بيان أنَّ أساس الدعوة هو العلم ، وهذا الذي لا تدعو إليه " جماعة التبليغ " .
A-
A=
A+
الشيخ : ولذلك نقول نحن : الدعوة أساسها العلم ، أساسها العلم بالكتاب والسنة ، وأنا لفت نظرك إلى شيء كنت آمل وأرجو أنُّو بدل ما تدندن حول قضية لا خلاف فيها أنُّو زيارة فلان وقول له : ليش ما بتصلي في المسجد ؟ وليش ؟ هذه ما فيها خلاف ، لكن لفت نظركم هَيْ جماعة التبليغ مضى عليها كذا سنين أنتم أدرى بها ، عقيدتهم ما هي موحدة ، صلواتهم ما هي موحدة ، عباداتهم ما هي موحدة ؛ إذًا شو هادا التبليغ اللي عم تبلغوا الناس وأنتم ما بلَّغتم أنفسكم بعد ؟َ!
" ابدأ بنفسك فانهَهَا عن غيِّها *** فإذا انتهت "
إيش ؟ " فإذا انتهت " ، نسيت بيت الشعر !! المهم ابدأ بنفسك كما قلنا آنفًا لصاحبنا هذا .
وين أبو ليلى ؟
السائل : ... .
الشيخ : ابدأ بنفسك ثم بِمَن تعول ، فجماعة التبليغ ماذا يُبلِّغون إذا كانوا هم بعد ما اتفقوا في العقيدة ؟
السائل : شيخ عفوًا .
الشيخ : اسمح لي شوية ، بعد ذلك أنت تكلم حول هذه النقاط ، ما تجيب لنا نقاط ما فيها خلاف والحمد لله كزيارة المريض ، وتارك الصلاة ، وأمر بمعروف وإلى آخره . عقيدتهم ما هي موحدة ، صلواتهم ما هي موحدة ، صيامهم حجهم إلى آخره ، الإسلام يعني كله ككل إن شئت أن تأخذه ككل فأنا معك ، وإن شئت أن تأخذ منه القواعد والأصول والأركان المهمة من الإيمان والإسلام فأنا - أيضًا - معك ، في حدِّ علمي أنا جماعة التبليغ لا يُعنَون بهذه النواحي إطلاقًا ، بل كثير منهم يُصرِّح : نحن ما نبحث في الأمور العقائدية ؛ لأنُّو نحن ما بدنا نثير خلافات بين المسلمين ؛ ولذلك - أيضًا - هم لا يبحثون في تصحيح الصلوات والعبادات على السنة ، إلى آخره .
فإذًا فاقد الشيء لا يُعطيه يا أخي ، يدعون إلى الإسلام ، ما هو الإسلام ؟ صلوا ؛ كويس ، صوموا زكُّوا إلى آخره ، لكن لو جاء سائل يسأل الداعية مش العامة اللي ماشيين مع الداعية من جماعة التبليغ قال له : من فضلك ، علِّمني كيف كان رسول الله يصلي ؟ ما فيه جواب ؛ لماذا ؟ لأنهم من الأصل من المنبع الذي يستقون منه ما هو متوجِّه بكليته إلى أن يُلقِّن نفسه قبل كل شيء الإسلام على البحث السابق ؛ كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قد يكون متقيِّد بمذهب واحد ، قد يكون له طريقة واحدة من الطرق الكثيرة ، والتي يتحدث عنها بعض الصوفية ويقولون دون أيِّ تردُّد : الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق !! فيمكن هذا الشَّيخ له طريق من هذه الطرق الكثيرة التي يشهد أهل العلم جميعًا أنه لم يكن شيء من ذلك في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية ، كيف والله - عز وجل - يقول : (( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ )) أي : الطرق ، (( فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )) ؟!
