كلمة للشَّيخ محمد عيد عباسي بيَّنَ أن طريقة السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين هي دين الإسلام الحقُّ .
A-
A=
A+
عيد عباسي : حين ذلك رأينا التشريعات تنهال على المسلمين ، ورأينا الله - عز وجل - ينزِّل الآيات ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول الأحاديث الكثيرة التي يشرِّع بها للأمة في مختلف شؤون الحياة ، نجد - مثلًا - في أخبار السيرة النبوية الصحيحة أن المسلمين حينما أُنزِلَت آية الخمر كان بعضهم في سهرة ويُطاف عليهم بالخمر ، وفيهم عدد من الصحابة المعروفين الأجلَّاء ، فجاءهم منادٍ وقال لهم : يا قوم ، لقد نزلت أية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرِّم الخمر . فيقول راوي الحديث : فما وجدنا إلا أحدهم الذي كان بيده الكأس يُلقيه جانبًا ، والذي كان في فمه شيء - أيضًا - يلقيه ، وقاموا وقالوا : انتهينا ربنا انتهينا ربنا ، وقاموا إلى الخوابي الأوعية الكبيرة وكلها سكبوها وألقوها في الطريق . ما الشيء الذي دَفَعَهم إلى ذلك وهم إنما سمعوا كلام إنسان لم يتثبَّتوا بعدُ - مثلًا - من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً ؛ سمعوا كلام مسلم ، طبعًا الأصل في كلام المسلم الثقة ؛ مع أننا نحن الآن نسمع كلام الله مباشرةً ولا ننتهي ، ترى الشارب - مثلًا - من المسلمين يسمع : (( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) إلى آخره ، ثم يبقى على شربه ، ويصرُّ على ذلك كأن لم يسمَعْها ، ويسمع الأحاديث ويسمع المواعظ وما شابه ذلك ، الواقع " لا يصلُحُ آخرُ هذه الأمَّة إلا بما صلُحَ به أوَّلها " .
لا يمكن أن نستفيد - أيضًا - من العلم الصحيح من الكتاب والسنة إلا إذا سَلَكْنا طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب هذه الدعوة ؛ بأن أوَّلًا نؤسِّس عقيدتنا الصحيحة ، الإيمان الصحيح في نفوسنا ، فنعرف ربَّنا - سبحانه وتعالى - ، ونؤمن به ونحبه ونقر بأنه هو وحده المشرِّع ، له نحن عبيدٌ وهو الرَّبُّ السيد ، نحن متَّبعون ، ولا ، وليست عقولنا هي مرجعنا ولا هي شريعتنا ، وإنما نحكِّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما اختلفنا فيه ، حين ذلك حين تتثبَّت هذه القاعدة في نفوسنا ، وحينما نقول كلنا إذا سمعنا الأمر عن الله ورسوله فعلى الرأس والعين ولا كلام لأحد مع كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ؛ حين ذلك إذا تعلَّمنا نُسارع إلى التطبيق ، ونفعل ما يأمرنا به الله ورسوله ، وبذلك وَرَدَ عن بعض الصحابة أظنه ابن عمر أنه كان يقول : " كنا نتعلَّم ، نقرأ القرآن زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نتجاوَزُه حتى نتعلَّم ما فيه من العلم والعمل ، فتعلمنا العلم والعمل جميعًا " ، ولا يحرصون على القراءة الكثيرة ؛ يعني مثل ما بعضهم يريد أن يحفظ القرآن يقرأ القرآن ويتلوه بسرعة ، بعضهم بيقول عن بعض العلماء أنُّو في ليلة أو في - مثلًا - بين المغرب والعشاء ختم القرآن ، لم تكن هذه طريقة الصحابة - رضوان الله عليهم - ، يقرأ القرآن يقرأ الآيات القليلة يتعلَّم ما فيها ويعمل بها ولا يجاوزها حتى ينتَهِيَ من ذلك ، وهكذا يتعلمْنَ العلم والعمل جميعًا .
