هل يجوز الخلط بين القراءتين في وقت واحد ؟
A-
A=
A+
السائل : يعني يجوز الخلط بين قراءتين أو ثلاث قراءات في وقت واحد ؟
الشيخ : إي نعم ، هذا سؤاله هذا كبيرًا ، والجواب : نعم ، خلافًا لما يُسمع من بعض القرَّاء ؛ الحقيقة أبو معاذ أصاب القرَّاء ما أصابَ الفقهاء المتأخِّرين ؛ هل يجوز الخلط بين المذاهب ؟ نحن نقول : يجوز ولا يجوز ؛ يجوز أن نأخذ من كلِّ مذهبٍ ما وافق الكتاب والسنة ، لكن لا يجوز أن نأخذ من كلِّ مذهبٍ ما يوافق شهواتنا وأهواءَنا ، عرفت كيف ؟ هذا يسمَّى تلفيقًا ، والتلفيق لا يجوز ؛ لأنُّو التلفيق طريق للتخلُّص من الأحكام الشرعية ؛ إن ما صحَّ في هذا المذهب صحَّ في هذا المذهب ، ما جاز في هذا المذهب جاز في هذا المذهب ، وبهذه الطريقة من التلفيق يتخلَّص المسلم من التكاليف الشرعية ، هذا التلفيق لا يجوز .
أما إذا كان ديدنه أن يتتبَّعَ الصحيح من كلِّ مذهبٍ سواء كان له أو كان عليه فهذا هو الاتباع ، وهذا هو الانطلاق على بصيرة كما قال - تعالى - : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) ، نحن نضرب مثلًا ؛ أنا - مثلًا - نشأت حنفيًّا ابن حنفيٍّ ، والمذهب الذي نشأتُ فيه ونشأ فيه أبي من قبلي يرى أن خروج الدم بمقدار الألف ينقض الوضوء ، فأنا لما ربنا - عز وجل - يسَّر لي دراسة السنة والاطِّلاع عليها وجدت أوَّلًا : أنه لا دليل على أن هذا الدم القليل ينقض الوضوء ، وعلى العكس من ذلك ؛ وجدت ما يدل على أن الدم مهما كان كثيرًا فهو لا ينقض الوضوء ، ومن ذلك قصة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حينما رجع من إحدى الغزوات وأمسَى بهم المساء في وادٍ ، وبطبيعة الحال بدهم يناموا ويباتوا في ذلك الوادي ليستريحوا من وعثاء السفر ، لكن وهم راجعون من الغزو فَمِن الحكمة أنَّ قائد الجيش وبخاصَّة هو محمد بن عبد الله - صلوات الله وسلامه عليه - لا بد أن يتحفَّظَ من أن يباغِتَه عدوٌّ وهو نائمٌ وجيشه ؛ ولذلك كان من الحكمة ومن السياسة العسكرية أن قال لأصحابه الذين حولَه : ( مَن يكلَؤُنا الليلة ؟ ) مَن يحفظنا الليلة ، من يحرسنا ؟ فقام شابَّان من الأنصار أحدهما أوسيٌّ والآخر خزرجيٌّ ، فقالا : نحن يا رسول الله . يعني نقوم بهذا الواجب ، واجب الحراسة .
وهذا للاستجابة السريعة من هذين الشَّابَّين الأنصاريَّين أمرٌ بدهيٌّ جدًّا ؛ لأنهم رُبُّوا على عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاشوا تحت كنفه وتربيته أحسن تربية ، ومن تربيته - عليه السلام - لِهؤلاء الأصحاب الكرام أنه كان يُذكِّرهم دائمًا بمثل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( عينان لا تمسُّهما النار ؛ عينٌ بكت من خشية الله ، وعينٌ حرست في سبيل الله ) ؛ فإذًا كان من الطبيعي أن يسارع هذان الشابَّان إلى تحقيق طلبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( مَن يكلَؤُنا الليلة ؟ ) قالا : نحن يا رسول الله . فقال لهما : ( كونا على فم الشِّعب ) . الشِّعب طريق مثل ما منشوف الطرق في هذه الأجبل ، الجبال ، طريق ضيِّق هيك يمشوا فيه الناس . هذا هو الشِّعب ، قال لهما : ( كونا على فم الشِّعب ) فانطلقا ، واستلما الحراسة التي وَكَلَ أمرها إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
لكنهما من عقلهما ودينهما لم يَرَيَا من الفائدة أن يُضيَّع ذلك الوقت فقط في الحراسة ، وإنما وفي عبادة الله - سبحانه وتعالى - ، فاتَّفقا على أن يتناوبا الحراسة . هذا يحرس نصف الليل بينما الآخر ينام ليتبادَلَ الحراسة فيما بعد ، فقام أحدهما يحرس ، ثم من طمعه في الخير لم يكتفِ بالقيام بوظيفة الحراسة فقط ، بل قام يصلي وهو يراقب ، والذي خَشِيَه الرسول - عليه السلام - من أن يباغته عدوٌّ ولذلك جعل هذَين الحارسين ... حيث كان هناك عينٌ من عيون الكفار المشركين ، وهذا العين - أي : الجاسوس - كان خارج القرية التي غزاها الرسول - عليه السلام - ، فلما رجع إلى قريته وجد الدنيا قائمة قاعدة ، إيش الخبر ؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هجم على القرية ، وقتل مَن قتل ، وسبى مَن سبى من الرجال والنساء ، وكان هذا الرجل من جملة مَن قُتِلَ له وسُبِيَ له من نساء وبنات وإلى آخره ؛ لذلك قال : لا أدخل القرية حتى أثأَرَ ثأرًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولذلك فهو انطلق يتتبَّع آثار جيش الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى رآهم نزلوا في ذلك الوادي ، فهو كَمَنَ وتخبَّأ وراء صخرة يترقَّب الفرصة السانحة ليهرب ؟ ليأخذ بثأره ، وإذا به يجد الشابَّين هدول يقفان أمامه في مرمى قوسه ، لكن أحدهما - كما قلنا - يضع جنبه ينام ، وذلك ينتصب يصلي ، فما كان منه إلا أن أخرج سهمًا من كنانته ووضعه في قوسه وسدَّدَه إلى الصحابي القائم يصلي .
