ما هي الطريقة الصوفية وعلى ماذا تستمد.؟ وهل طرق الصوفية كلها واحدة في الحكم.؟ وما هي عقيدة الوجود عندكم.؟
A-
A=
A+
السائل : ما هي حقيقة الدعوة أو الطريقة الصوفية ، وعلى ماذا تستند وهل جميع الطرق الصوفية لها نفس الحكم ؟
الشيخ : التصوف بلا شك هو منهج خاص كان أصله متعلقا بسلوك الشخص في حياته ثم تطور فصار فلسفة لها أفكار خاصة ، تخالف هذه الفلسفة ، ويخالف ذاك السلوك الإسلام في كثير من شؤونه وفي كثير من أفكاره وسلوكه ، التصوف أسهله هو أنه يشبه الرهبانية التي ابتدعها النصارى في دينهم وما كتبها الله عليهم، ثم جاء الإسلام يؤكد بطلان الرهبنة في الإسلام فقال عليه الصلاة والسلام ( لا رهبانية في الإسلام ) ، التصوف في الحقيقة كأنه تأثر بالرهبانية التي كان بعض النصارى ابتدعوها ثم التزموها وكما قال تعالى (( وما رعوها حق رعايتها )) ، فتأثر بعض المسلمين برهبانية النصارى ، واقتدوا بهم ،وقد أنذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك في عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا اليهود والنصارى، قال عليه السلام فمن الناس ) ، فمما كان عليه النصارى الرهبنة فتأثر بعض المسلمين وقلدهم في ذلك ، حتى أن الرهبنة بدأت تظهر قرنها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الرهبنة في الحقيقة أمر ترتاح إليه النفس البشرية ، المائلة إلى الإعراض عن زخارف الدنيا فتزين النفس لصاحبها مثل هذه الرهبنة، ولذلك فقد ظهر قرنها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، في شخص بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم، من ذلك مثلا ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان آخى بين أبي الدرداء بين سلمان الفارسي ، تلك المؤاخاة التي لا مثيل لها في الدنيا كلها، وكان ذلك وسيلة لتقوية الروابط بين المهاجرين والأنصار أهل المدينة وكان من جملة من آخى بينهما الرسول صلى الله عليه وسلم أبو الدرداء الأنصاري وسلمان الفارسي وكان بحكم هذه المؤاخاة أو كان من لوازمها الإكثار من التزاور ( فجاء ذات يوم سلمان الفارسي إلى دار أبي الدرداء فدخل وسلم فوجد زوجة أبي الدرداء ولم ير أخاه أبا الدرداء ، فلفت نظره حالة أم الدرداء ،وهيئتها الرثة فقال لها : " ما هذا يا أم الدرداء " قالت : " هذا أخوك أبو الدرداء لا حاجة له في الدنيا " فأسرها سلمان في نفسه وسرعان ما رجع أبو الدرداء إلى داره ، فبادر ووضع له الطعام ، فاتني شيء كان من كلام أم الدرداء أن قالت : " فهو قائم الليل صائم النهار ، فلا حاجة له في الدنيا " ، لما جاء أبو الدرداء بادر فوضع له الطعام ، فلما جلس هو أمسك وكان قد عرف من أم الدرداء أنه صائم فلم يأكل فأكد عليه أبو الدرداء ، فقال : " والله لا آكل حتى تأكل " ففطره وجلس يأكل معه ، ثم بادره سلمان بالكلمة التي أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد عليها ، فقال له يا أبا الدرداء : " إن لجسدك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه " ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة ، فقال صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان ) ، فأبو الدرداء نحى منحى الرهبنة ، وهو الإعراض عن الزوجة ، والتمتع بحلاله منها وعن الطعام والشراب إلا بقدر وعلى ذلك أيضا ظهر أثره في صحابي ناشئ صغير السن ، لكنه نشأ في طاعة الله وفي عبادته وهو عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقد زوجه والده عمرو بن العاص بفتاة من قريش وبعد أيام سألها عن زواجها بابنه فكان أن قالت : " إنه لم يطأ لنا بعد فراشا " يعني تزوجت وما تزوجت، وذكرت لعمرو أنه قائم الليل