فإذا كان الرأس الداعية والذي هو خطَّط لجماعة التبليغ هو نفسه متمذهب بمذهب حنفي أو شافعي أو غيره ، هو نفسه متطرِّق بطريق من هذه الطرق ؛ فما هو هذا الإسلام إذًا الذي هم يدعون الناس إليه ؟ بس صلاة ؟! نحن نسمع كثيرًا ونعرف هذه الحقيقة ، كثير ناس ما كانوا يصلون صاروا يصلوا ، ما ننكر هذا ، نعرف نحن صوفية غلاة في كل بلاد الإسلام وبخاصَّة في سوريا التي عشت فيها أنا سنين طويلة مشايخ صوفية يأكلون أموال الناس ، ويعيشون على جيوب أتباعهم ؛ مع ذلك كثير ناس سكارى خمِّيرين للخمر اهتدوا على أيديهم ؛ هذا لا يُنكر ، كانوا ما يُصلوا ، بيصلوا ، لكن هل هذا هو المقصود أنُّو الإنسان يكون مَثَله كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَثَل العالم الذي لا يعمل بعلمه كمَثَل المصباح يُضِيء للناس ويحرق نفسه ) ، مو هذا هو المقصود ، المقصود إذًا هو أنُّو المسلم يدعو على بصيرة من دينه كما قلنا ، ومن أين نتلقَّى هذا ؟ قلنا : إما بنفسه أن يكون عالمًا فيدرس الكتاب والسنة ، وإما أن يتلقَّى الكتاب والسنة ممَّن هو عالم بهما ، نحن ما نرى هذا في جماعة التبليغ ، وأكرِّر فأقول : كل هذه السنين مثل الإخوان المسلمين تمامًا من هذه الحيثية ، وهي أنُّو ما توحَّدت أفكارهم ، كما أنه يوجد في الإخوان سلفي يوجد صوفي يوجد مذهبي ، وقد يوجد في بعض البلاد شيعي - أيضًا - ، نعرف هذا من تاريخهم الطويل ، أيُّ إسلام هذا الذي يدعون إليه ؟
فالآن بعد أن وضَّحت لك ما الذي يُؤخذ عليهم وأنا أنصحهم بأنُّو يا جماعة بدل ما تخرجوا هذا الخروج الذي أوَّلًا لم يكن في عهد الرسول - عليه السلام - ، وثانيًا تنظِّمونه تنظيمًا لا أصل له في الإسلام ، ثلاثة أيام ، أربعين يوم ، ما أدري من أشياء تفصيلية ما أحفظها الآن ، وما لنا فيها ؟! فبدل هذا الخروج الذي لم يكن في العهد الأنور الأول اجلسوا يا أخي في المساجد ، وادرسوا كتاب الله ؛ إما من عند أنفسكم إن كنتم من القسم الأول ، وإما - كما قلنا - (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) .
نسمعهم كثيرًا يفتتحون الدرس بكلمة جميلة جدًّا أنا ما حفظتُها بالطبع أنتم بتعرفوها ، شو الكلمة اللي بيلقيها الواحد بعد ما بيصلوا الفريضة ؟ أنُّو راح نصلي السنة بيقولوا - مثلًا - كلمة تشبه .
السائل : ... .
الشيخ : أيوا ، أحسنت تمامًا ، " ... نجاحنا واتباع سنة رسولنا " ، لكن لو سألته ما هو السنة في هذه الصلاة اللي أنت صليتها الآن ؟ ما يدري ، المهم يجلس بعد الصلاة بيفتح " رياض الصالحين " ، ونعم الكتاب هو ، بيقرأ له حديثين ثلاثة لا بيشرح ولا بيبيِّن ولا بيوضِّح ، بيقرأ مثل ما وجده في الكتاب ، ثم بينصرفوا الناس وبيقولوا عندنا بالشام : " تيتي تيتي مثل ما رحتي إجيتي " ، شو فهمت يا أخي من الحديث ؟ والله الشَّيخ ما ما شرح لنا ؛ ليه ما شرح ؟ لأنه فاقد الشيء لا يعطيه يا أخي .
