شرح قوله - تعالى - : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ، وذكر فوائدها .
A-
A=
A+
السائل : ... نحو تفسير هذه الآية الكريمة ... كما وعدت ... ؟
الشيخ : ما أدري إذا كان إخواننا مخصِّصين شيء من التنظيم ... قد نكون مربوطين بمواعيد ... .
السائل : ... أنا ... في تفسير الآية ... .
الشيخ : الآن أو بعد الصلاة ؟
السائل : ... .
الشيخ : جاء في " صحيح البخاري " قول ... قصة مهمة تُبيِّن عظمة هذه الآية من حيث ما تضمَّنَتْه من هذا الفرض الإلهي الذي تفضَّلَ الله به على المسلمين ؛ حيث أتمَّ لهم الدين كما صرَّح في هذه الآية الكريمة ؛ ذلك أن رجلًا من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب في خلافته فقال : يا أمير المؤمنين ، آية في كتاب الله لو علينا - معشر يهود - نزلت لَاتَّخذنا يوم نزولها عيدًا . آية في كتاب الله ؛ يعني القرآن ، لو علينا معشر اليهود نزلت لَاتَّخذنا يوم نزولها عيدًا . قال : ما هي ؟ قال : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ، فقال عمر - رضي الله عنه - : لقد نزلت في يوم عيد ، لقد نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في يوم جمعة وهو على عرفات ، عيد في عيد ، وليس عيد واحد فقط ، يوم جمعة ويوم عرفة .
فالعبرة من هذه القصة هو أن أعداء الإسلام - مع الأسف الشديد - عرفوا أهمية بعض النصوص التي عندنا حيث غفلَ كثير منَّا عن ذلك ، فهذه الآية يقول هذا اليهودي : " لو علينا - معشر اليهود - نزلت لَاتَّخذنا ذلك اليوم عيدًا " ، أما المسلمون فهذه الآية يتلونها ولا يشعرون أبدًا بخطورتها وما تضمَّنت من عظمة هذه المنَّة التي يمتنُّ بها ربُّنا على عباده في قوله : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ؛ ذلك لأننا لا سيما في هذا الزمن نشعر تخبُّط الدول والأمم التي تزعم لنفسها الوعي والثقافة والعلم إلى آخره ؛ ففي كل يوم يأتون بدساتير جديدة فضلًا عن قوانين ، في كل يوم تتبدَّل وتتغيَّر ؛ لماذا ؟ لأنها تنبع من الأرض ، بل تنبع من الأهواء والشهوات المتباينة المتناقضة ، أما كتاب الله فقد نزل من ربنا - تبارك وتعالى - بوحي السماء الذي يعلم ما تحتاجه كلُّ الأمم في كل عصر وفي كل زمان ومكان ، وبذلك كفى الله - عز وجل - عباده المؤمنين أن يأتوا بكل يوم بقوانين وتشاريع جديدة يتخبَّطون فيها سنين طويلة حتى يتبيَّن لهم بعد هذه التجارب أنما كانوا فيه إنما كانوا في ضلال مبين ، فحينما يؤمن المسلم أن الله - عز وجل - أكمَلَ الدين وأتمَّ النعمة على عباده يستريح من الابتداع والاختراع في الدين ، ثم يوجِّه قدرته ومَلَكاتِه إلى الابتداع في الدنيا بما ينفعه في الدنيا ، فقدرة الإنسان وطاقته كما نعلم جميعًا هي محدودة ، وإذا صرَفَها الإنسان في جهة بقدر ما اتَّجه إليها نقص من الاهتمام بالجهة الأخرى ، فالمسلمون اليوم لو أُحصِيَت البدع التي ابتدعوها على مرِّ القرون والعصور لَبلَغَتْ الألوف المؤلفة .
