ردُّ شبهة أن الدعوة السلفية دعوة طارئة ، وأن أقدم مَن تنتسب إليه هو شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - .
A-
A=
A+
عيد عباسي : نرجع إلى هذه الدعوة السلفية لنقول : قد يقول البعض : إنها دعوة طارئة وجديدة ، وإنَّ أقدم مَن تنتسب هو شيخ الإسلام ابن تيمية ، ثم ابن عبد الوهاب في العصر الحاضر ، وهذه فكرة خاطئة ، بل هي باطلة ، وإنما الدعوة السلفية هي دعوة الإسلام الصحيح نفسه ، دعوة الكتاب والسنة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وكانت خاتمة الدعوات وآخر الشرائع وخاتم الأنبياء ، وإنما لم تكُنْ يُطلق عليها ذلك لأنه لم يكن هناك حاجة ، فالمسلمون الأوَّلون كانوا على الإسلام الصحيح ، فلم تكن هناك حاجة ، ولم يوجد باعث للقول ... الإسلام السلفي أو الدعوة السلفية .
كما يقرِّب ذلك إلينا - مثلًا - العلوم الأخرى العلوم العربية ، كان الناس يتكلمون العربية الفصحى دون لحن ودون خطأ ، فلم يكن هناك حاجة إلى وضع قواعد النحو وإلى الاصطلاح اصطلاحات النحو واللغة والبلاغة ؛ لأنها كانت معروفة سليقة ، وكذلك الدعوة السلفية كان الناس عليها ولم يكن هناك شذوذ ولا انحراف ، ولكنها بدأت تظهر شيئًا فشيئًا عندما بدأت الأفكار الأخرى تظهر للوجود ، وعندما بدأت هذه الثقافات الأجنبية تؤثِّر في المسلمين فتحرف بعضها وتزيِّن لبعضهم أشياء تخالف الإسلام في العقائد وغيرها ، حين ذلك بدأ أئمة المسلمين من صحابة وتابعين ومَن بعدهم يوجِّهون إلى خطورة هذه الدخائل وإلى خطورة هذه المحدثات ، فكانت تظهر وتشتدُّ الدعوة شيئًا فشيئًا كلما زادت هذه المحدثات ، وكلما زادت هذه الثقافات التي تؤثِّر في المسلمين ، وكان من أبرز مَن ميَّزَ هذه الدعوة ووَضَّحَها بجلاء الإمام " أحمد بن حنبل " حيث ظهرت فتنة خلق القرآن في زمانه ، وأُرِيدَ حملُ الناس جميعًا على هذه الفكرة المحدثة الباطلة ، فصمد ذلك الصمود المثالي ووقف ذلك الموقف الشجاع الرائع ، وكان معه في صفوف المسلمين في صمودهم وأرواحهم ، وكان أولئك المعتزلة في صفٍّ آخر مقابل لذاك ، فتميَّزت الدعوتان ، وظهر الأصل بين الاتجاهين اتجاه ... وأصحاب الرأي أصحاب تقديم العقل على النقل الذين لا يعتدُّون بنصوص من الكتاب والسنة ، ولا يعتدُّون بمنهج السلف الصالح ، وبين مَن يجعل الأساس الكتاب والسنة ، ويجعل الأساس هدي السلف الصالح .
وهكذا أخذت تتميَّز الدعوة السلفية شيئًا فشيئًا كلما ازداد المسلمون بعدًا عن دينهم الصافي الحقيقي ، وكلما أخذت الأفكار الأجنبية والثقافات الدخيلة على الإسلام كلما أخذت ... وتشتد ويُعمل بها ، وفي زمن شيخ الإسلام " ابن تيمية " كان ذلك قد استفحل ، وكانت الثقافات والتأثيرات الفكرية قد تضخَّمت حتى صرفَتْ أكثر المسلمين ، فلم يبق إلا قلَّة نادرة غريبة على المجتمع هم الذين بقوا يحافظون على دعوة الإسلام والسنة ، ويتقيَّدون بطريقة السلف الصالح ؛ فحين ذلك ظهرت الحاجة الملحَّة إلى توضيح هذه الدعوة وإلى تمييزها ، فكانت كتابات شيخ الإسلام - رحمه الله - الكثيرة ... التي ميَّزَ بها الإسلام الصحيح الذي كان عليه الرسول ... الصالح ، كانت كتبه منارةً لِمَن يطلب الهداية ، وكانت فيصلًا بين الحقِّ والباطل ، وقد أقام الحجة على المخالفين بالمناظرات وبالرسائل وبالكتب وفي المجالس ، ولم يبقَ حجَّةٌ لمعاند إلا ما يكون بسبب العناد وما يكون بسبب الاستكبار .