ولذلك بدل ما يضيِّعوا أوقاتهم بقراءة أحاديث ما فهموها خلِّي واحد اثنين من الألوف المؤلفة منهم يتخصَّص في العلم ، تفسير ، حديث ، لغة ، إلى آخره ، ثم يجمع الناس حوله ويدعوهم إلى الإسلام ، ويدعوهم إلى بصيرة ، أما على هذه الطريقة ، جماعة التبليغ يبلِّغون ماذا ؟ الإسلام ؛ طيب ، ما هي العقيدة التي يجب على المسلم أن يعتقدها ؟ أهي الأشعرية - مثلًا - أم الماتريدية ، أم عقيدة أهل الحديث ؟ مثل ما قلت لك آنفًا ، كلٌّ مين على حسب ما تلقَّى ، إما من أبوه أمه جده ، وإما من الأزهر الشريف أو الجامعة الإسلامية أو أو إلى آخره ، وإما فهو فارغ الذهن تمامًا ما فيه عنده لا هيك ولا هيك ، شو السبب ؟ أوَّلًا ليس من نظامهم أنُّو يفهِّموا جماعتهم العقيدة ، ليس من نظامهم ، ليس من منهاجهم .
ثانيًا : ليس من دعوتهم أنُّو يفهِّموا الناس السنة والبدعة ، والشاعر العربي المسلم القديم بيقول :
" عرفت الشَّرَّ لا للشَّـ *** ــرِّ لكِنْ لتوقِّيهِ
ومَن لا يعرِفِ الشَّرَّ *** من الخَيرِ يقَعْ فيهِ "
وهذه الحكمة الشعرية مأخوذة من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - الذي قال عن نفسه : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الخير ، وكنت أسأله عن الشَّرِّ مخافة أن يُدرِكَني أو ... لا ينكر ، ولكن كما قال الشاعر - أيضًا - :
" أورَدَها سَعدٌ وسَعدٌ مشتَمِلْ *** ما هكذا - يا سَعدُ - تُورَدُ الإبِلْ "
بدكم تدعو إلى الإسلام بدكم تعرفوا ما هو الإسلام ؛ بدءًا من الإيمان وهذا الحديث يمكن بعض الإخوان بينكروه أنُّو جاء رجل بينما نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يعرفه أحد ، حتى إيش ؟
السائل : ولا يُرى عليه أثر السفر .
الشيخ : ولا يُرى عليه أثر السفر ؛ حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع يديه على فخذيه ، فقال : يا محمد ، أخبِرْني عن الإيمان ؟ قال : الإيمان كذا . أخبرني عن الإسلام ؟ الإسلام كذا إلى آخره .
الإيمان بالله ما سمعت مرَّة أحد الإخوان هدول جاء شرح كلمة الإيمان بالله هاللي يمكن تأليف مجلدات عليها ، ويكفي كواقع أنُّو شيخ الإسلام " ابن تيمية " له مجلد اسمه " كتاب الإيمان " ، وهنا كتب قديمة لمحدِّثين كـ " ابن أبي شيبة " ، و " أبي عبيدة القاسم بن سلَّام " وغيره ؛ كلُّها تحت " كتاب الإيمان " ، ما هو الإيمان ؟ الإيمان بالله .
المسلمون يؤمنون بالله ، النصارى يؤمنون بالله ، اليهود يؤمنون بالله ، الـ كلُّ غير زنديق غير دهري يؤمن بالله ، لكن كل واحد من هؤلاء إيمانه بالله يختلف عن إيمان الآخرين ؛ فإذًا ما هو هذا الإيمان الذي هو الشرط الأول في الإيمان ؟ ما يُدرس هذا الموضوع أبدًا ، هذا الإيمان - مثلًا - يدخل فيه - الإيمان بوحدانية ذات الله - عز وجل - ، يدخل فيه الإيمان بوحدانية ألوهية الله حيث لا يُعبَد سواه ، يدخل فيه وحدانية الله في صفاته ، كلُّ هذه الأشياء جماعة التبليغ ما يُدندنون حولها إطلاقًا .
