هل يجوز لقارئ القرآن أن يقرأ بالقرآءات المتواترة المشهورة في الصلاة وخارجها ونصيحة الشيخ بمراعاة أحوال الناس والتلطف بهم عند إرشادهم وهدايتهم .؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا ، لو تكرمت تبين لنا بتفصيل هل يجوز لقارئ القرآن أن يقرأ باختلاف الرواية سواء كان إمام داخل الصلاة أو خارج الصلاة , والدليل على الإيجاز بارك الله فيك .؟
الشيخ : إذا كانت الرواية التي يقرأ بها قد تلقاها من أهل العلم المتخصصين في القراءات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيجوز له أن يقرأ بها ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : ( أُنزل القرآن على سبعة أحرف ) وقد فسر كثير من العلماء أن الأحرف هي أوجه القراءة التي كان يقرأ الرسول - عليه السلام - بها في حياته ، وجاءت أحاديث كثيرة تبين أن بعض الصحابة حينما كان يسمع من آخر قراءة لم يسمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يُبادر إلى إنكارها , ولكنه يتثبت ويذهب مع صاحبه المخالف له في القراءة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيعرض عليه ما سمع من صاحبه القراءة التي هو كان لا يعرفها من قبل ، فيقول الرسول - عليه السلام - : ( هكذا أنزلت ) فإذا كانت القراءة التي يقرأها هذا الإمام أو ذاك من القراءات الصحيحة والمتلقاة من أهل الاختصاص بالقراءات فهو أمر جائز ومشروع .
ولكن عندي ملاحظة شخصية بأن هذه القراءة الصحيحة إذا لم تكن مشهورة بين بعض الناس فلا ينبغي للإمام أن يفجأهم بها ؛ لأن من جهل شيء عاداهُ ، أما إذا كان في مجلسٍ خاصٍ أو كان يؤم ناسا يعرفونه ويعرفهم ، ويعرفون أنه يقرأ بقراءةٍ أخرى صحيحة ، ولو أنها كانت غير معروفة لديهم لكنهم بحكم مصاحبتهم لهذا الإمام أو لهذا القارئ عرفوا منه أنه يقرأ بقراءة صحيحة ، وإن كانت غير مشهورة سابقًا لديهم ، في هذه الحالة له أن يقرأ ذلك ، أما إذا أم الناس وفيهم وفيهم أشكال وألوان فلا ينبغي أن يفجأهم بالقراءة التي لا يعرفونها , وهذا من باب الأدب الذي تلقيناه من بعض الصحابة الذين كانوا يقولون : " خاطبوا الناس على قدر عقولهم " أو نحو ذلك من المعنى ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟! فما ينبغي للعالم أو للإمام أن يفجأ الناس بشيء يستنكرونه , ولابد من أن يقدم إليهم مقدمة ، وهذه المقدمة قد تتيسر في بعض الأحيان ، وقد لا تتيسر .
