الجواب على قوله : وَرَدَ عن ابن عمر أنه كان يقول : " قبلة الرجل امرأته وجسُّها بيده من الملامسة ؛ فمَن قبَّلَ امرأته أو جَسَّها بيده فعليه الوضوء " ، وبيان أن العبرة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بقول غيره مهما كانت منزلته .
A-
A=
A+
الشيخ : أما الحديث الذي بعده وهو عن عبد الله بن عمر : " قبلة الرجل امرأته وجسُّها بيده من الملامسة ، فمن قبَّلَ امرأته أو جَسَّها بيده ؛ فعليه الوضوء " ، هذا ليس حديثًا ، ولا يحسن سرده في جملة الأحاديث ؛ لأنُّو كل مسلم لا سيَّما إذا كان غير مثقَّف الثقافة الشرعية التامة ، وبخاصَّة إذا كان لا علم عنده بعلم الحديث أو مصطلح الحديث ؛ إذا سمع كلمة حديث كذا تبادَرَ إلى ذهنه أنه حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فهذا الحديث الثاني لم يُذكَر فيه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ؛ فهو ليس حديثًا مرفوعًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما هو من كلام عبد الله بن عمر ، انتهبوا لهذا ، ابن عمر يقول : " قبلة الرجل امرأته وجسُّها بيده من الملامسة ، فمن قبَّل امرأته أو جَسَّها بيده ؛ فعليه الوضوء " ، هذا كلام ابن عمر ، وهو كلام صريح في إيجابه هو على مَن قبَّل امرأته الوضوء ، ولكن هذا ليس حديثًا مرفوعًا إلى الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - حتى يُشْكِلَ على السَّائل الحديث الأول ، الحديث الأول حديث عائشة له علاقة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً الذي قال الله - عز وجل - في حقِّه تعليمًا لأمَّته : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) ، ولم يقُلْ : لقد كان لكم في ابن عمر أسوة حسنة أو في عمر أو نحو ذلك ؛ لا سيما في حالة تعارض قول عمر أو ابن عمر أو غيرهما من الصحابة مع سنة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
ففي هذه الحالة - أي : في حالة تعارض قول أحد الصحابة مع سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - فلا ينبغي أن يُؤخذ بقوله ويُترك أو تُترك سنَّة النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وهكذا هنا الأمر ، عندنا حديث عائشة أن الرسول - عليه السلام - كان يقبِّلها ثم يصلي ولا يتوضَّأ ، وعندنا كلام ابن عمر أن قُبْلة الرجل لامرأته وجسَّها بيده يوجب عليه الوضوء ؛ فلا نأخذ بهذا القول ما دام أنه مخالف لسنة الرسول - عليه السلام - وفعله الذي أُمِرنا بالائتساء به .
ولا يُقال : ابن عمر من أين أخذ هذا ؟ وهذا القول نعرفه من عامة الناس حتى بعض طلبة العلم ، حتى بعض أهل العلم إذا ما عُورضوا في آرائهم وفي مذاهبهم بآية أو بحديث جابَهُونا بقول لأحد السلف من الصحابة أو من دونهم ، وبيقولوا : منين جابوه ؟ يا أخي ، نحن ربنا - عز وجل - ما ضمن لنا العصمة إلا لشيئين الكتاب والسنة ، ولم يضمَنْ لنا عصمة لأحد من الناس مهما سَمَا وعَلَا ما دام أنه لم يبلُغْ مرتبة النبوة والعصمة . فهنا ابن عمر صحابي جليل ، ولكن ليس معصومًا ؛ لا سيما وقد خالف سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ولا سيما - أيضًا - أن هناك كثيرًا من الصحابة قد قالوا بما تضمَّنَه حديث عائشة .
وباختصار : فمن ناحية أقوال العلماء المسألة فيها اختلاف ؛ سواء بين الصحابة ، أو بين التابعين ، أو بين الأئمة المجتهدين ، ويجب أن نعلم بهذه المناسبة أن الخلاف الموجود بين المذاهب الأربعة هو في الواقع حصيلة وخلاصة الخلاف الذي كان قائمًا بين الصحابة ، ولمثل هذا الخلاف أسباب كثيرة لسنا الآن في صددها ، وإنما نريد أن نذكِّر أن هذا الخلاف الموجود بين المذاهب هو خلاصة الخلافات التي كانت بين الصحابة ، فنادر ما نجد قولًا لأحد الأئمة الأربعة إلا ومسبوق إليه ولو كان خطأً ، نادرًا ما نجد قولًا لأحد الأئمة الأربعة إلا وهو مسبوق إليه من بعض الصحابة ، وهذه المسألة من هذا القبيل ، فأبو حنيفة يقول : " مسُّ المرأة لا ينقض الوضوء ؛ سواء كان بشهوة أو بدون شهوة " ، الشافعي على المقابل الطرف الثاني : " ينقض الوضوء ؛ سواء كان بشهوة أو بغير شهوة " ، مالك وأحمد يقولان : " إن كان بشهوة نقض ، وإن كان بغير شهوة لا ينقض " .
