تتمة الكلام حول جواز نسخ القرآن بالسنة سواء متواترها أو آحادها ، ومتى عرفت الأحاديث المتواترة والأحاديث الآحاد ومَن عرفها .
A-
A=
A+
الشيخ : كون الحكم الفلاني منسوخًا أو غير منسوخ هو يتعلَّق بالبيان الذي أُمِرَ به الرسول - عليه الصلاة والسلام - في القرآن ، في مثل قوله - تبارك وتعالى - : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، فمن جهة البيان بيان أنُّو هذا الحكم قُرِّر لزمنٍ معيَّن ثم رُفِع ، كان مُحكمًا فصار ناسخًا .
عيد عباسي : صار منسوخًا .
الشيخ : كان مقرَّرًا ثم صار منسوخًا ، نعم ؛ فما دام أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مكلَّف بالبيان كل البيان ، ومن ذلك بيان أنُّو هذا النَّص منسوخ وهذا هو الناسخ ؛ فما الذي يمنع أن يكون الرسول - عليه السلام - قد بيَّن نَسْخَ حكمٍ ما ثابت هذا الحكم في القرآن وبيَّنه بكلامه - عليه الصلاة والسلام - ، وهو مأمور بمثل هذا البيان ؟
فإذًا التفريق بين وجوب بيان أنواع من الأحكام بالسنة ولا يجوز بيان حكم معيَّن بالسنة ؛ وهو ما كان ثابتًا في القرآن فلا يجوز بيانه بالسنة ؛ هذا كلام أوَّلًا غير مهضوم نظريًّا ، ثم منافٍ للأمر العام الموجَّه إلى قلب الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الآية السابقة : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، وأيضًا فكون الحديث آحاد أو متواترًا هذا أمرٌ طارئ بعد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
نعم ؟
عيد عباسي : ... في نفسه ... .
الشيخ : هذا أمر طارئ بعد الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فلا ينبغي أن يختلف الحكم لِمَا طرأ فيما بعد من اصطلاحات علمية أو فكرية أو نظرية بعد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلو قلنا : إنَّ هذا ممكن أن يختلف الحكم عمَّا كان عليه في زمن الرسول يختلف الحكم فيما بعد عمَّا كان عليه في زمن الرسول - عليه السلام - ؛ هذا معناه الإقرار بتغيير الشريعة بسبب اصطلاحات أو ملابسات أحاطت ببعض نصوص الشريعة ، ولنضرب على هذا مثلًا ؛ متى جُمعت السنة ؟ كلنا يعلم أن بدء جمعها كان في منتصف القرن الثاني بدء الجمع ، لكن الاستقصاء للجمع بحيث أنَّ الطرق تتجاوب وتتكاتف في الحديث الواحد هذا ما ظهر للعلماء إلا بعد أن توسَّعوا في طلب السنة من مختلف الأقطار الإسلامية التي انتشر فيها الصحابة والتابعون بسبب الفتوحات الإسلامية ، إذ الأمر كذلك فلم يكن من الممكن - مثلًا - في عهد الصحابة وعهد التابعين أن يُقال عن حديث هو اليوم من أشهر أمثلة الحديث المتواتر ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : ( من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار ) ؛ لم يمكن يوم ذاك أن يُقال عن مثل هذا الحديث : إنه حديث متواتر ؛ لأنُّو شرط التواتر " أن يرويه جمعٌ عن جمعٍ إلى منتهاه يستحيل تواطؤهم على الكذب " ، كيف يمكن تصوُّر هذا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريب عهد بالوفاة ، والصحابة قد تفرَّقوا في البلاد ؟
فالصحابي الذي سمِعَ حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه نسخ آية ، هذا الحديث بالنسبة لهذا الصحابي صالح لنسخ الآية ؛ لأنُّو هو سمعه من الرسول - عليه السلام - يقينًا مباشرةً ، وإذا بالطبقة الثانية يختلف الأمر ؛ لأنَّ الصحابي الذي يُحدِّث التابعي بهذا الحديث يصبح هذا الحديث عند التابعي آحاد ؛ فهو لا يفيد عنده القطع ، بينما كان مقطوعًا به عند الصحابي ، فجاز عند الصحابي نسخ الآية بهذا الحديث ولم يجُزْ عند التابعي ، وأولى وأولى بالنسبة لِمَن يأتي بعده ، لكن يعود الأمر كما كان بالنسبة للصحابي ؛ حينما يأتي صحابي آخر يروي هذا الحديث إلى تابعيٍّ آخر وصحابي ثالث ورابع و و إلى آخره ، فتتجمَّع الطرق عند أئمة الحديث ، فيصبح هذا الحديث عند أئمة الحديث متواترًا كما كان عند الصحابي يفيد اليقين ؛ فهو عندهم يفيد اليقين .