إذًا - يا أخي - ما هو الإسلام الذي تدعون إليه ؟ بس يا أخي اللي ما بتصلي تعال صلِّ ؟! كلمة حق ما فيها إشكال ، لكن أين أنتم وقوله : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي ) ؟ ( خذوا عنِّي مناسككم ؛ فإني لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ؟ إذًا نحن نصيحتنا أن يتفقَّه مش كلهم ألوف مؤلَّفة ، وقد يكونوا ملايين ؛ لا ، عشرات مئات منهم ، وهؤلاء هم الذين يوجِّهونهم إلى اتباع كتاب الله وحديث رسول الله ، أما الخروج فلا يخرج إلا أهل العلم ، هكذا هدي الرسول - عليه السلام - ، أما التبليغ ككل إنسان يُبلِّغ ما يعلم ، لكن هذا التبليغ لا يُنظَّم هذا التنظيم ؛ شو بدو يساوي جماعة من الشَّغِّيلة ، العمال بيتركوا أهليهم وأولادهم ويروحوا لأوروبا وأمريكا ؟ يقعدوا يا أخي في عقر دارهم ، ويتفقَّهوا في دين الله ويتعلَّموا كما فعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
نحن نكرِّر نقول : خير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - ، مَن هم الذين فهموا هذه القاعدة الجوهرية أكثر منَّا ؟! بلا شك هم أصحاب الرسول - عليه السلام - ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .
يا إخواني ، نحن نقول لهم : مضى على الإسلام أربعة عشر قرنًا مَهما قلنا في فساد هذا الزمان واختلاف الأساليب وإلى آخره ؛ فنحن اليوم في القرن الرابع عشر ، كل هالقرون هَيْ ما في جماعة من أهل العلم يطلعوا هيك بالعشرات والمئات يطوفون البلاد في سبيل الدعوة ، لماذا لم يفعلون هذا ؟ لذلك يقول أهل العلم :
" وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَن خَلَفْ " .
لا أحد يناقش في سبيل الدعوة ؛ لأن الله يقول : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ )) ، لكن البحث بيصير في أسلوب الدعوة ، في طريقة الدعوة ، في ما أُدخِلَ فيها من أمور لم تكن في عهد الرسول ، أوضَحُها أنُّو يخرج مَن لا علم عنده !! يخرج لماذا ؟ ليتعلَّم ، يا أخي اقعد في بيتك والمسجد بجانبك ، واجلس هناك وتعلَّم من أهل العلم .
" ابدأ بنفسك فانهَهَا عن غيِّها *** فإذا انتهت "
إيش ؟ " فإذا انتهت " ، نسيت بيت الشعر !! المهم ابدأ بنفسك كما قلنا آنفًا لصاحبنا هذا .
وين أبو ليلى ؟
السائل : ... .
الشيخ : ابدأ بنفسك ثم بِمَن تعول ، فجماعة التبليغ ماذا يُبلِّغون إذا كانوا هم بعد ما اتفقوا في العقيدة ؟
السائل : شيخ عفوًا .
الشيخ : اسمح لي شوية ، بعد ذلك أنت تكلم حول هذه النقاط ، ما تجيب لنا نقاط ما فيها خلاف والحمد لله كزيارة المريض ، وتارك الصلاة ، وأمر بمعروف وإلى آخره . عقيدتهم ما هي موحدة ، صلواتهم ما هي موحدة ، صيامهم حجهم إلى آخره ، الإسلام يعني كله ككل إن شئت أن تأخذه ككل فأنا معك ، وإن شئت أن تأخذ منه القواعد والأصول والأركان المهمة من الإيمان والإسلام فأنا - أيضًا - معك ، في حدِّ علمي أنا جماعة التبليغ لا يُعنَون بهذه النواحي إطلاقًا ، بل كثير منهم يُصرِّح : نحن ما نبحث في الأمور العقائدية ؛ لأنُّو نحن ما بدنا نثير خلافات بين المسلمين ؛ ولذلك - أيضًا - هم لا يبحثون في تصحيح الصلوات والعبادات على السنة ، إلى آخره .
