تكلم عن تصحيح مفهوم الخروج في سبيل الله . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تكلم عن تصحيح مفهوم الخروج في سبيل الله .
A-
A=
A+
الشيخ : نقول الخروج في سبيل الله له مفهوم شرعي وله مفهوم بدعي, وعرفتم سابقا أن كل بدعة في الإسلام ضلالة ولو كان يراد بها زيادة التقرب إلى الله عز وجل فإنما يكون التقرب كما عرفتم باتباع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم, الخروج في سبيل طلب العلم طالب العلم حينما يخرج من بيته أو من عمله لطلب العلم فهو في سبيل الله بل العامل الذي يخرج إلى عمل يحصّل به رزقه الحلال فهو أيضا في سبيل الله, لا شك أن السبيل الأول أفضل من السبيل الآخر ذلك لأن السبيل الأول عبادة محضة وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: ( من سلك طريقا يلتمس به علما سلك الله به طريقا إلى الجنة ) وأخرج الترمذي والإمام أحمد وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ) ( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ) لكن حتى الذي يخرج ليعف نفسه عن أكل الحرام بل ليعفها عن سؤال غير الله عز وجل هذا أيضا يعتبره الشارع الحكيم خروجا في سبيل الله تبارك وتعالى فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان جالسا بين أصحابه ذات يوم حينما مر شاب فرأى أصحابه من قوته وجلده ونشاطه ما أعجبهم فقالوا لو أن هذا كان في سبيل الله, فقال عليه الصلاة والسلام: ( إن كان هذا خرج يسعى على أولاد له صغار فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ) فإذن سبيل الله معنى واسع جدا يشمل كل عبادة وكل طاعة فالخروج للدعوة في سبيل الله لا شك أن هذا أمر مشروع بل وقد يكون واجبا فهو من الأمور التي يقال فيها في المثل العربي القديم: " هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان " لكن إذا أحاط بالخروج في الدعوة إلى الله عز وجل ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك في عهد السلف الصالح دخل الخروج في زمرة أو في عموم ما سمعتم من المحاضرة السابقة وحسبكم تذكيرا منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) .

أنا أعتقد أن من كان عنده علم بسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الأصحاب الكرام والأئمة الأعلام وتاريخ الإسلام بعامة كل هذه القرون التي مضت إلى هذا العصر لن يجد خروجا على النحو الذي جاء الإشارة إليه في السؤال.

في السؤال خروج ثلاثة أيام في السؤال خروج أربعين يوما فيما لم فيما لم يذكر في السؤال خروج جماعة كثيرة غفيرة إلى قرية, إلى مدينة بل ربما إلى إقليم بل ربما إلى بعض الدول كافرة أكثرهم يصدق فيهم قول الله عز وجل: (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) هذا الخروج الذي يصدق في هذه الجماعة هذه الآية الكريمة (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) مقرونا بخروج مقيد بثلاثة أيام أو بأربعين يوما هذا بلا شك زيادة دخلت في الدين في العصر الحاضر ولن يستطيع عالم مطلقا أن يأتي بأثر ولو واهي وضعيف أنه السلف الصالح كانوا يقننون الخروج بثلاثة أيام أو يقننون الخروج بأربعين يوما فهذا الذي جاء في السؤال أو يخرجون هكذا جماعات هذا لم يكن إطلاقا أما أن يخرج عالم من علماء المسلمين فهذا هو الواجب المأمور به في القرآن الكريم في مثل قوله عز وجل: (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) الأمة لا شك أن المقصود هنا الجماعة وهنا لا بد لي من وقفة وهي مهمة جدا ولو طال الزمن قليلا لأن المقصود أن الاجتماع إنما هو للعلم .

والعلم كما قيل : " العلم إن طلبته كثير والعمر عن تحصيله قصير فقدم الأهم منه فالأهم " وأنا أعتقد أنه هذه النقطة التي رأيت نفسي مضطرا أن أقف عندها بمناسبة الآية السابقة السابق ذكرها وهي قول ربنا عز وجل: (( ولتكن منكم أمة )) أمة إيش معنى أمة جماعة هذه الآية يجب أن نفهمها كما فسرها علماء التفسير والتفسير السلفي, ليس التفسير البدعي, التفسير السلفي الذي يفسر القرآن أول ما يفسر بالقرآن ثم يفسر إن لم يكن هناك آية تفسر آية فيفسَّر بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ولا بد فإن لم يكن هناك حديث ولا قرآن فحينئذ يفسر بالأثر سواء كان عن الصحابة أو عن التابعين أو عن أتباعهم لأن هؤلاء هم المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) من أجل ذلك ألف الحافظ السيوطي كتابه المعروف والمسمى بـ"الدر المنثور في التفسير بالمأثور" مش التفسير العقلي والعقول هنا تتفاوت وتتفاوت جدا, هذه اللفظة الأمة في هذه الآية يجب تفسيرها أولا على ضوء ما فسرها السلف ثم على ضوء تطبيق الرسول عليه السلام لأن هذه الآية أول ما نزلت نزلت على قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي سيتولى تطبيقها وبيانها للناس إما بقوله وإما بفعله وإما بتقريره.

والآن (( ولتكن منكم أمة )) هذه الأمة هي جماعة تدعو إلى خير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر مش في مكان واحد وإنما هذه الأمة أي هذه الجماعة توزع على المجتمع الإسلامي فقد يكون هنا عالم أو اثنين أو ثلاثة وهناك كذلك يعني يجب أن يحقق الفرض الكفائي الذي يعرفه الفقهاء بأنه إذا قام به البعض سقط عن الباقين, إذا كان هناك قريتان مثلا وفي إحداهما رجل عالم, عالم بمعنى الكلمة وهو يعلم أهل بلده لكنه لا يخرج إلى تلك القرية الأخرى التي ليس فيها عالم يبين لهم أحكام الله عز وجل, هذا العالم يجب أن لا ينحصر في هذه القرية وإنما ينتقل إلى القرية الأخرى أي يحقق الواجب هنا وهناك وإذا كان في القرية علماء كثيرون وهذا مع الأسف غير متحقق في هذا الزمان حتى في كثير من البلاد الكبيرة فهؤلاء يجب أن يحققوا هذا الواجب الذي ذكره الله عز وجل في الآية السابقة, إذا لا يتصور كما قلت آنفا لا يتصور النقاش والنزاع والخلاف في موضوع الخروج لتعليم الناس وتبليغهم دعوة الله كما قلت آنفا هذه المسألة: " لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها كبشان أو عنزان " .

مواضيع متعلقة