إذًا عند الصحابي جاز نسخ الآية بالحديث ؛ لأنَّ الحديث عنده يقين تلقَّاه من رسول الله مباشرةً ، عند التابعي الذي سَمِعَه منه لا يُفيد اليقين ، فلا يجوز على فلسفة عدم جواز نسخ الآية بالحديث حديث الآحاد لا يجوز عند التابعي أن ينسخ تلك الآية بهذا الحديث ، وهكذا إلى الثلاثة قرون أو الأربعة قرون حينما تتجاوب طرق الأحاديث وتتميَّز الأحاديث المتواترة أو على الأقل المستفيضة والمشهورة عن أحاديث الآحاد الفردة الغريبة ؛ فهل يُعقل في الإسلام أن يتلوَّن الإسلام ؛ فتارةً يجوز أن يُقال : هذه الآية منسوخة بالحديث ، وتارةً لا يجوز ، ثم يعاد فيُقال : يجوز ، لماذا ؟ لأن الحديث أصبح متواترًا .
ثم هل من الميسَّر المذلَّل لعامة علماء المسلمين فضلًا عن عوامِّهم ؛ هل من الميسَّر المذلَّل أن يعرف علماء المسلمين الأحاديث المتواترة من غير الأحاديث المتواترة ؟ هذا أفراد من علماء الحديث الفحول كالبخاري ومسلم وأمثاله هم الذين يستطيعون أن يقولوا : هذا حديث متواتر ، أما جماهير علماء الحديث فضلًا عن الفقهاء والمفسِّرين وغيرهم ؛ فهذا ليس من المُمكن بالنسبة إليهم أن يُميِّزوا المتواتر من الآحاد أو من الفرد الغريب ، فمثل هذا الحديث الذي يتعدَّد صورة قوَّته أو نسبة قوَّته لا يُعقل أن الله - عز وجل - يكلِّف العباد بما لا يطيقون أيضًا .
فهذا الحديث ورد إليك آحادًا لا تنسخ الآية به ، فإذا ورد إلى شخص آخر بطريق التواتر نسخ الآية به ، لكن هذا الذي ورد الحديث إليه بالتواتر فأخبَرَني أنا أنُّو هذا حديث متواتر ، فجاز لي أن أقول بأن الآية منسوخة ، هل يجوز لي أن أقبَلَ حكمَه ؟ المفروض أنه يجوز لي ؛ لأن الله يقول : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) ، لكن كثير من الناس مَن لا يتنبَّه أن هذا الحديث المتواتر عند الشَّيخ حينما نقلَ ذلك إلى تلميذه انقطع التواتر بالنسبة إليه ؛ لأنَّ الشَّيخ هو عنده متواتر ، لكن الشَّيخ المُخبِر والتلميذ هو واحد ؛ إذًا صار آحاد ، فمعناه التلميذ لازم ينتظر بقى عشرات أئمة الحديث كل واحد - إي نعم - يقول : هذا متواتر حتى يجوز ، هذا يا جماعة مش معقول يكون في الإسلام مثل هذا !
عيد عباسي : صار منسوخًا .
الشيخ : كان مقرَّرًا ثم صار منسوخًا ، نعم ؛ فما دام أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مكلَّف بالبيان كل البيان ، ومن ذلك بيان أنُّو هذا النَّص منسوخ وهذا هو الناسخ ؛ فما الذي يمنع أن يكون الرسول - عليه السلام - قد بيَّن نَسْخَ حكمٍ ما ثابت هذا الحكم في القرآن وبيَّنه بكلامه - عليه الصلاة والسلام - ، وهو مأمور بمثل هذا البيان ؟
فإذًا التفريق بين وجوب بيان أنواع من الأحكام بالسنة ولا يجوز بيان حكم معيَّن بالسنة ؛ وهو ما كان ثابتًا في القرآن فلا يجوز بيانه بالسنة ؛ هذا كلام أوَّلًا غير مهضوم نظريًّا ، ثم منافٍ للأمر العام الموجَّه إلى قلب الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الآية السابقة : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، وأيضًا فكون الحديث آحاد أو متواترًا هذا أمرٌ طارئ بعد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
نعم ؟
عيد عباسي : ... في نفسه ... .