فإذًا فاقد الشيء لا يُعطيه يا أخي ، يدعون إلى الإسلام ، ما هو الإسلام ؟ صلوا ؛ كويس ، صوموا زكُّوا إلى آخره ، لكن لو جاء سائل يسأل الداعية مش العامة اللي ماشيين مع الداعية من جماعة التبليغ قال له : من فضلك ، علِّمني كيف كان رسول الله يصلي ؟ ما فيه جواب ؛ لماذا ؟ لأنهم من الأصل من المنبع الذي يستقون منه ما هو متوجِّه بكليته إلى أن يُلقِّن نفسه قبل كل شيء الإسلام على البحث السابق ؛ كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قد يكون متقيِّد بمذهب واحد ، قد يكون له طريقة واحدة من الطرق الكثيرة ، والتي يتحدث عنها بعض الصوفية ويقولون دون أيِّ تردُّد : الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق !! فيمكن هذا الشَّيخ له طريق من هذه الطرق الكثيرة التي يشهد أهل العلم جميعًا أنه لم يكن شيء من ذلك في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية ، كيف والله - عز وجل - يقول : (( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ )) أي : الطرق ، (( فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )) ؟!
فإذا كان الرأس الداعية والذي هو خطَّط لجماعة التبليغ هو نفسه متمذهب بمذهب حنفي أو شافعي أو غيره ، هو نفسه متطرِّق بطريق من هذه الطرق ؛ فما هو هذا الإسلام إذًا الذي هم يدعون الناس إليه ؟ بس صلاة ؟! نحن نسمع كثيرًا ونعرف هذه الحقيقة ، كثير ناس ما كانوا يصلون صاروا يصلوا ، ما ننكر هذا ، نعرف نحن صوفية غلاة في كل بلاد الإسلام وبخاصَّة في سوريا التي عشت فيها أنا سنين طويلة مشايخ صوفية يأكلون أموال الناس ، ويعيشون على جيوب أتباعهم ؛ مع ذلك كثير ناس سكارى خمِّيرين للخمر اهتدوا على أيديهم ؛ هذا لا يُنكر ، كانوا ما يُصلوا ، بيصلوا ، لكن هل هذا هو المقصود أنُّو الإنسان يكون مَثَله كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَثَل العالم الذي لا يعمل بعلمه كمَثَل المصباح يُضِيء للناس ويحرق نفسه ) ، مو هذا هو المقصود ، المقصود إذًا هو أنُّو المسلم يدعو على بصيرة من دينه كما قلنا ، ومن أين نتلقَّى هذا ؟ قلنا : إما بنفسه أن يكون عالمًا فيدرس الكتاب والسنة ، وإما أن يتلقَّى الكتاب والسنة ممَّن هو عالم بهما ، نحن ما نرى هذا في جماعة التبليغ ، وأكرِّر فأقول : كل هذه السنين مثل الإخوان المسلمين تمامًا من هذه الحيثية ، وهي أنُّو ما توحَّدت أفكارهم ، كما أنه يوجد في الإخوان سلفي يوجد صوفي يوجد مذهبي ، وقد يوجد في بعض البلاد شيعي - أيضًا - ، نعرف هذا من تاريخهم الطويل ، أيُّ إسلام هذا الذي يدعون إليه ؟
فالآن بعد أن وضَّحت لك ما الذي يُؤخذ عليهم وأنا أنصحهم بأنُّو يا جماعة بدل ما تخرجوا هذا الخروج الذي أوَّلًا لم يكن في عهد الرسول - عليه السلام - ، وثانيًا تنظِّمونه تنظيمًا لا أصل له في الإسلام ، ثلاثة أيام ، أربعين يوم ، ما أدري من أشياء تفصيلية ما أحفظها الآن ، وما لنا فيها ؟! فبدل هذا الخروج الذي لم يكن في العهد الأنور الأول اجلسوا يا أخي في المساجد ، وادرسوا كتاب الله ؛ إما من عند أنفسكم إن كنتم من القسم الأول ، وإما - كما قلنا - (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) .