إذًا هذا خلاف ، فماذا أمَرَنا الله - عز وجل - حينما نجد مثل هذا الخلاف ؟ نصُّ القرآن في ذلك صريح ، ولعلكم جميعًا تذكرونه جيِّدًا ؛ ألا وهو قول الله - تبارك وتعالى - في القرآن : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) .
ففي هذه الحالة - أي : في حالة تعارض قول أحد الصحابة مع سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - فلا ينبغي أن يُؤخذ بقوله ويُترك أو تُترك سنَّة النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وهكذا هنا الأمر ، عندنا حديث عائشة أن الرسول - عليه السلام - كان يقبِّلها ثم يصلي ولا يتوضَّأ ، وعندنا كلام ابن عمر أن قُبْلة الرجل لامرأته وجسَّها بيده يوجب عليه الوضوء ؛ فلا نأخذ بهذا القول ما دام أنه مخالف لسنة الرسول - عليه السلام - وفعله الذي أُمِرنا بالائتساء به .
ولا يُقال : ابن عمر من أين أخذ هذا ؟ وهذا القول نعرفه من عامة الناس حتى بعض طلبة العلم ، حتى بعض أهل العلم إذا ما عُورضوا في آرائهم وفي مذاهبهم بآية أو بحديث جابَهُونا بقول لأحد السلف من الصحابة أو من دونهم ، وبيقولوا : منين جابوه ؟ يا أخي ، نحن ربنا - عز وجل - ما ضمن لنا العصمة إلا لشيئين الكتاب والسنة ، ولم يضمَنْ لنا عصمة لأحد من الناس مهما سَمَا وعَلَا ما دام أنه لم يبلُغْ مرتبة النبوة والعصمة . فهنا ابن عمر صحابي جليل ، ولكن ليس معصومًا ؛ لا سيما وقد خالف سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ولا سيما - أيضًا - أن هناك كثيرًا من الصحابة قد قالوا بما تضمَّنَه حديث عائشة .
وباختصار : فمن ناحية أقوال العلماء المسألة فيها اختلاف ؛ سواء بين الصحابة ، أو بين التابعين ، أو بين الأئمة المجتهدين ، ويجب أن نعلم بهذه المناسبة أن الخلاف الموجود بين المذاهب الأربعة هو في الواقع حصيلة وخلاصة الخلاف الذي كان قائمًا بين الصحابة ، ولمثل هذا الخلاف أسباب كثيرة لسنا الآن في صددها ، وإنما نريد أن نذكِّر أن هذا الخلاف الموجود بين المذاهب هو خلاصة الخلافات التي كانت بين الصحابة ، فنادر ما نجد قولًا لأحد الأئمة الأربعة إلا ومسبوق إليه ولو كان خطأً ، نادرًا ما نجد قولًا لأحد الأئمة الأربعة إلا وهو مسبوق إليه من بعض الصحابة ، وهذه المسألة من هذا القبيل ، فأبو حنيفة يقول : " مسُّ المرأة لا ينقض الوضوء ؛ سواء كان بشهوة أو بدون شهوة " ، الشافعي على المقابل الطرف الثاني : " ينقض الوضوء ؛ سواء كان بشهوة أو بغير شهوة " ، مالك وأحمد يقولان : " إن كان بشهوة نقض ، وإن كان بغير شهوة لا ينقض " .
إذًا هذا خلاف ، فماذا أمَرَنا الله - عز وجل - حينما نجد مثل هذا الخلاف ؟ نصُّ القرآن في ذلك صريح ، ولعلكم جميعًا تذكرونه جيِّدًا ؛ ألا وهو قول الله - تبارك وتعالى - في القرآن : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 249
- توقيت الفهرسة : 00:09:47
- نسخة مدققة إملائيًّا