فبذلك في زمنه مُيِّزت وظهر هذا الاسم دعوة السلف ومنهج السلف وطريقة السلف ، وإن كانت قد استُعملت هذه الكلمات قبله - أيضًا - ، وأظن قال هذا البيت المشهور في العقائد عن مذهب السلف :
" وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَن خَلَفْ "
أظنه قبل شيخ الإسلام ، وهذه اللفظة عربية فصيحة فظهرت في كلامهم ، لكن كما قلت : توضَّحت وتركَّزت أكثر في عهد شيخ الإسلام - رحمه الله - ، كما قلت أنه سيطرت الأفكار الصوفية على الناس وطرقها المختلفة وأفكار علماء الكلام والتعصُّب المذهبي والبدع في الدين والأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فظهرت غربة الإسلام ، وظهر أنه كان بحاجة ماسَّة إلى أن يتبيَّن وإلى أن يتوضَّح حتى يعرف الناس الحقَّ من الباطل ؛ لِيهلك من هلك عن بيِّنة ، ويحيى من حيَّ عن بيِّنة .
لقد تابَعَ هذا الرسالة وهذه الدعوة تلاميذُ الإمام " ابن تيمية " ، " ابن القيم " ، و " ابن كثير " وغيرهم على مرِّ العصور ، لكنهم كانوا محارَبين مضطهدين فمات منهم مَن مات في السجون ، وقُتِلَ مَن قُتِلَ ، وعُذِّب مَن عُذِّبَ ، وكانت الغلبة المادية في أكثر العصور للمخالفين ، وإن كانت الغلبة المعنوية غلبة الحجة والبرهان لأهل السنة ؛ مصداقًا لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تزال طائفة من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم مَن خالفهم أو خذلَهم حتَّى يأتِيَ أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) .
وقد جدَّدَ هذه الدعوة شيخ الإسلام " محمد بن عبد الوهاب " - رحمه الله تعالى - في نجد حينما كانت في ظلام دامس ، وحينما كانت الوثنيات تسيطر على البلاد ، فتثقَّف بثقافة شيخ الإسلام وأخذ عنه وقرأ كتبه وأخذ ينشرها ويدعو إليها ، وناله من جرَّاء ذلك الأذى الكثير والحرب العوان ، ولكن كان أن وفَّقَه الله - عز وجل - مع مَن أيَّدَه من الأمراء السعوديين الأوائل كان من ذلك أن ظهرت هذه الدعوة وأثَّرت في المسلمين ووصلت إلى بلدان كثيرة ، وما تزال بها بقيَّة في البلاد السعودية وغيرها .
كما يقرِّب ذلك إلينا - مثلًا - العلوم الأخرى العلوم العربية ، كان الناس يتكلمون العربية الفصحى دون لحن ودون خطأ ، فلم يكن هناك حاجة إلى وضع قواعد النحو وإلى الاصطلاح اصطلاحات النحو واللغة والبلاغة ؛ لأنها كانت معروفة سليقة ، وكذلك الدعوة السلفية كان الناس عليها ولم يكن هناك شذوذ ولا انحراف ، ولكنها بدأت تظهر شيئًا فشيئًا عندما بدأت الأفكار الأخرى تظهر للوجود ، وعندما بدأت هذه الثقافات الأجنبية تؤثِّر في المسلمين فتحرف بعضها وتزيِّن لبعضهم أشياء تخالف الإسلام في العقائد وغيرها ، حين ذلك بدأ أئمة المسلمين من صحابة وتابعين ومَن بعدهم يوجِّهون إلى خطورة هذه الدخائل وإلى خطورة هذه المحدثات ، فكانت تظهر وتشتدُّ الدعوة شيئًا فشيئًا كلما زادت هذه المحدثات ، وكلما زادت هذه الثقافات التي تؤثِّر في المسلمين ، وكان من أبرز مَن ميَّزَ هذه الدعوة ووَضَّحَها بجلاء الإمام " أحمد بن حنبل " حيث ظهرت فتنة خلق القرآن في زمانه ، وأُرِيدَ حملُ الناس جميعًا على هذه الفكرة المحدثة الباطلة ، فصمد ذلك الصمود المثالي ووقف ذلك الموقف الشجاع الرائع ، وكان معه في صفوف المسلمين في صمودهم وأرواحهم ، وكان أولئك المعتزلة في صفٍّ آخر مقابل لذاك ، فتميَّزت الدعوتان ، وظهر الأصل بين الاتجاهين اتجاه ... وأصحاب الرأي أصحاب تقديم العقل على النقل الذين لا يعتدُّون بنصوص من الكتاب والسنة ، ولا يعتدُّون بمنهج السلف الصالح ، وبين مَن يجعل الأساس الكتاب والسنة ، ويجعل الأساس هدي السلف الصالح .