وأنا أذكر لكم بهذه المناسبة أنني كثيرًا ما كنت أسافر إلى الحج أو العمرة فأنزل في بعض البلاد أو القرى ممن نعرف هناك من بعض إخواننا فيقدمونني إمامًا فأقول للمقدم لي أقول : يا أخي أنت تعرف أني أنا مسافر وأن المسافر عليه أن يقصر وجوبًا ، وأنا سأصلي وأقصر ، والناس غير معتادين ، هؤلاء مقيمين ، بدهم يصلوا مثلاً العصر خلفي ، بدهم يصلوا أربع ركعات ، أنا بدي أصلي ركعتين ، فيقول لي وهو على شيء من العلم ، معليش يا أخي خليه يتعلموا ، وهذا كلام صحيح ، خليه يتعلموا ، وفعلاً الذي خشيته وقع ، بالرغم أني ما كبرت إلا بعد أن عملت محاضرة وأنا واقف ، وبيّنت لهم السنة وأنه أنا إمام , الآن يقترح علي أن أؤمكم ، وأنا أقتدي بسنة الرسول عليه السلام ؛ ولذلك فسأصلي ركعتين ، وأنا سوف لا أسلم عن يميني تسليمًا تسمعونه ، أسلم سرًا حتى ما تسلموا معي ، أُسلم سرًا وأخاطبكم بلسانٍ عربيٍ مبين ، فأقول لكم: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ، ثم التفت يسارًا فأقول السلام عليكم ، بالرغم من المحاضرة الطويلة العريضة بعدما سلمت ناس أخطأوا وسلموا معي , وناس أصابوا وقاموا لكن إيش فعلوا ؟ قالوا للذي قدمني : يا أخي ليش قدمت لنا هذا الرجل عمل علينا شوشرة و و إلى آخره ، فالناس الحقيقة مثل الصلاة يجب أن تطرق مسامعهم المرة بعد المرة ، والكرة بعد الكرة حتى يرسخ في أذهانهم أن الإمام المسافر يصلي ركعتين ، فإذا سلم عرفوا أن عليهم أن يتموا صلاتهم ، فلا ينبغي للعالم الحكيم أن يفجأ الناس ويضربهم هكذا ضرب بالأمور ولو كانت حقًا ، وإنما يجب أن يُمهد لها تمهيدًا ، وهذا من آداب الرسول - عليه السلام - التي ظهرت في كثير من الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
وهذا في الواقع يفتح لنا بابًا من العلم يجب أن نذكر به وهو .؟ أن العالم يجب عليه فعلاً أن ينصح الناس وأن يرشدهم وأن يذكرهم ، كما قال تعالى : (( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) ولكن عليه أن يُمهد لذلك .
لقد جاء في الصحيحين البخاري ومسلم ، من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما دخل مكة فاتحا ، دخل جوف الكعبة وصلى فيها ركعتين , ثم خرج ، فأرادت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أن تقتدي بزوجها ونبيها - صلى الله عليه وسلم - وتصلي في جوف الكعبة ، وتعلمون أن الكعبة الآن كما كان في ذاك الزمان ، لا يمكن الدخول إلى جوف الكعبة إلا بسلم , وهكذا يعني ورث المسلمون الكعبة بهذا الباب العالي , فلو أرادت امرأة ، بل وأراد رجل أن يدخل الكعبة فيجب أن يجهد نفسه ويتعبها حتى يستطيع أن يصعد , فقال للسيدة عائشة : ( يا عائشة ، صلي في الحجر فإنه من الكعبة ، وإن قومك لما بنوا الكعبة قصرت بهم النفقة ) أي أخرجوا الحجر عن الكعبة ، وما استطاعوا أن يبنوا الكعبة ويكون في جوفها الحجر ، والشاهد أن الرسول - عليه السلام - قال في تمام حديثه : ( ولولا أن قومك حديثوا عهدٍ بالشرك لهدمتُ الكعبة ، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام ) أي لأدخل الحجر إلى الكعبة ( ولجعلت له بابين مع الأرض ) ما أحلاه هذا ( بابين مع الأرض ، بابًا يدخلون منه ، وبابًا يخرجون منه ) ما فعل الرسول - عليه السلام - هذا ؛ لماذا ؟ خشي أن يحدث هدم الكعبة ضعضعةً في قلوب بعض الناس الذين كانوا بحاجة إلى تقوية إيمانهم ، فأخر الرسول - عليه السلام - هذا الأمر إلى أمر وإلى وقتٍ يريده الله - تبارك وتعالى - وللقصة تتمة مع الأسف ، حيث قيض الله لهذا البيت الحرام ، ولهذه الكعبة المشرفة من نفذ رغبة الرسول - عليه السلام - في زمانه ألا وهو عبد الله بن الزبير ، ولكن السياسة الغاشمة أعادت البيت إلى ما كان عليه بحجة أن هذا الذي فعل , وأحدث هذا الأمر خالف البيت الذي تركه الرسول - عليه السلام - عليه , لم يكن قد بلغه حديث عائشة والذي نفذ حديث عائشة هو ابن أختها عبد الله بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر أخت السيدة عائشة . فعبد الله بن الزبير لما تمكن من هذا الإصلاح نفذه فعلاً ، لكن كان ذلك في فتنة قامت بينه وبين الأمويين وبصورة خاصة عبد الملك بن مروان ، وكان نهاية الفتنة مع الأسف أنه قُتل وصلبه الحجاج إلى آخر ما هنالك .