يقول راوي الحديث - وهو جابر بن عبد الله الأنصاري - : فوضعها في ساقه . لا يقول : رماه في ساقه . هذا أسلوب عربي بديع جدًّا ؛ كأنه وضعها وضع اليد من دقَّة .
سائل آخر : ... .
الشيخ : أيوا ، من دقَّة الإصابة ، فوضعها في ساقه ، فنضح الدم منه ؛ فماذا فعل هذا الصحابي ؟ ماذا فعل ؟ لم يقطَعْ صلاته - وهذا هو الشاهد الآن - بل انحنى قليلًا وأخذ الحربة وكأنما يُخرج من ساقه شوكة ، ورماها هكذا ، واستمرَّ يصلي ، ورماه المرَّة الثانية فوضعها في ساقه ، ورماه المرة الثالثة فوضعها في ساقة ؛ حتى أتمَّ الرجل ركعتين ، ثم إما استيقظ صاحبه أو أيقَظَه . المهم صاحبه النائم هالَهُ الأمر ؛ الدماء تسيل منه ، فقال له - الجريح قال - : لقد كنتُ في سورة أقرؤها - هذا هو الذكر ؛ اللفظ والقلب واحد - لقد كنت في سورة أقرؤها ، ولولا أني خشيت أن أُضيِّعَ ثغرًا وضعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حراسته لَكان ... .
الشيخ : إي نعم ، هذا سؤاله هذا كبيرًا ، والجواب : نعم ، خلافًا لما يُسمع من بعض القرَّاء ؛ الحقيقة أبو معاذ أصاب القرَّاء ما أصابَ الفقهاء المتأخِّرين ؛ هل يجوز الخلط بين المذاهب ؟ نحن نقول : يجوز ولا يجوز ؛ يجوز أن نأخذ من كلِّ مذهبٍ ما وافق الكتاب والسنة ، لكن لا يجوز أن نأخذ من كلِّ مذهبٍ ما يوافق شهواتنا وأهواءَنا ، عرفت كيف ؟ هذا يسمَّى تلفيقًا ، والتلفيق لا يجوز ؛ لأنُّو التلفيق طريق للتخلُّص من الأحكام الشرعية ؛ إن ما صحَّ في هذا المذهب صحَّ في هذا المذهب ، ما جاز في هذا المذهب جاز في هذا المذهب ، وبهذه الطريقة من التلفيق يتخلَّص المسلم من التكاليف الشرعية ، هذا التلفيق لا يجوز .
أما إذا كان ديدنه أن يتتبَّعَ الصحيح من كلِّ مذهبٍ سواء كان له أو كان عليه فهذا هو الاتباع ، وهذا هو الانطلاق على بصيرة كما قال - تعالى - : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) ، نحن نضرب مثلًا ؛ أنا - مثلًا - نشأت حنفيًّا ابن حنفيٍّ ، والمذهب الذي نشأتُ فيه ونشأ فيه أبي من قبلي يرى أن خروج الدم بمقدار الألف ينقض الوضوء ، فأنا لما ربنا - عز وجل - يسَّر لي دراسة السنة والاطِّلاع عليها وجدت أوَّلًا : أنه لا دليل على أن هذا الدم القليل ينقض الوضوء ، وعلى العكس من ذلك ؛ وجدت ما يدل على أن الدم مهما كان كثيرًا فهو لا ينقض الوضوء ، ومن ذلك قصة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حينما رجع من إحدى الغزوات وأمسَى بهم المساء في وادٍ ، وبطبيعة الحال بدهم يناموا ويباتوا في ذلك الوادي ليستريحوا من وعثاء السفر ، لكن وهم راجعون من الغزو فَمِن الحكمة أنَّ قائد الجيش وبخاصَّة هو محمد بن عبد الله - صلوات الله وسلامه عليه - لا بد أن يتحفَّظَ من أن يباغِتَه عدوٌّ وهو نائمٌ وجيشه ؛ ولذلك كان من الحكمة ومن السياسة العسكرية أن قال لأصحابه الذين حولَه : ( مَن يكلَؤُنا الليلة ؟ ) مَن يحفظنا الليلة ، من يحرسنا ؟ فقام شابَّان من الأنصار أحدهما أوسيٌّ والآخر خزرجيٌّ ، فقالا : نحن يا رسول الله . يعني نقوم بهذا الواجب ، واجب الحراسة .
