحابة ... ... أو تميُّز حضاري ... عقائد خاصَّة لا تستطيع أن توافق ... ولهذا أقول ... ... .
الشيخ : نعم ، علماء الكلام يا أخ ... في سبيل الدفاع عن الإسلام ، وفي سبيل إبعاد شبهات الكفار من الروم واليونان ونحو ذلك ، الحقيقة كان واجبهم أن يقرِّبوا الإسلام إلى المنطق الفطري لا إلى المنطق اليوناني ، لكن الوقع أنهم عكسوا ذلك تمامًا ، والأمر يعني كما يُقال التاريخ يعيد نفسه ، نحن الآن في محنة تُشبه تلك المحنة تمامًا ، فالكُتَّاب الإسلاميين اليوم وعلماء المسلمين اليوم ينقسمون إلى مذهبين ؛ تمامًا التاريخ يعيد نفسه ، فناس يحاولون الآن أن يؤمركوا الإسلام يؤوربُّوه ؛ يجعلوه إسلام أروبي وإسلام أمريكي ؛ هل هو لتوضيح الإسلام وبيان أنه يتماشى مع العقل السليم والفطرة السليمة أم هو تأويل الإسلام تأويلًا يتماشى مع ثقافة هؤلاء الأوروبيين والأمريكيين ؟ فالآن العلماء قسمان : قسم يحاول أن يبيِّن الإسلام بفهمه إياه أوَّلًا فهمًا صحيحًا ، وبعرضه - أيضًا - عرضًا صحيحًا سليمًا . وقسم آخر : يقول عرض الإسلام هكذا وبهذه المعاني القديمة لا يفهمها هؤلاء الأوروبيون ، فينبغي أن نفهِّمَهم الإسلام فهمًا تتقبَّله نفوسهم ، هذا هو ما صَنَعَه علماء الكلام وعلى رأسهم المعتزلة ، وهذا هو كان سبب لضعف الإسلام وإدخال أفكار غريبة عن الإسلام ، فهؤلاء الأساتذة المحاضرون ... هم في الحقيقة لا يفهمون الإسلام ، ولكن يتأثَّرون بكثرة كاثرة من علماء الكلام ، فيتوهَّمون أن عَمَلَهم كان في سبيل خدمة الإسلام ، والواجب كان ينبغي أن يكون كذلك ، لكن ليس ما ينبغي أن يكون هو كائن ، إي نعم .
أنا أقول الآن : علماء المسلمين أضرُّوا بالمسلمين ؛ بدليل أن العالم الإسلامي الآن يعيش على فتاتات علم الكلام فهو ضال وحائر ، ويكفي أنني ضربْتُ لكم مثلًا في الأمس القريب ، ويبدو أنك كنت حاضرًا ؟! طيب ، سؤال الجارية من الرسول - عليه السلام - : ( أين الله ؟ ) . وقولها : في السماء . اسأل اليوم مَن شئت مِن المحاضرين أنفسهم لا تجد عندهم جوابًا ، إذًا ما الذي استفادوه من هذا العلم الذي يبجِّلونه ويعظِّمونه ، وأنهم كانوا يزعمون أنه ضرورة زمنيَّة في سبيل الدفاع عن الإسلام ؟! هم ما دافعوا عن الإسلام ، هم بالعكس انحرفوا بالإسلام إلى الأديان الأخرى أو الأفكار الغريبة عن الإسلام .
الجملة التي رويتَها بدقة عن الإمام مالك هي في الواقع معيار الدعوة السلفية ؛ فهو يقول : " الاستواء معلوم " ، علماء الكلام ماذا يقولون ؟ علماء الكلام وَصَلَ به الأمر ليس فقط إلى تأويل نصوص الكتاب والسنة الذي هو يشبه التعطيل ، بل هي تأويل نفس كلام الإمام مالك تأويلًا مضحكًا ؛ حتى يدفعوا أن يكون كلام مالك حجة عليهم ، هم يقولون معنى قول مالك : الاستواء معلوم ؛ يعني منصوص ، كيف يعني منصوص ؟ يعني مذكور في القرآن ؛ هذا تعطيل يشبه تعطيل المؤوِّلة تمامًا للنَّصِّ العربي من هذا الإمام الجليل ، هو السَّائل يقول : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ ما معنى استوى ؟ فهذا السَّائل يعلم أن الجواب مذكور في القرآن ؛ فكيف يقول مالك للسَّائل : الاستواء مذكور في القرآن وهو ذكَّره به ، وهو يسأل عن هذا المذكور في القرآن هو يعلمه وليس بجاهل له ، ويقول : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) كيف استوى ؟ كان الجواب : الاستواء معلوم ؛ أي : لغةً ... فهو نص بأن معنى الاستواء معروف في اللغة وأنه الاستعلاء ، ولما كان هذا حجة على المؤولة وعلى الخَلَف عطَّلوا هذه الحجة بتأويلة بسيطة قالوا : يعني مالك الاستواء مذكور ، إيش يعني مذكور ؟ يعني مذكور في القرآن ، ليش هو يسأل السَّائل : هل هناك آية في القرآن ذُكِر فيها الاستواء حتى يكون الجواب : نعم ، الاستواء مذكور في القرآن ؟ لم يمكن السؤال حول هذا ، كان السؤال عن كيفية الاستواء ، وكان السؤال في ... الآية التي يسأل عنها فهو يعلمها وهو يذكرها ؛ فما معنى قول هؤلاء المتأخرين بأن مالكًا يعني بقوله : الاستواء معلوم ؛ يعني مذكور ؟! تعطيل لنصِّ مالك .