هذا كما يقول ... يتسلَّمون العلم كأنه أوامر عسكرية ، كيف العسكري جاء أمر العسكري من قائده يطبِّق ويقول : على الرأس والعين ، ولو كان في نفسه غير مقتنع بهذا الأمر ، أو - مثلًا - يراه خطأ أو سيِّئًا ؛ هكذا كانوا يفعلون ، ونحن أمام ربِّنا - سبحانه وتعالى - الله يقول : (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، فإذا جاءكم أمر منه ففوِّضوا الأمر إلى الله ، وكذلك إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإذًا هذه يمكن أن نقول مثل ممهِّدات للتطبيق وممهِّدات الاستفادة من العلم ؛ ما هي الطريقة التي تمهِّد للاستفادة من العلم ؟ وتمِّهد الطريق للتطبيق إذا بلغنا العلم ؟ هي أن يتقرَّرَ في نفوسنا الإيمان بالله وحبُّه - سبحانه وتعالى - والثقة بما أنزل ، والثقة بأنه ربُّنا وأنه حاكمنا ومشرِّعنا ، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يبلِّغ عن ربه ، وهو بابنا لمعرفة ما أمر الله به - عز وجل - ؛ حين ذلك حينما تترسَّخ في نفوسنا هذه المعاني ونحبه حين ذلك ترانا يعني ينصلح الأمر بسرعة ، وترى المسلمين لا ينصرفون عن الإسلام ، وإنما يقبلون عليه بكلِّ أفئدتهم .
فإذًا مثال عن ذلك : إذا ابن - مثلًا - ، أب له أولاد ، فيريد هذا الأب أن يطبِّق أولادُه أوامرَه ، الواقع ربنا يكون كثير من المسلمين ومنهم بعض السلفيين يقعون في هذا ، بيشكي أنُّو أخي والله أولادي ما عم يطبِّقوا كلامي ، ما عم يصيروا صالحين ، نحن إذا أخذنا نبحث ونفتِّش عن السبب ربما نجده كما نسمع عن بعضهم ، يقول الولد - مثلًا - أنُّو والله أبي ما في عنده غير حلال بيقول لي : يا ولد ، هذا حرام ، هذا حرام ، هذا كذا ، هذا لا تساويه ، مجرَّد أوامر وزواجر لم يشُبْها - مثلًا - بإقناع لم يشُبْها بإلقاء المحبة في قلب الولد أو - مثلًا - رعايته أو الاعتناء به ، هذا من الأسباب ، فأنت إذا أردت أن يطيعك - مثلًا - ابنُك يجب أن تكون يعني تُريه من نفسك من العناية به والمحبَّة له ما يجعله يثق بك ؛ حين ذلك إذا أمرته أيَّ أمر يقول على الرأس والعين ، وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة عمل كل جهده أنُّو ألقى الإيمان في النفوس ، وأقنعهم بها وثبَّتها ؛ ولذلك المعاني في الآيات المكية كم تتكرَّر عن يوم القيامة ، عن آيات الله - عز وجل - في الكون ، في أدلة وجوده تتكرَّر في كثير من الآيات ، نفس المعاني لكن بأساليب مختلفة لِيُثبِّت هذا المعنى في النفس ، ويجعل الناس يحبُّون الله - عز وجل - ، ويجعلهم يثقون بحكمه وبه - سبحانه وتعالى - ، ويقتنعون ؛ هذه كانت الأساس الثابت في نفوسهم ؛ حتى إذا جاءهم في المدينة الأوامر المختلفة والتشريعات الكثيرة التي تأمرهم بأيِّ أمر تراهم يطبِّقونها ويقولون : (( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )) .
كذلك في أمر في حديث جلبَبَة النساء كانوا - أيضًا - لم يُؤمروا بالجلباب ، فلما أُمِرُوا بالجلباب تقول إحدى الصحابيات : أخذنا مروطَنا فاختَمَرْن بها وتجلبَبْنَ ، أو كما تقول ؛ يعني سارَعْنَ إلى وبادَرْن إلى الامتثال دون مناقشة ودون اعتراض ، بينما الآن أيُّ مسلم جرِّب - مثلًا - رأيته يشرب باليسار ، اشرب باليمين ؛ ما بيقول لك : والله - مثلًا - هذا أمر به الرسول - عليه السلام - يتثبَّت هذا له ذلك ، المسلم إذا - مثلًا - بَلَغَه حكم يجب أن يتثبَّت أنُّو هذا موجود شرعًا ثابت ؛ هذا حق ، لكن إذا ثبت يجب أن يقول : على الرأس والعين .