صائم النهار ، وبطبيعته الحال لم يعجب عمرا مثل هذا الموقف ، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يشكو ابنه إليه، قال عبد الله بن عمرو : " فإما لقيني الرسول عليه السلام وإما أرسل إليّ فقال له: ( يا عبد الله بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء ) قال : " قد كان ذلك يا رسول الله " فقال عليه السلام: ( فإن لنفسك عليك حقا ، ولجسدك عليك حقا ،ولزوجك عليك حقا ، ولزورك عليك حقا ) ، الحديث ، والحديث طويل ذكرناه أكثر من مرة والشاهد أن هذا أيضا مال إلى شيء من الرهبانية ، فأبطل الرسول عليه السلام ذلك بمثل هذه المعالجات الشخصية ثم بحديثه العام ( لا رهبانية في الإسلام ) هذا النوع هو أسهل شيء في الصوفية لكن مع الزمن ، تطور التصوف حتى وصل إلى الكفر الذي دونه كفر اليهود والنصارى جميعا، حيث وصلوا إلى القول بوحدة الوجود ، وذلك يعني أن ليس هناك خالق ومخلوق وإنما هو شيء واحد يعني كما يقول الدهريون والطبيعيون والملاحدة جميعا كالشيوعية وأذنابها أنه ليس هناك إلا الطبيعة ،وهذا الذي وصلوا إليه من القول بوحدة الوجود في الحقيقة أخطر من الإلحاد المكشوف، ذلك لأن القائلين بوحدة الوجود يستدلون عليها ببعض النصوص من الكتاب والسنة وذلك بطبيعة الحال بطريقة التلاعب بالنصوص وتأويلها بل تحريفها مثلا قوله تعالى: (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )) ، فيستدلون بمثل هذه الآية أن الرامي هو الله طيب ومحمد رسول الله فيقولون محمد مظهر من مظاهر الربوبية الشاهد، فلا ينبغي للمسلم أن يتورط بشيء يسمى بالتصوف ، لأن أيسره وأهونه ضلال وأسوؤه كفر وجحد لكل الشرائع السماوية ، هذا ما يتيسر لنا جوابا عن السؤال السابق المتعلق بالصوفية ، علما أنه ترتب من وراء ذلك الطرق المعروفة بكثرتها وبتباين أساليبها وتقاليدها وعباداتها ، فكل ذلك ليس من الإسلام في شيء . نعم .
الشيخ : التصوف بلا شك هو منهج خاص كان أصله متعلقا بسلوك الشخص في حياته ثم تطور فصار فلسفة لها أفكار خاصة ، تخالف هذه الفلسفة ، ويخالف ذاك السلوك الإسلام في كثير من شؤونه وفي كثير من أفكاره وسلوكه ، التصوف أسهله هو أنه يشبه الرهبانية التي ابتدعها النصارى في دينهم وما كتبها الله عليهم، ثم جاء الإسلام يؤكد بطلان الرهبنة في الإسلام فقال عليه الصلاة والسلام ( لا رهبانية في الإسلام ) ، التصوف في الحقيقة كأنه تأثر بالرهبانية التي كان بعض النصارى ابتدعوها ثم التزموها وكما قال تعالى (( وما رعوها حق رعايتها )) ، فتأثر بعض المسلمين برهبانية النصارى ، واقتدوا بهم ،وقد أنذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك في عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا اليهود والنصارى، قال عليه السلام فمن الناس ) ، فمما كان عليه النصارى الرهبنة فتأثر بعض المسلمين وقلدهم في ذلك ، حتى أن الرهبنة بدأت تظهر قرنها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الرهبنة في الحقيقة أمر ترتاح إليه النفس البشرية ، المائلة إلى الإعراض عن زخارف الدنيا فتزين النفس لصاحبها مثل هذه الرهبنة، ولذلك فقد ظهر قرنها في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، في شخص بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم، من ذلك مثلا ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان آخى بين أبي الدرداء بين سلمان الفارسي ، تلك المؤاخاة التي لا مثيل لها في الدنيا كلها، وكان ذلك وسيلة لتقوية الروابط بين المهاجرين والأنصار أهل المدينة وكان من جملة من آخى بينهما الرسول صلى الله عليه وسلم أبو الدرداء الأنصاري وسلمان الفارسي وكان بحكم هذه المؤاخاة