وفي الواقع كنت شرعتُ منذ عشرين سنة في مشروع واسع جدًّا ، ثم حالت بيني وبينه المشاريع العلمية الكثيرة ، مشروع سمَّيته بـ " قاموس البدع " ؛ لأنها كثيرة وكثيرة جدًّا ، وزوَّرْتُ في نفسي التصنيف على الأبواب الفقهية ؛ بدع الطهارة ، بدع الصلاة ، الزكاة ، إلى آخره ؛ ففي كل عبادة تجد فيها مئات البدع ، عندنا - مثلًا - كتاب " أحكام الجنائز وبدعها " كتاب مطبوع ، ذكرت بدع الجنائز تجاوزت أو بلغت تقريبًا نحو مئتي بدعة ، وهذا طبعًا ليس على طريقة الإحصاء والاستقصاء .
فالشاهد هذه الجهود التي صُرِفَت إلى الابتداع في الدين وقد كفانا ربُّنا المؤنة بأنه أتمَّ علينا النعمة بإكمال الدين ، فلو وجَّهنا هذه الهمم إلى ما قال الرسول - عليه السلام - لنا صراحةً : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) لَكُنَّا حينئذٍ سادةً ليس في الدين فقط ، بل وفي الدنيا أيضًا ، ولم نكن عالةً على أعدائنا في السلاح الذي نريد أن نقاتل به أعداءنا ، لَكُنَّا نحن الذين نُصدِر إلى أولئك الناس السلاح بدل من أن نشحنه منهم ونسأله أيضًا .
فهذا من أهمية هذه الآية أن نعرف أن الله - عز وجل - أكمل الدين ، فنقف عند حدود الله - تبارك وتعالى - ولا نتعدَّاها ونصرف همة الابتكار والاختراع والابتداع في الدنيا وليس في الدين ؛ لأن الدين كامل ، أما الدنيا فلا تتناهى ، وفي كل يوم كما ترون جديد وجديد . والبحث حول هذه الآية له طبعًا مجال أوسع وأوسع ، ولعلنا نتوسَّع في مناسبة أخرى ، وقد تكون قريبة - إن شاء الله - بعد صلاة العشاء ، ولعل بهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
الشيخ : ما أدري إذا كان إخواننا مخصِّصين شيء من التنظيم ... قد نكون مربوطين بمواعيد ... .
السائل : ... أنا ... في تفسير الآية ... .
الشيخ : الآن أو بعد الصلاة ؟
السائل : ... .
الشيخ : جاء في " صحيح البخاري " قول ... قصة مهمة تُبيِّن عظمة هذه الآية من حيث ما تضمَّنَتْه من هذا الفرض الإلهي الذي تفضَّلَ الله به على المسلمين ؛ حيث أتمَّ لهم الدين كما صرَّح في هذه الآية الكريمة ؛ ذلك أن رجلًا من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب في خلافته فقال : يا أمير المؤمنين ، آية في كتاب الله لو علينا - معشر يهود - نزلت لَاتَّخذنا يوم نزولها عيدًا . آية في كتاب الله ؛ يعني القرآن ، لو علينا معشر اليهود نزلت لَاتَّخذنا يوم نزولها عيدًا . قال : ما هي ؟ قال : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ، فقال عمر - رضي الله عنه - : لقد نزلت في يوم عيد ، لقد نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في يوم جمعة وهو على عرفات ، عيد في عيد ، وليس عيد واحد فقط ، يوم جمعة ويوم عرفة .