مع ذلك الآن تقول له : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلًا : كل بيمينك ( سمِّ الله وكُلْ بيمينك ) ؛ بيقول لك : إي شو فيها إذا أكلت ، اليسار الله خلقها واليمين الله خلقها !! هذا هل ترون أنُّو ترسَّخت في نفسه المعاني السابقة التي ذكرناها ؟ أبدًا ؛ فإذًا علينا أن نبدأ بهذه الناحية أن نرسِّخ في نفوس الناس وفي ذَوِينا وفيمَن نعرف الإيمان بالله - عز وجل - ، الاعتناء بالتوحيد ، المحبَّة لله - عز وجل - ، ونجعلهم يثقون بأنه - سبحانه وتعالى - يستحقُّ أن يكون هو وحدَه المعبود ولا معبود غيره ولا إله سواه ، هذا من حيث ما يتعلَّق بالعلم الذي هو علاج الشبهات التي تُثار ضد الإسلام .
أما الشهوات فعلاجها الواقع أن يعزم الإنسان وأن يتذكَّر اليوم الآخر ، وأن يتذكَّر أنَّ ما عند الله أعظم وأجلُّ ، وأن الدنيا فانية ، وأن الموت قريب ، وأنَّ إلى ربك المنتهى ؛ فحينما يتذكَّر ذلك ويقصر أمله يعرف أن شهوات الدنيا لا تُعَدُّ شيئًا أمام ما أعدَّ الله له ، أعدَّ الله للمؤمنين الصالحين يوم القيامة من جنَّة ونعيم مقيم ، وخلد ، لا ، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم فيها ما تشتهي ، كما قال الله - عز وجل - .
الشيخ : ... .
عبد عباسي : إي نعم ، في الحديث : ( فيها ما لا عينٌ ) .
الشيخ : ( فيها ما لا عينٌ رأت ) .
عيد عباسي : ( ولا أذنٌ سمعت ، ولا خَطَرَ على قلب بشر ) ، فهذا علاج للشهوات التي تصرف الناس كثيرًا عن سبيل الله - عز وجل - ، وتريه أنَّ هذه إلا أمور حقيرة لا تستحقُّ منه أن يلتفت إليها أو ينتبه في شيء كثير أو قليل .
هذا ما يتعلَّق بمسألة سبب انصراف المسلمين عن الإسلام ، ولعلَّه مما يحسن ختم الحديث أن نذكر ، أنا ذكرت بعض الحديثين - مثلًا - عن سرعة تجاوب المسلمين مع في تطبيق أوامر الله - عز وجل - ، لا لا ... المقارنة كما يقول الشاعر : " وبضدِّها تتميَّز الأشياء " ؛ لنذكر حادثة تبيِّن موقف غير المسلمين من أوامر حكوماتهم ودساتيرهم إذا أمَرَتْهم بشيء ، وكيف أنهم لا يستجيبون لها ، الذين يدرسون التاريخ يعلمون في سنة ألف تسع مئة وثلاث وثلاثين تقريبًا شكا الناس في أمريكا من سرعة انتشار الخمر والجرائم التي جرت بسبب ذلك ، فبحثوا الأمر في مجلس النواب الكونجرس ، ثم الحكومة ، وقرَّروا بعد حصول نقاش أن المصلحة عليهم تقتضي أن يُحرَّم الخمر من أمريكا تحريمًا باتًّا ، وتبنَّت الحكومة هذا القرار ، وصارت تدعو له وسائل الإعلام المختلفة إذاعة وصحافة وخطب وما شابه ذلك ، والقوانين كذلك ، عقوبات تُفرض على كلِّ من يخالف هذا القانون ، حُرِّمت الخمور ومنعت المسكرات ، أي واحد بيهرِّبها يعاقب ، وسائل الإعلام والشدة والملاحقة إلى آخره ، ماذا كانت النتيجة ؟ استمرَّ الأمر نحو عشر سنوات والخمور تزداد انتشارًا ، والناس يصرُّون استمساكًا بها ويتحمَّلون دفع الأموال الطائلة التي في بسبب غلائها ، ويطالبون مرَّة ثانية ممثِّليهم أن يرجعوا عن هذا القرار ، وأخيرًا أعلنت الحكومة رجوعَها عن القرار ، وأباحت الخمر مرة ثانية ، ورجعت كأقوى مما كانت !! ما سبب ذلك ؟ لِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنزل عليه آية من ربِّه فيقول المسلمون : سمعنا وأطعنا ، ويلقون الخمور حتى تصير في المجاري كالسيول في الطريق ، وأمريكا تصرف الأموال الطائلة والملايين وسائل الإعلام وأجهزة الدولة والشرطة وما إلى ذلك وتفشل ؟! ما هو السبب في ذلك ؟!
