قرأت في كتاب صغير حديثًا يقول : ( خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت ) ؛ فهل هذا الحديث صحيح ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشَّيخ ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
قرأت في كتاب صغير حديثًا يقول : " خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " ؛ فهل هذا الحديث صحيح ؟ أفيدونا ، جزاكم الله خيرًا .
الشيخ : " خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " حديث مشتهر على بعض الألسنة ، ولكنه - مع الأسف الشديد - من تلك الأحاديث التي لا أصل لها في السنة ؛ ولذلك فلا يجوز روايته ونسبته إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أوَّلًا ، ثم هذا المعنى الواسع الشائع لا يصح ولا يثبت مطلقًا في شريعة الإسلام .
" خذ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " ، أنا أشاء أن أجلس في عقر داري ، وأن لا أعمل في مهنتي وصنعتي ، وأطلب الرزق من ربِّي ينزِّله من السماء عليَّ ؛ لأني آخذ من القرآن لهذا ، مَن يقول هذا ؟ هذا كلام باطل ، ولعله من وضع أولئك الصوفية الكُسَالى الذين طُبِعُوا على الجلوس والسكن في الـ ما يسمونها الروابط ولَّا إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : الرباطات ، الرباطات ينزلون فيها وينتظرون رزق الله ممَّن يأتيهم به من الناس ، علمًا أن هذا ليس من طبيعة المسلم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد ربَّى المسلمين جميعًا على علوِّ الهمة وعلى عزَّة النفس ، فقال - عليه الصلاة والسلام - ( اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى ، واليد العليا هي المعطية ، واليد السفلى هي الآخذة ) .
ويعجِبُني بهذه المناسبة مما كنت قرأته في ما يتعلق ببعض الزهاد والصوفية ، ولا أطيل في ذلك ؛ فقصصهم كثيرة وعجيبة ؛ زعموا أن أحدهم خرج سائحًا ضاربًا في الأرض بغير زاد ، فوصل به الأمر إلى أن كاد أن يموتَ جوعًا ، فبَدَا له من بعيد قرية ، فأتى إليها ، وكان اليوم يوم جمعة ، وهو بزعمه خرجَ متوكِّلًا على الله - وليس بالمتوكل على الله كما تدل السنة - ؛ فلكي لا ينقض بزعمه توكله المزعوم لم يظهر شخصَه للجمهور الذي في المسجد ، وإنما انطوى على نفسه تحت المنبر لكي لا يشعر به أحد ، لكن هو في نفسه يحدِّث نفسه لعل أحدًا يحسُّ به ، وهكذا خطب الخطيب خطبته وهو لم يصلِّ مع الجماعة لعله يعتقد بأنه مسافر ، والمسافر ليس عليه جمعة ، ليس يومنا هذا ، القصة المقصود منها العبرة ، فبعد أن انتهى الإمام من الخطبة والصلاة وبدأ الناس يخرجون زرافاتٍ ووحدانًا من أبواب المسجد ؛ حتى شعر الرجل بأن المسجد كاد يخلو من الناس ، وحينئذٍ تُقفل الأبواب ليبقى وحيدًا في المسجد لا طعام ولا شراب ولا أي شيء ، فلم يسَعْه إلا أن يتنحنحَ لِيُثبِتَ وجوده للحاضرين ، فالتفت بعض الناس فوجدوه قد تحوَّل كأنه فرخ من الجوع والعطش ، فأخذوه وأغاثوه ، وسألوه أخيرًا : ما أنت يا رجل ؟ قال : أنا زاهد متوكِّل على الله . قال : كيف متوكِّل على الله وأنت كدت أن تموت ؟! ولو كنت متوكَّلًا على الله لما سعلْتَ ولما نبَّهت الناس حتى تموت بذنبك .
هذا مثال إلى ما يؤدي به مثل هذا الحديث : " خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " ، هذا حديث لا أصل له .
نعم .