الشيخ : هذا أمر طارئ بعد الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، فلا ينبغي أن يختلف الحكم لِمَا طرأ فيما بعد من اصطلاحات علمية أو فكرية أو نظرية بعد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلو قلنا : إنَّ هذا ممكن أن يختلف الحكم عمَّا كان عليه في زمن الرسول يختلف الحكم فيما بعد عمَّا كان عليه في زمن الرسول - عليه السلام - ؛ هذا معناه الإقرار بتغيير الشريعة بسبب اصطلاحات أو ملابسات أحاطت ببعض نصوص الشريعة ، ولنضرب على هذا مثلًا ؛ متى جُمعت السنة ؟ كلنا يعلم أن بدء جمعها كان في منتصف القرن الثاني بدء الجمع ، لكن الاستقصاء للجمع بحيث أنَّ الطرق تتجاوب وتتكاتف في الحديث الواحد هذا ما ظهر للعلماء إلا بعد أن توسَّعوا في طلب السنة من مختلف الأقطار الإسلامية التي انتشر فيها الصحابة والتابعون بسبب الفتوحات الإسلامية ، إذ الأمر كذلك فلم يكن من الممكن - مثلًا - في عهد الصحابة وعهد التابعين أن يُقال عن حديث هو اليوم من أشهر أمثلة الحديث المتواتر ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : ( من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار ) ؛ لم يمكن يوم ذاك أن يُقال عن مثل هذا الحديث : إنه حديث متواتر ؛ لأنُّو شرط التواتر " أن يرويه جمعٌ عن جمعٍ إلى منتهاه يستحيل تواطؤهم على الكذب " ، كيف يمكن تصوُّر هذا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريب عهد بالوفاة ، والصحابة قد تفرَّقوا في البلاد ؟
فالصحابي الذي سمِعَ حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه نسخ آية ، هذا الحديث بالنسبة لهذا الصحابي صالح لنسخ الآية ؛ لأنُّو هو سمعه من الرسول - عليه السلام - يقينًا مباشرةً ، وإذا بالطبقة الثانية يختلف الأمر ؛ لأنَّ الصحابي الذي يُحدِّث التابعي بهذا الحديث يصبح هذا الحديث عند التابعي آحاد ؛ فهو لا يفيد عنده القطع ، بينما كان مقطوعًا به عند الصحابي ، فجاز عند الصحابي نسخ الآية بهذا الحديث ولم يجُزْ عند التابعي ، وأولى وأولى بالنسبة لِمَن يأتي بعده ، لكن يعود الأمر كما كان بالنسبة للصحابي ؛ حينما يأتي صحابي آخر يروي هذا الحديث إلى تابعيٍّ آخر وصحابي ثالث ورابع و و إلى آخره ، فتتجمَّع الطرق عند أئمة الحديث ، فيصبح هذا الحديث عند أئمة الحديث متواترًا كما كان عند الصحابي يفيد اليقين ؛ فهو عندهم يفيد اليقين .
إذًا عند الصحابي جاز نسخ الآية بالحديث ؛ لأنَّ الحديث عنده يقين تلقَّاه من رسول الله مباشرةً ، عند التابعي الذي سَمِعَه منه لا يُفيد اليقين ، فلا يجوز على فلسفة عدم جواز نسخ الآية بالحديث حديث الآحاد لا يجوز عند التابعي أن ينسخ تلك الآية بهذا الحديث ، وهكذا إلى الثلاثة قرون أو الأربعة قرون حينما تتجاوب طرق الأحاديث وتتميَّز الأحاديث المتواترة أو على الأقل المستفيضة والمشهورة عن أحاديث الآحاد الفردة الغريبة ؛ فهل يُعقل في الإسلام أن يتلوَّن الإسلام ؛ فتارةً يجوز أن يُقال : هذه الآية منسوخة بالحديث ، وتارةً لا يجوز ، ثم يعاد فيُقال : يجوز ، لماذا ؟ لأن الحديث أصبح متواترًا .
ثم هل من الميسَّر المذلَّل لعامة علماء المسلمين فضلًا عن عوامِّهم ؛ هل من الميسَّر المذلَّل أن يعرف علماء المسلمين الأحاديث المتواترة من غير الأحاديث المتواترة ؟ هذا أفراد من علماء الحديث الفحول كالبخاري ومسلم وأمثاله هم الذين يستطيعون أن يقولوا : هذا حديث متواتر ، أما جماهير علماء الحديث فضلًا عن الفقهاء والمفسِّرين وغيرهم ؛ فهذا ليس من المُمكن بالنسبة إليهم أن يُميِّزوا المتواتر من الآحاد أو من الفرد الغريب ، فمثل هذا الحديث الذي يتعدَّد صورة قوَّته أو نسبة قوَّته لا يُعقل أن الله - عز وجل - يكلِّف العباد بما لا يطيقون أيضًا .
فهذا الحديث ورد إليك آحادًا لا تنسخ الآية به ، فإذا ورد إلى شخص آخر بطريق التواتر نسخ الآية به ، لكن هذا الذي ورد الحديث إليه بالتواتر فأخبَرَني أنا أنُّو هذا حديث متواتر ، فجاز لي أن أقول بأن الآية منسوخة ، هل يجوز لي أن أقبَلَ حكمَه ؟ المفروض أنه يجوز لي ؛ لأن الله يقول : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) ، لكن كثير من الناس مَن لا يتنبَّه أن هذا الحديث المتواتر عند الشَّيخ حينما نقلَ ذلك إلى تلميذه انقطع التواتر بالنسبة إليه ؛ لأنَّ الشَّيخ هو عنده متواتر ، لكن الشَّيخ المُخبِر والتلميذ هو واحد ؛ إذًا صار آحاد ، فمعناه التلميذ لازم ينتظر بقى عشرات أئمة الحديث كل واحد - إي نعم - يقول : هذا متواتر حتى يجوز ، هذا يا جماعة مش معقول يكون في الإسلام مثل هذا !
- تسجيلات متفرقة - شريط : 237
- توقيت الفهرسة : 00:20:20
- نسخة مدققة إملائيًّا