أخيرًا نقول نحن : يا علماء الكلام ، ما معنى : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؟ فيقولون وقولهم يذكِّرنا بقصة وبنكتة ؛ سيقولون : في المسألة قولان ، السلف يقولون : الاستواء هو الاستعلاء ، والخلف يقولون : الاستواء هو الاستيلاء ، في المسألة قولان ، والنكتة : زعموا بأن مفتيًا كيِّسًا ذكيًّا عرض له سفر خارج البلدة ، فأناب عنه والده لِيُدير عملية الإفتاء ، قال له : يا أبي أنا رجل لست بعالم ، ولست أهلًا للقيام بهذه ... بالنيابة عنك . قال له : أنا أدلُّك على طريقة ؛ كلما جاءك سائل يسألك قل له : في المسألة قولان ، فكان يتخلَّص هكذا من الجواب ، حرام ولَّا حلال ؟ في المسألة قولان !! يجوز أم لا يجوز ؟ في المسألة القولان يا أخي !! والدين واسع و و إلى آخره ، فانتبه كيِّس من الأكياس وفَطِن من الفطناء أنُّو فيه شيء هنا في الأمر ، فقال لصاحب له : سَلِ الشَّيخ ، قل له : أفي الله شكٌّ ؟ قال : يا سيدي الشَّيخ ، أفي الله شكٌّ ؟ قال : في المسألة قولان !!
الحاضرون : [ الجميع يضحك ! ] .
الشيخ : فعلماء الكلام يعالجون العقيدة بمثل هذا التردُّد وهذه الحيرة ، ما معنى الاستواء ؟ السلف يقولون : الاستواء الاستعلاء ، والخلف يقولون : هو الاستيلاء ، ما الذي استفادوه من هذا التعطيل ؟ لا شيء ، فلا هم سلفيون ولا هم خلفيون ، لِمَ ؟ بل هم حائرون كما قلت في الأمس القريب عن ذاك الأمير الطَّيِّب قال : " هؤلاء قوم أضاعوا ربَّهم " ، هؤلاء أضاعوا معاني من القرآن جليلة وظاهرة بداهةً . قلنا وقال سلفنا : لماذا أنتم تؤوَّلون الاستواء بمعنى الاستيلاء ؟ قالوا وهذا يُظهِر لك أنُّو القضية مو قضية دفاع ورد على الفلسفة اليونانية الرومانية ؛ لا ، الفلسفة تلك المادية دخلت في شغاف قلوب هؤلاء ... علم الكلام ، فعَمِلَ فيهم وصَرَفَهم عن الاستدلال بالقرآن ، قالوا لهم : لماذا تفسرون الاستواء المذكور في أكثر من آية في القرآن بالاستيلاء ولا تقصدون بالاستعلاء الذي هو المعنى العربي لهذه الكلمة ؟ قالوا : إذا قلنا : الاستواء في الآية هو الاستعلاء جَعَلْنا لله مكانًا ، جعلنا لله مكانًا والله منزَّه عن المكان ، كلام صحيح ... أي : أن الله منزَّه عن المكان صحيح ، لكن فهمهم هذا غير صحيح ؛ لأن قولهم إذا قلنا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) استعلى جعلنا له مكانًا خطأ ، أما تنزيهم ربَّهم عن المكان فصحيح ، وهكذا خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيِّئًا ، نسأل الله أن يتوب عليهم ، ولكن هل تخلَّصوا من المشكلة حينما لجؤوا إلى القول بأن معنى استوى استولى ؟! مثل اللي " كان تحت الدَّلف وصار تحت المطر " ، تعرفون الدَّلف أنتم ولَّا ما تقولون هذا ؟
السائل : لا نعرف .