قرأت في كتاب صغير حديثًا يقول : " خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " ؛ فهل هذا الحديث صحيح ؟ أفيدونا ، جزاكم الله خيرًا .
الشيخ : " خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " حديث مشتهر على بعض الألسنة ، ولكنه - مع الأسف الشديد - من تلك الأحاديث التي لا أصل لها في السنة ؛ ولذلك فلا يجوز روايته ونسبته إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أوَّلًا ، ثم هذا المعنى الواسع الشائع لا يصح ولا يثبت مطلقًا في شريعة الإسلام .
" خذ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " ، أنا أشاء أن أجلس في عقر داري ، وأن لا أعمل في مهنتي وصنعتي ، وأطلب الرزق من ربِّي ينزِّله من السماء عليَّ ؛ لأني آخذ من القرآن لهذا ، مَن يقول هذا ؟ هذا كلام باطل ، ولعله من وضع أولئك الصوفية الكُسَالى الذين طُبِعُوا على الجلوس والسكن في الـ ما يسمونها الروابط ولَّا إيش ؟
السائل : ... .
الشيخ : الرباطات ، الرباطات ينزلون فيها وينتظرون رزق الله ممَّن يأتيهم به من الناس ، علمًا أن هذا ليس من طبيعة المسلم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد ربَّى المسلمين جميعًا على علوِّ الهمة وعلى عزَّة النفس ، فقال - عليه الصلاة والسلام - ( اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى ، واليد العليا هي المعطية ، واليد السفلى هي الآخذة ) .
ويعجِبُني بهذه المناسبة مما كنت قرأته في ما يتعلق ببعض الزهاد والصوفية ، ولا أطيل في ذلك ؛ فقصصهم كثيرة وعجيبة ؛ زعموا أن أحدهم خرج سائحًا ضاربًا في الأرض بغير زاد ، فوصل به الأمر إلى أن كاد أن يموتَ جوعًا ، فبَدَا له من بعيد قرية ، فأتى إليها ، وكان اليوم يوم جمعة ، وهو بزعمه خرجَ متوكِّلًا على الله - وليس بالمتوكل على الله كما تدل السنة - ؛ فلكي لا ينقض بزعمه توكله المزعوم لم يظهر شخصَه للجمهور الذي في المسجد ، وإنما انطوى على نفسه تحت المنبر لكي لا يشعر به أحد ، لكن هو في نفسه يحدِّث نفسه لعل أحدًا يحسُّ به ، وهكذا خطب الخطيب خطبته وهو لم يصلِّ مع الجماعة لعله يعتقد بأنه مسافر ، والمسافر ليس عليه جمعة ، ليس يومنا هذا ، القصة المقصود منها العبرة ، فبعد أن انتهى الإمام من الخطبة والصلاة وبدأ الناس يخرجون زرافاتٍ ووحدانًا من أبواب المسجد ؛ حتى شعر الرجل بأن المسجد كاد يخلو من الناس ، وحينئذٍ تُقفل الأبواب ليبقى وحيدًا في المسجد لا طعام ولا شراب ولا أي شيء ، فلم يسَعْه إلا أن يتنحنحَ لِيُثبِتَ وجوده للحاضرين ، فالتفت بعض الناس فوجدوه قد تحوَّل كأنه فرخ من الجوع والعطش ، فأخذوه وأغاثوه ، وسألوه أخيرًا : ما أنت يا رجل ؟ قال : أنا زاهد متوكِّل على الله . قال : كيف متوكِّل على الله وأنت كدت أن تموت ؟! ولو كنت متوكَّلًا على الله لما سعلْتَ ولما نبَّهت الناس حتى تموت بذنبك .
هذا مثال إلى ما يؤدي به مثل هذا الحديث : " خُذْ من القرآن ما شئت لِمَا شئت " ، هذا حديث لا أصل له .
نعم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 204
- توقيت الفهرسة : 01:06:04
- نسخة مدققة إملائيًّا