فالعبرة من هذه القصة هو أن أعداء الإسلام - مع الأسف الشديد - عرفوا أهمية بعض النصوص التي عندنا حيث غفلَ كثير منَّا عن ذلك ، فهذه الآية يقول هذا اليهودي : " لو علينا - معشر اليهود - نزلت لَاتَّخذنا ذلك اليوم عيدًا " ، أما المسلمون فهذه الآية يتلونها ولا يشعرون أبدًا بخطورتها وما تضمَّنت من عظمة هذه المنَّة التي يمتنُّ بها ربُّنا على عباده في قوله : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ؛ ذلك لأننا لا سيما في هذا الزمن نشعر تخبُّط الدول والأمم التي تزعم لنفسها الوعي والثقافة والعلم إلى آخره ؛ ففي كل يوم يأتون بدساتير جديدة فضلًا عن قوانين ، في كل يوم تتبدَّل وتتغيَّر ؛ لماذا ؟ لأنها تنبع من الأرض ، بل تنبع من الأهواء والشهوات المتباينة المتناقضة ، أما كتاب الله فقد نزل من ربنا - تبارك وتعالى - بوحي السماء الذي يعلم ما تحتاجه كلُّ الأمم في كل عصر وفي كل زمان ومكان ، وبذلك كفى الله - عز وجل - عباده المؤمنين أن يأتوا بكل يوم بقوانين وتشاريع جديدة يتخبَّطون فيها سنين طويلة حتى يتبيَّن لهم بعد هذه التجارب أنما كانوا فيه إنما كانوا في ضلال مبين ، فحينما يؤمن المسلم أن الله - عز وجل - أكمَلَ الدين وأتمَّ النعمة على عباده يستريح من الابتداع والاختراع في الدين ، ثم يوجِّه قدرته ومَلَكاتِه إلى الابتداع في الدنيا بما ينفعه في الدنيا ، فقدرة الإنسان وطاقته كما نعلم جميعًا هي محدودة ، وإذا صرَفَها الإنسان في جهة بقدر ما اتَّجه إليها نقص من الاهتمام بالجهة الأخرى ، فالمسلمون اليوم لو أُحصِيَت البدع التي ابتدعوها على مرِّ القرون والعصور لَبلَغَتْ الألوف المؤلفة .
وفي الواقع كنت شرعتُ منذ عشرين سنة في مشروع واسع جدًّا ، ثم حالت بيني وبينه المشاريع العلمية الكثيرة ، مشروع سمَّيته بـ " قاموس البدع " ؛ لأنها كثيرة وكثيرة جدًّا ، وزوَّرْتُ في نفسي التصنيف على الأبواب الفقهية ؛ بدع الطهارة ، بدع الصلاة ، الزكاة ، إلى آخره ؛ ففي كل عبادة تجد فيها مئات البدع ، عندنا - مثلًا - كتاب " أحكام الجنائز وبدعها " كتاب مطبوع ، ذكرت بدع الجنائز تجاوزت أو بلغت تقريبًا نحو مئتي بدعة ، وهذا طبعًا ليس على طريقة الإحصاء والاستقصاء .
فالشاهد هذه الجهود التي صُرِفَت إلى الابتداع في الدين وقد كفانا ربُّنا المؤنة بأنه أتمَّ علينا النعمة بإكمال الدين ، فلو وجَّهنا هذه الهمم إلى ما قال الرسول - عليه السلام - لنا صراحةً : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) لَكُنَّا حينئذٍ سادةً ليس في الدين فقط ، بل وفي الدنيا أيضًا ، ولم نكن عالةً على أعدائنا في السلاح الذي نريد أن نقاتل به أعداءنا ، لَكُنَّا نحن الذين نُصدِر إلى أولئك الناس السلاح بدل من أن نشحنه منهم ونسأله أيضًا .
فهذا من أهمية هذه الآية أن نعرف أن الله - عز وجل - أكمل الدين ، فنقف عند حدود الله - تبارك وتعالى - ولا نتعدَّاها ونصرف همة الابتكار والاختراع والابتداع في الدنيا وليس في الدين ؛ لأن الدين كامل ، أما الدنيا فلا تتناهى ، وفي كل يوم كما ترون جديد وجديد . والبحث حول هذه الآية له طبعًا مجال أوسع وأوسع ، ولعلنا نتوسَّع في مناسبة أخرى ، وقد تكون قريبة - إن شاء الله - بعد صلاة العشاء ، ولعل بهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 247
- توقيت الفهرسة : 00:13:19
- نسخة مدققة إملائيًّا