نسمعهم كثيرًا يفتتحون الدرس بكلمة جميلة جدًّا أنا ما حفظتُها بالطبع أنتم بتعرفوها ، شو الكلمة اللي بيلقيها الواحد بعد ما بيصلوا الفريضة ؟ أنُّو راح نصلي السنة بيقولوا - مثلًا - كلمة تشبه .
السائل : ... .
الشيخ : أيوا ، أحسنت تمامًا ، " ... نجاحنا واتباع سنة رسولنا " ، لكن لو سألته ما هو السنة في هذه الصلاة اللي أنت صليتها الآن ؟ ما يدري ، المهم يجلس بعد الصلاة بيفتح " رياض الصالحين " ، ونعم الكتاب هو ، بيقرأ له حديثين ثلاثة لا بيشرح ولا بيبيِّن ولا بيوضِّح ، بيقرأ مثل ما وجده في الكتاب ، ثم بينصرفوا الناس وبيقولوا عندنا بالشام : " تيتي تيتي مثل ما رحتي إجيتي " ، شو فهمت يا أخي من الحديث ؟ والله الشَّيخ ما ما شرح لنا ؛ ليه ما شرح ؟ لأنه فاقد الشيء لا يعطيه يا أخي .
ولذلك بدل ما يضيِّعوا أوقاتهم بقراءة أحاديث ما فهموها خلِّي واحد اثنين من الألوف المؤلفة منهم يتخصَّص في العلم ، تفسير ، حديث ، لغة ، إلى آخره ، ثم يجمع الناس حوله ويدعوهم إلى الإسلام ، ويدعوهم إلى بصيرة ، أما على هذه الطريقة ، جماعة التبليغ يبلِّغون ماذا ؟ الإسلام ؛ طيب ، ما هي العقيدة التي يجب على المسلم أن يعتقدها ؟ أهي الأشعرية - مثلًا - أم الماتريدية ، أم عقيدة أهل الحديث ؟ مثل ما قلت لك آنفًا ، كلٌّ مين على حسب ما تلقَّى ، إما من أبوه أمه جده ، وإما من الأزهر الشريف أو الجامعة الإسلامية أو أو إلى آخره ، وإما فهو فارغ الذهن تمامًا ما فيه عنده لا هيك ولا هيك ، شو السبب ؟ أوَّلًا ليس من نظامهم أنُّو يفهِّموا جماعتهم العقيدة ، ليس من نظامهم ، ليس من منهاجهم .
ثانيًا : ليس من دعوتهم أنُّو يفهِّموا الناس السنة والبدعة ، والشاعر العربي المسلم القديم بيقول :
" عرفت الشَّرَّ لا للشَّـ *** ــرِّ لكِنْ لتوقِّيهِ
ومَن لا يعرِفِ الشَّرَّ *** من الخَيرِ يقَعْ فيهِ "
وهذه الحكمة الشعرية مأخوذة من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - الذي قال عن نفسه : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الخير ، وكنت أسأله عن الشَّرِّ مخافة أن يُدرِكَني أو ... لا ينكر ، ولكن كما قال الشاعر - أيضًا - :
" أورَدَها سَعدٌ وسَعدٌ مشتَمِلْ *** ما هكذا - يا سَعدُ - تُورَدُ الإبِلْ "
بدكم تدعو إلى الإسلام بدكم تعرفوا ما هو الإسلام ؛ بدءًا من الإيمان وهذا الحديث يمكن بعض الإخوان بينكروه أنُّو جاء رجل بينما نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يعرفه أحد ، حتى إيش ؟
السائل : ولا يُرى عليه أثر السفر .
الشيخ : ولا يُرى عليه أثر السفر ؛ حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع يديه على فخذيه ، فقال : يا محمد ، أخبِرْني عن الإيمان ؟ قال : الإيمان كذا . أخبرني عن الإسلام ؟ الإسلام كذا إلى آخره .
