هل يجوز الخلط بين روايتين في آن واحد ؟
A-
A=
A+
الشيخ : غيره .
السائل : شيخنا في نفس الموضوع هناك من يقول بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - لم ينقل لنا عنهم بأنهم قرؤوا بخلط الرواية .
الشيخ : خلط الرواية .؟
السائل : بخلط الرواية , فيعتبروا أن هذا الأمر بدعة خلط الرواية ، أو قراءة الرواية من باب آخر سؤالهم ملاحظة أخرى , مثلاً البلاد العربية هنا تُقرأ لحفص ، فإذا قرأت لهم لورش برواية كاملة دون الخلط أيضًا ينكرون هذا .
الشيخ : هذا الذي أنا أجبت عنه ، أما الآن ففي كلامك سؤال ثاني ، وهو الخلط بين قراءتين في آن واحد .
السائل : يقولوا أن هذه بدعة ، وما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بالخلط أو الصحابة الكرام .
الشيخ : نعم ، هذا ينبغي الجواب عنه ، الحقيقة أن هذه الشبهة وهذا الاعتراض سمعته من بعضهم منذ القديم ، الذين يقولون هذا بدعة هم شأنهم شأن المقلدة في المذاهب الأربعة ، أي كما أن المقلدين للمذاهب اليوم عامة أهل العلم والمشايخ المعروفين ، يوجبون على عامة المسلمين أن يتمذهبوا بمذهب واحد من هذه المذاهب الأربعة ، فإذا المسلم عاش مثلاً بين أقوام يتمذهبون بمذهب أبي حنيفة ثم ثبت لديه مسألة ليست مقررة في مذهبه وإنما في مذهب غيره كمالك أو الشافعي مثلاً ، فهم يوجبون عليه التزام المذهب ، ولا يجيزون له أن يعمل بما ثبت في المذهب الآخر ، وهذا نحن نراه خطأ أحيانًا ونراه صوابًا أحيانًا أخرى ، أي : هذا الإنكار تارة يكون خطأ وتارة يكون صوابًا ؛ يكون خطأ إذا كان المتمذهب بالمذهب المعين اتبع رأيًا في مذهب آخر إتباعًا لهواهُ ، وكما يقول العلماء والفقهاء تتبعًا للرخص , هذا يُنكر عليه ، أما إذا أخذ برأي في مذهب آخر ؛ لأنه اقتنع به وبدليله ، فهذا هو الواجب عليه ، ومن يُنكر عليه يكون مخطئًا ، هذا طبعًا خلاصة الجواب وهذا يحتاج إلى بحث طويل لكن أُمهد به للإجابة عن الخلط بين القراءات .
فأقول : كما أن المذاهب الأربعة كل إمام يأخذ بما ترجح عنده من العلم كذلك القراء السبعة أو العشرة كل منهم يأخذ بما ثبت لديه , علمًا بأن مجال الخطأ في المسائل الفقهية أكثر من الخطأ في القراءات المتوارثة أو المتواترة كما يقولون , ذلك لأن المسائل الفقهية يدخلها الاجتهاد يدخلها القياس ، فيمكن أن يقع المجتهد في خطأ ويؤجر عليه , أما القراءات فهي مستندة على النقل وبس ، إذا كان هذا معروفًا فحينئذ إذا كان هذا القارئ على قراءة حفص ، ثبت لديه قراءة ورش في آيةٍ ما , فجمع في قراءةٍ واحدة بين قراءة حفص في آية وقراءة ورش في آية أخرى ، هذا كالذي جمع بين التمذهب بالمذهب الحنفي والتمذهب في مسألة واحدة وأخرى في المذهب الشافعي ؛ لأن ذلك ثبت لديه , فقولهم أن هذا بدعة ، هو في الواقع حسب وجهة نظري غفلة عن أن منبع أئمة القراء هو كمنبع أئمة المذاهب الأربعة هو الرسول - عليه السلام - مع الفارق الكبير الذي ذكرته آنفًا أن الأئمة في الفقه ممكن أن يقولوا قولاً بالاجتهاد والرأي ، أما في القراءة ما فيه إلا التلقي والنقل ، فيكون هنا الأمر أن الرسول قرأ بقراءة حفص أكيد ، وقرأ بقراءة ورش أكيد ، فما المانع أن يقرأ الإنسان بهذه وبهذه وليس عند القراء أبدًا دليل ـ وهذا مستحيل أن يكون ـ أن الرسول قرأ بقراءة حفص أحيانًا أحيانًا، وتارةً أخرى قرأ بقراءة ورش ، وإلى آخر ما هناك من القراء المعروفين ، لا يوجد شيء من هذا ، لكن كل واحد أخذ بما ثبت لديه , أي أن الرسول كان يقرأ بهذا وكان يقرأ بهذا وكان يقرأ بهذا ، من أشهر الأشياء التي يمكن يفهموها الناس كلهم ، الفاتحة فيها قراءتان متواترتان فيما يتعلق بـ : (( مالك يوم الدين )) ، و(( ملك يوم الدين )) ، فالرسول - عليه السلام - كان يقرأ مرةً (( مالكِ )) ومرة (( ملكِ )) ، لكن ما كان يلتزم أنه إذا قرأ (( مالك )) فهو يقرأ ما بعده على مذهب مالك ، عفوًا على مذهب حفص ؛ لأنه حينئذٍ نقول كما يتوهم بعض الجهة أن الرسول كان حنفي أو كان شافعي ، هذا ما يقوله إنسان لأن المذاهب متأخرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم يتلقون منه وليس العكس تمامًا . لذلك المهم إذا ثبت قراءة من القراءات فيجوز للقارئ أن يقرأ بهذه وأن يقرأ بهذه ، ولا مانع من ذلك ، والذي يقول هذا بدعة يعني حسبنا أن نقول له : (( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) ولن يستطيع إلى ذلك سبيلا .
السائل : شيخنا في نفس الموضوع هناك من يقول بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - لم ينقل لنا عنهم بأنهم قرؤوا بخلط الرواية .
الشيخ : خلط الرواية .؟
السائل : بخلط الرواية , فيعتبروا أن هذا الأمر بدعة خلط الرواية ، أو قراءة الرواية من باب آخر سؤالهم ملاحظة أخرى , مثلاً البلاد العربية هنا تُقرأ لحفص ، فإذا قرأت لهم لورش برواية كاملة دون الخلط أيضًا ينكرون هذا .
الشيخ : هذا الذي أنا أجبت عنه ، أما الآن ففي كلامك سؤال ثاني ، وهو الخلط بين قراءتين في آن واحد .
السائل : يقولوا أن هذه بدعة ، وما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بالخلط أو الصحابة الكرام .
الشيخ : نعم ، هذا ينبغي الجواب عنه ، الحقيقة أن هذه الشبهة وهذا الاعتراض سمعته من بعضهم منذ القديم ، الذين يقولون هذا بدعة هم شأنهم شأن المقلدة في المذاهب الأربعة ، أي كما أن المقلدين للمذاهب اليوم عامة أهل العلم والمشايخ المعروفين ، يوجبون على عامة المسلمين أن يتمذهبوا بمذهب واحد من هذه المذاهب الأربعة ، فإذا المسلم عاش مثلاً بين أقوام يتمذهبون بمذهب أبي حنيفة ثم ثبت لديه مسألة ليست مقررة في مذهبه وإنما في مذهب غيره كمالك أو الشافعي مثلاً ، فهم يوجبون عليه التزام المذهب ، ولا يجيزون له أن يعمل بما ثبت في المذهب الآخر ، وهذا نحن نراه خطأ أحيانًا ونراه صوابًا أحيانًا أخرى ، أي : هذا الإنكار تارة يكون خطأ وتارة يكون صوابًا ؛ يكون خطأ إذا كان المتمذهب بالمذهب المعين اتبع رأيًا في مذهب آخر إتباعًا لهواهُ ، وكما يقول العلماء والفقهاء تتبعًا للرخص , هذا يُنكر عليه ، أما إذا أخذ برأي في مذهب آخر ؛ لأنه اقتنع به وبدليله ، فهذا هو الواجب عليه ، ومن يُنكر عليه يكون مخطئًا ، هذا طبعًا خلاصة الجواب وهذا يحتاج إلى بحث طويل لكن أُمهد به للإجابة عن الخلط بين القراءات .