فلما استوطن الأمر لعبد الملك أمر بإعادة الكعبة إلى ما كانت عليه في زمن الجاهلية ، وفي مجلس هادئ في مجلسه تعرض لهذه القضية فأحد الحاضرين تبليغًا للأمانة العلمية ، قال له : يا أمير المؤمنين إن ما فعله عبد الله بن الزبير هو ما حدَّث به النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة وذكر هذه القصة , فقال عبد الملك : لو علمت ذلك لتركته كما فعل ، مع الأسف الشديد .
الشاهد : أن من السياسة الشرعية أن يتلطف الإنسان في إرشاد الناس وفي هدايتهم بما يستطيع من أساليب ، ولا نعني بهذا أبدًا مسايرة الناس بكتمان العلم ، وكتمان الحقيقة و هذا شيء آخر ، فالواقع أن الناس كل الناس ما بين إفراط وتفريط , والتفريط أكثر ، وهو إضاعة العلم وإضاعة النصيحة , والمغالون الذين لا يتخذون الأساليب الحكيمة في تعليم الناس وفي تبليغهم ؛ ولذلك الحق كما قال تعالى : (( وكان بين ذلك قواما )) يعني لا يكتم العلم باسم السياسة الشرعية , ولا يُنفذ العلم بالقوة باسم ( بلغوا الناس مثلاً ولو آية ) لا (( ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) .
فإذا إذا قرأ الإمام قراءة ثابتة ومتلقاة من أهل العلم المختصين ، الأصل أنه لا شيء في ذلك ، ولكن يجب أن لا يفجأ الناس بما لا يعلمون ، وأن يمهد لما يريد أن يعلمهم به .
الشيخ : إذا كانت الرواية التي يقرأ بها قد تلقاها من أهل العلم المتخصصين في القراءات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيجوز له أن يقرأ بها ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : ( أُنزل القرآن على سبعة أحرف ) وقد فسر كثير من العلماء أن الأحرف هي أوجه القراءة التي كان يقرأ الرسول - عليه السلام - بها في حياته ، وجاءت أحاديث كثيرة تبين أن بعض الصحابة حينما كان يسمع من آخر قراءة لم يسمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يُبادر إلى إنكارها , ولكنه يتثبت ويذهب مع صاحبه المخالف له في القراءة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيعرض عليه ما سمع من صاحبه القراءة التي هو كان لا يعرفها من قبل ، فيقول الرسول - عليه السلام - : ( هكذا أنزلت ) فإذا كانت القراءة التي يقرأها هذا الإمام أو ذاك من القراءات الصحيحة والمتلقاة من أهل الاختصاص بالقراءات فهو أمر جائز ومشروع .
ولكن عندي ملاحظة شخصية بأن هذه القراءة الصحيحة إذا لم تكن مشهورة بين بعض الناس فلا ينبغي للإمام أن يفجأهم بها ؛ لأن من جهل شيء عاداهُ ، أما إذا كان في مجلسٍ خاصٍ أو كان يؤم ناسا يعرفونه ويعرفهم ، ويعرفون أنه يقرأ بقراءةٍ أخرى صحيحة ، ولو أنها كانت غير معروفة لديهم لكنهم بحكم مصاحبتهم لهذا الإمام أو لهذا القارئ عرفوا منه أنه يقرأ بقراءة صحيحة ، وإن كانت غير مشهورة سابقًا لديهم ، في هذه الحالة له أن يقرأ ذلك ، أما إذا أم الناس وفيهم وفيهم أشكال وألوان فلا ينبغي أن يفجأهم بالقراءة التي لا يعرفونها , وهذا من باب الأدب الذي تلقيناه من بعض الصحابة الذين كانوا يقولون : " خاطبوا الناس على قدر عقولهم " أو نحو ذلك من المعنى ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟! فما ينبغي للعالم أو للإمام أن يفجأ الناس بشيء يستنكرونه , ولابد من أن يقدم إليهم مقدمة ، وهذه المقدمة قد تتيسر في بعض الأحيان ، وقد لا تتيسر .