السبب كما قلنا ؛ أنُّو باب الإيمان بالله - عز وجل - أنُّو الله - عز وجل - هو الذي فرض هذا ، أنا ما صفتي أمامه في الحياة أنني عبدٌ لله ، الله له حقُّ الربوبية ، أنا سأصير سأقف يوم القيامة بين يديه سيحاسبني ، مصيري بين يديه ، مآلي إليه ، أنا حياتي كلها ملكٌ تحت أمره - سبحانه وتعالى - ؛ فإذًا عليَّ أن أكون مطيعًا ، ثم عاقبة الذي يُطيع الجنة وعاقبة الذي يعصي النار ، هذا كان أعظم يعني دافع للمسلمين إلى الاستجابة السريعة لأمر الله ، ثم محبَّة الله - عز وجل - ومحبَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والثقة أنه هو الحقُّ ، وأنه فيه خيرهم ؛ هذا الذي دفعهم ، أما القوانين يفرضها فلان وفلان لا يثقون بأنه - مثلًا - صالح ، لا يثقون بأنه - مثلًا - له قدسية له صلاحية ؛ فلذلك سرعان ما يتهرَّبون منها ويحاولون إلغاءها بشتى السبل ؛ فعلينا أن نستفيد هذا ، نكوِّنه في نفوسنا ، ونبثُّه في الناس وننشره فيهم ، أن نهتمَّ بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ، وأن نمهِّدَ هذا التمهيد الذي يسهِّل تطبيق الإسلام بنشر الإيمان بالله ، المحبَّة له - سبحانه وتعالى - ، والاقتناع بأنه المشرِّع ، وأنه الرَّبُّ ، وأنه المعبود ، ثم نعلِّم الناس إسلامهم ، وحين ذلك ستجد الناس يقبلون على دين الله أفواجًا إن شاء الله ، ويرجع المسلمون ثانية إلى عزِّهم ، وما ذلك على الله بعزيز ، ونرجو أن يكون قريبًا بإذن الله - عز وجل - ، والحمد لله رب العالمين .
سائل آخر : الله يعطيك العافية .
سائل آخر : أجبناه .
سائل آخر : ويمكن .
السائل : بيتحلل بيتبع مذهبًا معيَّن ، أو هو مجتهد متَّبع للرسول - صلى الله عليه وسلم - .
سائل آخر : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سائل آخر : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
لا يمكن أن نستفيد - أيضًا - من العلم الصحيح من الكتاب والسنة إلا إذا سَلَكْنا طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب هذه الدعوة ؛ بأن أوَّلًا نؤسِّس عقيدتنا الصحيحة ، الإيمان الصحيح في نفوسنا ، فنعرف ربَّنا - سبحانه وتعالى - ، ونؤمن به ونحبه ونقر بأنه هو وحده المشرِّع ، له نحن عبيدٌ وهو الرَّبُّ السيد ، نحن متَّبعون ، ولا ، وليست عقولنا هي مرجعنا ولا هي شريعتنا ، وإنما نحكِّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما اختلفنا فيه ، حين ذلك حين تتثبَّت هذه القاعدة في نفوسنا ، وحينما نقول كلنا إذا سمعنا الأمر عن الله ورسوله فعلى الرأس والعين ولا كلام لأحد مع كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ؛ حين ذلك إذا تعلَّمنا نُسارع إلى التطبيق ، ونفعل ما يأمرنا به الله ورسوله ، وبذلك وَرَدَ عن بعض الصحابة أظنه ابن عمر أنه كان يقول : " كنا نتعلَّم ، نقرأ القرآن زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نتجاوَزُه حتى نتعلَّم ما فيه من العلم والعمل ، فتعلمنا العلم والعمل جميعًا " ، ولا يحرصون على القراءة الكثيرة ؛ يعني مثل ما بعضهم يريد أن يحفظ القرآن يقرأ القرآن ويتلوه بسرعة ، بعضهم بيقول عن بعض العلماء أنُّو في ليلة أو في - مثلًا - بين المغرب والعشاء ختم القرآن ، لم تكن هذه طريقة الصحابة - رضوان الله عليهم - ، يقرأ القرآن يقرأ الآيات القليلة يتعلَّم ما فيها ويعمل بها ولا يجاوزها حتى ينتَهِيَ من ذلك ، وهكذا يتعلمْنَ العلم والعمل جميعًا .