وهذا للاستجابة السريعة من هذين الشَّابَّين الأنصاريَّين أمرٌ بدهيٌّ جدًّا ؛ لأنهم رُبُّوا على عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاشوا تحت كنفه وتربيته أحسن تربية ، ومن تربيته - عليه السلام - لِهؤلاء الأصحاب الكرام أنه كان يُذكِّرهم دائمًا بمثل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( عينان لا تمسُّهما النار ؛ عينٌ بكت من خشية الله ، وعينٌ حرست في سبيل الله ) ؛ فإذًا كان من الطبيعي أن يسارع هذان الشابَّان إلى تحقيق طلبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( مَن يكلَؤُنا الليلة ؟ ) قالا : نحن يا رسول الله . فقال لهما : ( كونا على فم الشِّعب ) . الشِّعب طريق مثل ما منشوف الطرق في هذه الأجبل ، الجبال ، طريق ضيِّق هيك يمشوا فيه الناس . هذا هو الشِّعب ، قال لهما : ( كونا على فم الشِّعب ) فانطلقا ، واستلما الحراسة التي وَكَلَ أمرها إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
لكنهما من عقلهما ودينهما لم يَرَيَا من الفائدة أن يُضيَّع ذلك الوقت فقط في الحراسة ، وإنما وفي عبادة الله - سبحانه وتعالى - ، فاتَّفقا على أن يتناوبا الحراسة . هذا يحرس نصف الليل بينما الآخر ينام ليتبادَلَ الحراسة فيما بعد ، فقام أحدهما يحرس ، ثم من طمعه في الخير لم يكتفِ بالقيام بوظيفة الحراسة فقط ، بل قام يصلي وهو يراقب ، والذي خَشِيَه الرسول - عليه السلام - من أن يباغته عدوٌّ ولذلك جعل هذَين الحارسين ... حيث كان هناك عينٌ من عيون الكفار المشركين ، وهذا العين - أي : الجاسوس - كان خارج القرية التي غزاها الرسول - عليه السلام - ، فلما رجع إلى قريته وجد الدنيا قائمة قاعدة ، إيش الخبر ؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هجم على القرية ، وقتل مَن قتل ، وسبى مَن سبى من الرجال والنساء ، وكان هذا الرجل من جملة مَن قُتِلَ له وسُبِيَ له من نساء وبنات وإلى آخره ؛ لذلك قال : لا أدخل القرية حتى أثأَرَ ثأرًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولذلك فهو انطلق يتتبَّع آثار جيش الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى رآهم نزلوا في ذلك الوادي ، فهو كَمَنَ وتخبَّأ وراء صخرة يترقَّب الفرصة السانحة ليهرب ؟ ليأخذ بثأره ، وإذا به يجد الشابَّين هدول يقفان أمامه في مرمى قوسه ، لكن أحدهما - كما قلنا - يضع جنبه ينام ، وذلك ينتصب يصلي ، فما كان منه إلا أن أخرج سهمًا من كنانته ووضعه في قوسه وسدَّدَه إلى الصحابي القائم يصلي .
يقول راوي الحديث - وهو جابر بن عبد الله الأنصاري - : فوضعها في ساقه . لا يقول : رماه في ساقه . هذا أسلوب عربي بديع جدًّا ؛ كأنه وضعها وضع اليد من دقَّة .
سائل آخر : ... .
الشيخ : أيوا ، من دقَّة الإصابة ، فوضعها في ساقه ، فنضح الدم منه ؛ فماذا فعل هذا الصحابي ؟ ماذا فعل ؟ لم يقطَعْ صلاته - وهذا هو الشاهد الآن - بل انحنى قليلًا وأخذ الحربة وكأنما يُخرج من ساقه شوكة ، ورماها هكذا ، واستمرَّ يصلي ، ورماه المرَّة الثانية فوضعها في ساقه ، ورماه المرة الثالثة فوضعها في ساقة ؛ حتى أتمَّ الرجل ركعتين ، ثم إما استيقظ صاحبه أو أيقَظَه . المهم صاحبه النائم هالَهُ الأمر ؛ الدماء تسيل منه ، فقال له - الجريح قال - : لقد كنتُ في سورة أقرؤها - هذا هو الذكر ؛ اللفظ والقلب واحد - لقد كنت في سورة أقرؤها ، ولولا أني خشيت أن أُضيِّعَ ثغرًا وضعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حراسته لَكان ... .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 75
- توقيت الفهرسة : 00:37:28
- نسخة مدققة إملائيًّا