وأنا أذكر لكم بهذه المناسبة أنني كثيرًا ما كنت أسافر إلى الحج أو العمرة فأنزل في بعض البلاد أو القرى ممن نعرف هناك من بعض إخواننا فيقدمونني إمامًا فأقول للمقدم لي أقول : يا أخي أنت تعرف أني أنا مسافر وأن المسافر عليه أن يقصر وجوبًا ، وأنا سأصلي وأقصر ، والناس غير معتادين ، هؤلاء مقيمين ، بدهم يصلوا مثلاً العصر خلفي ، بدهم يصلوا أربع ركعات ، أنا بدي أصلي ركعتين ، فيقول لي وهو على شيء من العلم ، معليش يا أخي خليه يتعلموا ، وهذا كلام صحيح ، خليه يتعلموا ، وفعلاً الذي خشيته وقع ، بالرغم أني ما كبرت إلا بعد أن عملت محاضرة وأنا واقف ، وبيّنت لهم السنة وأنه أنا إمام , الآن يقترح علي أن أؤمكم ، وأنا أقتدي بسنة الرسول عليه السلام ؛ ولذلك فسأصلي ركعتين ، وأنا سوف لا أسلم عن يميني تسليمًا تسمعونه ، أسلم سرًا حتى ما تسلموا معي ، أُسلم سرًا وأخاطبكم بلسانٍ عربيٍ مبين ، فأقول لكم: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ، ثم التفت يسارًا فأقول السلام عليكم ، بالرغم من المحاضرة الطويلة العريضة بعدما سلمت ناس أخطأوا وسلموا معي , وناس أصابوا وقاموا لكن إيش فعلوا ؟ قالوا للذي قدمني : يا أخي ليش قدمت لنا هذا الرجل عمل علينا شوشرة و و إلى آخره ، فالناس الحقيقة مثل الصلاة يجب أن تطرق مسامعهم المرة بعد المرة ، والكرة بعد الكرة حتى يرسخ في أذهانهم أن الإمام المسافر يصلي ركعتين ، فإذا سلم عرفوا أن عليهم أن يتموا صلاتهم ، فلا ينبغي للعالم الحكيم أن يفجأ الناس ويضربهم هكذا ضرب بالأمور ولو كانت حقًا ، وإنما يجب أن يُمهد لها تمهيدًا ، وهذا من آداب الرسول - عليه السلام - التي ظهرت في كثير من الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
وهذا في الواقع يفتح لنا بابًا من العلم يجب أن نذكر به وهو .؟ أن العالم يجب عليه فعلاً أن ينصح الناس وأن يرشدهم وأن يذكرهم ، كما قال تعالى : (( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) ولكن عليه أن يُمهد لذلك .