هذا كما يقول ... يتسلَّمون العلم كأنه أوامر عسكرية ، كيف العسكري جاء أمر العسكري من قائده يطبِّق ويقول : على الرأس والعين ، ولو كان في نفسه غير مقتنع بهذا الأمر ، أو - مثلًا - يراه خطأ أو سيِّئًا ؛ هكذا كانوا يفعلون ، ونحن أمام ربِّنا - سبحانه وتعالى - الله يقول : (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، فإذا جاءكم أمر منه ففوِّضوا الأمر إلى الله ، وكذلك إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإذًا هذه يمكن أن نقول مثل ممهِّدات للتطبيق وممهِّدات الاستفادة من العلم ؛ ما هي الطريقة التي تمهِّد للاستفادة من العلم ؟ وتمِّهد الطريق للتطبيق إذا بلغنا العلم ؟ هي أن يتقرَّرَ في نفوسنا الإيمان بالله وحبُّه - سبحانه وتعالى - والثقة بما أنزل ، والثقة بأنه ربُّنا وأنه حاكمنا ومشرِّعنا ، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يبلِّغ عن ربه ، وهو بابنا لمعرفة ما أمر الله به - عز وجل - ؛ حين ذلك حينما تترسَّخ في نفوسنا هذه المعاني ونحبه حين ذلك ترانا يعني ينصلح الأمر بسرعة ، وترى المسلمين لا ينصرفون عن الإسلام ، وإنما يقبلون عليه بكلِّ أفئدتهم .
فإذًا مثال عن ذلك : إذا ابن - مثلًا - ، أب له أولاد ، فيريد هذا الأب أن يطبِّق أولادُه أوامرَه ، الواقع ربنا يكون كثير من المسلمين ومنهم بعض السلفيين يقعون في هذا ، بيشكي أنُّو أخي والله أولادي ما عم يطبِّقوا كلامي ، ما عم يصيروا صالحين ، نحن إذا أخذنا نبحث ونفتِّش عن السبب ربما نجده كما نسمع عن بعضهم ، يقول الولد - مثلًا - أنُّو والله أبي ما في عنده غير حلال بيقول لي : يا ولد ، هذا حرام ، هذا حرام ، هذا كذا ، هذا لا تساويه ، مجرَّد أوامر وزواجر لم يشُبْها - مثلًا - بإقناع لم يشُبْها بإلقاء المحبة في قلب الولد أو - مثلًا - رعايته أو الاعتناء به ، هذا من الأسباب ، فأنت إذا أردت أن يطيعك - مثلًا - ابنُك يجب أن تكون يعني تُريه من نفسك من العناية به والمحبَّة له ما يجعله يثق بك ؛ حين ذلك إذا أمرته أيَّ أمر يقول على الرأس والعين ، وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة عمل كل جهده أنُّو ألقى الإيمان في النفوس ، وأقنعهم بها وثبَّتها ؛ ولذلك المعاني في الآيات المكية كم تتكرَّر عن يوم القيامة ، عن آيات الله - عز وجل - في الكون ، في أدلة وجوده تتكرَّر في كثير من الآيات ، نفس المعاني لكن بأساليب مختلفة لِيُثبِّت هذا المعنى في النفس ، ويجعل الناس يحبُّون الله - عز وجل - ، ويجعلهم يثقون بحكمه وبه - سبحانه وتعالى - ، ويقتنعون ؛ هذه كانت الأساس الثابت في نفوسهم ؛ حتى إذا جاءهم في المدينة الأوامر المختلفة والتشريعات الكثيرة التي تأمرهم بأيِّ أمر تراهم يطبِّقونها ويقولون : (( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )) .