وهكذا أخذت تتميَّز الدعوة السلفية شيئًا فشيئًا كلما ازداد المسلمون بعدًا عن دينهم الصافي الحقيقي ، وكلما أخذت الأفكار الأجنبية والثقافات الدخيلة على الإسلام كلما أخذت ... وتشتد ويُعمل بها ، وفي زمن شيخ الإسلام " ابن تيمية " كان ذلك قد استفحل ، وكانت الثقافات والتأثيرات الفكرية قد تضخَّمت حتى صرفَتْ أكثر المسلمين ، فلم يبق إلا قلَّة نادرة غريبة على المجتمع هم الذين بقوا يحافظون على دعوة الإسلام والسنة ، ويتقيَّدون بطريقة السلف الصالح ؛ فحين ذلك ظهرت الحاجة الملحَّة إلى توضيح هذه الدعوة وإلى تمييزها ، فكانت كتابات شيخ الإسلام - رحمه الله - الكثيرة ... التي ميَّزَ بها الإسلام الصحيح الذي كان عليه الرسول ... الصالح ، كانت كتبه منارةً لِمَن يطلب الهداية ، وكانت فيصلًا بين الحقِّ والباطل ، وقد أقام الحجة على المخالفين بالمناظرات وبالرسائل وبالكتب وفي المجالس ، ولم يبقَ حجَّةٌ لمعاند إلا ما يكون بسبب العناد وما يكون بسبب الاستكبار .
فبذلك في زمنه مُيِّزت وظهر هذا الاسم دعوة السلف ومنهج السلف وطريقة السلف ، وإن كانت قد استُعملت هذه الكلمات قبله - أيضًا - ، وأظن قال هذا البيت المشهور في العقائد عن مذهب السلف :
" وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَن خَلَفْ "
أظنه قبل شيخ الإسلام ، وهذه اللفظة عربية فصيحة فظهرت في كلامهم ، لكن كما قلت : توضَّحت وتركَّزت أكثر في عهد شيخ الإسلام - رحمه الله - ، كما قلت أنه سيطرت الأفكار الصوفية على الناس وطرقها المختلفة وأفكار علماء الكلام والتعصُّب المذهبي والبدع في الدين والأحاديث الضعيفة والموضوعة ، فظهرت غربة الإسلام ، وظهر أنه كان بحاجة ماسَّة إلى أن يتبيَّن وإلى أن يتوضَّح حتى يعرف الناس الحقَّ من الباطل ؛ لِيهلك من هلك عن بيِّنة ، ويحيى من حيَّ عن بيِّنة .
لقد تابَعَ هذا الرسالة وهذه الدعوة تلاميذُ الإمام " ابن تيمية " ، " ابن القيم " ، و " ابن كثير " وغيرهم على مرِّ العصور ، لكنهم كانوا محارَبين مضطهدين فمات منهم مَن مات في السجون ، وقُتِلَ مَن قُتِلَ ، وعُذِّب مَن عُذِّبَ ، وكانت الغلبة المادية في أكثر العصور للمخالفين ، وإن كانت الغلبة المعنوية غلبة الحجة والبرهان لأهل السنة ؛ مصداقًا لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تزال طائفة من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم مَن خالفهم أو خذلَهم حتَّى يأتِيَ أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) .
وقد جدَّدَ هذه الدعوة شيخ الإسلام " محمد بن عبد الوهاب " - رحمه الله تعالى - في نجد حينما كانت في ظلام دامس ، وحينما كانت الوثنيات تسيطر على البلاد ، فتثقَّف بثقافة شيخ الإسلام وأخذ عنه وقرأ كتبه وأخذ ينشرها ويدعو إليها ، وناله من جرَّاء ذلك الأذى الكثير والحرب العوان ، ولكن كان أن وفَّقَه الله - عز وجل - مع مَن أيَّدَه من الأمراء السعوديين الأوائل كان من ذلك أن ظهرت هذه الدعوة وأثَّرت في المسلمين ووصلت إلى بلدان كثيرة ، وما تزال بها بقيَّة في البلاد السعودية وغيرها .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 182
- توقيت الفهرسة : 00:11:06
- نسخة مدققة إملائيًّا