الشيخ : يعني سقف البيت ينقِّط من المطر ، يكون هناك في ... أو كسر يصير في نقط ، فكنا تحت الدَّلف صِرْنا تحت المزراب ، أو صِرْنا تحت المطر ، هكذا أصابهم ، فلما قالوا الاستيلاء واستدلوا على ذلك ببيت من الشعر قال :
" استوى بشرٌ على العراقِ *** بغير دَمٍ وسيفٍ مهراقِ "
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : " استوى بشرٌ على العراقِ *** بغير سيفٍ ودمٍ مهراقِ "
الشيخ : دمٍ مهراقِ .
فانظروا الآن ؛ الشيء اللي فرُّوا منه وقعوا فيه ؛ لأنُّو شبَّهوا استيلاء رب العالمين على العرش باستيلاء إيش ؟ بشر على العراق ، اللي فرُّوا منه وقعوا فيه صراحةً ؛ بينما علماء السلف يقولون : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) استعلى استعلاءً يليق بكماله ، لا يقولون كما يستعلي فلان على عرشه ، بخلاف قول الخَلَف هؤلاء استيلاء كما استولى بشر على العراق ، لاحظوا هذا ، فماذا قالوا ؟ يعني لاحظوا أنُّو تأويلهم عاد عليهم بالشَّرِّ الذي فرُّوا منه ، فماذا قالوا ؟ قالوا : لا ، نحن نعني أنه استولى استيلاء يليق بجلاله ، طيب ، قولوا : استعلى استعلاء يليق بجلاله وانتهت المشكلة ، وخليكم سلفيين ، وبلاش تكونوا خلفيين !!
فإذًا هؤلاء لما تأوَّلوا مش ردًّا على العلماء من اليونان والرومان بفلسفتهم إلى آخره ، حقيقة شبهات صارت في أنفسهم فدافعوا عنها بطريق التأويل ، فأدَّاهم ذلك إلى التعطيل ؛ لذلك الآن تجد علماء الكلام والمدافعين عنهم حيارى في دينهم ، الآن إن استطعت يومًا هذا المحاضر الذي يندِّد بعلماء الكلام سَلْه سؤال الرسول - عليه السلام - للجارية سوف لا يستطيع أن يجيبك ؛ لأنه لا يعرف العقيدة الإسلامية ، يعرف فقط ثقافة إسلامية عامة أنُّو علماء الكلام والمعتزلة ردُّوا على الكفار والزنادقة ، وقد يكون شيء من الأمر هكذا ، لكن ما وقفوا في ردِّهم عند نصوص كتاب ربِّهم ، وإنما حكَّموا عقولهم ؛ فَهُم من ناحية أرادوا الإصلاح فوقعوا في الإفساد ، ونحن نعيش في هذا السياق اليوم مع الأسف إلا قليلًا من عباد الله المخلصين !
إتمامًا للبحث أقول : إنهم يقولون إذا قلنا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ... للرَّدِّ على الفلاسفة ؛ لأني أنا سأقول الآن سأتكلَّم بلغة الفلسفة ، سيتبيَّن أنَّهم لا يعلمون شيئًا من هذه الفلسفة وهي حق في هذا المجال ، فنحن نقول لهم فعلًا هذا وقع بيني وبين بعض مشايخ الأزهر في موسم من مواسم الحج منذ نحو أربع سنوات ، في ليلة من ليالي منى الهادئة ، فلقينا هناك شيخًا أزهريًّا ، فجرى البحث بالنسبة ... الصفات وبصورة خاصَّة في هذه الآية ، قلت له : أنتم تتَّهمون السلفيين بأنهم مجسِّمة ؛ لأنهم ... الآيات على ظواهرها ... يقولون : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) فعلًا ، فتقولون عن السلفيين بأنهم مجسِّمة ومشبِّهة ، أنا أسألك الآن حينما تنسبون إلى السلف قديمًا وحديثًا أنهم يجعلون ربَّهم في مكان حينما يقولون : الله في السماء ، والله على العرش استوى ؛ تقولون : إنهم يجعلونه في مكان ، أسألك الآن : آلمكان هنا تبدأ الفلسفة الآن ، لكن فلسفة منطقية كما سترون ؛ آلمكان أمرٌ وجوديٌّ أم عدميٌّ ؟ فكَّر قليلًا ثم أجاب بالجواب الصحيح ، قال : المكان أمر وجودي ليس شيئًا عدميًّا .