كذلك في أمر في حديث جلبَبَة النساء كانوا - أيضًا - لم يُؤمروا بالجلباب ، فلما أُمِرُوا بالجلباب تقول إحدى الصحابيات : أخذنا مروطَنا فاختَمَرْن بها وتجلبَبْنَ ، أو كما تقول ؛ يعني سارَعْنَ إلى وبادَرْن إلى الامتثال دون مناقشة ودون اعتراض ، بينما الآن أيُّ مسلم جرِّب - مثلًا - رأيته يشرب باليسار ، اشرب باليمين ؛ ما بيقول لك : والله - مثلًا - هذا أمر به الرسول - عليه السلام - يتثبَّت هذا له ذلك ، المسلم إذا - مثلًا - بَلَغَه حكم يجب أن يتثبَّت أنُّو هذا موجود شرعًا ثابت ؛ هذا حق ، لكن إذا ثبت يجب أن يقول : على الرأس والعين .
مع ذلك الآن تقول له : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلًا : كل بيمينك ( سمِّ الله وكُلْ بيمينك ) ؛ بيقول لك : إي شو فيها إذا أكلت ، اليسار الله خلقها واليمين الله خلقها !! هذا هل ترون أنُّو ترسَّخت في نفسه المعاني السابقة التي ذكرناها ؟ أبدًا ؛ فإذًا علينا أن نبدأ بهذه الناحية أن نرسِّخ في نفوس الناس وفي ذَوِينا وفيمَن نعرف الإيمان بالله - عز وجل - ، الاعتناء بالتوحيد ، المحبَّة لله - عز وجل - ، ونجعلهم يثقون بأنه - سبحانه وتعالى - يستحقُّ أن يكون هو وحدَه المعبود ولا معبود غيره ولا إله سواه ، هذا من حيث ما يتعلَّق بالعلم الذي هو علاج الشبهات التي تُثار ضد الإسلام .
أما الشهوات فعلاجها الواقع أن يعزم الإنسان وأن يتذكَّر اليوم الآخر ، وأن يتذكَّر أنَّ ما عند الله أعظم وأجلُّ ، وأن الدنيا فانية ، وأن الموت قريب ، وأنَّ إلى ربك المنتهى ؛ فحينما يتذكَّر ذلك ويقصر أمله يعرف أن شهوات الدنيا لا تُعَدُّ شيئًا أمام ما أعدَّ الله له ، أعدَّ الله للمؤمنين الصالحين يوم القيامة من جنَّة ونعيم مقيم ، وخلد ، لا ، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم فيها ما تشتهي ، كما قال الله - عز وجل - .
الشيخ : ... .
عبد عباسي : إي نعم ، في الحديث : ( فيها ما لا عينٌ ) .
الشيخ : ( فيها ما لا عينٌ رأت ) .
عيد عباسي : ( ولا أذنٌ سمعت ، ولا خَطَرَ على قلب بشر ) ، فهذا علاج للشهوات التي تصرف الناس كثيرًا عن سبيل الله - عز وجل - ، وتريه أنَّ هذه إلا أمور حقيرة لا تستحقُّ منه أن يلتفت إليها أو ينتبه في شيء كثير أو قليل .