فأقول : كما أن المذاهب الأربعة كل إمام يأخذ بما ترجح عنده من العلم كذلك القراء السبعة أو العشرة كل منهم يأخذ بما ثبت لديه , علمًا بأن مجال الخطأ في المسائل الفقهية أكثر من الخطأ في القراءات المتوارثة أو المتواترة كما يقولون , ذلك لأن المسائل الفقهية يدخلها الاجتهاد يدخلها القياس ، فيمكن أن يقع المجتهد في خطأ ويؤجر عليه , أما القراءات فهي مستندة على النقل وبس ، إذا كان هذا معروفًا فحينئذ إذا كان هذا القارئ على قراءة حفص ، ثبت لديه قراءة ورش في آيةٍ ما , فجمع في قراءةٍ واحدة بين قراءة حفص في آية وقراءة ورش في آية أخرى ، هذا كالذي جمع بين التمذهب بالمذهب الحنفي والتمذهب في مسألة واحدة وأخرى في المذهب الشافعي ؛ لأن ذلك ثبت لديه , فقولهم أن هذا بدعة ، هو في الواقع حسب وجهة نظري غفلة عن أن منبع أئمة القراء هو كمنبع أئمة المذاهب الأربعة هو الرسول - عليه السلام - مع الفارق الكبير الذي ذكرته آنفًا أن الأئمة في الفقه ممكن أن يقولوا قولاً بالاجتهاد والرأي ، أما في القراءة ما فيه إلا التلقي والنقل ، فيكون هنا الأمر أن الرسول قرأ بقراءة حفص أكيد ، وقرأ بقراءة ورش أكيد ، فما المانع أن يقرأ الإنسان بهذه وبهذه وليس عند القراء أبدًا دليل ـ وهذا مستحيل أن يكون ـ أن الرسول قرأ بقراءة حفص أحيانًا أحيانًا، وتارةً أخرى قرأ بقراءة ورش ، وإلى آخر ما هناك من القراء المعروفين ، لا يوجد شيء من هذا ، لكن كل واحد أخذ بما ثبت لديه , أي أن الرسول كان يقرأ بهذا وكان يقرأ بهذا وكان يقرأ بهذا ، من أشهر الأشياء التي يمكن يفهموها الناس كلهم ، الفاتحة فيها قراءتان متواترتان فيما يتعلق بـ : (( مالك يوم الدين )) ، و(( ملك يوم الدين )) ، فالرسول - عليه السلام - كان يقرأ مرةً (( مالكِ )) ومرة (( ملكِ )) ، لكن ما كان يلتزم أنه إذا قرأ (( مالك )) فهو يقرأ ما بعده على مذهب مالك ، عفوًا على مذهب حفص ؛ لأنه حينئذٍ نقول كما يتوهم بعض الجهة أن الرسول كان حنفي أو كان شافعي ، هذا ما يقوله إنسان لأن المذاهب متأخرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم يتلقون منه وليس العكس تمامًا . لذلك المهم إذا ثبت قراءة من القراءات فيجوز للقارئ أن يقرأ بهذه وأن يقرأ بهذه ، ولا مانع من ذلك ، والذي يقول هذا بدعة يعني حسبنا أن نقول له : (( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) ولن يستطيع إلى ذلك سبيلا .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 260
- توقيت الفهرسة : 00:45:05
- نسخة مدققة إملائيًّا