وأظن واضح لديكم المقصود من السؤال والجواب ؛ يعني - مثلًا - حينما نتصوَّر وحينما نقرأ في كتب اللغة كلمة " العنقاء " اسم لحيوان غريب ، صقر إلى آخره ، العنقاء لها وجود ولَّا هو فقط اسم في المخيلة ؟ قالوا : إن هذا لا وجود له العنقاء ؛ يعني ... يتخيَّل في الذهن ليس له وجود في الخارج ، هذا هو المعنى الذهني الذي ليس له وجود في الخارج ، فأنا لما سألت : المكان أمر وجودي أم عدمي ؟ وجودي كسائر الموجودات ، عدمي كالعنقاء مثلًا ، وقد عَطَفَ عليه بعضهم ... أيضًا ، هذا لا وجود له إلا في الذهن ، هكذا قالوا ، طيب ، المكان أمر وجودي أو عدمي ؟ قال : أمر وجودي . قلت له : طيب ، هذا الموجود مسبوق بالعدم ؟ قال : نعم . إذًا قلت له : المكان وُجِدَ بعد أن لم يكن ؛ أليس كذلك ؟ قال : نعم . قلت : الكون هو من حيث أنه مخلوق لله - عز وجل - هل هو محدود أم غير محدود ؟ قال : محدود ، هذا الكلام كله صحيح ، قلنا : إذًا الآن نحن في الأرض ، فوقنا ؟ قال : السماء الأولى . فوقها ؟ الثانية ، هيك السماء السابعة ، وفوق السماء السابعة إيش فيه ؟ قال : العرش . وقلت له : فوق العرش إيش فيه ؟ قال : الملائكة الكروبيون !! قلت : إيش هذا الملائكة الكروبيون ؟ أنت قرأت الملائكة الكروبيون في القرآن ؟ قال : لا . قلت : في الحديث ؟ فيه حديث في ذكر الملائكة يُسمَّون بالكروبيون ؟ قال : ما أدري . قلت : لَكَان كيف تقول في شيء من الغيب - ولا يعلم الغيب إلا الله - تقول أنُّو فوق العرش فيه ملائكة كروبيون ؟ قال : هكذا درسنا في الأزهر الشريف .
يدرِّسون في الأزهر أمور خرافية مثل العقيدة !! قلت : لا يوجد في السنة فضلًا عن الكتاب أن فوق العرش ملائكة مطلقًا ، وبصورة خاصَّة ملائكة باسم كروبيون ، ولكن فيه في القرآن : (( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ )) ، حَمَلَة العرش ، أما فوق العرش انظروا الآن كيف يعكسون الحقائق ؟ الحقائق الشرعية تصرِّح أنُّو الذي فوق العرش هو الله - تبارك وتعالى - ، هم يجعلون فوق العرش ملائكة كروبيون ، سبحان الله العظيم ! الشيء الذين لا وجود له يؤمنون به ، والشيء الموجود يجحدونه !! على كل حال أنا أريد أن أمشي معه إلى نهاية المطاف ، قلت له : هَبْ أن هناك ملائكة فوق العرش كروبيون ؛ فماذا بعد ذلك ؟ قال : لا شيء ، انتهى ، الكون محدود ، قال : لا شيء . قلت له : هناك مكان ؟ انظروا بقى بدأنا الحديث بالمكان ، قلت : هناك مكان فوق الملائكة الكروبيون فيه مكان ؟ قال : لا . قلت له : السلفيون يقولون : الله فوق العرش ؛ يعني في لا مكان ، أنت باعترافك أنُّو ليس هناك مكان ، الله فوق المخلوقات كلها ، وأعلى المخلوقات في اعتقادنا العرش ، في اعتقاد آخر الملائكة الكروبيون ؛ انتهى الكون وانتهى المكان ، فالله - عز وجل - حينما نصفه بأنه فوق العرش يعني ليس في مكان ! فبُهِتَ الرجل .
علماء الكلام عايشين في هالوهم في هالضلالة أنُّو إذا قلنا : الله فوق العرش يعني جعلناه في مكان ؛ مع أنه ليس هناك مكان ، لأن لا مكان ولا شيء معه كما في الحديث الصحيح ، فهو الآن من هذه الحيثية ؛ أي : من حيث أنه لم يكن في مكان ؛ فهو الآن من هذه الحيثية كما كان ؛ فهو ليس في مكان ، لكن لما خلق الخلق لا بد في هذه الحالة من أحد شيئين ؛ إما أن يكون الخلق فوقه ، أو أن يكون هو كما هو الواقع فوق خلقه ، نحن نقطع بأن ... ولذلك من صفات المؤمنين ما وَصَفَهم به ربُّ العالمين بقوله في القرآن الكريم نفسه : (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) ، بينما علماء الكلام كما سمعتم في الأمس : " لا فوق ولا تحت ، لا يمين ولا يسار ، لا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه " ؛ هذا هو الكفر بعينه !! إذًا ما أفادنا علماء الكلام شيئًا ، على العكس ؛ وإنما هم وَرَّثونا هذا الضياع ، ضياع عقائدي خطير جدًّا المسلمون لا يعرفون ربَّهم أين هو !!
- تسجيلات متفرقة - شريط : 278
- توقيت الفهرسة : 00:17:55
- نسخة مدققة إملائيًّا