الإيمان بالله ما سمعت مرَّة أحد الإخوان هدول جاء شرح كلمة الإيمان بالله هاللي يمكن تأليف مجلدات عليها ، ويكفي كواقع أنُّو شيخ الإسلام " ابن تيمية " له مجلد اسمه " كتاب الإيمان " ، وهنا كتب قديمة لمحدِّثين كـ " ابن أبي شيبة " ، و " أبي عبيدة القاسم بن سلَّام " وغيره ؛ كلُّها تحت " كتاب الإيمان " ، ما هو الإيمان ؟ الإيمان بالله .
المسلمون يؤمنون بالله ، النصارى يؤمنون بالله ، اليهود يؤمنون بالله ، الـ كلُّ غير زنديق غير دهري يؤمن بالله ، لكن كل واحد من هؤلاء إيمانه بالله يختلف عن إيمان الآخرين ؛ فإذًا ما هو هذا الإيمان الذي هو الشرط الأول في الإيمان ؟ ما يُدرس هذا الموضوع أبدًا ، هذا الإيمان - مثلًا - يدخل فيه - الإيمان بوحدانية ذات الله - عز وجل - ، يدخل فيه الإيمان بوحدانية ألوهية الله حيث لا يُعبَد سواه ، يدخل فيه وحدانية الله في صفاته ، كلُّ هذه الأشياء جماعة التبليغ ما يُدندنون حولها إطلاقًا .
إذًا - يا أخي - ما هو الإسلام الذي تدعون إليه ؟ بس يا أخي اللي ما بتصلي تعال صلِّ ؟! كلمة حق ما فيها إشكال ، لكن أين أنتم وقوله : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي ) ؟ ( خذوا عنِّي مناسككم ؛ فإني لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ؟ إذًا نحن نصيحتنا أن يتفقَّه مش كلهم ألوف مؤلَّفة ، وقد يكونوا ملايين ؛ لا ، عشرات مئات منهم ، وهؤلاء هم الذين يوجِّهونهم إلى اتباع كتاب الله وحديث رسول الله ، أما الخروج فلا يخرج إلا أهل العلم ، هكذا هدي الرسول - عليه السلام - ، أما التبليغ ككل إنسان يُبلِّغ ما يعلم ، لكن هذا التبليغ لا يُنظَّم هذا التنظيم ؛ شو بدو يساوي جماعة من الشَّغِّيلة ، العمال بيتركوا أهليهم وأولادهم ويروحوا لأوروبا وأمريكا ؟ يقعدوا يا أخي في عقر دارهم ، ويتفقَّهوا في دين الله ويتعلَّموا كما فعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
نحن نكرِّر نقول : خير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - ، مَن هم الذين فهموا هذه القاعدة الجوهرية أكثر منَّا ؟! بلا شك هم أصحاب الرسول - عليه السلام - ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .
يا إخواني ، نحن نقول لهم : مضى على الإسلام أربعة عشر قرنًا مَهما قلنا في فساد هذا الزمان واختلاف الأساليب وإلى آخره ؛ فنحن اليوم في القرن الرابع عشر ، كل هالقرون هَيْ ما في جماعة من أهل العلم يطلعوا هيك بالعشرات والمئات يطوفون البلاد في سبيل الدعوة ، لماذا لم يفعلون هذا ؟ لذلك يقول أهل العلم :
" وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سَلَفْ *** وكلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَن خَلَفْ " .
لا أحد يناقش في سبيل الدعوة ؛ لأن الله يقول : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ )) ، لكن البحث بيصير في أسلوب الدعوة ، في طريقة الدعوة ، في ما أُدخِلَ فيها من أمور لم تكن في عهد الرسول ، أوضَحُها أنُّو يخرج مَن لا علم عنده !! يخرج لماذا ؟ ليتعلَّم ، يا أخي اقعد في بيتك والمسجد بجانبك ، واجلس هناك وتعلَّم من أهل العلم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 227
- توقيت الفهرسة : 00:25:14
- نسخة مدققة إملائيًّا