قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - " : " إن هذا القرآن شافع مشفَّع ؛ مَن اتَّبعه قاده إلى الجنة ، ومَن تركه أو أعرض عنه زُخَّ في قفاه إلى النار " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - " : " إن هذا القرآن شافع مشفَّع ؛ مَن اتَّبعه قاده إلى الجنة ، ومَن تركه أو أعرض عنه زُخَّ في قفاه إلى النار " .
A-
A=
A+
الشيخ : هناك حديث ثان موقوف - أيضًا - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول : " إن هذا القرآن شافع مشفَّع " ؛ يعني أن القرآن يوم القيامة يشفع لصاحبه يشفع لتاليه ، والله يشفِّعه ، وهذه الشفاعة ثابتة في بعض الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال : ( إن القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة ) ، فهذه الجملة من الحديث هي موقوف في حكم المرفوع ، قول بن مسعود : " إن هذا القرآن شافع مشفَّع " هذا في حكم المرفوع ؛ لأن معناه ثبتَ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

يقول بن مسعود : " إن هذا القرآن شافع مشفَّع ، مَن اتَّبعه قادَه إلى الجنة ، ومن تركَه أو أعرض عنه - أو كلمة نحوها - " الراوي يشك ؛ هل قال هذه الكلمة : " مَن اتَّبعه قاده إلى الجنة ، ومن تركه أو أعرض عنه " ، يشك الراوي في اللفظة التي نطق بها ابن مسعود ، وهذا من احتياطهم في الرواية ، وإلا فالمعنى حاصل ، " ومن ترك القرآن أو أعرض عنه - أو كلمة نحوها - زُخَّ " .

هنا في " الترغيب " : زُجَّ ، وهو تصحيف ، والصواب : زُخَّ في قفاه إلى النار ؛ أي : دُفِع .

السائل : الصواب زُخَّ ؟

الشيخ : زُخَّ ؛ أي : دُفِعَ .

السائل : ... .

الشيخ : ... ما أدري ، قد تأتي بنفس المعنى ، لكن رواية الحديث الموقوف هذا على ابن مسعود هو زُخَّ ، وهذا الحديث كما ترون من كلام ابن مسعود فيه الأمر الصريح باتباع القرآن ، والنهي الصريح عن ترك العمل بالقرآن ؛ فمَن عمل به .

السائل : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

فمن عمل بالقرآن في الدنيا شفَّع له يوم القيامة وقُبلت شفاعته وأدخل الجنة ، وبالعكس ؛ مَن ترك العمل بالقرآن أو أعرض عنه زُخَّ في قفاه إلى النار ، والعياذ بالله - تبارك وتعالى - ، هذا الحديث قبله ... في الباب هذا الترغيب في العمل بالكتاب والسنة .

ما علاقة وما موقف المسلمين اليوم من كلام ابن مسعود هذا الذي هو مأخوذ قطعًا من الكتاب والسنة ؟

" إن القرآن شافع مشفَّع ؛ فمن عمل به أدخله الجنة ، ومن ترك العمل به أو أعرض عنه زُخَّ في قفاه إلى النار " ، المسلمون اليوم وإن كانوا أو كان قسم كبير منهم لا يزالون يحافظون على صلواتهم وعباداتهم ، لكنهم في الواقع قسم كثير منهم يعملون بعبادات وبطاعات لم تأتِ في الكتاب ولا السنة ، بل إنَّ فيهم مَن يعمل بكثير من الطاعات هي على خلاف الكتاب وعلى خلاف السنة ، فإذا قيل لهم ذلك وبُيِّن أن ما يفعلونه اليوم هو على خلاف الكتاب والسنة أعرضوا عنه ، أعرضوا عنه بزعم أن الذي هم عليه هو الصواب ، وأن الذي يدَّعيه ... الناس أمثالنا اليوم أن القرآن على خلاف ما هم عليه هو الجهل بعينه ؛ فحينئذٍ هؤلاء ينطبق عليهم أثر ابن مسعود هذا ؛ " ومن أعرض عن العمل بالقرآن زُخَّ في قفاه إلى النار يوم القيامة " .

نضرب على هذا مثلًا واضحًا .

السائل : السلام عليكم .

الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله .

الشيخ : إن كثيرًا من المسلمين اليوم يعتقدون اعتقادات ويأتون أعمالًا على خلاف القرآن فضلًا عن السنة ، مثل كثير منهم يستغيثون بالأولياء والصالحين عند الشدائد ، يقولون : يا باز يا خضر أعنَّا ، امددنا ، يا سيدي أحمد المدد إلى آخره مما تسمعونه في أناشيدهم وفي مجالس أذكارهم ، فإذا قيل لهم : هذا شيء ... القرآن : (( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ )) ، والرسول - عليه السلام - يقول : ( الدعاء هو العبادة ) ، فإذا دعوتَ غير الله ؛ فإنك عبدْتَه من دون الله ، وأنت تقول في كلِّ صلاة : (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) ، إياك أي : للحصر ، (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ )) ؛ أي : لا نعبد سواك ، (( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) ؛ أي : لا نستعين بغيرك ؛ فكيف تستعينون بالموتى والصالحين والأولياء ؟!

إذا قيل لهم : هذا هو القرآن وهذا هو السنة ؛ كان جوابهم إما بلسان حالهم أو لسان مقالهم هكذا : (( وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ )) ، فهل هؤلاء ينطبق عليهم قول ابن مسعود : " ومن أعرض عنه زُخَّ في قفاه إلى النار يوم القيامة " ؟! نخشى كلَّ الخشية أن ينطبق مثل هذا الكلام على هؤلاء الناس الذين لا يصغون لكلمة الحقِّ المُستخرَجَة من كتاب الله ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ اعتمادًا منهم فقط على ما وجدوا عليه الآباء والأجداد .

إذًا في هذا الحديث ترغيب وترهيب ، فيه ترغيب لنا على العمل بالكتاب والسنة ، وفيه ترهيب لنا عن ترك العمل بالكتاب والسنة بأيِّ حجة كانت ؛ سواء كانت الحجة أنُّو نحن مسلمين وآباؤنا وأجدادنا مسلمون وهم كانوا على هدى والقرآن على خلاف ما يدَّعون ، أو كما يقول بعض الشبيبة في العصر الحاضر أنُّو ما لنا بحاجة الآن لا للقرآن ولا للسنة ولا للشريعة ، إنما نحن جماعة علمانيين وعقليين ، فهذا الحديث يشمل الفريقين ؛ الفريق الذي يدَّعي الإسلام ثم يخالف القرآن ويخالف الحديث الوارد عن الرسول - عليه السلام - ، ويشمل الفريق الآخر الذي ألحَدَ في دين الله وأنكر النبوَّة والرسالة رسالة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .

مواضيع متعلقة