لقد جاء في الصحيحين البخاري ومسلم ، من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما دخل مكة فاتحا ، دخل جوف الكعبة وصلى فيها ركعتين , ثم خرج ، فأرادت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أن تقتدي بزوجها ونبيها - صلى الله عليه وسلم - وتصلي في جوف الكعبة ، وتعلمون أن الكعبة الآن كما كان في ذاك الزمان ، لا يمكن الدخول إلى جوف الكعبة إلا بسلم , وهكذا يعني ورث المسلمون الكعبة بهذا الباب العالي , فلو أرادت امرأة ، بل وأراد رجل أن يدخل الكعبة فيجب أن يجهد نفسه ويتعبها حتى يستطيع أن يصعد , فقال للسيدة عائشة : ( يا عائشة ، صلي في الحجر فإنه من الكعبة ، وإن قومك لما بنوا الكعبة قصرت بهم النفقة ) أي أخرجوا الحجر عن الكعبة ، وما استطاعوا أن يبنوا الكعبة ويكون في جوفها الحجر ، والشاهد أن الرسول - عليه السلام - قال في تمام حديثه : ( ولولا أن قومك حديثوا عهدٍ بالشرك لهدمتُ الكعبة ، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام ) أي لأدخل الحجر إلى الكعبة ( ولجعلت له بابين مع الأرض ) ما أحلاه هذا ( بابين مع الأرض ، بابًا يدخلون منه ، وبابًا يخرجون منه ) ما فعل الرسول - عليه السلام - هذا ؛ لماذا ؟ خشي أن يحدث هدم الكعبة ضعضعةً في قلوب بعض الناس الذين كانوا بحاجة إلى تقوية إيمانهم ، فأخر الرسول - عليه السلام - هذا الأمر إلى أمر وإلى وقتٍ يريده الله - تبارك وتعالى - وللقصة تتمة مع الأسف ، حيث قيض الله لهذا البيت الحرام ، ولهذه الكعبة المشرفة من نفذ رغبة الرسول - عليه السلام - في زمانه ألا وهو عبد الله بن الزبير ، ولكن السياسة الغاشمة أعادت البيت إلى ما كان عليه بحجة أن هذا الذي فعل , وأحدث هذا الأمر خالف البيت الذي تركه الرسول - عليه السلام - عليه , لم يكن قد بلغه حديث عائشة والذي نفذ حديث عائشة هو ابن أختها عبد الله بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر أخت السيدة عائشة . فعبد الله بن الزبير لما تمكن من هذا الإصلاح نفذه فعلاً ، لكن كان ذلك في فتنة قامت بينه وبين الأمويين وبصورة خاصة عبد الملك بن مروان ، وكان نهاية الفتنة مع الأسف أنه قُتل وصلبه الحجاج إلى آخر ما هنالك .
فلما استوطن الأمر لعبد الملك أمر بإعادة الكعبة إلى ما كانت عليه في زمن الجاهلية ، وفي مجلس هادئ في مجلسه تعرض لهذه القضية فأحد الحاضرين تبليغًا للأمانة العلمية ، قال له : يا أمير المؤمنين إن ما فعله عبد الله بن الزبير هو ما حدَّث به النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة وذكر هذه القصة , فقال عبد الملك : لو علمت ذلك لتركته كما فعل ، مع الأسف الشديد .
الشاهد : أن من السياسة الشرعية أن يتلطف الإنسان في إرشاد الناس وفي هدايتهم بما يستطيع من أساليب ، ولا نعني بهذا أبدًا مسايرة الناس بكتمان العلم ، وكتمان الحقيقة و هذا شيء آخر ، فالواقع أن الناس كل الناس ما بين إفراط وتفريط , والتفريط أكثر ، وهو إضاعة العلم وإضاعة النصيحة , والمغالون الذين لا يتخذون الأساليب الحكيمة في تعليم الناس وفي تبليغهم ؛ ولذلك الحق كما قال تعالى : (( وكان بين ذلك قواما )) يعني لا يكتم العلم باسم السياسة الشرعية , ولا يُنفذ العلم بالقوة باسم ( بلغوا الناس مثلاً ولو آية ) لا (( ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) .
فإذا إذا قرأ الإمام قراءة ثابتة ومتلقاة من أهل العلم المختصين ، الأصل أنه لا شيء في ذلك ، ولكن يجب أن لا يفجأ الناس بما لا يعلمون ، وأن يمهد لما يريد أن يعلمهم به .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 260
- توقيت الفهرسة : 00:29:53
- نسخة مدققة إملائيًّا