هذا ما يتعلَّق بمسألة سبب انصراف المسلمين عن الإسلام ، ولعلَّه مما يحسن ختم الحديث أن نذكر ، أنا ذكرت بعض الحديثين - مثلًا - عن سرعة تجاوب المسلمين مع في تطبيق أوامر الله - عز وجل - ، لا لا ... المقارنة كما يقول الشاعر : " وبضدِّها تتميَّز الأشياء " ؛ لنذكر حادثة تبيِّن موقف غير المسلمين من أوامر حكوماتهم ودساتيرهم إذا أمَرَتْهم بشيء ، وكيف أنهم لا يستجيبون لها ، الذين يدرسون التاريخ يعلمون في سنة ألف تسع مئة وثلاث وثلاثين تقريبًا شكا الناس في أمريكا من سرعة انتشار الخمر والجرائم التي جرت بسبب ذلك ، فبحثوا الأمر في مجلس النواب الكونجرس ، ثم الحكومة ، وقرَّروا بعد حصول نقاش أن المصلحة عليهم تقتضي أن يُحرَّم الخمر من أمريكا تحريمًا باتًّا ، وتبنَّت الحكومة هذا القرار ، وصارت تدعو له وسائل الإعلام المختلفة إذاعة وصحافة وخطب وما شابه ذلك ، والقوانين كذلك ، عقوبات تُفرض على كلِّ من يخالف هذا القانون ، حُرِّمت الخمور ومنعت المسكرات ، أي واحد بيهرِّبها يعاقب ، وسائل الإعلام والشدة والملاحقة إلى آخره ، ماذا كانت النتيجة ؟ استمرَّ الأمر نحو عشر سنوات والخمور تزداد انتشارًا ، والناس يصرُّون استمساكًا بها ويتحمَّلون دفع الأموال الطائلة التي في بسبب غلائها ، ويطالبون مرَّة ثانية ممثِّليهم أن يرجعوا عن هذا القرار ، وأخيرًا أعلنت الحكومة رجوعَها عن القرار ، وأباحت الخمر مرة ثانية ، ورجعت كأقوى مما كانت !! ما سبب ذلك ؟ لِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنزل عليه آية من ربِّه فيقول المسلمون : سمعنا وأطعنا ، ويلقون الخمور حتى تصير في المجاري كالسيول في الطريق ، وأمريكا تصرف الأموال الطائلة والملايين وسائل الإعلام وأجهزة الدولة والشرطة وما إلى ذلك وتفشل ؟! ما هو السبب في ذلك ؟!
السبب كما قلنا ؛ أنُّو باب الإيمان بالله - عز وجل - أنُّو الله - عز وجل - هو الذي فرض هذا ، أنا ما صفتي أمامه في الحياة أنني عبدٌ لله ، الله له حقُّ الربوبية ، أنا سأصير سأقف يوم القيامة بين يديه سيحاسبني ، مصيري بين يديه ، مآلي إليه ، أنا حياتي كلها ملكٌ تحت أمره - سبحانه وتعالى - ؛ فإذًا عليَّ أن أكون مطيعًا ، ثم عاقبة الذي يُطيع الجنة وعاقبة الذي يعصي النار ، هذا كان أعظم يعني دافع للمسلمين إلى الاستجابة السريعة لأمر الله ، ثم محبَّة الله - عز وجل - ومحبَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والثقة أنه هو الحقُّ ، وأنه فيه خيرهم ؛ هذا الذي دفعهم ، أما القوانين يفرضها فلان وفلان لا يثقون بأنه - مثلًا - صالح ، لا يثقون بأنه - مثلًا - له قدسية له صلاحية ؛ فلذلك سرعان ما يتهرَّبون منها ويحاولون إلغاءها بشتى السبل ؛ فعلينا أن نستفيد هذا ، نكوِّنه في نفوسنا ، ونبثُّه في الناس وننشره فيهم ، أن نهتمَّ بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ، وأن نمهِّدَ هذا التمهيد الذي يسهِّل تطبيق الإسلام بنشر الإيمان بالله ، المحبَّة له - سبحانه وتعالى - ، والاقتناع بأنه المشرِّع ، وأنه الرَّبُّ ، وأنه المعبود ، ثم نعلِّم الناس إسلامهم ، وحين ذلك ستجد الناس يقبلون على دين الله أفواجًا إن شاء الله ، ويرجع المسلمون ثانية إلى عزِّهم ، وما ذلك على الله بعزيز ، ونرجو أن يكون قريبًا بإذن الله - عز وجل - ، والحمد لله رب العالمين .
سائل آخر : الله يعطيك العافية .
سائل آخر : أجبناه .
سائل آخر : ويمكن .
السائل : بيتحلل بيتبع مذهبًا معيَّن ، أو هو مجتهد متَّبع للرسول - صلى الله عليه وسلم - .
سائل آخر : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سائل آخر : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 209
- توقيت الفهرسة : 00:00:03
- نسخة مدققة إملائيًّا