أو كان من لوازمها الإكثار من التزاور ( فجاء ذات يوم سلمان الفارسي إلى دار أبي الدرداء فدخل وسلم فوجد زوجة أبي الدرداء ولم ير أخاه أبا الدرداء ، فلفت نظره حالة أم الدرداء ،وهيئتها الرثة فقال لها : " ما هذا يا أم الدرداء " قالت : " هذا أخوك أبو الدرداء لا حاجة له في الدنيا " فأسرها سلمان في نفسه وسرعان ما رجع أبو الدرداء إلى داره ، فبادر ووضع له الطعام ، فاتني شيء كان من كلام أم الدرداء أن قالت : " فهو قائم الليل صائم النهار ، فلا حاجة له في الدنيا " ، لما جاء أبو الدرداء بادر فوضع له الطعام ، فلما جلس هو أمسك وكان قد عرف من أم الدرداء أنه صائم فلم يأكل فأكد عليه أبو الدرداء ، فقال : " والله لا آكل حتى تأكل " ففطره وجلس يأكل معه ، ثم بادره سلمان بالكلمة التي أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد عليها ، فقال له يا أبا الدرداء : " إن لجسدك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه " ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة ، فقال صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان ) ، فأبو الدرداء نحى منحى الرهبنة ، وهو الإعراض عن الزوجة ، والتمتع بحلاله منها وعن الطعام والشراب إلا بقدر وعلى ذلك أيضا ظهر أثره في صحابي ناشئ صغير السن ، لكنه نشأ في طاعة الله وفي عبادته وهو عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقد زوجه والده عمرو بن العاص بفتاة من قريش وبعد أيام سألها عن زواجها بابنه فكان أن قالت : " إنه لم يطأ لنا بعد فراشا " يعني تزوجت وما تزوجت، وذكرت لعمرو أنه قائم الليل صائم النهار ، وبطبيعته الحال لم يعجب عمرا مثل هذا الموقف ، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يشكو ابنه إليه، قال عبد الله بن عمرو : " فإما لقيني الرسول عليه السلام وإما أرسل إليّ فقال له: ( يا عبد الله بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء ) قال : " قد كان ذلك يا رسول الله " فقال عليه السلام: ( فإن لنفسك عليك حقا ، ولجسدك عليك حقا ،ولزوجك عليك حقا ، ولزورك عليك حقا ) ، الحديث ، والحديث طويل ذكرناه أكثر من مرة والشاهد أن هذا أيضا مال إلى شيء من الرهبانية ، فأبطل الرسول عليه السلام ذلك بمثل هذه المعالجات الشخصية ثم بحديثه العام ( لا رهبانية في الإسلام ) هذا النوع هو أسهل شيء في الصوفية لكن مع الزمن ، تطور التصوف حتى وصل إلى الكفر الذي دونه كفر اليهود والنصارى جميعا، حيث وصلوا إلى القول بوحدة الوجود ، وذلك يعني أن ليس هناك خالق ومخلوق وإنما هو شيء واحد يعني كما يقول الدهريون والطبيعيون والملاحدة جميعا كالشيوعية وأذنابها أنه ليس هناك إلا الطبيعة ،وهذا الذي وصلوا إليه من القول بوحدة الوجود في الحقيقة أخطر من الإلحاد المكشوف، ذلك لأن القائلين بوحدة الوجود يستدلون عليها ببعض النصوص من الكتاب والسنة وذلك بطبيعة الحال بطريقة التلاعب بالنصوص وتأويلها بل تحريفها مثلا قوله تعالى: (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )) ، فيستدلون بمثل هذه الآية أن الرامي هو الله طيب ومحمد رسول الله فيقولون محمد مظهر من مظاهر الربوبية الشاهد، فلا ينبغي للمسلم أن يتورط بشيء يسمى بالتصوف ، لأن أيسره وأهونه ضلال وأسوؤه كفر وجحد لكل الشرائع السماوية ، هذا ما يتيسر لنا جوابا عن السؤال السابق المتعلق بالصوفية ، علما أنه ترتب من وراء ذلك الطرق المعروفة بكثرتها وبتباين أساليبها وتقاليدها وعباداتها ، فكل ذلك ليس من الإسلام في شيء . نعم .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 16
- توقيت الفهرسة : 00:38:05
- نسخة مدققة إملائيًّا